الباحث القرآني
ولَمّا لاحَ مِن ذَلِكَ أنَّ الشَّيْطانَ ألْقى لِلْكُفّارِ شُبُهًا، يُعاجِزُونَ بِها بِجِدالِهِمْ في دِينِ اللَّهِ الَّذِي أمَرَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ بِإظْهارِهِ، (p-٧٠)وتَقْرِيرِهِ وإشْهارِهِ، عَطَفَ عَلَيْهِ تَسْلِيَةً لَهُ ﷺ قَوْلَهُ: ﴿وما أرْسَلْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿مِن قَبْلِكَ﴾ ثُمَّ أكَّدَ الِاسْتِغْراقَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن رَسُولٍ﴾ أيْ مِن مَلِكٍ أوْ بِشْرٍ بِشَرِيعَةٍ جَدِيدَةٍ يَدْعُو إلَيْها ﴿ولا نَبِيٍّ﴾ سَواءٌ كانَ رَسُولًا أوْ لا، مُقَرَّرٌ بِالحِفْظِ لِشَرِيعَةٍ سابِقَةٍ - كَذا قالَ البَيْضاوِيُّ وغَيْرُهُ في الرَّسُولِ وهو مَنقُوضٌ بِأنْبِياءِ بُنِيَ إسْرائِيلَ الَّذِينَ بَيْنَ مُوسى وعِيسى عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى سَمّاهم رُسُلًا في غَيْرِ آيَةٍ مِنها ﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ وقَفَّيْنا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ [البقرة: ٨٧] فالصَّوابُ أنْ يُقالَ: النَّبِيُّ إنْسانٌ أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ جَدِيدٍ أوْ مُقَرَّرٍ، فَإنْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ فَرَسُولٌ أيْضًا، والتَّقْيِيدُ بِشَرْعٍ لِإخْراجِ مَرْيَمَ وغَيْرِها مِنَ الأوْلِياءِ ﴿إلا إذا تَمَنّى﴾ أيْ تَلا عَلى النّاسِ ما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ أوْ حَدَّثَهم بِهِ واشْتَهى في نَفْسِهِ أنْ يَقْبَلُوهُ حِرْصًا مِنهُ عَلى إيمانِهِمْ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ ﴿ألْقى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ﴾ أيْ ما تَلاهُ أوْ حَدَّثَ بِهِ واشْتَهى أنْ يَقْبَلَ، مِنَ الشُّبَهِ والتَّخَيُّلاتِ ما يَتَلَقَّفُهُ مِنهُ أوْلِياؤُهُ فَيُجادِلُونَ بِهِ أهْلَ الطّاعَةِ لِيُضِلُّوهُمْ
﴿وإنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلى أوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: ١٢١] ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ يُوحِي بَعْضُهم إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢] كَما يَفْعَلُ هَؤُلاءِ فِيما (p-٧١)يُغَيِّرُونَ بِهِ في وجْهِ الشَّرِيعَةِ أُصُولًا وفُرُوعًا مِن قَوْلِهِمْ: إنَّ القُرْآنَ شِعْرٌ وسِحْرٌ وكِهانَةٌ، وقَوْلِهِمْ ﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أشْرَكْنا﴾ [الأنعام: ١٤٨] وقَوْلِهِمْ ﴿هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] وقَوْلِهِمْ: إنَّ ما قَتَلَهُ اللَّهُ بِالمَوْتِ حَتْفَ أنْفِهِ أوْلى بِالأكْلِ مِمّا ذُبِحَ، وقَوْلِهِمْ: نَحْنُ أهْلُ اللَّهِ وسُكّانُ حَرَمِهِ، لا نَخْرُجُ مِنَ الحَرَمِ فَنَقِفُ في الحَجِّ بِالمَشْعَرِ الحَرامِ ويَقِفُ النّاسُ بِعَرَفَةَ، ونَحْنُ نَطُوفُ في ثِيابِنا وكَذا مَن ولَدْناهُ، وأمّا غَيْرُنا فَلا يَطُوفُ إلّا عُرْيانًا ذَكَرًا كانَ أوْ أُنْثى إلّا أنْ يُعْطِيَهُ أحَدٌ مِنّا ما يَلْبَسُهُ، ونَحْوَ ذَلِكَ مِمّا يُرِيدُونَ أنْ يُطْفِئُوا بِهِ نُورَ اللَّهِ، وكَذا تَأْوِيلاتُ الباطِنِيَّةِ والِاتِّحادِيَّةِ وأنْظارِهِمُ الَّتِي ألْحَدُوا فِيها، يَضِلُّ بِها مَن يَشاءُ اللَّهُ ثُمَّ يَمْحُوها مَن أرادَ مِن عِبادِهِ وما أرادَ مِن أمْرِهِ ﴿فَيَنْسَخُ﴾ أيْ فَيَتَسَبَّبُ عَنْ إلْقائِهِ أنَّهُ يَنْسَخُ ﴿اللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا ﴿ما يُلْقِي الشَّيْطانُ﴾ فَيُبْطِلُهُ بِإيضاحٍ أمْرِهِ ومَجِّ القُلُوبِ لَهُ.
ولَمّا كانَ إبْطالُهُ سُبْحانَهُ لِلشُّبَهِ إبْطالًا مُحْكَمًا، لا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ لِعُلُوِّ رُتْبَةِ بَيانِهِ - شُبْهَةٌ أصْلًا، عَبَّرَ بِأداةِ التَّراخِي فَقالَ: ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ﴾ أيِ المَلِكُ الَّذِي لا كُفُؤَ لَهُ ﴿آياتِهِ﴾ أيْ يَجْعَلُها جَلِيَّةً فِيما أُرِيدَ مِنها، وأدَلُّ دَلِيلٍ عَلى أنَّ هَذا هو المُرادُ مَعَ الِافْتِتاحِ بِالمُعاجَزَةِ في الآياتِ - الخِتامُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فاللَّهُ عَلى ما يَشاءُ قَدِيرٌ: (p-٧٢)﴿واللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴿عَلِيمٌ﴾ أيْ بِنَفْيِ الشُّبَهِ ﴿حَكِيمٌ﴾ بِإيرادِ الكَلامِ عَلى وجْهٍ لا تُؤَثِّرُ فِيهِ عِنْدَ مَن لَهُ أدْنى بَصِيرَةٍ، وكَذا ما مَضى في السُّورَةِ ويَأْتِي مِن ذِكْرِ الجِدالِ.
{"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِۦ فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق