الباحث القرآني
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: " وَلَا مُحدث " قَالَ الشَّيْخ الإِمَام - رَضِي الله عَنهُ - أخبرنَا بِهَذَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحسن بن [فراس] قَالَ: أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد المقرىء، عَن جده مُحَمَّد، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَكَذَا.
فَقَوله: " وَلَا مُحدث " يَعْنِي: ملهم، كَأَن الله حَدثهُ فِي قلبه، وَمن الْمَعْرُوف أَن النَّبِي قَالَ: " قد كَانَ فِي الْأُمَم السَّابِقَة محدثون، فَإِن يكن فِي أمتِي مِنْهُم أحد، فَهُوَ عمر ".
وَأما الْكَلَام فِي الرَّسُول وَالنَّبِيّ، فَقَالَ بَعضهم: هما سَوَاء، وَفرق بَعضهم بَينهمَا فَقَالَ: الرَّسُول هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - بِالْوَحْي، وَالنَّبِيّ هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ الْوَحْي فِي الْمَنَام، أَو يلهم إلهاما، وَمِنْهُم من قَالَ: الرَّسُول الَّذِي لَهُ شَرِيعَة يحفظها، وَالنَّبِيّ هُوَ الَّذِي بعث على شَرِيعَة غَيره فيحفظها، وَقد قَالُوا: كل رَسُول نَبِي، وَلَيْسَ كل نَبِي برَسُول.
وَقَوله: ﴿إِلَّا إِذا تمنى﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَن مَعْنَاهُ: إِذا قَرَأَ: ﴿ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾ أَي: فِي قِرَاءَته، قَالَ الشَّاعِر فِي عُثْمَان:
(تمنى كتاب الله أول لَيْلَة ... وَآخِرهَا لَاقَى حمام المقادر)
أَي: تَلا، وَقَالَ بَعضهم: تمنى هُوَ حَدِيث النَّفس، والقصة فِي الْآيَة: هُوَ مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَسَعِيد بن جُبَير، وَالزهْرِيّ، وَالضَّحَّاك، وَغَيرهم أَن النَّبِي قَرَأَ سُورَة " والنجم " فِي صلَاته، وَعِنْده الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَيُقَال: قَرَأَ فِي الصَّلَاة، فَلَمَّا بلغ قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى﴾ ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه: " تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى " وَمر فِي السُّورَة حَتَّى سجد فِي آخرهَا، ففرح الْمُشْركُونَ وسروا، وَقَالُوا: قد ذكر آلِهَتنَا بِخَير، وَلَا نُرِيد إِلَّا هَذَا، وسجدوا مَعَه. قَالَ ابْن مَسْعُود: وَلم يسْجد الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَرفع تُرَابا إِلَى جَبهته، وَقَالَ: سجدت - وَكَانَ شَيخا كَبِيرا - قَالَ: فجَاء جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَقَالَ: اقْرَأ عَليّ سُورَة " والنجم " فَقَرَأَ، وَألقى الشَّيْطَان على لِسَانه هَكَذَا، فَقَالَ: هَذَا لم آتٍ بِهِ، وَأخرجه من قِرَاءَته، فَحزن رَسُول الله حزنا شَدِيدا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة عَلَيْهِ: ﴿وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته﴾ .
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يجوز هَذَا على النَّبِي، وَقد كَانَ مَعْصُوما من الْغَلَط فِي أصل الدّين؟ وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان﴾ ، وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه﴾ أَي: إِبْلِيس؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: اخْتلفُوا فِي الْجَواب عَن هَذَا، قَالَ بَعضهم: إِن هَذَا أَلْقَاهُ بعض الْمُنَافِقين فِي قِرَاءَته، وَكَانَ الْمُنَافِق هُوَ القارىء فَظن الْمُشْركُونَ أَن الرَّسُول قَرَأَ، وسمى ذَلِك الْمُنَافِق شَيْطَانا؛ لِأَن كل كَافِر متمرد بِمَنْزِلَة الشَّيْطَان، وَهَذَا جَوَاب ضَعِيف.
وَمِنْهُم من قَالَ: إِن الرَّسُول لم يقْرَأ، وَلَكِن الشَّيْطَان ذكر هَذَا بَين قِرَاءَة النَّبِي، وَسمع الْمُشْركُونَ ذَلِك، وظنوا أَن الرَّسُول قَرَأَ، وَهَذَا اخْتِيَار الْأَزْهَرِي وَغَيره.
وَقَالَ بَعضهم: إِن الرَّسُول أغفأ إغفأة ونعس، فَجرى على لِسَانه هَذَا، وَلم يكن بِهِ خبر بإلقاء الشَّيْطَان، وَهَذَا قَول قَتَادَة، وَأما الْأَكْثَرُونَ من السّلف ذَهَبُوا إِلَى أَن هَذَا شَيْء جرى على لِسَان الرَّسُول بإلقاء الشَّيْطَان من غير أَن يعْتَقد، وَذَلِكَ محنة وفتنة من الله (وَعَادَة) ، وَالله تَعَالَى يمْتَحن عباده بِمَا شَاءَ، ويفتنهم بِمَا يُرِيد، وَلَيْسَ عَلَيْهِ اعْتِرَاض لأحد وَقَالُوا: إِن هَذَا وَإِن كَانَ غَلطا عَظِيما، فالغلط يجوز على الْأَنْبِيَاء، إِلَّا أَنهم لَا يقرونَ عَلَيْهِ.
وَعَن بَعضهم: أَن شَيْطَانا يُقَال لَهُ: الْأَبْيَض عمل هَذَا الْعَمَل، وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنه تصور بِصُورَة جِبْرِيل، وَأدْخل فِي قِرَاءَته هَذَا، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿فَينْسَخ الله مَا يلقِي الشَّيْطَان﴾ أَي: يزِيل الله مَا يلقِي الشَّيْطَان.
وَقَوله: ﴿ثمَّ يحكم الله آيَاته﴾ أَي: يثبت الله آيَاته.
وَقَوله: ﴿وَالله عليم حَكِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق