الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ الرسول: الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل إليه عيانًا، ومحاورته إيَّاه [[في (أ): (ومجاورته إياها)، وهو خطأ.]] شفاهًا. والنبي: الذي [[في (ظ): (التي).]] تكون نبوته إلهامًا أو منامًا. فكلّ رسول نبيّ، وليس كل نبي رسولاً [[هذا كلام الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 55 أمع اختلاف يسير. وقد اختلف في الفرق بين الرسول والنبي على أقوال:
أحدها: ما ذكره المؤلف.
الثاني: أن النبي الرسول هو من أنزل عليه كتاب وشرع مستقل يدعو الناس إليه، والنبي المرسل -الذي هو غير الرسول- هو من لم ينزل عليه كتاب وإنما أوحي إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون ويؤمرون بالعمل بما في التوراة كما قال تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾ [المائدة: 44].
الثالث: أن الرسول هو الذي أرسله الله تعالى، وهو مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه، والنبي هو المنبأ عن الله، فالله ينبئه بالغيب، وهو ينبئ الناس بالغيب. وقريب من هذا القول قول من قال: النبي هو من أوحي إليه وحي ولم يؤمر بتبليغه، والرسول هو النبي الذي أوحي إليه وأمر بتبليغ ما أوحي إليه.
وهذا الأخير أضعف الأقوال، قال الشنقيطي 5/ 735 معللًا عدم صحة هذا القول-: لأن قوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ الآيه يدل على أن== كلًا منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير.
وانظر: "النكت والعيون" للماوردي 4/ 36، "تفسير الرازي" 23/ 46، "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 18/ 7، "روح المعاني" للألوسي 17/ 172 - 173، "أضواء البيان" للشنقيطي 5/ 735.]].
وهذا معنى قول الفراء: الرسول: النبي المرسل، والنبي: المحدَّث [[المحدث: هو الملهم. "لسان العرب" 2/ 134 (حدث).]] الذي لم يرسل [["معاني القرآن" للفراء 2/ 229.
وقوله عن النبي أنه الذي لم يرسل يردُّه كما تقدم قوله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ الآية.]].
قوله: ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ قال ابن عباس -في رواية عطاء- إلا إذا قرأ [[روى البخاري في "صحيحه" 8/ 438 تعليقًا، والطبري في "تفسيره" 17/ 190 من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله (إذا تمنى) إذا حدث.]] وهذا معنى قول المفسرين: تلا [[انظر: الطبري 17/ 190، الثعلبي 3/ 55 أ، "الدر المنثور" 6/ 69.]] وقال مجاهد: إذا قال [[رواه الطبري 17/ 190.]].
وذكرنا التَّمنّي بمعنى التلاوة والقراءة مستقصى بذكر الحجج [[في جميع النسخ: (الحج)، والصواب ما أثبتناه.]] في سورة البقرة عند قوله: ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: 78].
قوله: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ أي: تلاوته.
قال المفسرون -بألفاظ مختلفة ومعاني متفقة-: إنَّ رسول الله -ﷺ- كان حريصًا على إيمان قومه أشد الحرص، فجلس يومًا في ناد من أنديتهم [[في (أ): (أيديهم)، وهو خطأ.]]، وقرأ عليهم سورة النجم [[في (د)، (ع): (سورة والنجم).]]، فلما أتى على قوله {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19، 20] ألقى الشيطان في أمنيته حتى وصل به "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي" ثم قرأ السورة كلها حتى بلغ آخرها، فسجد رسول الله -ﷺ-، وسجد أصحابه معه، وسجد المشركون لذكره [[في (أ): (لذكر).]] آلهتهم، وفرحوا بذلك، وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، فأتاه [[في (د)، (ع): (فأتى).]] جبريل -عليه السلام-، وأخبره بما جرى من الغلط على لسانه، وقال: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا. فاشتد ذلك على رسول الله -ﷺ-، فأنزل الله هذه الآية، ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه، فقال المشركون: قد ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتنا عند الله، وازدادوا شرًّا إلى ما كانوا عليه، وأما المؤمنون فقالوا -حين نسخ الأولى-: آمنا بما قال محمد -ﷺ-، وهذا قول ابن عباس [[ورد هذا القول عن ابن عباس من طرق، وكلها لا تخلو من مقال.
الطريق الأول: طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس: رواه أبو بكر البزار في "مسنده" (كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي 3/ 72)، والطبراني في "الكبير" 12/ 53 من طريق أميَّة بن خالد، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -فيما أحسب، أشك في الحديث-: إن النبي -ﷺ- كان بمكة، فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ فجرى على لسانه -وفي رواية الطبراني: ألقى الشيطان على لسانه- تلك الغرانيق العلي فذكره بنحوه مختصرًا.
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد، وأميّة بن خالد ثقة مشهور، وإنما يعرف هذا من حديث الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس. اهـ.= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 115: رواه البزار والطبراني ... ورجالهما رجال الصحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" 6/ 65 وزاد نسبته لابن مردويه، وقال: بسند رجاله ثقات.
وتعقَّب الألباني في "نصب المجانيق" ص 6، قول السيوطي: "بسند رجاله ثقات"، فقال ذلك يوهم أنَّه ليس بمعلول، وهذا خلاف الواقع، فإنَّه معلول بتردَّد الراوي في وصله. اهـ.
وذكر ابن كثير في "تفسيره" 3/ 229 رواية البزار، وقبل أن يسوقها قال: ولم أرها -يعني قصة الغرانيق- مسندة من وجه صحيح.
وجاءت هذه الرواية عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس دون شك من الراوي في وصله، رواها ابن مردويه في "تفسيره" (كما في تخريج "أحاديث الكشاف" للزيلعي 2/ 394، من طريق أبي بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي، ثنا عثمان بن الطيالسي، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله -ﷺ- قرأ. فساق الحديث. قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 8 - 9: (وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وكلهم من رجال "التهذيب" إلا من دون ابن عرعرة، ليس فيهم من ينبغي النظر فيه غير أبي بكر محمد بن علي المقرئ البغدادي. وقد أورده الخطيب في "تاريخ بغداد" ... ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، فهو علة هذا الإسناد الموصول.
ثم ذكر الألباني أن الصواب عن عثمان بن الأسود إنما هو عن سعيد بن جبير مرسلاً كما رواه الواحدي في "أسباب النزول" ص 256 - 257، خلافا لرواية ابن مردويه عنه. ثم قال الألباني: وبالجملة، فالحديث مرسل، ولا يصح عن سعيد بن جبير موصولا بوجه من الوجوه. اهـ.
وقد تقدَّم كلام ابن كثير أنه لم ير هذه القصة مسندة من وجه صحيح.
الطريق الثاني: طريق العوفي، عن ابن عباس:
رواه من هذا الطريق الطبري 17/ 189 قال: حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره بمعناه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 66 من طريق العوفي، عن ابن عباس، =]]، . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والسدي [[رواه ابن أبي حاتم (كما في "الدر المنثور" 6/ 69 عن السدي قال: خرج النبي -ﷺ- إلى المسجد ليصلي، فقرأ ... وساق الحديث بمعناه، وهو مرسل.]]، ومجاهد [[رواه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" 6/ 69 عنه، مختصرًا.]]، وقتادة [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 40، والطبري 17/ 191.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 86 وعزاه لابن أبي حاتم فقط.
قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 12: وهو صحيح إلى قتادة، ولكنه مرسل أو معضل.]]، والزهري [[رواه ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 229 - 235، و"الدر المنثور" للسيوطي 6/ 66 عن الزهري مطولاً.
قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 9: فهو مرسل، بل معضل. اهـ
ورواه الطبري 17/ 189 عن ابن شهاب: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فذكره مختصرًا. == وذكر ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 439 هذه الرواية وذكر أنها مرسلة وأنّ رجال إسنادها على شرط الشيخين.
وقال السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 66 - بعد عزوه هذه الرواية لعبد بن حميد وابن جرير: مرسل صحيح الإسناد.
قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 9: وإسناده إلى أبي بكر بن عبد الرحمن صحيح كما قال السيوطي تبعًا للحافظ، لكن علته أنّه مرسل.]]، والضحاك [[رواه الطبري 17/ 189 قال: حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ..) الآية: أن نبي الله -ﷺ- وهو بمكة، فذكره بنحوه. قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 15: (وهذا إسناد ضعيف منقطع مرسل).]]، وسعيد بن جبير [[رواه الطبري 17/ 188 - 189، وابن أبي حاتم وابن المنذر كما في "فتح الباري" 8/ 439، "الدر المنثور" 6/ 65 - 66 من طرق عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد ابن جبير. وقد صحح إسناده ابن حجر في "الفتح" والسيوطي في "الدر المنثور"، وقال الألباني في "نصب المجانيق" ص 5: (وهو صحيح الإسناد إلى ابن جبير كما قال الحافظ. اهـ. ورواه الواحدي في "أسباب النزول" ص 257 من طريق يحيى القطان، عن عثمان بن الأسود، عن سعيد بن جبير، بنحوه مختصرًا.]]، ومحمد بن كعب [[رواه الطبري 17/ 187 - 188 من طريق ابن إسحاق، عن يزيد بن زياد المدني، عن محمد بن كعب القرظي، فذكره مطولاً.
قال الألباني في "نصب المجانيق" ص 12: ويزيد هذا ثقة، لكن الراوي عنه ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. اهـ.
وقد رواه الطبري 17/ 186 - 187 من طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب ومحمد بن قيس قالا ... فذكره بنحوه.
قال الألباني ص 11: وأبو معشر ضعيف كما قال الحافظ في "التقريب".]] وغيرهم [[ورد هذا القول أيضًا عن أبي العالية، وعروة بن الزبير.
فأمّا قول أبي العالية فرواه الطبري 17/ 439، وذكره السيوطي في "الدر المنثور": == 6/ 68، وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم، وقال: بسند صحيح. وذكر ابن حجر في "الفتح" 8/ 439 أن رجال إسناده رجال الصحيحين.
وقال الألباني في "نصب المجانيق" ص 11: وإسناده صحيح إلى أبي العالية، لكن علته الإرسال.
ورواية عروة بن الزبير رواها الطبراني في "المعجم الكبير" 9/ 23 وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 72: فيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة.
وهذه الرواية المعروفة بقصّة الغرانيق اختلف العلماء فيها، وهم فريقان:
الفريق الأول: القائلون بثبوتها؛ وهم على قولين:
القول الأول: أن الشيطان ألقى على لسان رسول الله -ﷺ- تلك الكلمات، ثم إنَّ الله أحكم آياته ودحر الشيطان ولقَّن نبيه حجته.
وممن صحت عنه الرواية ممن قال بهذا القول من المفسرين: سعيد بن جبير وقتادة وأبي العالية. وبهذه القصة فسر هؤلاء آيات الحجّ.
وتبعهم في ذلك طائفة من المفسرين ذكروا هذه القصة في كتبهم ولم ينكروها، وبها فَسَّروا الآيات، منهم: الطبري، والثعلبي، والواحدي، والزمخشري.
وحكى الآلوسي 17/ 178 هذا القول عن بعض المتأخرين، فقال: وذهب إلى صحة القصّة أيضًا خاتمة المتأخرين الشيخ إبراهيم الكوراني ثم المدني.
القول الثاني: أنَّ هذه القصّة ثابتة، لكنَّ فيها ما يستنكر وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه .. فيتعين تأويله.
قال الآلوسي 17/ 186: وتوسَّط جمع في أمر هذه القصّة فلم يثبتوها كما أثبتها الكوراني -عفا الله تعالى عنه- من أنَّه -ﷺ- نطق بما نطق عمدًا معتقدًا للتلبيس أنه وحي حاملاً له على خلاف ظاهره، ولم ينفوها بالكلية كما فعل أجلة أثبات وإليه أميل، بل أثبتوها على وجه غير الوجه الذي أثبته الكوراني، واختلفوا فيه على أوجه .... ثم ذكر الآلوسي هذه الأوجه، وخلاصة ما ذكره -وذكره قبله البغوي 5/ 94، والقاضي عياض في الشفا 4/ 163 - 177، وابن حجر في "الفتح" 8/ 439 - 440:-
قيل: جرف ذلك على لسانه -ﷺ- حين أغفى إغفاءه وهو لا يشعر. وقد ردَّ هذا القول القاضي عياض.
وقيل: لعل النبي -ﷺ- قاله أثناء تلاوته على تقدير التقريع والتوبيخ للكفّار، وأنَّه ليس =]].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأما وجه جواز هذا الغلط على رسول الله -ﷺ- فقال ابن عباس في رواية عطاء: إن شيطانًا يقال له الأبيض كان قد أتى النبي -ﷺ- في صورة جبردل وألقى في قراءة النبي -ﷺ- فإنهن [[في (ظ)، (ع): (وإنّهن).]] الغرانقة العلى وإن شفاعتهن لترتجى [[ذكره الرازي 23/ 53 من روايه عطاء عن ابن عباس، وذكره القرطبي 12/ 84 عن ابن عباس، وذكره البغوي 5/ 394 من غير نسبه.
وهذا قول لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنه.]].
وقال السدي عن أصحابه: لما وقع من هذا ما وقع أنزل الله هذه الآية يطيب نفس محمد ويخبر [[في (أ): (ويخبر).]] أن الأنبياء قبله قد كانوا مثله ولم يبعث نبي [[في (أ)، (ظ): (نبيًّا).]] قط إلا تمنى [[في (ع): (يتمنى).]] أن يؤمن قومه ولم [[لم: ساقطة من (أ).]] يتمن ذلك نبي قط إلا ألقى الشيطان عليه ما يرضي قومه [[في جميع النسخ: (قومه قوله "فينسخ ...) بزيادة قوله، وهي زيادة يختل بها المعنى فحذفناها، وهي ليست موجودة في الوسيط 3/ 277.]] ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾ [[لم أجد هذه الرواية عن السدي عن أصحابه. وقد ذكرها البغوي 5/ 394 عن ابن عباس بأخصر مما هنا.
والرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل وفي تبليغ رسالاته باتفاق الأمة.
أما ما سوى ذلك فيجوز عليهم الخطأ والنسيان لكن لا يقارّون على ذلك. وعلى ذلك دل الكتاب والسنة.
انظر: "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" 10/ 290، 295 وما بعده.]].
وعلى هذا (تمنى) في قوله ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ من الأمنية، لا بمعنى قرأ، ويكون المعنى إذا أحب شيئًا ألقى الشيطان في محبته.
وهذا دليل على جواز الخطأ والنسيان على الرسل، ثم لا يقارُّون على ذلك [[حكي القرطبي 21/ 86 هذا القول عن الثعلبي ثم قال: ولكن إنَّما يكون الغلط على حسب ما يغلط أحدنا، فأمَّا أنَّ يضاف إليه من قولهم: "تلك الغرانيق العلى" == فكذبٌ على النبي -ﷺ-؛ لأن فيه تعظيم الأصنام، ولا يجوز ذلك على الأنبياء. اهـ]].
وعلى ما قال ابن عباس إنما قاله الشيطان على لسان رسول الله -ﷺ- في أثناء قراءته، وأوهم أنَّه من القرآن، ولم يكن للنبي -ﷺ- إحساس بذلك، بل كان فتنة من الله لعباده المؤمنين والمشركين، وعلى هذا يدل قوله ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً﴾ الآية [[قد تقدم بيان بطلان هذا القول.]].
قال أبو إسحاق: وذلك محنة من الله -عز وجل-، وله أن يمتحن بما شاء [[في (د)، (ع): (يشاء).]]، فألقى الشيطان على لسان النبي -ﷺ- شيئًا من صفة الأصنام فافتتن بذلك أهل الشقاق والنفاق ومن في قلبه مرض [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 433 - 434.]].
وروي عن الحسن أنه قال في هذه الآية: أراد [[في (د)، (ع): زيادة إنّه قبل (أراد).]] بالغرانيق العلى الملائكة [[ذكره عنه الماوردي 4/ 35، والقرطبي 12/ 85]].
وهذا غير مرضي من القول؛ لأن الله تعالى قال: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ [أن [[هكذا في جميع النسخ، ولعلها: أي.]] يبطله، وشفاعة الملائكة غير باطلة، ثم وإنْ أُخذَ] [[ساقط من (ظ).]] بهذا [[في (ظ). (فهذا).]] فليس يمنع هذا القول من أن يكون النبي -ﷺ- قد سمع منه ما ليس بقرآن [[انظر الثعلبي 3/ 55 أ - ب.]].
وذهب بعض المتأولين [[انظر: "النكت والعيون" للماوردي 4/ 35، "الشفا" للقاضي عياض 4/ 173، "فتح الباري" لابن حجر 8/ 440.]] إلى أنَّ "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" ليس بثناء على آلهة المشركين ولا مدح لها، ولكن يكون التقدير فيه: تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى عندكم وفيما تذهبون إليه، لا أنَّها في الحقيقة كذلك، كما قال ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49] أي عند نفسك.
وهذا في البعد، كما روي عن الحسن؛ لأن هذا التأويل لا يمنع من سماع هذا عن النبي -ﷺ- فيما بين القرآن.
فإذًا [[في (أ): (فإذن).]] الصحيح في هذا أن يقال: إنّه من السهو الذي لا يعرى منه بشر، ثم لا يلبث أن ينبهه الله [[لفظ الجلالة ليس في (ظ).]] عليه، وإما أن يقال إنَّه كان من الشيطان فتنة للناس كما ذكرنا.
وقوله: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [إن قلنا] [[ساقط من (أ).]] أن الشيطان تكلم بهذا على لسانه فهو ظاهر، وإن قلنا إنّه سهى وغلط [[في (د)، (ع): (سهو وغلط).]]؛ فإن ذلك السهو من جهة الشيطان ووسوسته فهو من إلقائه. ومفعول ﴿أَلْقَى﴾ غير مذكور في اللفظ لأنه كان معلومًا للنبي -ﷺ- ولأصحابه حين نبه على غلطه ألا ترى أنه نقل نقلًا مستفيضًا.
وقوله ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ أي: يرفعه ويبطله بتنبيه النبي -ﷺ- على ذلك ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾ ينسخ ما ليس منها.
﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما أوحى إليه نبيه ﴿حَكِيمٌ﴾ في خلقه. قاله ابن عباس [[ذكره القرطبي 12/ 86 من غير نسبة.]].
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق