الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ قال المفسرون: المؤمنون والملائكة يسجدون لله تعالى طوعًا، والكافر يسجد كرهًا بالسيف، وهذا معنى قول الحسن [[أخرج أبو الشيخ نحوه كما في "الدر" 4/ 102، والقرطبي 9/ 301.]]، وقتادة [[الطبري 13/ 131، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 102، والقرطبي 9/ 301.]]، وابن زيد [[الطبري 13/ 131، "زاد المسير" 4/ 318.]]، ونحو هذا قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 61.]]، الساجد طوعًا من أهل السموات والأرض: الملائكة، ومن دخل في الإسلام رغبة [[في (ب): (ورغبة) بزيادة واو.]] فيه أو ولد عليه، ومن أكره على الإسلام فهو يسجد كرهًا، وهذا القدر لا يفتح معنى الآية؛ لأن قوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يقع على كل من في الأرض من البشر، وليس جميع الكفار يسجدون كرهًا.
واختلفوا في توجيه هذا، فذهب بعضهم إلى التخصيص، حكى ابن الأنباري عن بعض أهل العلم [[قال بهذا القول الثعلبي 7/ 130 أ، والطبري 13/ 131، وهذا الراجح والله أعلم.]] قال: الملائكة وعباد الله الصالحون يسجدون لله طوعًا، والكافرون والمنافقون يسجدون خوف القتل، وقلوبهم تنطوي على الكفر، فعلى هذا يراد بقوله ﴿كَرْهًا﴾ من يسجد لله كرهًا من خوف السيف لا جميع الكفار، من العموم الذي دخله الخصوص، وعليه دل كلام الفراء؛ لأنه قال: ومن أكره [[في (أ): (أكر) بغير هاء.]] على الإسلام فهو يسجد كرهًا، ومن المفسرين من ذهب إلى أن الكره أيضًا من صفة المؤمنين، يسجد لله طوعًا بسهولة ونشاط، ومن المسلمين من يسجد لله كرهًا، لصعوبة ذلك عليه وإكراهه نفسه على أدائه، وهو في ذلك مسلم يحمل نفسه على الطاعة، ويجذبها إلى الحق، وهو يقبل عليها.
وقال آخرون: يسجد المخلصون لله طوعًا، وبعض المسلمين كرهًا في ابتداء أمره، إلى أن يألف الحق، فعلى هذا لا مدخل للكافرين في الآية، هذا الذي ذكرنا طريقة التخصيص إما بالمسلمين وبعض الكفار، وإما بالمسلمين فقط.
ومن المفسرين من أجراها [[في (ب): (أجرها) من غير ألف.]] على العموم فقال: المعنى على ما ذكره المفسرون: أن السجود واجب لله تعالى، فالمؤمن يفعله طوعًا، والكافر يؤخذ بالسجود كرهًا، أي هكذا الحكم في وجوب السجود لله جل وعزَّ، فعلى هذا قوله: ﴿يَسْجُدُ﴾ المراد به الإخبار عمن يسجد طوعًا، وأمر بالإكراه على السجود في حكم الكافر، كأنه قال يؤخذون بالسجود كرهًا، ويكرهون عليه، وهذا [[(وهذا) ساقط من (أ)، (ج).]] مستبعد من حيث اللفظ. ولأصحاب المعاني في الآية طريقة أخرى، وهو أنهم قالوا [["زاد المسير" 4/ 319.]]: سجود الكافر هو تذلُّله وانقياده لتصريف الله تعالى إياه فيما يريد من عافية إلى مرض، وغنى إلى فقر، وحياة إلى موت، ومعنى السجود الخضوع والتذلل والانقياد، والكافر لا يمتنع من هذا، فهو في حكم الساجد من هذا الوجه أي: المسخّر المنقَاد والمذلّل، كما تقول في سجود الجماد، ونظير هذه الآية قوله تعالى: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [البقرة: 116]، وقوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}، [آل عمران:83] ومضى الكلام في الآيتين.
وقوله تعالى: ﴿وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ الكلام في تفسير هذه الألفاظ قد سبق [[عند قوله تعالى: ﴿وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ [الأعراف: 205].]]، وأما المعنى فقال المفسرون: كل شخص مؤمن أو كافر، فإنه يسجد لله تعالى. قال مجاهد [[الطبري 13/ 131، وابن المنذر كما في "الدر" 4/ 101، والثعلبي 7/ 130 أ، والقرطبي 9/ 302.]]: ظل المؤمن يسجد طوعًا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعًا وهو كاره. وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 144.]]: جاء في التفسير أن الكافر يسجد لغير الله، وظله يسجد لله، فعلى هذا قال ابن الأنباري [[القرطبي 9/ 302، والرازي 19/ 25، و"البحر" 6/ 369.]]: يُجْعل للظلال عقول تسجد بها وتخشع، كما جُعل للجبال أفهام حتى خاطبت وخوطبت، قال: على هذا بني أكثر أهل التفسير.
وقال أهل المعاني: سجود الظلال ميلانها ودورانها من جانبها إلى جانب، وطولها بانحطاط الشمس، وقصرها بارتفاع الشمس فهي مستسلمة منقادة، مطيعة بالتسخير، وهي في ذلك تميل من جانب إلى جانب، والميل سجود في اللغة، يقال: سجدت النخلة، إذا مالت [[مكرر في (أ)، (ج).]] لكثرة حملها، قال لبيد يصف نخلًا [[عجز بيت، وصدره:
بين الصفا وخليج العين ساكنة= "ديوانه" ص 60، و"تاج العروس" (سجد) 5/ 7، و"تأويل مشكل القرآن" ص 416، و"اللسان" (سجد) 4/ 1941، و"تهذيب اللغة" 2/ 1631 (سجد)، و"المخصص" 11/ 113.]]:
غُلْبٌ سَوَاجِدُ لم يَدْخل بها الحَصَرُ فسجود الظلال تمايلها واستسلامها وانقيادها للتسخير، كأنه قيل: وظلالهم بالغدو والآصال مستسلمة، ودل على هذا قوله: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ﴾
{"ayah":"وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۩"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق