الباحث القرآني

﴿اللَّهُ ولِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أيْ: مُعِينُهُمْ؛ أوْ مُتَوَلِّي أُمُورِهِمْ؛ والمُرادُ بِهِمُ الَّذِينَ ثَبَتَ في عِلْمِهِ (تَعالى) إيمانُهم في الجُمْلَةِ؛ مَآلًا؛ أوْ حالًا؛﴿يُخْرِجُهُمْ﴾: تَفْسِيرٌ لِلْوِلايَةِ؛ أوْ خَبَرٌ ثانٍ؛ عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ كَوْنَهُ جُمْلَةً؛ أوْ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في "وَلِيُّ"؛ ﴿مِنَ الظُّلُماتِ﴾؛ الَّتِي هي أعَمُّ مِن ظُلُماتِ الكُفْرِ؛ والمَعاصِي؛ وظُلُماتِ الشُّبَهِ؛ بَلْ مِمّا في بَعْضِ مَراتِبِ العُلُومِ الِاسْتِدْلالِيَّةِ؛ مِن نَوْعِ ضَعْفٍ؛ وخَفاءٍ؛ بِالقِياسِ إلى مَراتِبِها القَوِيَّةِ؛ الجَلِيَّةِ؛ بَلْ مِمّا في جَمِيعِ مَراتِبِها؛ بِالنَّظَرِ إلى مَرْتَبَةِ العِيانِ؛ كَما سَتَعْرِفُهُ؛ ﴿إلى النُّورِ﴾؛ الَّذِي يَعُمُّ نُورَ الإيمانِ؛ ونُورَ الإيقانِ؛ بِمَراتِبِهِ؛ ونُورَ العِيانِ؛ أيْ: يُخْرِجُ بِهِدايَتِهِ؛ وتَوْفِيقِهِ؛ كُلَّ واحِدٍ مِنهم مِنَ الظُّلْمَةِ الَّتِي وقَعَ فِيها؛ إلى ما يُقابِلُها مِنَ النُّورِ؛ وإفْرادُ النُّورِ لِوَحْدَةِ الحَقِّ؛ كَما أنَّ جَمْعَ الظُّلُماتِ لِتَعَدُّدِ فُنُونِ الضَّلالِ؛ ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أيْ: الَّذِينَ ثَبَتَ في عِلْمِهِ (تَعالى) كُفْرُهُمْ؛ ﴿أوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ﴾؛ أيْ: الشَّياطِينُ؛ وسائِرُ المُضِلِّينَ عَنْ طَرِيقِ الحَقِّ؛ فالمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ؛ و"أوْلِياؤُهُمْ" مُبْتَدَأٌ ثانٍ؛ و"الطّاغُوتُ" خَبَرُهُ؛ والجُمْلَةُ خَبَرٌ لِلْأوَّلِ؛ والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى ما قَبْلَها؛ ولَعَلَّ تَغْيِيرَ السَّبْكِ لِلِاحْتِرازِ عَنْ وضْعِ الطّاغُوتِ في (p-251)مُقابَلَةِ الِاسْمِ الجَلِيلِ؛ ولِقَصْدِ المُبالَغَةِ بِتَكْرِيرِ الإسْنادِ مَعَ الإيماءِ إلى التَّبايُنِ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ مِن كُلِّ وجْهٍ؛ حَتّى مِن جِهَةِ التَّعْبِيرِ أيْضًا؛ ﴿يُخْرِجُونَهُمْ﴾؛ بِالوَساوِسِ؛ وغَيْرِها مِن طُرُقِ الإضْلالِ؛ والإغْواءِ؛ ﴿مِنَ النُّورِ﴾؛ الفِطْرِيِّ؛ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ النّاسُ كافَّةً؛ أوْ: مِن نُورِ البَيِّناتِ الَّتِي يُشاهِدُونَها مِن جِهَةِ النَّبِيِّ ﷺ بِتَنْزِيلِ تَمَكُّنِهِمْ مِنَ الِاسْتِضاءَةِ بِها مَنزِلَةَ نَفْسِها؛ ﴿إلى الظُّلُماتِ﴾؛ ظُلُماتِ الكُفْرِ؛ والِانْهِماكِ في الغَيِّ؛ وقِيلَ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ ارْتَدُّوا عَنِ الإسْلامِ؛ والجُمْلَةُ تَفْسِيرٌ لِوِلايَةِ الطّاغُوتِ؛ أوْ خَبَرٌ ثانٍ؛ كَما مَرَّ؛ وإسْنادُ الإخْراجِ مِن حَيْثُ السَّبَبِيَّةُ إلى الطّاغُوتِ لا يَقْدَحُ في اسْتِنادِهِ مِن حَيْثُ الخَلْقُ؛ إلى قدرته - سُبْحانَهُ -؛ ﴿أُولَئِكَ﴾: إشارَةٌ إلى المَوْصُولِ؛ بِاعْتِبارِ اتِّصافِهِ بِما في حَيِّزِ الصِّلَةِ؛ وما يَتْبَعُهُ مِنَ القَبائِحِ؛ ﴿أصْحابُ النّارِ﴾؛ أيْ: مُلابِسُوها؛ ومُلازِمُوها؛ بِسَبَبِ ما لَهم مِنَ الجَرائِمِ؛ ﴿هم فِيها خالِدُونَ﴾؛ ماكِثُونَ أبَدًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب