الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ قال ابن عباس: (يعني مزينة وجهينة وأشجع وأسلم وغفار) [[انظر: "زاد المسير" 3/ 515، و"الوسيط" 2/ 534.]]، ﴿أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾، قال: يريد لا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدعة، ورسول الله ﷺ في الحر والمشقة [[انظر المصدرين السابقين، نفس الموضع.]]، يحرضهم ويحضهم على الجهاد، يقال رغبت بنفسي عن هذا الأمر: أي ترفعت عنه وتركته [[ساقط من (ح).]]، وأنا أرغب بفلان عن هذا الأمر: أي أبخل به عليه [[ساقط من (م).]]، ولا أتركه له. وقال عطية العوفي: (ولا يرغبوا بأنفسهم عن الأمر الذي بذل له رسول الله ﷺ نفسه) [[لم أجده.]]. وقال قطرب: (أي ليس لهم أن يكرهوا لأنفسهم ما يرضاه الرسول لنفسه) [[لم أقف عليه، وقد ذكره الرازي 16/ 223 - 224 بلا نسبة.]]. وقال الحسن: (لا يرغبون بأنفسهم أن يصيبهم من الشدائد مثل ما يصيب رسول الله ﷺ) [[رواه الثعلبي 6/ 161 أ، والبغوي 4/ 109.]]، وهذه ألفاظ معناها متقارب. وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ﴾ الإشارة ﴿ذَلِكَ﴾ تعود إلى ما تقدم من النهي عن التخلف، وقال: ذلك النهى لما يحصل من الأجر والثواب في مقاساة كلف السفر، وهو قوله: ﴿لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ﴾ وهو شدة العطش، يقال: ظمئ فلان يظمأ ظمأً [[ساقص من (م).]] على (فَعِلَ) إذا اشتد عطشه، وهو ظمئ وظمآن، ويجوز في المصدر: ظمأة وظماء، قال ابن عباس: (يريد عطشٌ في الطريق) [["تنوير المقباس" ص 206.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا نَصَبٌ﴾ النصب: الإعياء من العناء، يقال: نصب ينصب، وأنصبني هذا الأمر، قال ابن عباس: (يريد التعب من شدة الحر) [[المصدر السابق، نفس الموضع، مختصرًا.]]، (ولا مخمصة) مضى الكلام فيها [[انظر: "تفسير البسيط" المائدة: 3.]]، قال ابن عباس: (يريد: مجاعة) [[رواه ابن جرير 6/ 85، وابن أبي حاتم 6/ 1908، وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 2/ 458.]]، ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ في طاعة الله، ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾، قال: يريد: (ولا يضع قدمه ولا حافر فرسه ولا خف بعيره) [[لم أجده، وقد ذكر الرازي 16/ 224 نحوه بلا نسبة.]]، وقال الحسن: (ولا يقفون موقفًا) [[لم أجده.]]. وقوله تعالى: ﴿يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾، قال ابن الأعرابي: (يقال غاظه وغيظه وأغاظه بمعنى واحد) [[اهـ. كلام ابن الأعرابي، انظر: "تهذيب اللغة" (كاظ) 3/ 2622، و"لسان العرب" (غيظ) 6/ 3327.]]، أي أغضبه ﴿وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا﴾، قال ابن عباس والحسن [[ساقط من (ح).]]: (أسرًا وقتلًا وهزيمة، قليلاً ولا كثيرًا، إلا كان ذلك قربة لهم عند الله) [[رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 206، عن ابن عباس مختصرًا، ولم أجد من ذكره عن الحسن.]]. قال العوفي: (وفي الآية من الفقه أن من قصد طاعة الله كان قيامه وقعوده ونصبه ومشيته وحركاته كلها حسنات مكتوبة له، وكذلك في المعصية، فما أعظم بركة الطاعة، وما أعظم شؤم المعصية) [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 534.]]. وأما حكم هذه الآية فقال قتادة: هذه خاصة لرسول الله ﷺ إذا غزا بنفسه فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر [[رواه الثعلبي 6/ 161 ب، والبغوي 4/ 110، وبنحوه ابن جرير 11/ 64، وابن أبي حاتم 6/ 1909.]]. وقال ابن زيد: (هذا حين كان المسلمون قليلاً، فلما كثروا نسخها الله بقوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [[رواه ابن جرير 11/ 65، والثعلبي 6/ 161 ب، والبغوي 4/ 110.]]. وقال عطية: (وما كان لهم أن يتخلفوا عن رسول الله إذا دعاهم وأمرهم) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 16/ 224.]]، وهذا هو الصحيح، أن تتعين الإجابة والطاعة لرسول الله ﷺ إذا أمر، وكذلك غيره من الولاة والأئمة إذا ندبوا وعينوا؛ لأنا لو سوغنا للمندوب أن يتقاعد لم يختص بذلك بعض دون بعض، ولأدى ذلك إلى تعطيل الجهاد.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب