الباحث القرآني
المُرادُ بِأهْلِ الكِتابِ اليَهُودُ والنَّصارى، والرَّسُولُ هو مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: ( ويُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ ) حالٌ، والمُبَيَّنُ هو ما شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبادِهِ وحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ؛ لِأنَّ بِعْثَةَ الرُّسُلِ إنَّما هي بِذَلِكَ، والفَتْرَةُ أصْلُها السُّكُونُ، يُقالُ فَتَرَ الشَّيْءَ: سَكَنَ، وقِيلَ: هي الِانْقِطاعُ، قالَهُ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ وغَيْرُهُ، ومِنهُ فَتَرَ الماءُ: إذا انْقَطَعَ عَمّا كانَ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِ إلى السُّخُونَةِ، وفَتَرَ الرَّجُلُ عَنْ عَمَلِهِ: إذا انْقَطَعَ عَمّا كانَ عَلَيْهِ مِنَ الجِدِّ فِيهِ، وامْرَأةٌ فاتِرَةُ الطَّرَفِ؛ أيْ: مُنْقَطِعَةٌ عَنْ حِدَّةِ النَّظَرِ، والمَعْنى: أنَّهُ انْقَطَعَ الرُّسُلُ قَبْلَ بَعْثِهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مُدَّةً مِنَ الزَّمانِ، واخْتُلِفَ في قَدْرِ مُدَّةِ (p-٣٦٣)تِلْكَ الفَتْرَةِ وسَيَأْتِي بَيانُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿أنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِن بَشِيرٍ ولا نَذِيرٍ﴾ تَعْلِيلٌ لِمَجِيءِ الرَّسُولِ بِالبَيانِ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ؛ أيْ: كَراهَةَ أنْ تَقُولُوا هَذا القَوْلَ مُعْتَذِرِينَ عَنْ تَفْرِيطِكم، و( مِن ) في قَوْلِهِ: ( مِن بَشِيرٍ ) زائِدَةٌ لِلْمُبالَغَةِ في نَفْيِ المَجِيءِ، والفاءُ في قَوْلِهِ: ( فَقَدْ جاءَكم ) هي الفَصِيحَةُ مِثْلَ قَوْلِ الشّاعِرِ:
؎فَقَدْ جِئْنا خُراسانا
أيْ: لا تَعْتَذِرُوا فَقَدْ جاءَكم بَشِيرٌ ونَذِيرٌ، وهو مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ﴿واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ومِن جُمْلَةِ مَقْدُوراتِهِ إرْسالُهُ رَسُولَهُ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ، في الدَّلائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «دَعا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَهُودَ إلى الإسْلامِ، فَرَغَّبَهم فِيهِ وحَذَّرَهم فَأبَوْا عَلَيْهِ، فَقالَ لَهم مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ وسَعْدُ بْنُ عُبادَةَ وعُقْبَةُ بْنُ وهْبٍ: يا مَعْشَرَ يَهُودَ اتَّقُوا اللَّهَ فَواللَّهِ إنَّكم لَتَعْلَمُونَ أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، لَقَدْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَهُ لَنا قَبْلَ مَبْعَثِهِ وتَصِفُونَهُ لَنا بِصِفَتِهِ، فَقالَ رافِعُ بْنُ حَرْمَلَةَ ووَهْبُ بْنُ يَهُوذا: ما قُلْنا لَكم هَذا وما أنْزَلَ اللَّهُ مِن كِتابٍ مِن بَعْدِ مُوسى ولا أرْسَلَ بَشِيرًا ولا نَذِيرًا بَعْدَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ياأهْلَ الكِتابِ قَدْ جاءَكم رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكم عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾» الآيَةَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: هو مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ جاءَ بِالحَقِّ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ فِيهِ بَيانٌ ومَوْعِظَةٌ ونُورٌ وهُدًى وعِصْمَةٌ لِمَن أخَذَ بِهِ، قالَ: وكانَتِ الفَتْرَةُ بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وما شاءَ اللَّهُ مِن ذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قالَ: كانَتْ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ وسِتِّينَ سَنَةً، وقالَ الكَلْبِيُّ: خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ وأرْبَعِينَ سَنَةً. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ قالَ: كانَتْ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: كانَتْ أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وبِضْعًا وثَلاثِينَ سَنَةً. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ في كِتابِ الطَّبَقاتِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ بَيْنَ مُوسى وعِيسى ألْفُ سَنَةٍ وتِسْعُمِائَةِ سَنَةٍ ولَمْ يَكُنْ بَيْنَهُما فَتْرَةً، فَإنَّهُ أُرْسِلَ بَيْنَهُما ألْفُ نَبِيٍّ مِن بَنِي إسْرائِيلَ سِوى مَن أُرْسِلَ مِن غَيْرِهِمْ، وكانَ بَيْنَ مِيلادِ عِيسى ومُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وتِسْعٌ وسِتُّونَ سَنَةً، بُعِثَ في أوَّلِها ثَلاثَةُ أنْبِياءَ كَما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذْ أرْسَلْنا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ﴾ [يس: ١٤] والَّذِي عَزَّزَ بِهِ شَمْعُونَ وكانَ مِنَ الحَوارِيِّينَ، وكانَتِ الفَتْرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْعَثُ اللَّهُ فِيها رَسُولًا أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وأرْبَعَةً وثَلاثِينَ سَنَةً، وقَدْ قِيلَ غَيْرَ ما ذَكَرْنا.
{"ayah":"یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةࣲ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُوا۟ مَا جَاۤءَنَا مِنۢ بَشِیرࣲ وَلَا نَذِیرࣲۖ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَشِیرࣱ وَنَذِیرࣱۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق