الباحث القرآني
قَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا قِصَّةَ الغَرَانيق، وَمَا كَانَ مِنْ رُجُوعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُهَاجِرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ظَنا مِنْهُمْ أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ قَدْ أَسْلَمُوا. وَلَكِنَّهَا مِنْ طُرُقٍ كُلُّهَا مُرْسَلَةٌ، وَلَمْ أَرَهَا مسندة من وجه صحيح، والله أعلم.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَكَّةَ "النَّجْمَ" فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَوْضِعَ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى﴾ قَالَ: فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ: "تِلْكَ الغَرَانيق الْعُلَى. وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ [[في ت، ف: "شفاعتهم".]] تُرْتَجَى". قَالُوا: مَا ذَكَرَ آلهَتنا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ. فسجَدَ وَسَجَدُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] [[زيادة من ف، أوفي ت: "الآية".]] ﴾
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ بُنْدَار، عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ نَحْوَهُ [[تفسير الطبري (١٧/١٣٣) .]] ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أُمِّيَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -فِيمَا أَحْسَبُ، الشَّكُّ فِي الْحَدِيثِ-أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ بِمَكَّةَ سُورَةَ "النَّجْمِ"، حَتَّى انتَهَى إِلَى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى﴾ ، وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ. ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا [[في ف، أ: "لا نعلمه".]] يُرْوَى مُتَّصِلًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ. وَإِنَّمَا يُروى هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [[مسند البزار برقم (٢٢٦٣) "كشف الأستار".]] .
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَعَنِ السُّدِّيِّ، مُرْسَلًا. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، مُرْسَلًا أَيْضًا [[تفسير الطبري (١٧/١٣١) .]] .
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ [يُصَلِّي] [[زيادة من أ.]] عِنْدَ الْمَقَامِ إِذْ نَعَس، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانهِ "وَإِنَّ شَفَاعَتَهَا لَتُرْتَجَى. وَإِنَّهَا لَمَعَ الْغَرَانِيقِ الْعُلَى"، فَحَفِظَهَا الْمُشْرِكُونَ. وَأَجْرَى الشَّيْطَانُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ قَرَأَهَا، فزَلَّت بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ [وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى] [[زيادة من ف، أ.]] ﴾ الْآيَةَ، فدَحَرَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مُوسَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ المُسَيَّبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ أَقْرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَذْكُرُ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمِثْلِ الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّتْمِ وَالشَّرِّ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ مَا نَالَهُ وَأَصْحَابَهُ مِنْ أَذَاهُمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَأَحْزَنَهُ ضَلَالُهُمْ، فَكَانَ [[في ف: "وكان".]] يَتَمَنَّى هُداهم، فَلَمَّا أَنْزَلَ الله سورة "النَّجْمِ" قَالَ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى﴾ أَلْقَى الشَّيْطَانُ عِنْدَهَا كَلِمَاتٍ حِينَ ذَكَرَ اللَّهُ الطَّوَاغِيتَ، فَقَالَ: "وَإِنَّهُنَّ لَهُنَّ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى. وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَهِيَ الَّتِي تُرْتَجَى [[في أ: "ترجى".]] ". وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَتِهِ، فَوَقَعَتْ هَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُشْرِكٍ بِمَكَّةَ، وَزَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، وَتَبَاشَرُوا بِهَا، وَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا، قَدْ رَجَعَ إِلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ، وَدِينِ قَوْمِهِ. فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [آخِرَ النَّجْمِ] [[زيادة من ف، أ.]] ، سَجَدَ وَسَجَدَ كُلُّ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مُشْرِكٍ. غَيْرَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ رَجُلًا كَبِيرًا، فَرَفَعَ عَلَى [[في ت، أ: "ملء".]] كَفِّهِ تُرَابًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ. فَعَجِبَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا [[في ت: "الفريقان منهما كلاهما".]] مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي السُّجُودِ، لِسُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَعَجِبُوا لِسُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُمْ عَلَى غَيْرِ إِيمَانٍ وَلَا يَقِينٍ -وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا الْآيَةَ الَّتِي [[في أ: "الذي".]] أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي مَسَامِعِ الْمُشْرِكِينَ-فَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسُهُمْ لِمَا أَلْقَى الشيطانُ فِي أُمْنِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَحَدَّثَهُمْ بِهِ الشَّيْطَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ قَرَأَهَا فِي السُّورَةِ، فَسَجَدُوا لِتَعْظِيمِ آلِهَتِهِمْ. فَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ، وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ، حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ وَمَنْ بِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابَهُ، وَتَحَدَّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، وَصَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَبَلَغَهُمْ سُجُودُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى التُّرَابِ عَلَى كَفِّهِ، وحُدِّثوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمِنُوا بِمَكَّةَ فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا وَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ، وَأَحْكَمَ اللَّهُ آيَاتِهِ، وَحَفِظَهُ [[في ت، أ: "وحفظه الله".]] مِنَ الْفِرْيَةِ، وَقَالَ [تَعَالَى] [[زيادة من ف، أ.]] : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ ، فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهِ قَضَاءَهُ، وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْعِ الشَّيْطَانِ، انقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالِهِمْ [[في ف: "بضلالتهم".]] وَعَدَاوَتِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِمْ. وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَلٌ.
وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، نَحْوَهُ [[تفسير الطبري (١٧/١٣٣) .]] . وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ [[في أ: "الحافظ".]] أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ" فَلَمْ يَجُزْ بِهِ مُوسَى بْنَ عُقْبَةَ، سَاقَهُ فِي مُغَازِيهِ بِنَحْوِهِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا، وَكُلُّهَا مُرْسَلَاتٌ وَمُنْقَطِعَاتٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ سَاقَهَا الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مَجْمُوعَةً مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيّ، وَغَيْرِهِمَا بِنَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ سَأَلَ هَاهُنَا سُؤَالًا كَيْفَ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا مَعَ الْعِصْمَةِ الْمَضْمُونَةِ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؟ ثُمَّ حَكَى أَجْوِبَةً عَنِ النَّاسِ، مِنْ أَلْطَفِهَا: أَنَّ الشَّيْطَانَ أَوْقَعَ فِي مَسَامِعِ الْمُشْرِكِينَ ذَلِكَ، فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ صَدَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَيْسَ كذلك في نفس الأمر، بل إنما كَانَ مِنْ صَنِيعِ الشَّيْطَانِ لَا مِنْ رَسُولِ الرَّحْمَنِ ﷺ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ [[معالم التنزيل للبغوي (٥/٣٩٤) .]] .
وَهَكَذَا تَنَوَّعَتْ أَجْوِبَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ هَذَا بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ. وَقَدْ تَعَرَّضَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِ "الشِّفَاءِ" لِهَذَا، وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ [[كذا في جميع النسخ وكلام القاضي عياض في الشفاء (٢/١٠٧) أذكره مختصرا له، قال رحمه الله:
"فاعلم، أكرمك الله أن لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين: أحدهما: في توهين أصله. والثانى: على تسليمه.
أما المأخذ الأول: فيكفيك أن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل.. وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم.
وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده، واختلاف كلماته، فقائل يقول: إنه فى الصلاة، وآخر يقول: قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وآخر يقول: قالها وقد أصابته سنة، وآخر بقول: بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه وإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك، وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأها فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: "والله ما هكذا أنزلت".
إلى غير ذلك من اختلاف الرواة.
ومن حكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين والتابعين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية.
والمرفوع فيه حديث شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: فيما أحسب -الشك في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بمكة وذكر القصة.
قال أبو بكر البزار: هذا لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا هذا، ولم يسنده عن شعبة إلا أمية بن خالد، وغيره يرسله عن سعيد بن جبير، وإنما يعرف عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
فقد بين لك أبو بكر، رحمه الله، أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره سوى هذا، وفيه من الضعف ما نبه عليه مع وقوع الشك فيه كما ذكرناه الذي لا يوثق به ولا حقيقة معه.
أما حديث الكلبي فمما لا تجوز الرواية عنه ولا ذكره لقوة ضعفه وكذبه، كما أشار إليه البزار، رحمه الله.
والذي منه في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ "والنجم" وهو بمكة فسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس هذا توهينه من طريق النقل.
أما من جهة المعنى، فقد قامت الحجة وأجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم، ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة، إما من تمنيه أن ينزل عليه مثل هذا من مدح آلهة غير الله وهو كفر أو يتسور عليه الشيطان ويشبه عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه ويعتقد النبي صلى الله عليه وسلم أن من القرأن ما ليس منه حتى ينبهه جبريل - عليه السلام-، وذلك كله ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم.
أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا وذلك كفر، أو سهوا وهو معصوم من هذا كله.
ووجه ثان: هو استحالة هذه القصة نظرا وعرفا، وذلك أن هذا الكلام لو كان كما روى لكان بعيد الالتئام، متناقض الأقسام، ممتزج المدح بالذم، متخاذل التأليف والنظم، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم ولا من بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين ممن يخفى عليه ذلك.
وهذا لا يخفى على أدنى متأمل فكيف بمن رجح حلمه، واتسع في باب البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه!!
ووجه ثالث: أنه قد علم من عادة المنافقين، ومعاندي المشركين، وضعفة القلوب، والجهلة من المسلمين، نفورهم لأول وهلة، وتخليط العدو على النبي صلى الله عليه وسلم لأقل فتنة، وتعيرهم المسلمين والشماتة بهم الفينة بعد الفينة وارتداد من في قلبه مرض ممن أظهر الإسلام لأدنى شبهة ...
ولم يحك أحد في هذه القصة شيئا سوى هذه الرواية الضعيفة.
ووجه رابع: ذكر الرواة لهذه القضية أن فيها نزلت " وإن كادوا ليفتنونك.. " الآيتين.
وهاتان الآيتان تردان الخبر الذي رووه؛ لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا يفتنونه، حتى يفتري وأنه لولا أن ثبته لكاد يركن إليهم.
فمضمون هذا ومفهومه: أن الله تعالى عصمه من أن يفتري، وثبته حتى لم يركن اليهم قليلا فكيف كثيرا وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون والافتراء بمدح آلهتهم وأنه قال صلى الله عليه وسلم: افتريت على الله وقلت ما لم يقل وهذا ضد مفهوم الآية وهي تضعف الحديث لو صح، فكيف ولا صحة له، وهذا مثل قوله تعالى في الآية الأخرى: " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء ".
وأما المأخذ الثاني: فهو مبني على تسليم الحديث لو صح. وقد أعاذنا الله من صحته، ولكن على كل حال فقد أجاب عن ذلك أئمة المسلمين بأجوبة منها الغث والسمين.
ثم ذكر الأجوبة على ذلك (٢/١١١-١١٤) وممن أنكرها الإمام ابن خزيمة وقال: "هذا من وضع الزنادقة" وهذا هو الصواب.
للاستزادة: انظر: الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ص-٣١٤ لمحمد أبي شهبة، ونصب المجانيق لإبطال قصة الغرانيق لمحمد ناصر الدين الألباني.]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ ، هَذَا فِيهِ تَسْلِيَةٌ لَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ [[في ف، أ: "عليه وسلامه".]] ، أَيْ: لَا يَهيدنّك ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ مِثْلَ هَذَا مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿إِذَا تَمَنَّى [أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ ، يَقُولُ: إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ [[زيادة من ف، أ.]] ] يَعْنِي: إِذَا قَالَ.
وَيُقَالُ: ﴿أُمْنِيَّتِهِ﴾ : قِرَاءَتُهُ، ﴿إِلا أَمَانِيَّ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٧٨] ، يَقُولُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿تَمَنَّى﴾ أَيْ: تَلَا وَقَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ، ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ أَيْ: فِي تِلَاوَتِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ فِي عُثْمَانَ حِينَ قُتِلَ:
تَمَنّى كتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلة ... وآخرَها لاقَى حمَامَ المَقَادرِ [[البيت في اللسان، مادة (منى) غير منسوب.]]
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ : إِذَا تَلَا.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِتَأْوِيلِ الْكَلَامِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ ، حَقِيقَةُ النَّسْخِ لُغَةً: الْإِزَالَةُ وَالرَّفْعُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ فَيُبْطِلُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَسَخَ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ [[في ف، أ: "عليم حكيم".]] ﴾ ، [أَيْ: بِمَا يَكُونُ مِنَ الْأُمُورِ وَالْحَوَادِثِ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ] [[زيادة من ت.]] ، ﴿حَكِيمٌ﴾ أَيْ: فِي تَقْدِيرِهِ وَخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، لَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ أَيْ: شَكٌّ وَشِرْكٌ وَكُفْرٌ وَنِفَاقٌ، كَالْمُشْرِكِينَ حِينَ فَرِحُوا بِذَلِكَ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا كَانَ من الشيطان.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ هُمُ: الْمُنَافِقُونَ ﴿وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ : الْمُشْرِكُونَ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: هُمُ [الْكَافِرُونَ] [[زيادة من ت.]] الْيَهُودُ.
﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ أَيْ: فِي ضَلَالٍ وَمُخَالَفَةٍ وَعِنَادٍ بَعِيدٍ، أَيْ: مِنَ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ.
﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ﴾ أَيْ: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ النَّافِعَ الَّذِي يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، أَنَّ مَا أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، الَّذِي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَحِفْظِهِ وَحَرَسَهُ أَنْ يَخْتَلِطَ بِهِ غَيْرُهُ، بَلْ هُوَ كِتَابٌ حَكِيمٌ، ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٢] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيُؤْمِنُوا بِهِ﴾ أَيْ: يُصَدِّقُوهُ وَيَنْقَادُوا لَهُ، ﴿فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ﴾ أَيْ: تَخْضَعُ وَتَذِلُّ، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيُرْشِدُهُمْ إِلَى الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ، وَيُوَفِّقُهُمْ لِمُخَالَفَةِ الْبَاطِلِ وَاجْتِنَابِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ يَهْدِيهِمْ [إِلَى] [[زيادة من أ.]] الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُوصِلِ إِلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّاتِ، وَيُزَحْزِحُهُمْ عَنِ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَالدَّرَكَاتِ.
{"ayahs_start":52,"ayahs":["وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ","لِّیَجۡعَلَ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَفِی شِقَاقِۭ بَعِیدࣲ","وَلِیَعۡلَمَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَیُؤۡمِنُوا۟ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"],"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق