يقول تعالى - حاثا لأهل المدينة المنورة من المهاجرين، والأنصار، ومن حولهم من الأعراب، الذين أسلموا فحسن إسلامهم - : ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ أي: ما ينبغي لهم ذلك، ولا يليق بأحوالهم.
﴿وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ في بقائها وراحتها، وسكونه ﴿عَنْ نَفْسِهِ﴾ الكريمة الزكية، بل النبي ﷺ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فعلى كل مسلم أن يفدي النبي ﷺ ، بنفسه ويقدمه عليها، فعلامة تعظيم الرسول ﷺ ومحبته والإيمان التام به، أن لا يتخلفوا عنه، ثم ذكر الثواب الحامل على الخروج فقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ﴾ أي: المجاهدين في سبيل اللّه ﴿لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ﴾ أي: تعب ومشقة ﴿وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي: مجاعة.
﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّار﴾ من الخوض لديارهم، والاستيلاء على أوطانهم، ﴿وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا﴾ كالظفر بجيش أو سرية أو الغنيمة لمال ﴿إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ لأن هذه آثار ناشئة عن أعمالهم.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الذين أحسنوا في مبادرتهم إلى أمر الله، وقيامهم بما عليهم من حقه وحق خلقه، فهذه الأعمال آثار من آثار عملهم.
{"ayah":"مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن یَتَخَلَّفُوا۟ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا یَرۡغَبُوا۟ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا یُصِیبُهُمۡ ظَمَأࣱ وَلَا نَصَبࣱ وَلَا مَخۡمَصَةࣱ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا یَطَـُٔونَ مَوۡطِئࣰا یَغِیظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا یَنَالُونَ مِنۡ عَدُوࣲّ نَّیۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلࣱ صَـٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}