الباحث القرآني

لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ الوَعِيدَ عَلى عَدَمِ الإيمانِ بِالمَعادِ، ذِكَرَ أنَّ هَذا العَذابَ مِن حَقِّهِ أنْ يَتَأخَّرَ عَنْ هَذِهِ الحَياةِ الدُّنْيا. قالَ القَفّالُ: لَمّا وصَفَهم بِالغَفْلَةِ أكَّدَ ذَلِكَ بِأنَّ مِن غايَةِ غَفْلَتِهِمْ أنَّ الرَّسُولَ مَتى أنْذَرَهُمُ اسْتَعْجَلُوا العَذابَ، فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنَّهُ لا مَصْلَحَةَ في إيصالِ الشَّرِّ إلَيْهِمْ، فَلَعَلَّهم يَتُوبُونَ ويَخْرُجُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يُؤْمِنُ. قِيلَ: مَعْنى ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهم بِالخَيْرِ﴾ لَوْ عَجَّلَ اللَّهُ لِلنّاسِ العُقُوبَةَ كَما يَتَعَجَّلُونَ بِالثَّوابِ والخَيْرِ ﴿لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ﴾ أيْ ماتُوا، وقِيلَ: المَعْنى: لَوْ فَعَلَ اللَّهُ مَعَ النّاسِ في إجابَتِهِ إلى المَكْرُوهِ مِثْلَ ما يُرِيدُونَ فِعْلَهُ مَعَهم في إجابَتِهِ إلى الخَيْرِ لَأهْلَكَهم، وقِيلَ: الآيَةُ خاصَّةٌ بِالكُفّارِ الَّذِينَ أنْكَرُوا البَعْثَ وما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. قالَ في الكَشّافِ: وُضِعَ اسْتِعْجالُهم بِالخَيْرِ مَوْضِعَ تَعْجِيلِهِ لَهُمُ الخَيْرَ، إشْعارًا بِسُرْعَةِ إجابَتِهِ وإسْعافِهِ بِطِلْبَتِهِمْ، حَتّى كَأنَّ اسْتِعْجالَهم بِالخَيْرِ تَعْجِيلٌ لَهُ، والمُرادُ أهْلُ مَكَّةَ وقَوْلُهُ: ﴿فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ﴾ [الأنفال: ٣٢] الآيَةَ. قِيلَ: والتَّقْدِيرُ: ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لَهُمُ الشَّرَّ عِنْدَ اسْتِعْجالِهِمْ بِهِ تَعْجِيلًا مِثْلَ تَعْجِيلِهِ لَهُمُ الخَيْرَ عِنْدَ اسْتِعْجالِهِمْ بِهِ، فَحُذِفَ ما حُذِفَ لِدَلالَةِ الباقِي عَلَيْهِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: في الكَلامِ (p-٦١٤)حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ﴾ تَعْجِيلًا مِثْلَ ﴿اسْتِعْجالَهم بِالخَيْرِ﴾، ثُمَّ حَذَفَ تَعْجِيلًا وأقامَ صِفَتَهُ مَقامَهُ، ثُمَّ حَذَفَ صِفَتَهُ وأقامَ المُضافَ إلَيْهِ مَقامَهُ قالَ: هَذا مَذْهَبُ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ، وهو قَوْلُ الأخْفَشِ والفَرّاءِ، قالُوا: وأصْلُهُ كاسْتِعْجالِهِمْ، ثُمَّ حُذِفَ الكافُ ونُصِبَ. قالَ الفَرّاءُ: كَما تَقُولُ ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرْبَكَ: أيْ كَضَرْبِكَ، ومَعْنى ﴿لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ﴾ لَأُهْلِكُوا، ولَكِنَّهُ سُبْحانَهُ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُمُ الشَّرَّ فَأُمْهِلُوا، وقِيلَ: مَعْناهُ: أُمِيتُوا. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ " لَقَضى " عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ، وهي قِراءَةٌ حَسَنَةٌ لِمُناسَبَةِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ: ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ﴾ . قَوْلُهُ: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ الفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الكَلامُ، لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ﴾ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ التَّعْجِيلِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: لَكِنْ لا يُعَجِّلُ لَهُمُ الشَّرَّ ولا يَقْضِي إلَيْهِمْ أجْلَهم فَنَذَرُهم إلَخْ: أيْ فَنَتْرُكُهم ونُمْهِلُهم، والطُّغْيانُ: التَّطاوُلُ، وهو العُلُوُّ والِارْتِفاعُ، ومَعْنى يَعْمَهُونَ يَتَحَيَّرُونَ: أيْ نَتْرُكُهم يَتَحَيَّرُونَ في تَطاوُلِهِمْ وتَكَبُّرِهِمْ وعَدَمِ قَبُولِهِمْ لِلْحَقِّ اسْتِدْراجًا لَهم مِنهُ سُبْحانَهُ وخُذْلانًا. ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنَّهم كاذِبُونَ في اسْتِعْجالِ الشَّرِّ ولَوْ أصابَهم ما طَلَبُوهُ لَأظْهَرُوا العَجْزَ والجَزَعَ فَقالَ: ﴿وإذا مَسَّ الإنْسانَ الضُّرُّ﴾ أيْ هَذا الجِنْسُ الصّادِقُ عَلى كُلِّ ما يَحْصُلُ التَّضَرُّرُ بِهِ ﴿دَعانا لِجَنْبِهِ﴾ اللّامُ لِلْوَقْتِ كَقَوْلِهِ جِئْتُهُ لِشَهْرِ كَذا، أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ بِدَلالَةِ عَطْفِ ( قاعِدًا أوْ قائِمًا ) عَلَيْهِ، وتَكُونُ اللّامُ بِمَعْنى عَلى: أيْ دَعانا مُضْطَجِعًا ﴿أوْ قاعِدًا أوْ قائِمًا﴾ وكَأنَّهُ قالَ: دَعانا في جَمِيعِ الأحْوالِ المَذْكُورَةِ وغَيْرِها، وخَصَّ المَذْكُورَةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأنَّها الغالِبُ عَلى الإنْسانِ، وما عَداها نادِرٌ كالرُّكُوعِ والسُّجُودِ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ أنَّهُ يَدْعُو اللَّهَ حالَ كَوْنِهِ مُضْطَجِعًا غَيْرَ قادِرٍ عَلى القُعُودِ، وقاعِدًا غَيْرَ قادِرٍ عَلى القِيامِ، وقائِمًا غَيْرَ قادِرٍ عَلى المَشْيِ، والأوَّلُ أوْلى. قالَ الزَّجّاجُ: إنَّ تَعْدِيدَ أحْوالِ الدُّعاءِ أبْلَغُ مِن تَعْدِيدِ أحْوالِ المَضَرَّةِ، لِأنَّهُ إذا كانَ داعِيًا عَلى الدَّوامِ، ثُمَّ نَسِيَ في وقْتِ الرَّخاءِ كانَ أعْجَبَ. قَوْلُهُ: ﴿فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأنْ لَمْ يَدْعُنا إلى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ أيْ فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ الَّذِي مَسَّهُ كَما تُفِيدُهُ الفاءُ مَضى عَلى طَرِيقَتِهِ الَّتِي كانَ عَلَيْها قَبْلَ أنْ يَمَسَّهُ الضُّرُّ ونَسِيَ حالَةَ الجَهْدِ والبَلاءِ، أوْ مَضى عَنْ مَوْقِفِ الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ لا يَرْجِعُ إلَيْهِ كَأنَّهُ لا عَهْدَ لَهُ بِهِ، كَأنَّهُ لَمْ يَدْعُنا عِنْدَ أنْ مَسَّهُ الضُّرُّ إلى كَشْفِ ذَلِكَ الضُّرِّ الَّذِي مَسَّهُ. وقِيلَ: مَعْنى مَرَّ اسْتَمَرَّ عَلى كُفْرِهِ ولَمْ يَشْكُرْ ولَمْ يَتَّعِظْ. قالَ الأخْفَشُ: ( أنْ ) في ﴿كَأنْ لَمْ يَدْعُنا﴾ هي المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، والمَعْنى: كَأنَّهُ. انْتَهى. والجُمْلَةُ التَّشْبِيهِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ. وهَذِهِ الحالَةُ الَّتِي ذَكَرَها اللَّهُ سُبْحانَهُ لِلدّاعِي لا تَخْتَصُّ بِأهْلِ الكُفْرِ، بَلْ تَتَّفِقُ لِكَثِيرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، تَلِينُ ألْسُنُهم بِالدُّعاءِ، وقُلُوبُهم بِالخُشُوعِ والتَّذَلُّلِ عِنْدَ نُزُولِ ما يَكْرَهُونَ بِهِمْ، فَإذا كَشَفَهُ اللَّهُ عَنْهم غَفَلُوا عَنِ الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ، وذَهَلُوا عَمّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِن شُكْرِ النِّعْمَةِ الَّتِي أنْعَمَ اللَّهُ بِها عَلَيْهِمْ مِن إجابَةِ دُعائِهِمْ ورَفْعِ ما نَزَلْ بِهِمْ مِنَ الضُّرِّ، ودَفْعِ ما أصابَهم مِنَ المَكْرُوهِ. وهَذا مِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّ الآيَةَ تَعُمُّ المُسْلِمَ والكافِرَ كَما يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ ( لِلنّاسِ ) ولَفْظُ ( الإنْسانَ ) . اللَّهُمَّ أوْزِعْنا شُكْرَ نِعَمِكَ، وأذْكِرْنا الأحْوالَ الَّتِي مَنَنْتَ عَلَيْنا فِيها بِإجابَةِ الدُّعاءِ، حَتّى نَسْتَكْثِرَ مِنَ الشُّكْرِ الَّذِي لا نُطِيقُ سِواهُ، ولا نَقْدِرُ عَلى غَيْرِهِ، وما أغْناكَ عَنْهُ وأحْوَجَنا إلَيْهِ و﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧] والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ إلى مَصْدَرِ الفِعْلِ المَذْكُورِ بَعْدَهُ كَما مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أيْ مِثْلَ ذَلِكَ التَّزْيِينِ العَجِيبِ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ عَمَلُهم. والمُسْرِفُ في اللُّغَةِ: هو الَّذِي يُنْفِقُ المالَ الكَثِيرَ لِأجْلِ الغَرَضِ الخَسِيسِ، ومَحَلُّ ( كَذَلِكَ ) النَّصْبُ عَلى المَصْدَرِيَّةِ. والتَّزْيِينُ هو إمّا مِن جِهَةِ اللَّهِ تَعالى عَلى طَرِيقَةِ التَّحْلِيَةِ وعَدَمِ اللُّطْفِ بِهِمْ، أوْ مِن طَرِيقِ الشَّيْطانِ بِالوَسْوَسَةِ، أوْ مِن طَرِيقِ النَّفْسِ الأمّارَةِ بِالسُّوءِ. والمَعْنى: أنَّهُ زَيَّنَ لَهُمُ الإعْراضَ عَنِ الدُّعاءِ والغَفْلَةَ عَنِ الشُّكْرِ والِاشْتِغالَ بِالشَّهَواتِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ ما يَجْرِي مَجْرى الرَّدْعِ والزَّجْرِ عَمّا صَنَعَهُ هَؤُلاءِ فَقالَ: ﴿ولَقَدْ أهْلَكْنا القُرُونَ مِن قَبْلِكم لَمّا ظَلَمُوا﴾ يَعْنِي الأُمَمَ الماضِيَةَ مِن قَبْلِ هَؤُلاءِ الكُفّارِ المُعاصِرِينَ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: أيْ أهْلَكْناهم مِن قَبْلِ زَمانِكم، وقِيلَ: الخِطابُ لِأهْلِ مَكَّةَ عَلى طَرِيقِ الِالتِفاتِ لِلْمُبالَغَةِ في الزَّجْرِ، ولَمّا ظَرْفٌ لِأهْلَكْنا، أيْ أهْلَكْناهم حِينَ فَعَلُوا الظُّلْمَ بِالتَّكْذِيبِ، والتَّجارِي عَلى الرُّسُلِ، والتَّطاوُلِ في المَعاصِي مِن غَيْرِ تَأْخِيرٍ لِإهْلاكِهِمْ كَما أخَّرْنا إهْلاكَكم، والواوُ في ﴿وجاءَتْهم رُسُلُهم بِالبَيِّناتِ﴾ لِلْحالِ بِإضْمارِ قَدْ: أيْ وقَدْ جاءَتْهم رُسُلُهُمُ الَّذِينَ أرْسَلْناهم إلَيْهِمْ بِالبَيِّناتِ: أيْ بِالآياتِ البَيِّناتِ الواضِحاتِ الدَّلالَةِ عَلى صِدْقِ الرُّسُلِ، وقِيلَ: الواوُ لِلْعَطْفِ عَلى ظَلَمُوا والأوَّلُ أوْلى، وقِيلَ: المُرادُ بِالظُّلْمِ هُنا هو الشِّرْكُ، والواوُ في ﴿وما كانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ لِلْعَطْفِ عَلى ظَلَمُوا، أوِ الجُمْلَةُ اعْتِراضِيَّةٌ، واللّامُ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ: أيْ وما صَحَّ لَهم وما اسْتَقامَ أنْ يُؤْمِنُوا لِعَدَمِ اسْتِعْدادِهِمْ لِذَلِكَ، وسَلْبِ الألْطافِ عَنْهم ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ﴾ أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الجَزاءِ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ، وهو الِاسْتِئْصالُ الكُلِّيُّ لِكُلِّ مُجْرِمٍ، وهَذا وعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَن كانَ في عَصْرِهِ مِنَ الكُفّارِ، أوْ لِكُفّارِ مَكَّةَ عَلى الخُصُوصِ. ثُمَّ خاطَبَ سُبْحانَهُ الَّذِينَ بُعِثَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: ﴿ثُمَّ جَعَلْناكم خَلائِفَ﴾ أيِ اسْتَخْلَفْناكم في الأرْضِ بَعْدَ تِلْكَ القُرُونِ الَّتِي تَسْمَعُونَ أخْبارَها وتَنْظُرُونَ آثارَها، والخَلائِفُ جَمْعُ خَلِيفَةٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْهِ في آخِرِ سُورَةِ الأنْعامِ، واللّامُ في ﴿لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ لامُ كَيْ: أيْ لِكَيْ نَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ مِن أعْمالِ الخَيْرِ والشَّرِّ، وكَيْفَ في مَحَلِّ نَصْبٍ بِالفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهُ: أيْ لِنَنْظُرَ أيُّ عَمَلٍ تَعْمَلُونَهُ، أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِيَّةِ: أيْ عَلى أيِّ حالَةٍ تَعْمَلُونَ الأعْمالَ اللّائِقَةَ بِالِاسْتِخْلافِ. ثُمَّ حَكى اللَّهُ سُبْحانَهُ نَوْعًا ثالِثًا مِن تَعَنُّتِهِمْ وتَلاعُبِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ فَقالَ: ﴿وإذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ﴾ وفِيهِ التِفاتٌ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ إعْراضًا عَنْهم، والمُرادُ بِالآياتِ، الآياتُ الَّتِي في الكِتابِ العَزِيزِ: أيْ وإذا تَلا (p-٦١٥)التّالِي عَلَيْهِمْ آياتِنا الدّالَّةَ عَلى إثْباتِ التَّوْحِيدِ وإبْطالِ الشِّرْكِ حالَ كَوْنِها بَيِّناتٍ: أيْ واضِحاتِ الدَّلالَةِ عَلى المَطْلُوبِ ﴿قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا﴾ وهُمُ المُنْكِرُونَ لِلْمَعادِ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ قَرِيبًا: أيْ قالُوا لِمَن يَتْلُوها عَلَيْهِمْ وهو رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أوْ بَدِّلْهُ﴾ طَلَبُوا مِن رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لَمّا سَمِعُوا ما غاظَهم فِيما تَلاهُ عَلَيْهِمْ مِنَ القُرْآنِ مِن ذَمِّ عِبادَةِ الأوْثانِ، والوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِمَن عَبَدَها أحَدَ أمْرَيْنِ: إمّا الإتْيانَ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا القُرْآنِ مَعَ بَقاءِ هَذا القُرْآنِ عَلى حالِهِ، وإمّا تَبْدِيلَ هَذا القُرْآنِ بِنَسْخِ بَعْضِ آياتِهِ أوْ كُلِّها، ووَضْعِ أُخْرى مَكانَها مِمّا يُطابِقُ إرادَتَهم ويُلائِمُ غَرَضَهم، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يَقُولَ في جَوابِهِمْ ﴿ما يَكُونُ لِي﴾ أيْ ما يَنْبَغِي لِي ولا يَحِلُّ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقاءِ نَفْسِي، فَنَفى عَنْ نَفْسِهِ أحَدَ القِسْمَيْنِ، وهو التَّبْدِيلُ؛ لِأنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لَوْ كانَ ذَلِكَ جائِزًا، بِخِلافِ القِسْمِ الآخَرِ وهو الإتْيانُ بِقُرْآنٍ آخَرَ، فَإنَّ ذَلِكَ لَيْسَ في وُسْعِهِ ولا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وقِيلَ: إنَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - نَفى عَنْ نَفْسِهِ أسْهَلَ القِسْمَيْنِ لِيَكُونَ دَلِيلًا عَلى نَفْيِ أصْعَبِهِما بِالطَّرِيقِ الأوْلى، وهَذا مِنهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِن بابِ مُجاراةِ السُّفَهاءِ، إذْ لا يَصْدُرُ مِثْلُ هَذا الِاقْتِراحِ عَنِ العُقَلاءِ بَعْدَ أنْ أمَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِذَلِكَ، وهو أعْلَمُ بِمَصالِحِ عِبادِهِ وبِما يَدْفَعُ الكُفّارَ عَنْ هَذِهِ الطَّلَباتِ السّاقِطَةِ والسُّؤالاتِ البارِدَةِ، وتِلْقاءَ مَصْدَرٌ اسْتُعْمِلَ ظَرْفًا، مِن قِبَلِ نَفْسِي. قالَ الزَّجّاجُ: سَألُوهُ إسْقاطَ ما فِيهِ مِن ذِكْرِ البَعْثِ والنُّشُورِ، وقِيلَ: سَألُوهُ أنْ يُسْقِطَ ما فِيهِ مِن عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وتَسْفِيهِ أحْلامِهِمْ، وقِيلَ: سَألُوهُ أنْ يُحَوِّلَ الوَعْدَ وعِيدًا، والحَرامَ حَلالًا والحَلالَ حَرامًا، ثُمَّ أمَرَهُ أنْ يُؤَكِّدَ ما أجابَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِن أنَّهُ ما صَحَّ لَهُ ولا اسْتَقامَ أنْ يُبَدِّلَهُ مِن تِلْقاءِ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ أتَّبِعُ إلّا ما يُوحى إلَيَّ﴾ أيْ ما أتَّبِعُ شَيْئًا مِنَ الأشْياءِ إلّا ما يُوحى إلَيَّ مِن عِنْدِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، مِن غَيْرِ تَبْدِيلٍ ولا تَحْوِيلٍ ولا تَحْرِيفٍ ولا تَصْحِيفٍ، فَقَصَرَ حالَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى اتِّباعِ ما يُوحى إلَيْهِ، ورُبَّما كانَ مَقْصِدُ الكُفّارِ بِهَذا السُّؤالِ التَّعْرِيضَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأنَّ القُرْآنَ كَلامُهُ، وأنَّهُ يَقْدِرُ عَلى الإتْيانِ بِغَيْرِهِ والتَّبْدِيلِ لَهُ، ثُمَّ أمَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنْ يَقُولَ لَهم: تَكْمِيلًا لِلْجَوابِ عَلَيْهِمْ: ﴿إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ فَإنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ كالتَّعْلِيلِ لِما قَدَّمَهُ مِنَ الجَوابِ قَبْلَها، واليَوْمُ العَظِيمُ هو يَوْمُ القِيامَةِ: أيْ ﴿إنِّي أخافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ بِفِعْلِ ما تَطْلُبُونَ - عَلى تَقْدِيرِ إمْكانِهِ - ( عَذابَ يَوْمِ القِيامَةِ ) . ثُمَّ أكَّدَ سُبْحانَهُ كَوْنَ هَذا القُرْآنِ مِن عِنْدِ اللَّهِ وأنَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - إنَّما يُبَلِّغُ إلَيْهِمْ مِنهُ ما أمَرَهُ اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ لا يَقْدِرُ عَلى غَيْرِ ذَلِكَ، فَقالَ: ﴿قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ أنَّ هَذا القُرْآنَ المَتْلُوَّ عَلَيْكم هو بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وإرادَتِهِ، ولَوْ شاءَ اللَّهُ أنْ لا أتْلُوَهُ عَلَيْكم ولا أُبَلِّغَكم إيّاهُ ما تَلَوْتُهُ، فالأمْرُ كُلُّهُ مَنُوطٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لَيْسَ لِي في ذَلِكَ شَيْءٌ، قَوْلُهُ: ﴿ولا أدْراكم بِهِ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى ما ( تَلَوْتُهُ )، ولَوْ شاءَ اللَّهُ ما أدْراكم بِالقُرْآنِ: أيْ ما أعْلَمَكم بِهِ عَلى لِسانِي يُقالُ: دَرَيْتُ الشَّيْءَ وأدْرانِي اللَّهُ بِهِ. هَكَذا قَرَأ الجُمْهُورُ بِالألِفِ مِن أدْراهُ يُدْرِيهِ أعْلَمَهُ يُعْلِمُهُ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ " ولَأدْراكم بِهِ " بِغَيْرِ ألِفٍ بَيْنِ اللّامِ والهَمْزَةِ والمَعْنى: ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَأعْلَمَكم بِهِ مِن غَيْرِ أنْ أتْلُوَهُ عَلَيْكم، فَتَكُونُ اللّامُ لامَ التَّأْكِيدِ دَخَلَتْ عَلى ألِفِ أفْعَلَ. وقَدْ قُرِئَ " أدْرَؤُكم " بِالهَمْزَةِ فَقِيلَ: هي مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الألِفِ؛ لِكَوْنِهِما مِن وادٍ واحِدٍ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن دَرَأْتُهُ إذا دَفَعْتُهُ، وأدْرَأْتُهُ إذا جَعَلْتُهُ دارِيًا. والمَعْنى: لَأجْعَلَكم بِتِلاوَتِهِ خُصَماءَ تَدْرَءُونَنِي بِالجِدالِ وتُكَذِّبُونَنِي. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ " ولا أدْراتُكم بِهِ " قالَ أبُو حاتِمٍ،: أصْلُهُ ولا أدْرَيْتُكم بِهِ، فَأُبْدِلَ مِنَ الياءِ ألِفًا. قالَ النَّحّاسُ: وهَذا غَلَطٌ. والرِّوايَةُ عَنِ الحَسَنِ " ولا أدْرَأْتُكم " بِالهَمْزَةِ. قَوْلُهُ: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكم عُمُرًا مِن قَبْلِهِ﴾ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ولَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - إلّا التَّبْلِيغُ: أيْ قَدْ أقَمْتُ فِيما بَيْنَكم عُمُرًا مِن قَبْلِهِ: أيْ زَمانًا طَوِيلًا، وهو أرْبَعُونَ سَنَةً مِن قَبْلِ القُرْآنِ، تَعْرِفُونَنِي بِالصِّدْقِ والأمانَةِ، لَسْتُ مِمَّنْ يَقْرَأُ ولا مِمَّنْ يَكْتُبُ ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ الهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ: أيْ أفَلا تَجْرُونَ عَلى ما يَقْتَضِيهِ العَقْلُ مِن عَدَمِ تَكْذِيبِي لِما عَرَفْتُمْ مِنَ العادَةِ المُسْتَمِرَّةِ إلى المُدَّةِ الطَّوِيلَةِ بِالصِّدْقِ والأمانَةِ، وعَدَمِ قِراءَتِي لِلْكُتُبِ المُنَزَّلَةِ عَلى الرُّسُلِ، وتَعَلُّمِي لِما عِنْدَ أهْلِها مِنَ العِلْمِ، ولا طَلَبِي لِشَيْءٍ مِن هَذا الشَّأْنِ ولا حِرْصِي عَلَيْهِ، ثُمَّ جِئْتُكم بِهَذا الكِتابِ الَّذِي عَجَزْتُمْ عَنِ الإتْيانِ بِسُورَةٍ مِنهُ، وقَصَّرْتُمْ عَنْ مُعارَضَتِهِ وأنْتُمُ العَرَبُ المَشْهُودُ لَهم بِكَمالِ الفَصاحَةِ المُعْتَرَفُ لَهم بِأنَّهُمُ البالِغُونَ فِيها إلى مَبْلَغٍ لا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَيْرُكم ؟ . وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ﴾ الآيَةَ، قالَ: هو قَوْلُ الإنْسانِ لِوَلَدِهِ ومالِهِ إذا غَضِبَ عَلَيْهِمْ: اللَّهُمَّ لا تُبارِكْ فِيهِ والعَنْهُ ﴿لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ﴾ قالَ: لَأهْلَكَ مَن دَعا عَلَيْهِ وأماتَهُ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، في الآيَةِ قالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، اللَّهُمَّ اخْزِهِ، وهو يُحِبُّ أنْ يُسْتَجابَ لَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، في الآيَةِ قالَ: هو دُعاءُ الرَّجُلِ عَلى نَفْسِهِ ومالِهِ بِما يَكْرَهُ أنْ يُسْتَجابَ لَهُ. وحَكى القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ إسْحاقَ، ومُقاتِلٍ في الآيَةِ قالا: هو قَوْلُ النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ: ﴿اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذا هو الحَقَّ مِن عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ﴾ [الأنفال: ٣٢] فَلَوْ عَجَّلَ لَهم هَذا لَهَلَكُوا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿دَعانا لِجَنْبِهِ﴾ قالَ: مُضْطَجِعًا. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿دَعانا لِجَنْبِهِ أوْ قاعِدًا أوْ قائِمًا﴾ قالَ: عَلى كُلِّ حالٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: ادْعُ اللَّهَ يَوْمَ سَرّائِكَ يُسْتَجابُ لَكَ يَوْمَ ضَرّائِكَ. وأقُولُ أنا: أكْثِرْ مِن شُكْرِ اللَّهِ عَلى السَّرّاءِ، يَدْفَعْ عَنْكَ الضَّرّاءَ، فَإنَّ وعْدَهُ لِلشّاكِرِينَ بِزِيادَةِ النِّعَمِ مُؤْذِنٌ بِدَفْعِهِ عَنْهُمُ النِّقَمَ؛ لِذَهابِ حَلاوَةِ النِّعْمَةِ عِنْدَ وُجُودِ مَرارَةِ النِّقْمَةِ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ لَنا بَيْنَ جَلْبِ النِّعَمِ وسَلْبِ النِّقَمِ، فَإنّا نَشْكُرُكَ عَدَدَ ما شَكَرَكَ الشّاكِرُونَ بِكُلِّ لِسانٍ في كُلِّ زَمانٍ، ونَحْمَدُكَ عَدَدَ ما (p-٦١٦)حَمْدَكَ الحامِدُونَ بِكُلِّ لِسانٍ في كُلِّ زَمانٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ جَعَلْناكم خَلائِفَ في الأرْضِ﴾ الآيَةَ، قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ فَقالَ: صَدَقَ رَبُّنا ما جَعَلَنا خَلائِفَ في الأرْضِ إلّا لِيَنْظُرَ إلى أعْمالِنا، فَأرُوا اللَّهَ خَيْرَ أعْمالِكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ، والسِّرِّ والعَلانِيَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: ﴿خَلائِفَ في الأرْضِ﴾ لِأمَةِ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، في قَوْلِهِ: ﴿ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أوْ بَدِّلْهُ﴾ قالَ: هَذا قَوْلُ مُشْرِكِي أهْلِ مَكَّةَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿ولا أدْراكم بِهِ﴾ أعْلَمَكم بِهِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ، قالَ: ﴿ولا أدْراكم بِهِ﴾ ولا أشْعَرَكم بِهِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ كانَ يَقْرَأُ: ( ولا أنْذَرْتُكم بِهِ ) . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ السُّدِّيِّ، في قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكم عُمُرًا مِن قَبْلِهِ﴾ قالَ: لَمْ أتْلُ عَلَيْكم ولَمْ أذْكُرْ. وأخْرَجا عَنْهُ قالَ: لَبِثَ أرْبَعِينَ سَنَةً قَبْلَ أنْ يُوحى إلَيْهِ، ورَأى الرُّؤْيا سَنَتَيْنِ، وأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ بِمَكَّةَ، وعَشْرًا بِالمَدِينَةِ، وتُوُفِّيَ وهو ابْنُ اثْنَتَيْنِ وسِتِّينَ سَنَةً. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لِأرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَةَ عَشَرَ يُوحى إلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ فَهاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وماتَ وهو ابْنُ ثَلاثٍ وسِتِّينَ سَنَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب