الباحث القرآني

كانَ اليَهُودُ يَقُولُونَ: إذا أتى الرَجُلُ أهْلَهُ بارِكَةً أتى الوَلَدُ أحْوَلَ، فَنَزَلَ ﴿نِساؤُكم حَرْثٌ لَكُمْ﴾ مَواضِعُ حَرْثٍ لَكُمْ، وهَذا مَجازٍ، شُبِّهْنَ بِالمَحارِيثِ تَشْبِيهًا لِما يُلْقى في أرْحامِهِنَّ مِنَ النُطَفِ، الَّتِي مِنها النَسْلُ بِالبُذُورِ، والوَلَدِ (p-١٨٦)بِالنَباتِ. ووَقَعَ قَوْلُهُ: ﴿نِساؤُكم حَرْثٌ لَكُمْ﴾ بَيانًا وتَوْضِيحًا لِقَوْلِهِ: ﴿فَأْتُوهُنَّ مِن حَيْثُ أمَرَكُمُ اللهُ﴾ أيْ: إنَّ المَأْتِيَّ الَّذِي أمَرَكُمُ اللهُ بِهِ هو مَكانُ الحَرْثِ لا مَكانُ الفَرْثِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّ المَطْلُوبَ الأصْلِيَّ في الإتْيانِ هو طَلَبُ النَسْلِ لا قَضاءُ الشَهْوَةِ، فَلا تَأْتُوهُنَّ إلّا مِنَ المَأْتى الَّذِي نِيطَ بِهِ هَذا المَطْلُوبُ. ﴿فَأْتُوا حَرْثَكم أنّى شِئْتُمْ﴾ جامِعُوهُنَّ مَتى شِئْتُمْ، أوْ كَيْفَ شِئْتُمْ، بارِكَةً أوْ مُسْتَلْقِيَةً، أوْ مُضْطَجِعَةً بَعْدَ أنْ يَكُونَ المَأْتِيُّ واحِدًا، وهو مَوْضِعُ الحَرْثِ. وهو تَمْثِيلٌ، أيْ: فَأتَوْهُنَّ كَما تَأْتُونَ أراضِيَكُمُ الَّتِي تُرِيدُونَ أنْ تَحْرُثُوها مِن أيِّ جِهَةٍ شِئْتُمْ، لا يَحْظُرُ عَلَيْكم جِهَةٌ دُونَ جِهَةٍ. وقَوْلُهُ: ﴿هُوَ أذًى فاعْتَزِلُوا النِساءَ﴾ ﴿مِن حَيْثُ أمَرَكُمُ اللهُ﴾ ﴿فَأْتُوا حَرْثَكم أنّى شِئْتُمْ﴾ مِنَ الكِناياتِ اللَطِيفَةِ، والتَعْرِيضاتِ المُسْتَحْسَنَةِ، فَعَلى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَتَأدَّبَ بِها، ويَتَكَلَّفَ مِثْلَها في المُحاوَراتِ والمُكاتَباتِ. ﴿وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ﴾ ما يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنَ الأعْمالِ الصالِحَةِ وما هو خِلافُ ما نُهِيتُمْ عَنْهُ، أوْ هو طَلَبُ الوَلَدِ، أوِ التَسْمِيَةُ عَلى الوَطْءِ، ﴿واتَّقُوا اللهَ﴾ فَلا تَجْتَرِئُوا عَلى المَناهِي، ﴿واعْلَمُوا أنَّكم مُلاقُوهُ﴾ صائِرُونَ إلَيْهِ فاسْتَعِدُّوا لِلِقائِهِ ﴿وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ﴾ بِالثَوابِ يا مُحَمَّدُ. وَإنَّما جاءَ يَسْألُونَكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ بِلا واوٍ، ثُمَّ مَعَ واوٍ ثَلاثًا، لِأنَّ سُؤالَهم عَنْ تِلْكَ الحَوادِثِ الأُولِ كَأنَّهُ وقَعَ في أحْوالٍ مُتَفَرِّقَةٍ، فَلَمْ يُؤْتَ بِحَرْفِ العَطْفِ، لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَ السُؤالاتِ سُؤالٌ مُبْتَدَأٌ، وسَألُوا عَنِ الحَوادِثِ الأُخَرِ فى وقْتٍ واحِدٍ، فَجِيءَ بِحِرَفِ الجَمْعِ لِذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب