الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ الْآيَةَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَّا، كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَذْنَبَ أَصْبَحَتْ كَفَّارَةُ ذَنْبِهِ مَكْتُوبَةً فِي عَتَبَةِ بَابِهِ اجْدَعْ أَنْفَكَ وَأُذُنَكَ، افْعَلْ كَذَا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [[أخرجه الطبري: ٧ / ٢١٩، والواحدي في أسباب النزول ص (١١٩) بسنده عن عطاء وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٢ / ٣٢٦؛ لابن المنذر عن ابن عباس.]] .
وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي نَبْهَانَ التَّمَّارِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مَعْبَدٍ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ تَبْتَاعُ مِنْهُ تَمْرًا فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا التَّمْرَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَفِي الْبَيْتِ أَجْوَدُ مِنْهُ فَذَهَبَ بِهَا إِلَى بَيْتِهِ فَضَمَّهَا إِلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَهَا فَقَالَتْ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَتَرَكَهَا وَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [[أسباب النزول للواحدي ص (١١٨) وذكر القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة: ٦ / ٤١٨ - ٤١٩ في ترجمة نبهان التمار. قال: ذكر مقاتل بن سليمان في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس. . . ثم قال: وهكذا أخرجه عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مطولا. ومقاتل: متروك والضحاك: لم يسمع من ابن عباس. وعبد الغني وموسى: هالكان. وأورد هذه القصة: الثعلبي والمهدوي ومكي والماوردي في تفاسيرهم بغير سند.]] .
وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْآخَرُ مِنْ ثَقِيفٍ فَخَرَجَ الثَّقَفِيُّ فِي غَزَاةٍ وَاسْتَخْلَفَ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى أَهْلِهِ فَاشْتَرَى لَهُمُ اللَّحْمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا أَرَادَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ دَخَلَ عَلَى أَثَرِهَا وَقَبَّلَ يَدَهَا، ثُمَّ نَدِمَ وَانْصَرَفَ وَوَضَعَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ الثَّقَفِيُّ لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ الْأَنْصَارِيُّ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَتْ: لَا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي الْإِخْوَانِ مِثْلَهُ وَوَصَفَتْ لَهُ الْحَالَ، وَالْأَنْصَارِيُّ يَسِيحُ فِي الْجِبَالِ تَائِبًا مُسْتَغْفِرًا، فَطَلَبَهُ الثَّقَفِيُّ حَتَّى وَجَدَهُ فَأَتَى بِهِ أَبَا بَكْرٍ رَجَاءَ أَنْ يَجِدَ عِنْدَهُ رَاحَةً وَفَرَجًا. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: هَلَكْتُ: وَذَكَرَ لَهُ الْقِصَّةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيْحَكَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يغار للغازي مالا يَغَارُ لِلْمُقِيمِ، ثُمَّ أَتَيَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَتِهِمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ [[أسباب النزول للواحدي ص (١١٨) بدون إسناد والكلبي ضعيف.]] يَعْنِي: قَبِيحَةً خَارِجَةً عَمَّا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِيهِ، وَأَصْلُ الْفُحْشِ الْقُبْحُ وَالْخُرُوجُ عَنِ الْحَدِّ قَالَ جَابِرٌ: الْفَاحِشَةُ الزِّنَا.
﴿أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ مَا دُونَ الزِّنَا مِنَ الْقُبْلَةِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالنَّظَرِ وَاللَّمْسِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: الْفَاحِشَةُ مَا دُونَ الزِّنَا مِنْ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسَةٍ أَوْ نَظْرَةٍ فِيمَا لَا يَحِلُّ أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ.
وَقِيلَ: فَعَلُوا فَاحِشَةَ الْكَبَائِرِ، أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالصَّغَائِرِ.
وَقِيلَ: فَعَلُوا فَاحِشَةً فِعْلًا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَوْلًا.
﴿ذَكَرُوا اللَّهَ﴾ أَيْ: ذَكَرُوا وَعِيدَ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: ذَكَرُوا اللَّهَ بِاللِّسَانِ عِنْدَ الذُّنُوبِ.
﴿فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ أَيْ: وَهَلْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ.
﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا﴾ أَيْ: لَمْ يُقِيمُوا وَلَمْ يَثْبُتُوا عَلَيْهِ وَلَكِنْ تَابُوا وَأَنَابُوا وَاسْتَغْفَرُوا، وَأَصْلُ الْإِصْرَارِ: الثَّبَاتُ عَلَى الشَّيْءِ وَقَالَ الْحَسَنُ: إِتْيَانُ الْعَبْدِ ذَنْبًا عَمْدًا إِصْرَارٌ حَتَّى يَتُوبَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْإِصْرَارُ: السُّكُوتُ وَتَرْكُ الِاسْتِغْفَارَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، أَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ الْعُمَرِيِّ، عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيتُ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَسَمِعْتَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً" [[أخرجه أبو داود في الوتر في الاستغفار: ٢ / ١٥٠ والترمذي في الدعوات باب أحاديث شتى في الدعوات: ١٠ / ٤ وقال: هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبي نصيرة وليس إسناده بالقوي، وأخرجه المروزي في مسند أبي بكر، الصديق برقم (١٢١ - ١٢٢) ص ١٥٥ - ١٥٦. والحديث فيه أيضا مجهول وهو مولى أبي بكر وأخرجه الطبري في التفسير: ٧ / ٢٢٥ - ٢٢٦. وأخرجه أبو يعلى والبزار وقال: البزار: لا نحفظه إلا من حديث أبي بكر بهذا الطريق وأبو نصيرة وشيخه لا يعرفان قال ابن حجر: له شاهد أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث ابن عباس انظر: الكافي الشاف ص ٣٢. وذكره ابن كثير في التفسير: ١ / ٤٠٩ وقال: "رواه أبو دواد والترمذي والبزار في مسنده من حديث عثمان بن واقد - وقد وثقه يحيى ابن معين به - وشيخه أبو بكر المقاسطي واسمه سالم بن عبيد: وثقه الإمام أحمد وابن حبان. وقول على بن المديني والترمذي: ليس إسناد هذا الحديث بذاك. فالظاهر: أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر. ولكن جهالة مثله لا تضر لأنه تابعي كبير. ويكفيه نسبته إلى أبي بكر.]] .
﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ، وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْإِصْرَارَ ضَارٌّ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَمْلِكُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ، وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُمْ رَبًّا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ الْعَفْوُ عَنِ الذُّنُوبِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَقِيلَ: وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ إِنِ اسْتَغْفَرُوا غُفِرَ لَهُمْ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَـٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن یَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمۡ یُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق