الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية، الوَلِيُّ: فعيل بمعنى فاعل، من قولهم: وَلِيَ فلانٌ الشيءَ يَلِيهِ ولايةً فهو والٍ وَوَليِّ [[ليست في (ي).]]، وأصله من الوَلْيِ الذي هو القُرْب، قال الهذلي [[خويلد بن خالد بن محرث الهذلي: شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وأسلم، وحسن إسلامه، تقدمت ترجمته.]]:
عدَتْ عَوَادٍ دَون وَليك تَشْعَبُ [[عجز بيت وصدره:
هجرتْ غضوبُ وحبَّ من يتجنبُ.
ورد في "لسان العرب" 8/ 4922؛ ونُسب لساعدة (مادة: ولى).]].
ومِنْ هذا يقال: داري تَلِي دارَه، أي، تَقْرُبُ منه، ومن هذا المعنى يقال للنصير المعاون المحب: وَلِيّ، لأنه يقرب منك [[في (ش): (منه ومنك).]] بالمحبة والنصرة، ولا يفارقك [[ساقط من (ي).]]، ومن ثَم قالوا في خلاف الولاية: العَدَاوة، ألا ترى أن العداوة من: عَدَا الشيءَ، إذا جَاوَزَه، فمن ثَمَّ كانت خِلافَ الوِلاية، فالوَلِيّ في اللغة هو: القريب من غير فصل [[ينظر في الولي: "تهذيب اللغة" 4/ 3956، "المفردات" ص 547 - 549، "اللسان" 8/ 4921.]]، والله تعالى ولي المؤمنين على معنى أنه يلي أمورهم، أي: يتولاها، وإن كانت أمور الكفار تجري بمشيئته، ففي هذا تخصيص للمؤمنين وتفضيل، كقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:11]، ووليهم أيضًا على معنى أنه يَتَوَلَّى ثوابَهُم ومجازاتهم بحسن أعمالهم [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 339.]].
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أىِ: من الكفر والضلالة إلى الإيمان والهداية [["تفسير الثعلبي" 2/ 1479.]].
قال الواقدي: كل ما في القرآن من الظلمات والنور فإنه أراد به الكفر والإيمان، غير التي في الأنعام ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: 1]، فإنه يعني الليل والنهار. وجعل الكفر ظلمات؛ لأنه كالظلمة في المنع من إدراك الحق [[نقله في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 339، "تفسير الثعلبي" 2/ 1479، "تفسير البغوي" 1/ 315.]].
وقال الزجاج: لأن أمر الضلالة مظلمٌ غيُر بَيِّن، وأمر الهدى بَيِّنٌ واضح كبيان النور [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 339.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾ أي: الذين يتولون أمرهم الطاغوت، والطاغوت هاهنا جمع، وقد ذكرناه [[في (ش): (وقد ذكرنا).]].
وقرأ الحسن: (أوليائهم الطواغيت) على الجمع [[ينظر: "المحتسب" لابن جني 1/ 131، وابن خالويه في "مختصر شواذ القرآن" ص 23، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 1481.]].
وقال مقاتل: يعنى بالطاغوت هاهنا: كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب [[هو: حيي بن أخطب النضري اليهودي، جاهلي من الأشداء العتاة، كان ينعت بسيد الحاضر والبادي، أدرك الإسلام وآذى المسلمين فأسروه يوم قريظة ثم قتلوه. ينظر: "سيرة ابن هشام" 3/ 229، "الأعلام" 2/ 292.]] وسائر رؤوس الضلالة [["تفسير مقاتل" 1/ 215، وذكره البغوي في "تفسيره" 1/ 315، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 253.]].
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ قال قتادة [[ذكره ابن أبي حاتم 2/ 498، والثعلبي 2/ 1482.]] والمقاتلان [[ذكره عن مقاتل بن حيان: ابن أبي حاتم 2/ 497، والثعلبي 2/ 1482، وقول مقاتل في "تفسيره" 1/ 215.]]: يعنى: اليهود كانوا مؤمنين بمحمد ﷺ قبل أن يبعث لِما يجدونه في كتبهم من نعته وصفته، فلما بعث جحدوه وأنكروه [[زيادة من (ي).]] وكفروا به. بيانه [[في (ش): (ببيانه).]] قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: 89] وعلى هذا، الطاغوتُ: علماؤهم، يخرجون أتباعهم عما كانوا عليه من الإيمان بمحمد قبل مبعثه، بقولهم: إنه ليس ذلك الذي نُعت [[في (ش): (بعث).]] في كتابنا. وسائر المفسرين على أن هذا على العموم في جميع الكفار [["تفسير الثعلبي" 2/ 1482.]].
ووجه إخراجهم من النور ولم يكونوا فيه، أنّ منع الطاغوت إياهم عن الدخول فيه إخراجٌ لهم منه، كما تقول: أخرجني والدي من ميراثه، تأويله: أنه [[في (ي): (أن).]] منعني الدخول فيه؛ لأنه لو لم يعمل ما عَمِلَ لدخلتُ فيه ومثل هذا: قوله تعالى ﴿مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ [الحج: 5]، يريد: ينقل، لأنه لم يكن فيه قط، فسمى النقل ردًا، لأن صورتهما واحدة، ومثله: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: 39] أي: صار [[قال معد الكتاب للشاملة: هذه الحاشية سقطت من المطبوع، وأصل الحاشية في الصفحة السابقة، بسبب ترحيل الحواشي في أغلب الكتاب، وحقها أن تنقل هنا، وما بقي من هذه الحاشية هو: .... 2/ 1483.]].
وروي عن مجاهد: أن هذا في قوم ارتدوا عن الإسلام [[ذكره في "النكت والعيون" 1/ 329.]].
وأضاف الإضلال والإخراج من النور إلى الطاغوت؛ لأن سبب ذلك من الطاغوت، وهو التزيين والوسوسة والدعاء إليه، فالإضافة إليه لأجل السبب. وحقيقة الهداية والإضلال لله تعالى: ﴿يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [النحل: 93] والشيطان يزين ويسول، كما قال النبي ﷺ: "بعثت داعيًا وليس إليَّ من الهداية شيء، وخُلِقَ إبليسُ مُزِيِّنًا [[في (أ) و (م): (من نار).]] وليس إليه من الضَّلالَةِ شيء" [[رواه العقيلي في "الضعفاء" من حديث عمر بن الخطاب، وفيه خالد أبو الهيثم، وابن عدي في "الكامل" في الضعفاء 3/ 471، وقال: في قلبي منه شيء، ولا أدري سمع خالد من سماك أم لا، قال الدارقطني وابن حجر: مجهول، ينظر تنزيه الشريعة1/ 315، "كنز العمال" 1/ 116حديث رقم 546.]].
{"ayah":"ٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ یُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق