الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهم مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ قَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الآيَةُ وُجُوبَ الخُرُوجِ عَلى أهْلِ المَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ في غَزَواتِهِ إلّا المَعْذُورِينَ ومَن أذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في القُعُودِ ولِذَلِكَ ذَمَّ المُنافِقِينَ الَّذِينَ كانُوا يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في القُعُودِ في الآياتِ المُتَقَدِّمَةِ. * * * وقَوْلُهُ: ﴿ولا يَرْغَبُوا بِأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ أيْ يَطْلُبُونَ المَنفَعَةَ بِتَوْقِيَةِ أنْفُسِهِمْ دُونَ نَفْسِهِ، بَلْ كانَ الفَرْضُ عَلَيْهِمْ (p-٣٧٢)أنْ يَقُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِأنْفُسِهِمْ، وقَدْ كانَ مِنَ المُهاجِرِينَ، والأنْصارِ مَن فَعَلَ ذَلِكَ وبَذَلَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ لِيَقِيَ بِها رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . * * * قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الكُفّارَ ولا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيْلا﴾ فِيهِ الدَّلالَةُ عَلى أنَّ وطْءَ دِيارِهِمْ بِمَنزِلَةِ النَّيْلِ مِنهُمُ، وهو قَتْلُهم، أوْ أخْذُ أمْوالِهِمْ، أوْ إخْراجُهم عَنْ دِيارِهِمْ، هَذا كُلُّهُ نَيْلٌ مِنهم، وقَدْ سَوّى بَيْنَ وطْءِ مَوْضِعٍ يَغِيظُ الكُفّارَ وبَيْنَ النَّيْلِ مِنهم، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ وطْءَ دِيارِهِمْ وهو الَّذِي يَغِيظُهم ويُدْخِلُ الذُّلَّ عَلَيْهِمْ هو بِمَنزِلَةِ نَيْلِ الغَنِيمَةِ، والقَتْلِ، والأسْرِ، وفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الِاعْتِبارَ فِيما يَسْتَحِقُّهُ الفارِسُ والرّاجِلُ مِن سِهامِهِما بِدُخُولِ أرْضِ الحَرْبِ لِانْحِيازِهِ الغَنِيمَةَ، والقِتالَ إذْ كانَ الدُّخُولُ بِمَنزِلَةِ حِيازَةِ الغَنائِمِ وقَتْلِهِمْ وأسْرِهِمْ، ونَظِيرُهُ في الدَّلالَةِ عَلى ما ذَكَرْنا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنهم فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ﴾ [الحشر: ٦] فاقْتَضى ذَلِكَ اعْتِبارَ إيجافِ الخَيْلِ والرِّكابِ في دارِ الحَرْبِ؛ ولِذَلِكَ قالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " ما وُطِئَ قَوْمٌ في عُقْرِ دارِهِمْ إلّا ذَلُّوا " .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب