الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ الآية، قال ابن عباس: جاء عمر - رضي الله عنه - إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله! هلكت. قال: "فما الذي أهلكك؟ " قال: حَوَّلْتُ رَحْلِيَ البارحة، فلم يرد عليه شيئًا، وأوحي إليه: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [[الحديث رواه الترمذي (2980) كتاب التفسير، باب: ومن سورة البقرة وقال: حسن غريب، والنسائي في "تفسيره" 1/ 256، وأحمد 1/ 297، والطبري في "تفسيره" 2/ 397، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 405، والبيهقي في "سننه" 7/ 198، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 962 وغيرهم.]]. وقال الحسن [[رواه عنه ابن أبي شيبة في "المصنف" 4/ 232، والدارمي في "سننه" 1/ 257.]] وقتادة [[عزاه الحافظ في "العجاب" 1/ 560، والسيوطي في "الدر المنثور" 1/ 467 - 468 إلى عبد بن حميد، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 971.]] والمقاتلان [["تفسير مقاتل" 1/ 192، وينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 971.]] والكلبي [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 971، والواحدي في "أسباب النزول" ص80.]]: تذاكر المسلمون واليهود إتيان [[في (أ): (آيتان).]] النساء، فقال المسلمون: إنا نأتيهن باركاتٍ وقائماتٍ ومستلقياتٍ ومن بين أيديهن وأرجلهن، بعد أن يكون المأتى واحدًا، فقالت اليهود: ما أنتم إلا أمثال البهائم، لكنا نأتيها على هيئة واحدة، وإنا لنجد في التوراة: أن كل إتيان يؤتى النساء غير الاستلقاء دنس عند الله، ومنه يكون الحول والحَبْل، فذكر المسلمون ذلك لرسول الله ﷺ، فأكذب الله عز وجل اليهود، وأنزل يرخص [[في (م) (ترخص).]] لهم ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾. أي: مَزْرَعٌ ومَنْبَتٌ للولد [[في (م) (للوالد).]]، وأراد به المُحْتَرَثَ والمُزْدَرَع، ولكنهن لما كُنَّ من أسباب الحرث جُعلن حَرْثًا، ولهذا وُحِّد [[في (م) (ي) (ش) (وحد).]] الحرث؛ لأنه مصدر. وقال أهل العربية: معناه: ذواتُ حرثٍ لكم، فيهن تحرثون الولد [[في (م) زيادة (الولد والفدة وقال الأزهري) حرث الرجل امرأته وأنشد وهو تكرار.]]، فحذف المضاف، وقيل: أراد: كحرثٍ لكم، كقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا﴾ [[(حتى) ساقطة من (ي).]] [الكهف: 96]. أي: كنار [[من "تفسير الثعلبي" 2/ 976 - 977، وينظر: "البحر المحيط" 2/ 170، وذكر وجها ثالثا، قال: ويحتمل أن يكون حرث لكم بمعنى محروثة لكم، فيكون من باب إطلاق المصدر ويراد به اسم المفعول.]]، وكَقَولِ الشاعر: النَّشْرُ مِسْكٌ والوجوهُ دنا ... نير وأطرافُ الأكفِّ عَنَم [[في (ي)، (ش) (غنم).]] [[البيت للمرقش الأكبر في "ديوانه" ص 586، وفيه: وأطراف البنان. "تفسير الثعلبي" 2/ 977 "تاج العروس" 7/ 524، "لسان العرب" 7/ 4422 "نشر"، ينظر: "المعجم المفصل في شواهد العربية" 7/ 30 - 31.]] وقال الزجاج: زعم أبو عبيدة أنه كناية [["مجاز القرآن" 1/ 73.]]، قال: والقول عندي فيه: أن نساءكم حرث لكم، فيهن تحرثون الولد واللذة [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 298.]]. وقال الأزهري: حَرْثُ الرجل: امرأتُه، وأنشد المبرد: إذا أكل الجَرادُ حُرُوثَ قومٍ ... فَحَرْثِي هَمُّهُ أَكْلُ الجَرَادِ [[البيت بلا نسبة في "تهذيب اللغة" 1/ 775، "تفسير الثعلبي" 2/ 977، لكنه قال: قال المفضل بن سلمة أنشدني أبي "لسان العرب" 2/ 820، "تهذيب اللغة" 1/ 775، "تاج العروس" 3/ 194 [مادة حرث]، "أساس البلاغة"، [مادة: حرث] "البحر المحيط" 1/ 170. "المعجم المفصل" 2/ 328.]] يعني: امرأته [[ينظر: "تهذيب اللغة" 1/ 775، والكلام فيه منقول عن ابن الأعرابي.]]. وقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ أي: كيف شئتم [[ساقطة من (أ) و (م).]]، ومن أين شئتم، بعد أن يكون في صمام واحد. ﴿أَنَّى﴾ شِئْتُمْ معناه من أين، يدل عليه الجواب، نحو قوله تعالى: ﴿أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 37] [[ينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 144، "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 311، "تفسير الثعلبي" 2/ 973، "البحر المحيط" 1/ 170.]]. وقال الزجاج: أي ايتوا مواضع [[في (ش) و (ي): (موضع).]] حرثكم كيف شئتم مقبلة ومدبرة [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 298.]]. والآية لا تدل على جواز [[في (ي): (جواب).]] الإتيان في الموضع المكروه؛ لأنها نزلت تكذيبًا لليهود، ونسخًا لشرعهم إن صدقوا فيما ادعوا، أو إباحة للإتيان في القبل من أي [[في (ش): (كل).]] وجه كان، ولأن الله تعالى ذكر لفظ الحرث والقبل محل النسل [[في (ي): (للنسل).]] والحرث لا الدبر، فعلم أن المراد بالآية إباحة الجماع إذا كان في الفرج على كل جهة، والأخبار شائعة في تحريم أدبار النساء [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 979 - 1000، " المحرر الوجيز" 2/ 256، "التفسير الكبير" 6/ 76، "تفسير القرطبي" 3/ 96، "البحر المحيط" 2/ 170 - 171.]]. وقوله تعالى: ﴿لِأَنْفُسِكُمْ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد العمل لله بما يحب ويرضى [[تقدم الحديث عن هذه الرواية في المقدمة. وذكره في "زاد المسير" عنه 1/ 253 برواية أبى صالح، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 329.]]، وهو قول السدي [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 399 بمعناه، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 406.]] والكلبي [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1006، البغوي في "تفسيره" 1/ 262.]]، واختيار الزجاج؛ لأنه قال: معناه: قدموا طاعته واتباع أمره، فمن اتبع ما أمر الله به فقد قدم لنفسه خيرًا [["معانى القرآن" للزجاج 1/ 298.]]، يحض على العمل بالواجب الذي أمروا. وقال بعض المفسرين: يعني: ابتغاء الولد والنسل [[قال به عكرمة كما رواه ابن أبى حاتم في "تفسيره" 2/ 405، وقدمه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1001، وينظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 77، "معاني القرآن" للنحاس 1/ 186.]]، وذلك أن الولد ذخيرة للدنيا والآخرة. ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ فيما حد لكم من الجماع وأمر الحيض. ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾ قال عطاءُ: يريد: راجعون إليه [[لم أجده.]]. وقد ذكرنا ما في هذا عند قوله: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)﴾ [البقرة: 46]. وقال أصحاب المعاني: معناه: ملاقو جزائه، إن ثوابًا وإن عقابًا. وقال بعضهم ﴿مُلَاقُوهُ﴾ أي: ملاقو ما قدمتم. ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الذين خافوه [[في (م): (يخافوه)، وفي (ي) (خافوا).]] وحَذِرُوا مَعْصيتَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب