الباحث القرآني

﴿ما كانَ لأهْلِ المَدِينَةِ ومَن حَوْلَهم مِنَ الأعْرابِ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ﴾ المُرادُ بِهَذا النَفْيِ: النَهْيُ. وخَصَّ هَؤُلاءِ بِالذِكْرِ -وَإنِ اسْتَوى كُلُّ الناسِ في ذَلِكَ-، لِقُرْبِهِمْ مِنهُ، ولا يَخْفى عَلَيْهِمْ خُرُوجُهُ. ﴿وَلا يَرْغَبُوا﴾ ولا أنْ يَضِنُّوا ﴿بِأنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ عَمّا يُصِيبُ نَفْسَهُ، أيْ: لا يَخْتارُوا إبْقاءَ أنْفُسِهِمْ عَلى نَفْسِهِ في الشَدائِدِ، بَلْ أُمِرُوا بِأنْ يَصْحَبُوهُ في البَأْساءِ والضَرّاءِ، ويُلْقُوا أنْفُسَهم بَيْنَ يَدَيْهِ في كُلِّ شَدِيدَةٍ ﴿ذَلِكَ﴾ النَهْيُ عَنِ التَخَلُّفِ ﴿بِأنَّهُمْ﴾ بِسَبَبِ أنَّهم ﴿لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ﴾ عَطَشٌ ﴿وَلا نَصَبٌ﴾ تَعَبٌ ﴿وَلا مَخْمَصَةٌ﴾ مَجاعَةٌ ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ في الجِهادِ ﴿وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا﴾ ولا يَدُوسُونَ مَكانًا مِن أمْكِنَةِ الكُفّارِ بِحَوافِرِ خُيُولِهِمْ، وأخْفافِ رَواحِلِهِمْ وأرْجُلِهِمْ. ﴿يَغِيظُ الكُفّارَ﴾ يُغْضِبُهُمْ، ويَضِيقُ صُدُورُهم. ﴿وَلا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيْلا﴾ ولا يُصِيبُونَ مِنهم إصابَةً بِقَتْلٍ، أوْ أسْرٍ، أوْ جُرْحٍ، أوْ كَسْرٍ، أوْ هَزِيمَةٍ. ﴿إلا كُتِبَ لَهم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ﴾ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: لِكُلِّ رَوْعَةٍ سَبْعُونَ ألْفَ حَسَنَةٍ. يُقالُ: نالَ مِنهُ: إذا رَزَأهُ، ونَقَصَهُ. وهو عامٌّ في كُلِّ ما يَسُوءُهم. وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ مَن قَصَدَ خَيْرًا كانَ سَعْيُهُ فِيهِ مَشْكُورًا مِن قِيامٍ، وقُعُودٍ، ومَشْيٍ، وكَلامٍ، وغَيْرِ ذَلِكَ، وعَلى أنَّ المَدَدَ يُشارِكُ الجَيْشَ في الغَنِيمَةِ بَعْدَ انْقِضاءِ الحَرْبِ، لِأنَّ وطْءَ دِيارِهِمْ مِمّا يَغِيظُهم. وقَدْ أسْهَمَ النَبِيُّ ﷺ لِابْنَيْ عامِرٍ، وقَدْ قَدِما بَعْدَ تَقَضِّي الحَرْبِ. والمَوْطِئُ: إمّا مَصْدَرٌ كالمَوْرِدِ، وإمّا مَكانٌ، فَإنْ كانَ مَكانًا (p-٧١٧)فَمَعْنى " يَغِيظُ الكُفّارَ يغيطهم وطْؤُهُ " إنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ أيْ: أنَّهم مُحْسِنُونَ، واللهُ لا يُبْطِلُ ثَوابَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب