الباحث القرآني
﴿يا أهْلَ الكِتابِ﴾ تَكْرِيرٌ لِلْخِطابِ بِطَرِيقِ الِالتِفاتِ ولُطْفٌ في الدَّعْوَةِ.
﴿قَدْ جاءَكم رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ حالٌ مِن " رَسُولِنا " وإيثارُهُ عَلى " مُبَيِّنًا " لِما مَرَّ فِيما سَبَقَ؛ أيْ: يُبَيِّنُ لَكُمُ الشَّرائِعَ والأحْكامَ الدِّينِيَّةَ المَقْرُونَةَ بِالوَعْدِ والوَعِيدِ، ومِن جُمْلَتِها ما بَيَّنَ في الآياتِ السّابِقَةِ مِن بُطْلانِ أقاوِيلِكُمُ الشَّنْعاءِ، وما سَيَأْتِي مِن أخْبارِ الأُمَمِ السّالِفَةِ. وإنَّما حُذِفَ تَعْوِيلًا عَلى ظُهُورِ أنَّ مَجِيءَ الرَّسُولِ إنَّما هو لِبَيانِها، أوْ يَفْعَلُ لَكُمُ البَيانَ ويَبْذُلُهُ لَكم في كُلِّ ما تَحْتاجُونَ فِيهِ إلى البَيانِ مِن أُمُورِ الدِّينِ، وأمّا تَقْدِيرُ مِثْلِ ما سَبَقَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَثِيرًا مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتابِ﴾، كَما قِيلَ: فَمَعَ كَوْنِهِ تَكْرِيرًا مِن غَيْرِ فائِدَةٍ، يَرُدُّهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ . فَإنَّ فُتُورَ الإرْسالِ وانْقِطاعَ الوَحْيِ، إنَّما يَحُوجُ إلى بَيانِ الشَّرائِعِ والأحْكامِ، لا إلى بَيانِ ما كَتَمُوهُ، وعَلى فَتْرَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِجاءَكم عَلى الظَّرْفِيَّةِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واتَّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ﴾؛ أيْ: جاءَكم عَلى حِينِ فُتُورِ الإرْسالِ، وانْقِطاعٍ مِنَ الوَحْيِ، ومَزِيدِ احْتِياجٍ إلى بَيانِ الشَّرائِعِ والأحْكامِ الدِّينِيَّةِ، أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن ضَمِيرِ يُبَيِّنُ، أوْ مِن ضَمِيرِ لَكم؛ أيْ: يُبَيِّنُ لَكم ما ذُكِرَ حالَ كَوْنِهِ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، أوْ حالَ كَوْنِكم عَلَيْها أحْوَجَ ما كُنْتُمْ إلى البَيانِ. ومِنَ الرُّسُلِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لِفَتْرَةٍ؛ أيْ: كائِنَةٍ مِنَ الرُّسُلِ مُبْتَدَأةٍ مِن جِهَتِهِمْ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنْ تَقُولُوا﴾ تَعْلِيلٌ لِمَجِيءِ الرَّسُولِ بِالبَيانِ عَلى حَذْفِ المُضافِ؛ أيْ: كَراهَةَ أنْ تَقُولُوا: مُعْتَذِرِينَ عَنْ تَفْرِيطِكم في مُراعاةِ أحْكامِ الدِّينِ.
﴿ما جاءَنا مِن بَشِيرٍ ولا نَذِيرٍ﴾ (p-22)وَقَدِ انْطَمَسَتْ آثارُ الشَّرائِعِ السّابِقَةِ وانْقَطَعَتْ أخْبارُها. وزِيادَةُ مِن في الفاعِلِ لِلْمُبالَغَةِ في نَفْيِ المَجِيءِ، وتَنْكِيرُ بَشِيرٍ ونَذِيرٍ لِلتَّقْلِيلِ، وهَذا كَما تَرى يَقْتَضِي أنَّ المُقَدَّرَ، أوِ المَنوِيَّ فِيما سَبَقَ، هو الشَّرائِعُ والأحْكامُ، لا كَيْفَما كانَتْ، بَلْ مَشْفُوعَةً بِما ذَكَرَ مِنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقَدْ جاءَكم بَشِيرٌ ونَذِيرٌ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يُنْبِئُ عَنْهُ الفاءُ الفَصِيحَةُ، وتُبَيِّنُ أنَّهُ مُعَلَّلٌ بِهِ. وتَنْوِينُ بَشِيرٍ ونَذِيرٍ لِلتَّفْخِيمِ؛ أيْ: تَعْتَذِرُوا بِذَلِكَ فَقَدْ جاءَكم بَشِيرٌ أيُّ بَشِيرٍ، ونَذِيرٌ أيُّ نَذِيرٍ.
﴿واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فَيَقْدِرُ عَلى الإرْسالِ تَتْرى، كَما فَعَلَهُ بَيْنَ مُوسى وعِيسى عَلَيْهِما السَّلامُ، حَيْثُ كانَ بَيْنَهُما ألْفٌ وسَبْعُمِائَةٍ سَنَةٍ وألْفُ نَبِيٍّ، وعَلى الإرْسالِ بَعْدَ الفَتْرَةِ كَما فَعَلَهُ بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ، حَيْثُ كانَ بَيْنَهُما سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ، أوْ خَمْسُمِائَةٍ وتِسْعَةٌ وسِتُّونَ سَنَةً، أوْ خَمْسُمِائَةٍ وسِتٌّ وأرْبَعُونَ سَنَةً، وأرْبَعَةُ أنْبِياءَ عَلى ما رَوى الكَلْبِيُّ، ثَلاثَةٌ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، وواحِدٌ مِنَ العَرَبِ خالِدُ بْنُ سِنانٍ العَبْسِيُّ.
وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ إلّا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وهو الأنْسَبُ بِما في تَنْوِينِ فَتْرَةٍ مِنَ التَّفْخِيمِ اللّائِقِ بِمَقامِ الِامْتِنانِ عَلَيْهِمْ، بِأنَّ الرَّسُولَ قَدْ بُعِثَ إلَيْهِمْ عِنْدَ كَمالِ حاجَتِهِمْ إلَيْهِ؛ بِسَبَبِ مُضِيِّ دَهْرٍ طَوِيلٍ بَعْدَ انْقِطاعِ الوَحْيِ، لِيَهُشُّوا إلَيْهِ ويَعُدُّوهُ أعْظَمَ نِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وفَتْحَ بابٍ إلى الرَّحْمَةِ، وتَلْزَمُهُمُ الحُجَّةُ فَلا يَعْتَلُّوا غَدًا بِأنَّهُ لَمْ يُرْسَلْ إلَيْهِمْ مِن بَيْنِهِمْ مِن غَفْلَتِهِمْ.
{"ayah":"یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةࣲ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُوا۟ مَا جَاۤءَنَا مِنۢ بَشِیرࣲ وَلَا نَذِیرࣲۖ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَشِیرࣱ وَنَذِیرࣱۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق