أصله وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ تعجيله لهم الخير، فوضع اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ موضع تعجيله لهم الخير [[قال محمود: «فوضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم الخير ... الخ» قال أحمد: وهذا أيضاً من تنبيهات الزمخشري الحسنة التي تقوم على دقة نظره شاهدة وبينة، ولا يكاد وضع المصدر مؤكداً أو مقارنا لغير فعله في الكتاب العزيز يخلو من مثل هذه الفائدة الجليلة. والنحاة غايتهم أن يقولوا في قوله تعالى وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً أنه اجرى المصدر على الفعل مقدراً عدم الزيادة. أو هذا المصدر لفعل دل عليه المذكور تقديره: نبتم نباتا، ولا يزيدون على ذلك، وإذا راجع الفطن قريحته وناجى فسكرته، هل قرن المصدر في كتاب الله بغير فعله لفائدة أو لا- تسور بلطف النظر على مثل هذه الفوائد العلية مراتبها، فالفائدة- والله أعلم- في اقتران قوله نَباتاً بقوله أَنْبَتَكُمْ التنبيه على تحتم نفوذ القدرة في المقدور، وسرعة إمضاء حكمها حتى كان إنبات الله لهم نفس نباتهم أى إذا وجد من الله الانبات وجد لهم النبات حتما فكان أحد الأمرين عين الآخر فقرن به والله أعلم.]] إشعاراً بسرعة إجابته لهم وإسعافه بطلبتهم، حتى كأنّ استعجالهم بالخير تعجيل لهم، والمراد أهل مكة. وقولهم: فأمطر علينا حجارة من السماء، يعنى: ولو عجلنا لهم الشر الذي دعوا به كما نعجل لهم الخير ونجيبهم إليه لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ لأميتوا وأهلكوا. وقرئ:
لقضى إليهم أجلهم، على البناء للفاعل، وهو الله عز وجل، وتنصره قراءة عبد الله: لقضينا إليهم أجلهم فإن قلت، فكيف اتصل به قوله فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وما معناه؟
قلت: قوله وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ متضمن معنى نفى التعجيل، كأنه قيل: ولا نعجل لهم الشر، ولا نقضي إليهم أجلهم فنذرهم فِي طُغْيانِهِمْ أى فنمهلهم ونفيض عليهم النعمة مع طغيانهم، إلزاما للحجة عليهم.
{"ayah":"۞ وَلَوۡ یُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسۡتِعۡجَالَهُم بِٱلۡخَیۡرِ لَقُضِیَ إِلَیۡهِمۡ أَجَلُهُمۡۖ فَنَذَرُ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ"}