الباحث القرآني

﴿ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهم مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ نَهْيٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِصِيغَةِ النَّفْيِ لِلْمُبالَغَةِ. ﴿وَلا يَرْغَبُوا بِأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ ولا يَصُونُوا أنْفُسَهم عَمّا لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ عَنْهُ ويُكابِدُوا مَعَهُ ما يُكابِدُهُ مِنَ الأهْوالِ. رُوِيَ: «أنَّ أبا خَيْثَمَةَ بَلَغَ بُسْتانَهُ، وكانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حَسْناءُ فَرَشَتْ لَهُ في الظِّلِّ وبَسَطَتْ لَهُ الحَصِيرَ وقَرَّبَتْ إلَيْهِ الرُّطَبَ والماءَ البارِدَ، فَنَظَرَ فَقالَ: ظَلٌّ ظَلِيلٌ، ورُطَبٌ يانِعٌ وماءٌ بارِدٌ وامْرَأةٌ حَسْناءُ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الضِّحِّ والرِّيحِ ما هَذا بِخَيْرٍ، فَقامَ فَرَحَلَ ناقَتَهُ وأخَذَ سَيْفَهُ ورُمْحَهُ ومَرَّ كالرِّيحِ، فَمَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَرْفَهُ إلى الطَّرِيقِ فَإذا بِراكِبٍ يَزْهاهُ السَّرابُ فَقالَ: كُنْ أبا خَيْثَمَةَ فَكانَهُ فَفَرِحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ واسْتَغْفَرَ لَهُ» وفي (لا يَرْغَبُوا) يَجُوزُ النَّصْبُ والجَزْمُ. ﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى ما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ما كانَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّخَلُّفِ أوْ وُجُوبِ المُشايَعَةِ. ﴿بِأنَّهُمْ﴾ بِسَبَبِ أنَّهم. ﴿لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ﴾ شَيْءٌ مِنَ العَطَشِ. ﴿وَلا نَصَبٌ﴾ تَعَبٌ. ﴿وَلا مَخْمَصَةٌ﴾ مَجاعَةٌ. ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَطَئُونَ﴾ ولا يَدُوسُونَ. ﴿مَوْطِئًا﴾ مَكانًا. ﴿يَغِيظُ الكُفّارَ﴾ يُغْضِبُهم وطْؤُهُ. ﴿وَلا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيْلا﴾ كالقَتْلِ والأسْرِ والنَّهْبِ. ﴿إلا كُتِبَ لَهم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ﴾ إلّا اسْتَوْجَبُوا بِهِ الثَّوابَ وذَلِكَ مِمّا يُوجِبُ المُشايَعَةَ. ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ﴾ عَلى إحْسانِهِمْ، وهو تَعْلِيلٌ لِـ ﴿كُتِبَ﴾ وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ الجِهادَ إحْسانٌ، أمّا في حَقِّ الكُفّارِ فَلِأنَّهُ سَعى في تَكْمِيلِهِمْ بِأقْصى ما يُمْكِنُ كَضَرْبِ المُداوِي لِلْمَجْنُونِ، وأمّا في حَقِّ المُؤْمِنِينَ فَلِأنَّهُ صِيانَةٌ لَهم عَنْ سَطْوَةِ الكُفّارِ واسْتِيلائِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب