ثم قال الله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ﴾ [النور ٣٢].
(وفي الآية تغليب الذكور على الإناث). لماذا أتى المؤلف بهذه الجملة مع أن هذا كثير في القرآن؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لأن الخطاب موجَّه للنساء في هذه الآية، لو كان من الأصل موجهًا للذكور ما احتيج لهذه الجملة اللي ذكر المؤلف، لكن لما كان الخطاب في الآية الكريمة موجهًا إلى النساء، ثم قال: ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ما قال: توبوا الله جميعًا أيها المؤمنات.
نقول: هذا لأجل التغليب، وفيه أيضًا إشارة -والله أعلم- توجيه الخطاب هنا للذكور كما أنه يشمل الإناث بلا شك فيه إشارة إلى رعاية الرجل للمرأة، وأنه لا بد من أنه هو نفسه يتوب، ويُعدّل أهله، وقد قال الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء ٣٤].
فنقول: في هذا توجيه الخطاب إلى الذكور مع أن الآية كلها خطاب للنساء؛ فيه إشارة إلى رعاية الرجل على المرأة، وأن ذلك لا يستقيم، أو أن المرأة لا تستقيم إلا باستقامة الرجل، والواقع شاهد لذلك، الآن تفريط هؤلاء النساء عندنا، ويش أسبابه؟
* الطلبة: الرجال.
* الشيخ: هن طبعًا مائلات لهذا الشيء، فالسبب المباشر منه، لكن عدم رعاية الرجال لهن، وعدم عناية الرجال بهن هذا هو الذي أوجب لهن هذا..
فنقول في هذا: توجيه الخطاب إلى الذكور مع أن الآية كلها خطاب للنساء فيه إشارة إلى رعاية الرجل على المرأة، وأن المرأة لا تستقيم إلا باستقامة الرجل، والواقع شاهد لذلك، الآن تفريط هؤلاء النساء عندنا ويش أسبابه؟
* طلبة: الرجال.
* الشيخ: هن طبعًا مائلات لهذا الشيء، فالسبب المباشر هنّ، لكن عدم رعاية الرجال لهن، وعدم عناية الرجال بهن، هذا هو الذي أوجب لهن هذا التوسع الذي لا يُقرّه الشرع؛ لذلك لو كان كل واحد من الناس قد جنَّد نفسه لحماية امرأته ما حصل هذا الشر، والعجيب أن الإنسان منّا تجده (...) نفسه لحماية ماله أو لا؟ صندوق (...) وله مفتاحان والمفاتيح في (...) دائمًا، ولو صار عنده مثلًا واحد بالألف خوفًا على هذا المال قال: حطه بالبنوك حماية له، ويحسب ويناظر، ويش نقص اليوم؟ ويش زاد؟ الأهل اللي هم بالحقيقة حياة الإنسان ما يهمه، أولاده السائحون وبناته السائحات وكل شيء، ولا ينظر، لو أننا اعتنينا بأهلنا نصف ما نعتني بأموالنا لكان حصل خير كثير، مع العلم بأننا نعتني بأموالنا لنا ولَّا لغيرنا؟ لغيرنا؛ لأن هذا المال المكدس ما هو راح يتبعك؛ إذ يرجع، لكن أهلك إذا أصلحهم الله على يدك صرت في الحقيقة تصلحهم لنفسك، فإن النبي ﷺ يقول: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ»، وذكر منها الولد الصالح يدعو له[[أخرجه مسلم (١٦٣١ / ١٤) من حديث أبي هريرة.]].
ثم قال الله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور ٣٢] ﴿أَنْكِحُوا﴾ واحد لو قرأ: (وانكحوا) يختلف المعنى ولَّا ما يختلف؟
* طالب: يختلف.
* الشيخ: يختلف اختلافًا عظيمًا جدًّا؛ ولهذا لو أخطأ أحد في هذه الآية وقال: (وانكحوا) وجب الرد عليه؛ لأن هذا لحن يحيل المعنى.
﴿أَنْكِحُوا﴾ بمعنى زَوِّجوا، لكن: (انكحوا) بمعنى تزوَّجوا، فرق عظيم بينهما، ﴿أَنْكِحُوا﴾ يعني زوجوا الأيامى منكم بدليل قوله: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾.
وقوله: ﴿الْأَيَامَى﴾ يقول المؤلف: (الأيامى جمع (أيِّم)، وهي من ليس لها زوج بكرًا كانت أو ثيبًا، ومن ليس له زوج، وهذا في الأحرار والحرائر).
﴿أَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ ﴿الْأَيَامَى﴾ جمع (أيم): وهي التي ليس لها زوج، سواء كانت ثيبًا مات عنها زوجها أو طلّقها، أو كانت بكرًا فإنها تسمى: أيِّمًا، وقد أمر الله تعالى بإنكاحهن؛ وهو دليل على أن المرأة لا تُزوِّج نفسها؛ لأن ﴿أَنْكِحُوا﴾ بمعنى: زوِّجوا، فلو كانت المرأة تُزوِّج نفسها ما احتاج لأن نقول لغيرها: زوِّجها؛ لأن هي ستزوج، وهذا أحد الأدلة، ومنه قوله تعالى: ﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة ٢٣٢].
على كل حال ليس هذا موضع البسط في مسألة الولي وعدم الولي، إنما في هذا الخطاب توجيه لأولياء الأمور للنساء أن يُزوِّجوهن ﴿أَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾، ولم يبيِّن الله سبحانه تعالى من يُنْكَح؛ يعني من الذي نزوجه؟ لأنهم فيه مأمورون بالتزويج، لكن من نزوج؟ بيّنت ذلك السُّنة، ويش هي؟
«إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ»[[أخرجه الترمذي (١٠٨٤)، وابن ماجه (١٩٦٧) من حديث أبي هريرة.]]، فنحن نزوّج صاحب الدين والخلق، المال صحيح مقصود شرعًا؛ يعني مقصود حسًّا واقعًا، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام «أنَّ المرأةَ تُنكحُ لِمَالِهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦ / ٥٣) من حديث أبي هريرة. ]]، والرجل كذلك ينكح لماله، لكن الأصل هو الدين والخلق، هذا هو الأصل.
وقوله: ﴿الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ يعني النساء غير المتزوجات، لكن الرجال غير المتزوجين كيف ننكحهم؟
هل معناه إذا خطب مني أُزوِّجه، أو معناه أُعينه على الزواج، أو الأمرين جميعًا؟
الأمران جميعًا؛ لأن الأيامى تُطلق على الرجال والنساء اللي ما تُزوّج اللي ما معهم زوجات، بالنسبة للإناث واضح؛ أننا مأمورون بتزويجهن، إنا ما نمنعهم إذا خطبهم الكفء، لكن كذلك أيضًا الرجال نحن مأمورون بتزويجهم؛ بمعنى إذا خطب منا الأيم نُزوِّجه، طيب واللي ما له زوجة؟
* طالب: ما نزوجه.
* الشيخ: يعني ما نزوجه؟
* طالب: لا..
* الشيخ: لا، نُزوِّجه، لكن هذا أشد عناية؛ يعني لو خطب مني رجلان أحدهما معه زوجة، والآخر لا زوجة معه، وكلاهما في الدين والخلق سواء، من أُقدِّم؟
* طلبة: من لا زوجة له.
* الشيخ: من لا زوجة له، معلوم؛ لأنه أحوج، وحصن الفرج، وذاك قد حصن فرجه من قبل، فإذن: ﴿الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ بالنسبة للرجال لو كان معهم زوجات مأمورون بالنكاح، لكن إنما نص على الأيم؛ لأنه أحوج، كذلك أيضًا يدخل في ذلك مساعدة الأيامى على الزواج، أن الإنسان يساعدهم، فإن هذا من الأعمال التي يُؤجَر الإنسان عليها؛ لأن الزواج مقصود شرعًا وطبعًا، فإذا تزوج الإنسان فقد فعل ما أمر الله به، وأدرك ما تطلبه نفسه أيضًا، ومع ذلك إذا ساعدناهم على هذا الأمر، فنحن ممتثلون لقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ نعم؛ لأنَّا في الحقيقة زوَّجناه، مساعدتنا له بالزواج هذا تزويج.
* طالب: إذا أبت الزوج الصالح (...)؟
* الشيخ: إذا أبت الزوج الصالح وأرادت الزوج غير الصالح ما يُقبل منها.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما يأذن لها، لكن لو طلبت كفؤًا، لكن هو بنفسه الولي يرى أن هذا أولى، ولكن اللي هي التي طلبت ما فيه قدح في دينه، ويجب أن يتبع ما تريد.
* طالب: (...).
* الشيخ: قال: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ يعني وأنكحوا (﴿الصَّالِحِينَ﴾ أي المؤمنين ﴿مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ وعباد من جموع عبد).
هذا بالنسبة للمملوكين؛ يعني هذا خطاب للأسياد؛ يعني وأنكحوا الصالحين: زوِّجوا الصالحين من عبادكم وإمائكم.
وقول المؤلف: (﴿الصَّالِحِينَ﴾ المؤمنين) حمل المؤلف الصلاح هنا على صلاح الدين، وصلاح الدين بالإيمان والعمل الصالح، لكن يحتمل أن يكون شاملًا لصلاح الدين والدنيا؛ يعني أننا إذا كان الإنسان رقيقًا صالحًا في دينه صالحًا في دنياه؛ بمعنى أنه صالح لأن يُزوَّج؛ لكونه بلغ سن الزواج، ولكونه عارفًا لأمور الزواج، ولكونه عاقلًا لا يحصل من تزويجه مفسدة وتعطيل لحق امرأته، المهم أنه ينبغي أن يُفسَّر ﴿الصَّالِحِينَ﴾ بصلاح الدين وصلاح الدنيا؛ يعني صالحًا لأن يتزوج ولأن يُزوَّج، أما بيجيب واحد مثلًا عنده عبد مهبول مجنون، فهذا ما نؤمر بتزويجه على الإطلاق، بل إننا ننظر إن لزم من عدم تزويجه مفسدة زوجناه وإلا فلا؛ لأن هذا جناية على غيره.
الحاصل أن الصالح من العباد يُزوَّج مطلقًا، وغير الصالح إن دعت الحاجة إلى تزويجه؛ لكونه يلزم من عدم تزويجه مفسدة أُمرنا لا من هذه الآية، ولكن منين؟ من درء المفاسد؛ من القاعدة العامة في الشريعة: وهي درء المفاسد.
وقوله: ﴿مِنْ عِبَادِكُمْ﴾ عباد: جمع (عَبْد)، والمراد الأرقاء لنا، وسماهم الله عبادًا؛ لأنهم ذليلون لنا ونحن أسيادهم، ذليلون قدَرًا وشرعًا؛ أما شرعًا فواضح أن عبدي أبيعه وأشتريه وآمره وأنهاه، وقدرًا كما هو معلوم أن العبيد أو العباد -وهم الأرقّاء- يرون أنفسهم في قصور عن أسيادهم، وهذه من نعمة الله أن الله أذلّهم لأسيادهم، وإلا لو أنه تمرّد على سيده كما يقولون: الجمل إذا هاج، أيش بعد؟ والعبد إذا صاد، والوادي بعد ما أدري أيش..، والسيل إذا جاد، هذا ما لأحد بهم قبل، على كل حال الله تعالى قد أذل العبيد شرعًا، وأذلهم قدرًا؛ لذلك سماهم الله عبادًا لنا.
﴿وَإِمَائِكُمْ﴾ جمع (أمة): وهي الرقيقة المملوكة، وفي هذا إشارة إلى أن العبد لا يُزوِّج نفسه؛ لقوله: ﴿أَنْكِحُوا﴾ زوِّجوا، هذا إذا كان الخطاب موجهًا للأزواج، أما إذا كان الخطاب موجهًا لعموم الناس؛ بمعنى أن الإنسان لا يترفّع عن تزويج العبد والأمة، لكن هذا بعيد، والظاهر أن الخطاب هنا للأسياد؛ يعني زوِّجوا الصالحين للزواج في دينهم ودنياهم، زوِّجوهم من إماء وعبيد.
في هذه الآية إشكال من جهتين؛ الجهة الأولى: في عباد، والجهة الثانية: في إماء؛ فإن الرسول ﷺ يقول: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٥٥٢)، ومسلم (٢٢٤٩ / ١٥) من حديث أبي هريرة.]]. وهنا قال: ﴿عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾. وقال ﷺ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٩٠٠)، ومسلم (٤٤٢ / ١٣٦) من حديث عبد الله بن عمر.]]. فهل بين الحديث وهذه الآية تعارض أو لا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: هو الحقيقة ظاهرهما التعارض، لكن التوفيق بينهما واضح، الخطاب هنا: ﴿عِبَادِكُمْ﴾ من الله للإنسان سماه عبدًا له، سماه رقيقه وعبدًا له، كما أني يصح أن أقول: عبد فلان، أنا أضيفه إلى فلان، أقول: هذا عبد فلان، هذا عبدك، هذه أمتك، وما أشبه ذلك، لكن المحظور، والذي وقع النهي عنه أن الإنسان يضيف العبودية عبودية هؤلاء إلى نفسه، هذا هو المنهي عنه؛ يعني إضافة السيد عبودية وإمائية إلى نفسه هذا هو المحظور، لماذا؟ لأنه يتضمن الغرور بنفسه، والتكبّر على عبده، والترفّع عليه؛ يقول: يا عبدي، تعالَ، يا أمتي، تعالي، لا شك أنه هو يشعر بعظمة وعلوّ، وذاك يشعر أمامه بذُلّ وخضوع، ولا ينبغي أن يكون الأمر هكذا، ولهذا جاء النهي عنه، أما إذا كان الأمر بالعكس جاء الإضافة من غير السيد، فهذا لا بأس به، كما أن أيضًا العبد منهيّ أن يقول: ربي لسيده، «وَلْيَقُلْ: مَوْلَايَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٥٥٢)، ومسلم (٢٢٤٩ / ١٥) من حديث أبي هريرة. ]].
لكن لو أنك قلت: يا عبد، كلِّم ربك، ادعُ ربك لي، يجوز ولَّا لا؟ هذا يجوز، نفس الشيء إذا خاطب العبد سيده بالربوبية، نقول: هذا منهيّ عنه؛ لأن ذاك يتعاظم، وهذا يتواضع؛ ولهذا جاء في الحديث قال: «أَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا». حديث جبريل أمارات الساعة، قال: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا»[[ متفق عليه؛ البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة.]]. هكذا ثبت بهذا اللفظ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا»، المعروف: «رَبَّتَهَا»[[أخرجه البخاري (٤٧٧٧) من حديث أبي هريرة.]] لكن هنا في رواية أخرى: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا».
الحاصل أنه يجب أن نعرف الفرق بين الإضافة إلى ضمير المتكلم والإضافة إلى غيره؛ فالإضافة إلى ضمير المتكلم منهيّ عنها؛ بالنسبة للسيد ما يقول: عبدي وأمتي، وذاك ما يقول: ربي، وأما الإضافة إلى غير ياء المتكلم هذه جائزة، والفرق بينهما من حيث المعنى واضح.
ثم قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
(﴿إِنْ يَكُونُوا﴾ أي: الأحرار ﴿فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ﴾ بالتزويج ﴿مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ لخلقه ﴿وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ بهم).
﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ﴾ أي: المتزوجين.
وقول المؤلف: (أي الأحرار) لماذا خصها بالأحرار مع أن الآية يقول: ﴿الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ ثم قال: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ﴾؟
لأن الإماء ما يتصور منهم الغِنى والفقر، ويش السبب؟ لا يملكون؛ والدليل على أنه لا يملك قول النبي ﷺ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٣٧٩)، ومسلم (١٥٤٣/ ٨٠) من حديث عبد الله بن عمر.]]، «مَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ»، ما قال له: للذي باع. فالعبد لا يملك إذن هو فقير، ما يمكن يصير غنيًّا، لكن قد يُقال: إن الغنى يكون لسيده، أنت تزوج عبدك حتى يغنيهم الله من فضله ويوسِّع عليهم من فضله فينكحون، لما أمر الله بالتزويج وبيَّن أنهم إن كانوا فقراء أغناهم الله من فضله أمر من كان فقيرًا بأن يستعفف حتى يغنيه الله من فضله؛ يعني ما يطلق لنفسه العِنان للنظر المحرم، والمباشرات المحرمة، وتتبع النساء، وما أشبه ذلك، بل يجب عليه أن يستعفف عن الزنا وأسبابه ومقدماته، هذا المراد بالعفة: البعد عن الزنا وأسبابه ومقدماته.
{"ayah":"وَأَنكِحُوا۟ ٱلۡأَیَـٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِینَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَاۤىِٕكُمۡۚ إِن یَكُونُوا۟ فُقَرَاۤءَ یُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ"}