الباحث القرآني
﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ قال ابن السكيت: فلانة أيّم، إذا لم يكن لها زوج بكرًا كانت أو ثيبًا. والجميع: أيامى، والأصل أيايم، فقلبت [[في "تهذيب اللغة": فقلبت الياء وجعلت بعد الميم.]]. ورجل أيّم: لا امرأة له. وقد آمت المرأةُ تئيم أيمةً وأيمًا. وقد تأيّمت المرأة زمانًا، وتأيَّم الرجل زمانًا، إذا مكث أيامًا لا يتزوج [[في "تهذيب اللغة": إذا مكثا أيامًا وزمانًا لا يتزوجان.]]. والحرب مأيمةٌ، أي: تقتل الرّجال فتبقى النساء بلا أزواج [[قول ابن السكيت في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 621 - 622 (ام).
وهو في "تهذيب الألفاظ" ص 376، و"المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح على حروف المعجم" للعكبري 1/ 89 - 90.]].
وقال ابن الأعرابي: يقال للرجل الذي [[في (ع): (إذا).]] لم يتزوج: أيّم، وللمرأة أيّمة، قال: والأيّم: البكر والثيب، وآم الرجل يئيم أيمةٌ، إذا لم تكن له زوجة وكذلك المرأة إذا لم يكن لها زوج [[قول ابن الأعرابي في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 621 (آم).]].
ومنه الحديث: أن النبي -ﷺ- كان يتعوذ من الأيمة. وهو طول العُزبة [[في (أ): (العزوبة)، والمثبت من باقي النسخ و"تهذيب اللغة".]] [[الحديث ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" 15/ 621، والجوهري في "الصحاح" 5/ 1868، وذكره الزمخشري في "الكشاف" 3/ 63 بلفظ: "اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والغيمة والأيمة والكزم والقرم". وذكره الزيلعي في تخريجه لأحاديث الكشاف 2/ 435 وسكت عنه ولم يخرجه.
قال المعلق على تخريج الزيلعي: ذكره ابن قتيبة في كتابه "غريب الحديث" 1/ 338 وقال: يرويه سليمان بن الربيع الكوفي، عن همام، عن أبي العوام عمران بن داود القطان، عن قتادة، عن الحسن عن عمران بن حصين، عن النبي -ﷺ- فذكره.]].
وقال صاحب النظم: (الْأَيَامَى) هاهنا من الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم كان قد تزوج قبل ذلك أو [[في (أ): (أم).]] لم يتزوج. والأيّم في كلام العرب: كل ذكر لا أنثى معه، وكل أنثى لا ذكر معها. ولذلك سميت الحيّة أيِّمًا بالتشديد والتخفيف لأنَّها لا تكاد تكون في جحرها إلا وحدها، وأنشد الهذلي [[هو أبو كبير الهذلي كما في "ديوان الهذليين" وغيره.]]:
إلَّا عواسر كالمراط معيدة [[في (أ): (معتده).]] ... بالليل مورد أيِّم متغضِّف [[البيت في "ديوان الهذليين" 2/ 105 منسوبًا لأبي كبير وروايته فيه:
إلَّا عواسل كالمراط ..
وهو في "المعاني الكبير" 185 - 186، و"الأمالي" 2/ 29، "الصحاح" للجوهري 5/ 1868 - 1869 (أيم).
ومن غير نسبة في "تهذيب اللغة" 2/ 82 "عسر"، و"اللسان" 4/ 566 (عسر) وفيهما: == إلا عواسرُ كالقداح معيدة
وقبل هذا البيت:
ولقد وردت الماء، ولم يشرب به ... بين الربيع إلى شهور الصيِّفِ
إلا عواسر ..
قال السكري في "شرح ديوان الهذليين" 3/ 1085: عواسل: يعني تعسل في مشيها، تمرُّ مرَّا سريعًا، وإنما يعني ذئابًا .. ويروى: إلا عواسر، يقول: هذه الذئاب تَعسر بأذنابها، والمراط: النَّبل المتمرِّطة الريش، وقوله: معيدة، أي معيدة الشرب، والأيّم: الحيّة .. وقوله: متغضِّف أي منطو متثنٍّ، وقوله: معيدة: أي معاودة لذلك مرَّة بعد مرة. اهـ.]] والتشديد والتخفيف اللذان ذكرهما صاحب النَّظم في الأيّم الذي هو الحيّة صحيح؛ فقد ذكرهما النَّضر بن شميل [[قول ابن شميل في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 621 (آم).]].
وقوله: (مِنكُمْ) ليس من صلة الإنكاح، وإنّما هو من صلة (الْأَيَامَى) كأنه قيل [[في (ع): (قال).]]: وانكحوا أيامكم يعني: أيامى المسلمين؛ لذلك قال: ﴿الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾.
قال السدِّي: من لم يكن له زوج من امرأة أو رجل فهو أيّم.
وقال ابن عباس: كل من ليس لها زوج وإن كانت بكرًا فهي أيِّم [[ذكره الرازي 23/ 210، والنيسابوري في "غرائب القرآن" 18/ 96 من رواية الضحاك، عنه، بمعناه. وذكر الماوردي 4/ 97 هذا القول. وعزاه للجمهور.]].
قال مقاتل بن سليمان: يعني من لا زوج له [[في (ظ): (لها).]] [من رجل [[في (أ): (زوج).]]] [[ساقط من (ع).]] أو امرأة وهما حرّان، أمر الله تعالى أن يزوجا [["تفسير مقاتل" 2/ 38 أ.]].
وقال مقاتل بن حيان: يعني الأيامى من الرجال والنساء من الأحرار [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 39 أ.]].
والمعنى: زوّجوا أيها المؤمنون من لا زوج له من أحرار رجالكم ونسائكم [[الطبري 18/ 125، والثعلبي 3/ 78 أ.]]، وهذا أمر ندب واستحباب [[انظر: "أحكام القرآن" للجصَّاص 3/ 319.]]، وفيه دليل على أنّ النكاح لا يصح إلا بولي؛ لأن الله تعالى قال (وَأَنكِحُوا) فما [[في (ظ): (وما).]] لم تُنكح المرأة ولم تُزوَّج لم يكن لها أن تنكح وتتزوَّج [[انظر: "الحاوي" 9/ 38 - 45، "المغني" 9/ 345 - 346، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 12/ 239.]].
قوله ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ قال مقاتل: يقول: وزوّجوا المؤمنين من عبيدكم وولائكم فإنّه أغض للبصر وأحفظ للفرج [["تفسير مقاتل" 2/ 38 أ.]].
فمعنى الصلاح هاهنا: الإيمان، وفي هذا دليل على أن العبد لا يتزوج إلا بإذن سيده، وكذلك الأمة [[انظر: "الحاوي" 9/ 73، "المغني" 9/ 436، "روضة الطالبين" 7/ 101.]].
ثم رجع إلى الأحرار فقال: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ﴾ لا سعة لهم في التزويج ﴿يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ فوعدهم أن يوسّع عليهم عند التزويج ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ لخلقه ﴿عَلِيمٌ﴾ بهم. قاله مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 2/ 38 أ.]].
قال أبو إسحاق: حثّ الله -عز وجل- على النكاح وأعلم أنّه سبب لنفي الفقر، ويروى عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: عجبت لامرئ لم يلتمس الغنى في الباءة بعد قول الله تعالى ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 40 مع اختلاف يسير.
ولفظ رواية الزجاج لأثر عمر: "عجب لامرئ كيف لا يرغب في الباءة والله يقول ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 32].
وهذا الأثر عن عمر -رضي الله عنه- رواه عبد الرزاق في "مصنفه" 6/ 173 عن قتادة أن عمر بن الخطاب قال: ما رأيت مثل رجل لم يلتمس الفضل في الباءة، والله يقول: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 32].
وهو منقطع لإرساله.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 188 عن قتادة، وزاد نسبته لعبد بن حميد. وروى عبد الرزاق في "مصنفه" 6/ 170 - 171 من وجه آخر عن الحسن البصري قال: قال عمر بن الخطاب: اطلبوا الفضل في النكاح. قال: وتلا عمر: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 32].
وهو منقطع أيضًا؛ فإن الحسن لم يسمع من عمر -رضي الله عنه- انظر: "تهذيب التهذيب" لابن حجر 2/ 265 - 266.]].
وقد قال رسول الله -ﷺ-: "التمسوا الرزق بالكاح" [[رواه بهذا اللفظ الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 80 ب من حديث ابن عباس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 188 وعزاه للديلمي.
وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 82: رواه الثعلبي في "تفسيره" والديلمي، من حديث مسلم بن خالد، عن سعيد ابن أبي صالح، عن ابن عباس رفعه بهذا. ومسلم فيه لين وشيخه.
وقال الألباني في "ضعيف الجامع" 1/ 349: ضعيف.
وللحديث شاهد بمعناه روي موصولًا ومرسلًا.
فقد رواه موصولاً البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" للهيثمي 2/ 149، والحاكم في "مستدركه" 2/ 161 كلاهما من حديث أبي السائب سلم بن جنادة، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله == -ﷺ-: "تزوّجوا النساء، فإنّهن يأتينكم بالمال".
قال البزار بعد روايته: رواه غير واحد مرسلًا، ولا نعلم أحدًا قال فيه: عن عائشة إلا أبا أسامة.
وقال الدارقطني في "العلل": وغير سلم يرويه مرسلاً ..
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه لتفرد سلم -وقد تصحف في المطبوع إلى سالم- بن جنادة بسنده وسلم ثقة مأمون. اهـ.
وقد رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 127، وأبو داود في "المراسيل" ص 93 عن أبي توبة الربيع بن نافع، كلاهما -يعني أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا توبة- عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه، مرسلًا لم يذكر عائشة.
وذكر الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" 2/ 443 متابعًا لأبي أسامة من رواية السهمي في "تاريخ جرجان" ص 242 من طريق حسين بن علوان عن هشام موصولًا.
قال ابن حجر في "الكاف الشاف" ص 119: الحسين متهم بالكذب.
ولذا فإن المرسل أصح كما ذكر الدارقطني وغيره.
وممن ضعف هذا الحديث الألباني كما في "ضعيف الجامع" 1/ 349.]].
{"ayah":"وَأَنكِحُوا۟ ٱلۡأَیَـٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِینَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَاۤىِٕكُمۡۚ إِن یَكُونُوا۟ فُقَرَاۤءَ یُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق