الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ الآيَةَ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ والضَّحّاكِ ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ومُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ: أنَّ السَّبَبَ في نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أنَّهُ لَمّا «تَلا النَّبِيُّ ﷺ: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] ﴿ومَناةَ الثّالِثَةَ الأُخْرى﴾ [النجم: ٢٠] ألْقى الشَّيْطانُ في تِلاوَتِهِ: تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى، وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى» . (p-٨٤)وقَدِ اخْتُلِفَ في مَعْنى ألْقى الشَّيْطانُ، فَقالَ قائِلُونَ: لَمّا تَلا النَّبِيُّ ﷺ هَذِهِ السُّورَةَ وذَكَرَ فِيها الأصْنامَ عَلِمَ الكُفّارُ أنَّهُ يَذْكُرُها بِالذَّمِّ والعَيْبِ، فَقالَ قائِلٌ مِنهم حِينَ بَلَغَ النَّبِيُّ ﷺ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أفَرَأيْتُمُ اللاتَ والعُزّى﴾ [النجم: ١٩] " تِلْكَ الغَرانِيقُ العُلى " وذَلِكَ بِحَضْرَةِ الجَمْعِ الكَثِيرِ مِن قُرَيْشٍ في المَسْجِدِ الحَرامِ، فَقالَ سائِرُ الكُفّارِ الَّذِينَ كانُوا بِالبُعْدِ مِنهُ: إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَدَحَ آلِهَتَنا، وظَنُّوا أنَّ ذَلِكَ كانَ في تِلاوَتِهِ، فَأبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِن قَوْلِهِمْ وبَيَّنَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَتْلُهُ وإنَّما تَلاهُ بَعْضُ المُشْرِكِينَ، وسَمّى الَّذِي ألْقى ذَلِكَ في حالِ تِلاوَةِ النَّبِيِّ ﷺ شَيْطانًا؛ لِأنَّهُ كانَ مِن شَياطِينِ الإنْسِ كَما قالَ تَعالى: ﴿شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢] والشَّيْطانُ اسْمٌ لِكُلِّ مُتَمَرِّدٍ عاتٍ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ. وقِيلَ: إنَّهُ جائِزٌ أنْ يَكُونَ شَيْطانًا مِن شَياطِينِ الجِنِّ، وقالَ ذَلِكَ عِنْدَ تِلاوَةِ النَّبِيِّ ﷺ ومِثْلُ ذَلِكَ جائِزٌ في أزْمانِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ كَما حَكى اللَّهُ تَعالى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وإذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم وقالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنَ النّاسِ وإنِّي جارٌ لَكم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وقالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنكم إنِّي أرى ما لا تَرَوْنَ﴾ [الأنفال: ٤٨] وإنَّما قالَ ذَلِكَ إبْلِيسُ حِينَ تَصَوَّرَ في صُورَةِ سُراقَةَ بْنِ مالِكٍ لِقُرَيْشٍ وهم يُرِيدُونَ الخُرُوجَ إلى بَدْرٍ، وكَما تَصَوَّرَ في صُورَةِ الشَّيْخِ النَّجْدِيِّ حِينَ تَشاوَرَتْ قُرَيْشٌ في دارِ النَّدْوَةِ في أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ وكانَ مِثْلُ ذَلِكَ جائِزًا في زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ لِضَرْبٍ مِنَ التَّدْبِيرِ، فَجائِزٌ أنْ يَكُونَ الَّذِي قالَ ذَلِكَ شَيْطانًا فَظَنَّ القَوْمُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَهُ.
وقالَ بَعْضُهم جائِزٌ أنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ عَلى سَبِيلِ السَّهْوِ الَّذِي لا يَعْرى مِنهُ بَشَرٌ فَلا يَلْبَثُ أنْ يُنَبِّهَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وأنْكَرَ بَعْضُ العُلَماءِ ذَلِكَ، وذَهَبَ إلى أنَّ المَعْنى أنَّ الشَّيْطانَ كانَ يُلْقِي وساوِسَهُ في صَدْرِ النَّبِيِّ ﷺ ما يَشْغَلُهُ عَنْ بَعْضِ ما يَقُولُ، فَيَقْرَأُ غَلَطًا في القَصَصِ المُتَشابِهَةِ نَحْوَ قِصَّةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وفِرْعَوْنَ في مَواضِعَ مِنَ القُرْآنِ مُخْتَلِفَةَ الألْفاظِ، فَكانَ المُنافِقُونَ والمُشْرِكُونَ رُبَّما قالُوا قَدْ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ ما قَرَأ وكانَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنهُ عَلى طَرِيقِ السَّهْوِ فَنَبَّهَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ. فَأمّا الغَلَطُ في قِراءَةِ " تِلْكَ الغَرانِيقُ " فَإنَّهُ غَيْرُ جائِزٍ وُقُوعُهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ كَما لا يَجُوزُ وُقُوعُ الغَلَطِ عَلى بَعْضِ القُرْآنِ بِإنْشادِ شِعْرٍ في أضْعافِ التِّلاوَةِ عَلى أنَّهُ مِنَ القُرْآنِ. ورُوِيَ عَنِ الحَسَنِ أنَّهُ لَمّا تَلا ما فِيهِ ذِكْرُ الأصْنامِ «قالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ: إنَّما هي عِنْدَكم كالغَرانِيقِ العُلى وإنَّ شَفاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجى في قَوْلِكُمْ» عَلى جِهَةِ النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق