الباحث القرآني
يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّخَاذِ الْمُنَافِقِينَ بِطَانَةً، أَيْ: يُطْلعونهم عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَمَا يُضْمِرُونَهُ لِأَعْدَائِهِمْ، وَالْمُنَافِقُونَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتِهِمْ لَا يَأْلُونَ الْمُؤْمِنِينَ خَبَالا أَيْ: يَسْعَوْنَ فِي مُخَالَفَتِهِمْ وَمَا يَضُرُّهُمْ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وَبِمَا يَسْتَطِيعُونَهُ مِنَ الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ، وَيَوَدُّونَ مَا يُعْنتُ الْمُؤْمِنِينَ وَيُخْرِجُهُمْ ويَشُقّ عَلَيْهِمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ أَيْ: مِنْ غَيْرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، وَبِطَانَةُ الرَّجُلِ: هُمْ خَاصَّةُ أَهْلِهِ الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى دَاخِلِ أَمْرِهِ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: يُونُسُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ -عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِي وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخيرِ وتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَم اللهُ " [[صحيح البخاري برقم (٦٦١١، ٧١٩٨) والنسائي في الكبرى برقم (٨٧٥٥) .]] .
وَقَدْ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ [عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ [[في أ: "نحوه".]] فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ] [[زيادة من جـ.]] عنهما. وأخرجه النسائي عن الزهري أَيْضًا [[النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٧٥٦) من طريق معاوية بن سلام عن الزهري به.]] وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فَقَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ صَفْوان بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَذَكَرَهُ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ [[صحيح البخاري برقم (٧١٩٨) ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (٨٧٥٧) .]] وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ مُحَمَّدُ [[في أ، و: "بن محمد".]] بْنُ الوَزَّان، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيّان التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي الزِّنْباع، عَنِ ابْنِ أَبِي الدِّهْقانة قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ هَاهُنَا غُلاما مِنْ أَهْلِ الحِيرة، حَافِظٌ كَاتِبٌ، فَلَوِ اتَّخَذْتَهُ كَاتِبًا؟ فَقَالَ: قَدِ اتَّخَذْتُ إِذًا بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [[تفسير ابن أبي حاتم (٢/٥٥٠) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨/٦٥٨) من طريق أبي حيان التيمي به ورواه عبد بن حميد في تفسيره كما في الدر (٢/٣٠٠) .]] .
فَفِي هَذَا الْأَثَرِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذَّمَّة لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ، الَّتِي فِيهَا اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ واطِّلاع عَلَى دَوَاخل أمُورهم الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشوها إِلَى الْأَعْدَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ﴾ .
وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا هُشَيم، حَدَّثَنَا العَوَّام، عَنِ الْأَزْهَرِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: كَانُوا يَأْتُونَ أنَسًا، فَإِذَا حَدَّثهم بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ، أتَوا الْحَسَنَ -يَعْنِي الْبَصْرِيَّ-فَيُفَسِّرُهُ [[في جـ: "ليفسره".]] لَهُمْ. قَالَ: فحدَّث ذَاتَ يَوْمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا [[في ر: "غريبا".]] فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ، فَأَتَوُا الْحَسَنَ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَنَسًا حَدّثنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ [[في أ، و: "إن أنسا حدثنا بحديث ما ندري ما هو قال: وما حدثكم أنس، قالوا: حدثنا أن رسول الله".]] صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ [[في أ: "المشركين".]] وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا [[في ر: "غريبا".]] فَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَّا قَوْلُهُ: "وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيا [[في ر: "غريبا".]] : مُحَمَّدٌ ﷺ. وأما قوله: "لا تَسْتَضِيؤوا بِنَارِ الشِّركِ" يَقُولُ: لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُورِكُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: تَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ .
هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ [[في أ: "قد".]] رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ هُشَيْمٍ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ هُشَيم بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَفْسِيرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ [[رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (٩٣٧٥) والطبري في تفسيره (٧/١٤٢) من طريق هشيم بسياق أبي يعلى به، ورواه أحمد في مسنده (٣/٩٩) والنسائي في السنن (٨/١٧٦) من غير ذكر تفسير الحسن البصري.]] .
وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ: "لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمِكُمْ عَرَبيّا [[في ر: "غريبا".]] أَيْ: بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ، لِئَلَّا يُشَابِهَ نَقْشَ خَاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشُه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا جاء في الحديث الصحيح أنه نَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ. وَأَمَّا الِاسْتِضَاءَةُ بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، فَمَعْنَاهُ: لَا تُقَارِبُوهُمْ فِي الْمَنَازِلِ بِحَيْثُ تَكُونُونَ [[في أ، و: "تكونوا".]] مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، بَلْ تَبَاعَدُوا مِنْهُمْ وهَاجروا مِنْ بِلَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ [رَحِمَهُ اللَّهُ] [[زيادة من أ.]] لَا تَتَرَاءَى نَاراهُمَا" وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ أَوْ سَكَنَ مَعَهُ، فَهُوَ مِثْلُهُ"؛ فحَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَالَهُ الْحَسَنُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ بِالْآيَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ أَيْ: قَدْ لَاحَ عَلَى صَفَحات وُجُوهِهِمْ، وَفَلَتَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ، مَعَ مَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْبَغْضَاءِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، مَا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَى لَبِيبٍ عَاقِلٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ .
* * *
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ أَيْ: أَنْتُمْ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ-تُحِبُّونَ الْمُنَافِقِينَ مِمَّا يُظْهِرُونَ لَكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، فَتُحِبُّونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ لَا يُحِبُّونَكُمْ، لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا [[في جـ، ر، أ، و: "لا ظاهرا ولا باطنا".]] ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ أَيْ: لَيْسَ عِنْدَكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ شَكٌّ وَلَا رَيْب، وَهُمْ عِنْدَهُمُ الشَّكُّ والرِّيَب والحِيرة.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمة أَوْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ أَيْ: بِكِتَابِكُمْ وَكِتَابِهِمْ، وَبِمَا مَضَى مِنَ الْكُتُبِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِكِتَابِكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِالْبَغْضَاءِ لَهُمْ، مِنْهُمْ لَكُمْ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ وَالْأَنَامِلُ: أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ، قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أوَدُّ [[في أ: "أريد".]] كَمَا مَا بَلّ حَلْقِيَ ريقَتى ... وَمَا حَمَلَتْ كَفَّايَ أنْمُلي العَشْرا [[البيت في تفسير الطبري (٤/٤٣) .]]
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، والسُّدِّي، والرَّبِيع بْنُ أَنَسٍ: ﴿الأنَامِلَ﴾ الْأَصَابِعُ.
وَهَذَا شَأْنُ الْمُنَافِقِينَ يُظْهِرون لِلْمُؤْمِنِينَ الإيمانَ وَالْمَوَدَّةَ، وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ وَذَلِكَ أَشَدُّ الْغَيْظِ وَالْحَنَقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أَيْ: مَهْمَا كُنْتُمْ تَحْسُدُونَ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيَغِيظُكُمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مُتمّ نِعْمَتَهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ومُكَملٌ دِينَهُ، ومُعْلٍ كلمتَه وَمُظْهِرٌ دينَه، فَمُوتُوا أَنْتُمْ بِغَيْظِكُمْ ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أَيْ: هُوَ عَلِيمٌ بِمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ ضَمَائِرُكُمْ، وتُكنُّه سَرَائرُكُم مِنَ الْبَغْضَاءِ وَالْحَسَدِ وَالْغِلِّ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يُرِيَكُمْ خِلَافَ مَا تُؤَمِّلُونَ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ فِي النَّارِ الَّتِي أَنْتُمْ خَالِدُونَ فِيهَا، فَلَا خُرُوجَ لَكُمْ مِنْهَا.
ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾ وَهَذِهِ الْحَالُ دَالَّةٌ [[في جـ، ر، أ، و: "وهذا الحال دال".]] عَلَى شِدَّةِ الْعَدَاوَةِ مِنْهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَنَّهُ [[في جـ، ر، أ، و: "أنهم".]] إِذَا أَصَابَ الْمُؤْمِنِينَ خِصْبٌ، وَنَصْرٌ وَتَأْيِيدٌ، وَكَثُرُوا وَعَزَّ أَنْصَارُهُمْ، سَاءَ ذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ، وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ سَنَة [[في أ، و: "المؤمنين سيئة إما".]] -أَيْ: جَدْب-أَوْ أُديل عَلَيْهِمُ الْأَعْدَاءُ، لِمَا لِلَّهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، كَمَا جَرَى يَوْمَ أُحُد، فَرح الْمُنَافِقُونَ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخَاطِبًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ] [[زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".]] ﴾ يُرْشِدُهُمْ تَعَالَى إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ وكَيْدِ الفُجّار، بِاسْتِعْمَالِ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى، وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِأَعْدَائِهِمْ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَلَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ إِلَّا بِتَقْدِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ.
ثُمَّ شَرَعَ تَعَالَى فِي ذِكْرِ قِصَّةِ أُحُدٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنَ الِاخْتِبَارِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَبَيَانِ صَبْر الصَّابِرِينَ، فَقَالَ تَعَالَى:
{"ayahs_start":118,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةࣰ مِّن دُونِكُمۡ لَا یَأۡلُونَكُمۡ خَبَالࣰا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ","هَـٰۤأَنتُمۡ أُو۟لَاۤءِ تُحِبُّونَهُمۡ وَلَا یُحِبُّونَكُمۡ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ عَضُّوا۟ عَلَیۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَیۡظِۚ قُلۡ مُوتُوا۟ بِغَیۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةࣱ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَیِّئَةࣱ یَفۡرَحُوا۟ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةࣰ مِّن دُونِكُمۡ لَا یَأۡلُونَكُمۡ خَبَالࣰا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَاۤءُ مِنۡ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِی صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق