قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ قال المفسرون [[انظر: الطبري في "تفسيره" 7/ 168، والبغوي في "تفسيره" 3/ 135.]]: (إن نفرًا من مشركي مكة -منهم النضر بن الحارث [[النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف، شيطان قريش وصاحب لواء المشركين ببدر، مشرك مجاهر بالعداوة والأذي لرسول الله ﷺ. قتل في بدر سنة 2 هـ انظر: "سيرة ابن هشام" 9/ 311، 320، 321، 2/ 286، و"جوامع السير" ص 52، 147 - 148، و"الكامل" لابن الأثير 2/ 414، و"الأعلام" 8/ 33.]] وغيره- جلسوا إلى رسول الله ﷺ وهو يقرأ القرآن، فقالوا للنضر: ما يقول محمد؟ فقال: أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية، فأنزل الله هذه الآية) [[انظر: "سيرة ابن هشام" 1/ 337، 338، و"تفسير الثعلبي" 176/ أ، والماوردي 2/ 103، و"الزمخشري" 2/ 11. وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص 217، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 18، والرازي في "تفسيره" 12/ 185، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 405، وأبو حيان في "البحر" 4/ 97 عن ابن عباس، وذكره البغوي في "تفسيره" 3/ 136، عن الكلبي.]].
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾، الأكنة: جمع كنان، وهو ما وقى شيئًا وستره، مثل عنان وأعنة [[انظر: "العين" 5/ 281، و"المجمل" 3/ 766، و"مقاييس اللغة" 5/ 123، و"المفردات" ص 442 (كن).]].
قال الليث: (كل شيء وقي شيئًا فهو كِنانة وكِنُّة، والفعل من ذلك كننتُ وأكننت) [["تهذيب اللغة" 4/ 3196 (كن).]]. وأنشد أبو عبيدة لعمر بن أبي ربيعة: أَينا باتَ ليلةً ... بَيْنَ غُصْنَينِ يُؤبَلُ [[ليس في ديوانه، وهما في "اللسان" 7/ 3943، (كنن) وبلا نسبة في "الجمهرة" 1/ 166، والبيت الأخير في "الصحاح" 6/ 2188، و"تاج العروس" 18/ 484، وبلا نسبة في "تفسير الطبري" 7/ 169.]]
تَحتَ عَيْنِ كِنَانُ [[في (ش): (كناننا)، وهي رواية أكثرهم.]] ... ظِلُّ برْدٍ مُرَحَّلُ
يعني: غطاهم الذي يكنهم [["مجاز القرآن" 8/ 188.]]. فأما ﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ فقال [[في (ش): (قال).]] الزجاج: (موضع ﴿أَنْ﴾ نصب على أنه مفعول له، والمعنى: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً﴾؛ لكراهة ﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾، فلما حذفت اللام نصبت الكراهة، ولما حذفت الكراهة انتقل نصبها إلى ﴿أَنْ﴾ [["معاني الزجاج" 2/ 236، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 541، و"البيان" 1/ 317، و"التبيان" 1/ 328، و"الفريد" 2/ 135، و"البحر" 4/ 97، و"الدر المصون" 4/ 577.]].
وقوله تعالى: ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾، قال ابن السكيت: (الوقر [[قال الطبري 7/ 170: (الوقر عند العرب بفتح الواو: الثقل في الأذن، وبكسرها: الحمل) ا. هـ انظر: "مجاز القرآن" 1/ 189، و"معاني الأخفش" 2/ 272، و"الجمهرة" 2/ 796، و"الصحاح" 2/ 848، و"المجمل" 3/ 933، و"مقاييس اللغة" 6/ 132، و"المفردات" ص 880، و"اللسان" 8/ 4889، (وقر).]]: الثقل في الأذن، يقال: قد وقرت أذنه توقر، فهي موقورة. ويقال: اللهم قر أذنه، ويقال أيضًا: قد وقرت أذنه توقر وقرًا) [["إصلاح المنطق" ص 3 - 4، و"تهذيب اللغة" 4/ 3931 (وقر).]].
وأنشد الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 237.]]: وِكَلاَمٍ سيِّئٍ قَدْ وُقِرَت ... أذُنِي عَنْهُ وَمَا بي مِنْ صَمَمْ [[الشاهد للمثقب العبدي في "ديوانه" ص 230، و"المفضليات" ص 294، وبلا نسبة في "العين" 5/ 206، و"معاني الأخفش" 2/ 272، و"الصاحبي" ص 437، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 162، وابن الجوزي 3/ 19.]]
فأما التفسير فقال ابن عباس: (﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ (يعني القرآن، ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ غطاء كي لا يعوه) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 23، وفي "تنوير المقباس" 2/ 11، نحوه.]].
وقال السدي: (يعني الغطاء يكن قلوبهم فلا يعرفون الحق) [[أخرجه الطبري 7/ 169، وابن أبي حاتم 4/ 1275 بسند جيد.]].
وقال الحسن: (﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ لئلا يقبلوه، كقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون: 7]، أي: لا يقبلون عن الله تعالى) [[لم أقف عليه.]].
﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ قال ابن عباس: (صممًا) [["تنوير المقباس" 2/ 11، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 23.]].
وقال الضحاك: (ثقلًا) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 23.]].
وقال قتادة: (يسمعون [[في (أ): (يستمعون).]] بآذانهم فلا يفقهون منه شيئًا، كمثل البهيمة تسمع القول ولا تدري ما يقال [[في (ش): (ما يقول).]] لها) [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 209، والطبري في "تفسيره" 7/ 170، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1276، بسند جيد.]].
قال أبو إسحاق: (وإنما فعل بهم [[في (ش): (وإنما فعل ذلك بهم).]] ذلك مجازاة لهم بإقامتهم على كفرهم، وليس المعنى أنهم لم يسمعوا ولم يفقهوا ، ولكنهم [[في (ش): (ولكن حرموا).]] حرموا الانتفاع به لما عدلوا عنه وحرفوا فكرهم عما عليهم [[كذا في النسخ، ومثله عند ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 19، وعند الزجاج 2/ 237 (عماهم عليه).]] في سوء العاقبة، فكانوا بمنزلة من لم يعلم ولم يسمع). قال أصحابنا: (وهذه الآية دلالة صريحة على أن الله تعالى يقلب القلوب، فيشرح [[في (ش): (فيشرح الصدر للهدى).]] بعضها للهدى، ويجعل بعضها في أكنة فلا يفقه صاحبه كلام الله تعالى ولا يؤمن، كما جعل على قلوب القدرية أكنة فلم يفقهوا آيات القدر، كما لم يفقه قلوب المشركين الإيمان) [[انظر: "معاني النحاس" 2/ 410، و"تفسير البغوي" 5/ 163، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 163، والرازي 12/ 186، و"البحر" 4/ 97.
وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" 2/ 144، في تفسير الآية:
(هذه الأكنة والوقر هي شدة البغض والنفرة والإعراض معها سمعًا لا عقلاً، والتحقيق أن هذا ناشئ عن الأكنة والوقر فهو موجب ذلك مقتضاه، فمن فسر الأكنة والوقر به فقد فسرها بموجبها ومقتضاها، وبكل حال فتلك النفرة والإعراض والبعض من أفعالهم وهي مجعولة لله سبحانه، كما أن الرأفة والرحمة وميل الأفئدة إلى بيته هو من أفعالهم، والله جاعله فهو الجاعل للذوات وصفاتها وأفعالها وإرادتها واعتقادتها، فذلك كله مجعول مخلوق له، وإن كان العبد فاعلًا له باختياره وإرادته) ا. هـ.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد كل عبرة) [[ذكر الرازي 12/ 187، عن ابن عباس في الآية قال: (وإن يروا كل دليل وحجة) ا. هـ.]].
وقال الزجاج: (أي: علامة تدلهم على نبوتك) [["معاني الزجاج" 2/ 237.]].
﴿لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ قال ابن عباس: (لا يصدقوا بها؛ وذلك لأن الله تعالى جعل على قلوبهم أكنة) [[ذكره الرازي 12/ 187.]].
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ﴾ إلى آخر الآية، فصل آخر متصل بما قبله، والمعنى: إن حالهم في البعد عن الإيمان ما ذكره الله تعالى من منعهم وصدهم عن تصديق محمد، حتى إذا جاؤوه مجادلين إياه فيقول من كفر منهم لما يسمع من القرآن: ﴿مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، قال الزجاج: (أعلم الله عز وجل مقدار احتجاجهم وجدلهم، وأنهم لا يعارضون ما احتج به عليهم من الحق، حيث قيل لهم: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: 23] إلا بأن يقولوا: هذا أساطير الأولين، ويقولون: ﴿افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [المؤمنون: 38] [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 237، والنحاس 2/ 410، و"تفسير الرازي" 12/ 188.]].
فأما معني الأساطير وتفسيرها: فأصلها من السطر، وهو أن يجعل شيئاً ممتدًا مؤلفًا، ومن ذلك سطر الكتاب وسطر من شجر مغروس ونحو ذلك [[انظر: "العين" 7/ 210، و"الجمهرة" 2/ 713، 1193، و"الصحاح" 2/ 684، و"المجمل" 2/ 460، و"مقاييس اللغة" 3/ 72، و"المفردات" ص 409 (سطر).]].
قال ابن السكيت: (يقال: سَطْر، وسَطَر فمن قال: سَطْر فجمعه في القليل أَسْطر والكثير سُطُور، ومن قال: سَطَر جَمَعَه أسطاراً) [["إصلاح المنطق" ص 95، و"تهذيب اللغة" 2/ 1683، وأفاد أكثرهم: (أن سطر بسكون الطاء جمعه في القلة أسطر وفي الكثرة سطور، وبفتح الطاء جمعه == أسطار؛ لأن فعل بالسكون يجمع في القلة على أفعل وبالفتح على أفعال). انظر: "البيان" 1/ 317، و"التبيان" 328، و"الفريد" 2/ 135، و"البحر" 4/ 98.]]. ثم أساطير جمع الجمع، قاله اللحياني. [قال] [[(قال) ساقط من (ش).]]: (وواحد الأساطير أسطور وأسطورة وأسطير وأسطيرة إلى العشرة، ثم أساطير جمع الجمع) [["تهذيب اللغة" 2/ 1683، وليس فيه -أسطيرة- وهي في "اللسان" 4/ 2007 (سطر) عن اللحياني.]].
واختار الزجاج أن يكون واحدها أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث، قال ذلك في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ [الفرقان: 5] [["معاني الزجاج" 4/ 58، انظر: 2/ 237.]]، وهو قول أبي عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 189.]]، وذهب الأخفش [["معاني الأخفش" 2/ 272.]] وأبو زيد [[أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري أبو زيد البصري، تقدمت ترجمته.]] إلى أنه لا واحد لها مثل عباديد [[في (أ): (عناديد)، ولم أقف عليها، والذي في أكثر المراجع (عباديد)، والعباديد لا واحد لها من لفظها، وهي الفرق من الناس والخيل الذاهبين في كل وجه. والعباديد أيضًا: الأكام والطرق البعيدة. انظر: "القاموس" ص 296، (عبد).]] وأبابيل [[الأبابيل جمع لا واحد له، وقيل: جمع إبيل وإبول، وهي الفرق والجماعات المتفرقة والفرق التي يتبع بعضها بعضًا. انظر: "اللسان" 1/ 11 (أبل).]]، قال أبو زيد: إلا أرى الأساطير إلا من الجمع الذي لا واحد له مثل عباديد، ولا يكون هذا المثال إلا جمعًا) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 24، والرازي في "تفسيره" 12/ 188، وهو نص كلام الأخفش في "معانيه" 2/ 272، وحكاه ابن دريد في "الجمهرة" 3/ 1271 عن الأصمعي، وأكثرهم على أن أساطير جمع أسطورة، ويحتمل أنه جمع أسطارة أو أسطار. انظر: "تفسير الطبري" 7/ 171، و"نزهة القلوب" ص 71، و"إعراب == النحاس" 1/ 541، و"الألفات" لابن خالويه ص 76، و"العضديات" ص 55 و"سر صناعة الإعراب" 2/ 610، و"المشكل" 1/ 248، و"عمدة الحفاظ" ص 241، و"تاج العروس" 6/ 520 (سطر).]].
ومعني ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ما سطره الأولون [[انظر: "غريب القرآن" ص 243.]].
قال ابن عباس: (أحاديث الأولين التي كانوا يسطرونها، أي: يكتبونها) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 171 بسند جيد.]].
فأما قول [[هذا قول أبي عبيدة في "المجاز" 1/ 189، وانظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 479.]] من فسر الأساطير بالتُّرّهات [[التُّرّهات بالضم وفتح الراء المشددة جمع ترهة: وهي الأباطيل، وفي الأصل الطرق الصغار المتشعبة عن الطريق الأعظم. انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 437، و"الصحاح" 6/ 2229، و"اللسان" 1/ 431 (تره).]] والبسابس [[البَسَابس، بالفتح: الباطل، ويقال: ترهاتُ البسابسِ، بالإضافة. انظر: الصحاح 3/ 909، واللسان 1/ 282 (بسس).]] فهو معنى وليس بتفسير، وتفسيره ما ذكرنا [[انظر: "تفسير الماوردي" 2/ 104، وقال الرازي 12/ 188 (الأول قول الجمهور وتفسيرها بالترهات معنى وليس بتفسير) ا. هـ. بتصرف.]]. ولما كانت أساطير الأولين مثل حديث رستم [[رستم الشديد بن دستان بن بريمان من ملوك الفرس. انظر أخباره في: "تاريخ الطبري" 1/ 504، و"الروض الأنف" 2/ 52، و"الكامل في التاريخ" 1/ 137.]] وإسفنديار [[إسفنديار بن بشتاسب: من ملوك الفرس. انظر أخباره في: "تاريخ الطبري" 1/ 562، و"الروض الأنف" 2/ 52، و"الكامل في التاريخ" 1/ 154.]] كلامًا لا فائدة فيه ولا طائل تحته فسرت أساطير الأولين هاهنا بالتُّرّهات والبسابس [[أفاد أكثرهم: (أن النضر بن الحارث صاحب أسفار وقصص، فسمع بالحيرة وغيرها قصص الأعاجم وأحاديث رستم واسفنديار، وكان يحدث بها ويقول: == أنا أحسن حديثًا من محمد، أحاديثه أساطير الأولين).
انظر: "سيرة ابن هشام" 1/ 320، و"تفسير السمرقندي" 1/ 479، وابن عطية 5/ 164، والقرطبي 6/ 405.]].
26 - قوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ يعني: المشركين ينهون الناس عن اتباع النبي ﷺ؛ عن ابن عباس [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 171 بسند جيد، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 15.]] والحسن [[ذكره هود الهواري في "تفسيره" 1/ 521، والماوردي 2/ 104، والواحدي في "الوسيط" 1/ 25، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 405.]] والسدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 171 بسند جيد.]]، فالكناية على هذا تعود إلى النبي ﷺ، وكذلك في ﴿وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ أي: يتباعدون عنه فلا يؤمنون به، وهو قول الكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 12، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 25.]] قال: ينهون عن محمد ﷺ من سألهم عنه [[لفظ: (من سألهم عنه) ساقط من (ش).]] أن يقربوه ويتبعوه)، ونحو هذا قال الضحاك [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 176 ب، والواحدي في "أسباب النزول" ص 218، والبغوي في "تفسيره" 3/ 136، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 165، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 21.]] ومحمد بن الحنفية [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 171، بسند ضعيف، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 15.]].
وقال قتادة [[أخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 205، والطبري في "تفسيره" 7/ 172، من طرق جيدة عنه، قال: (ينهون عنه القرآن وعن النبي ﷺ ويتباعدون عنه) ا. هـ. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 16.]] ومجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 214، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 172 بسند جيد، عن مجاهد وابن زيد، وهو اختيار الرازي 12/ 189.]]: (ينهون عن القرآن ويتباعدون عن سماعه لئلا يسبق إلى قلوبهم العلم بصحته).
والنأي: البعد، ويقال: نأى ينأى إذا بعد، وأنأيته إذا أبعدته، ويقال أيضًا [[لفظ: (أيضًا) ساقط من (أ).]]: نأيته بمعنى نأيت عنه [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 189، و"معاني الأخفش" 2/ 273، و"غريب القرآن" ص 152، و"الجمهرة" 1/ 249، و"نزهة القلوب" ص 487، و"المفردات" ص 830 (نأى).]]، وأنشد المبرد:
أعاذِلُ إنْ يُصْبِح صداي بِقَفْرةٍ ... بَعِيدًا نآنِي زائِري وَقرِيبي [[الشاهد للنمر بن تولب العكلي في "طبقات فحول الشعراء" 1/ 161، و"الكامل" للمبرد 1/ 479، وبلا نسبة في "تهذيب اللغة" 4/ 3475، و"اللسان" 4/ 4317 (نأى)، و"الدر المصون" 4/ 582.
والصدى هنا ما يبقى وهو جسده الملقى والشاهد: نآني: أصله نأى عني، أي: بعد، فأخرجه مخرج المتعدي، قال المبرد 1/ 482 - 483: (وقوله. "نآني" أي: أبعدني، والأحسن أنآنى لأن الوجه في فَعَل أفْعَلته، وهو المطرد، ويكون نآني: نأى عني) ا. هـ. بتصرف.]]
بمعني نأى عني. وحكى الليث: (نأيت الشيء أي أبعدته، وأنشد:
إذا ما التقينا سالَ مِنْ عَبَرَاتِنا ... شآبِيبُ يُنْأى سَيْلُها بالأصابِع [[لم أقف على قائله وهو في: "العين" 8/ 392، و"الصحاح" 6/ 2499، و"المجمل" 3/ 851، و"مقاييس اللغة" 5/ 377، و"اللسان" 7/ 4314 (نأى)، و"الدر المصون" 4/ 582.]]
أي: يُنحى ويبعد) [["تهذيب اللغة" 4/ 3475.]].
وقال عطاء [[عطاء هنا هو: عطاء بن دينار الهذلي مولاهم أبو الريان المصري، إمام مفسر صدوق، أخذ صحيفة في التفسير عن سعيد بن جبير ولم يسمع منه. توفي سنة 126 هـ.
انظر: "الجرح والتعديل" 6/ 332، و"ميزان الاعتدال" 3/ 69، و"تهذيب التهذيب" 3/ 100، و"تقريب التهذيب" (4589).]] [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 173 بسند جيد، عن عطاء بن دينار الهذلي.]] ومقاتل: (نزلت في أبي طالب، كان ينهى قريشًا عن أذى النبي ﷺ، ويتباعد عنه فلا يتبعه على دينه) [["تفسير مقاتل" 1/ 555، وهذا قول جماعة منهم سعيد بن جبير وعمر بن دينار والقاسم بن مخيمرة كما في "الوسيط" 1/ 25، و"الدر المنثور" 3/ 15، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 87، وقال: (رواه الطبراني عن ابن عباس، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة وغيره، وضعفه يحيى بن معين وغيره) ا. هـ وأخرجه الحاكم 2/ 315، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 340، والواحدي في "أسباب النزول" ص 218 من طريق واحد عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال الحاكم: (حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، ووافقه الذهبي، وعليه يكون هذا تمثيلاً، وهو داخل في جملة الكفار، ولعل الرواية عن ابن عباس لا تصح؛ لأن السند فيه عبد الله بن منده الأصبهاني رواه عن بكر بن بكار القيسي، وبكر ضعيف كما في "لسان الميزان" 2/ 485، وابن منده ضعفه بعضهم، ولم يسمع من بكر كما يظهر من "الجرح والتعديل" 8/ 108، و"اللسان" 5/ 70، ولأن روايته بسند منقطع أقوى، فقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" ص 106، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 206، والطبري في "تفسيره" 7/ 173 ، والحاكم 2/ 315، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 340 ، من طرق صحيحة عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس وانظر: "الدر المنثور" 3/ 15.]].
قال الزجاج: (والقول الأول أشبه بالمعنى؛ لأن الكلام متصلٌ بذكر جماعة أهل الكتاب والمشركين) [[معاني الزجاج 2/ 238 - 239، وهو الأظهر والأشبه بالمعنى واختيار الجمهور.= انظر: الطبري في "تفسيره" 7/ 173، و"معاني النحاس" 2/ 410، و"تفسير ابن كثير" 2/ 144.]]، والقول الثاني عدول عن الظاهر، وما يقتضيه الكلام الأول، والوجه أن يقال: أبو طالب من هؤلاء الذين ذكرهم الله [[انظر: ابن عطية 5/ 166، و"البحر" 4/ 100.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ قال ابن عباس: (يريد بتماديهم في معصية الله ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أنهم يهلكون أنفسهم ويذهبونها إلى النار بما يرتكبون من المعاصي) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 12/ 190، وانظر: الطبري في "تفسيره" 7/ 174، و"معاني النحاس" 2/ 412.]].
{"ayah":"وَمِنۡهُم مَّن یَسۡتَمِعُ إِلَیۡكَۖ وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰاۚ وَإِن یَرَوۡا۟ كُلَّ ءَایَةࣲ لَّا یُؤۡمِنُوا۟ بِهَاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوكَ یُجَـٰدِلُونَكَ یَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ"}