الباحث القرآني

﴿وَلِلَّهِ﴾ وحْدَهُ ﴿يَسْجُدُ﴾ يَخْضَعُ، ويَنْقادُ لا لِشَيْءٍ غَيْرَهُ. اسْتِقْلالًا، ولا اشْتِراكًا. فالقَصْرُ يَنْتَظِمُ القَلْبَ، والإفْرادَ. ﴿مَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ مِنَ المَلائِكَةِ والثَّقَلَيْنِ. ﴿طَوْعًا وكَرْهًا﴾ أيْ: طائِعِينَ، وكارِهِينَ. أوِ انْقِيادَ طَوْعٍ، وكَرْهٍ. أوْ حالَ طَوْعٍ، وكَرْهٍ. فَإنَّ خُضُوعَ الكُلِّ لِعَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ (p-12)وَجَلَّ وانْقِيادَهم لِإحْداثِ ما أرادَهُ فِيهِمْ مِن أحْكامِ التَّكْوِينِ، والإعْدامِ شاءُوا، أوْ أبَوْا. وعَدَمُ مُداخَلَةِ حُكْمِ غَيْرِهِ بَلْ غَيْرِ حُكْمِهِ تَعالى في تِلْكَ الشُّؤُونِ مِمّا لا يَخْفى عَلى أحَدٍ. ﴿وَظِلالُهُمْ﴾ أيْ: وتَنْقادُ لَهُ تَعالى ظِلالُ مَن لَهُ ظِلٌّ مِنهُمْ، أعْنِي: الإنْسَ حَيْثُ تَتَصَرَّفُ عَلى مَشِيئَتِهِ وتَتَأتّى لِإرادَتِهِ في الِامْتِدادِ، والتَّقَلُّصِ، والفَيْءِ، والزَّوالِ. ﴿بِالغُدُوِّ والآصالِ﴾ ظَرْفُ السُّجُودِ المُقَدَّرِ، أوْ حالٌ مِنَ الظِّلالِ، وتَخْصِيصُ الوَقْتَيْنِ بِالذِّكْرِ مَعَ أنَّ انْقِيادَها مُتَحَقِّقٌ في جَمِيعِ أوْقاتِ وُجُودِها، لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهِما، والغُدُوُّ جَمْعُ غَداةٍ. كَفَتِيٍّ في جَمْعِ فَتاةٍ. والآصالُ جَمْعُ أصِيلٍ. وقِيلَ: جَمْعُ أصْلٍ وهو جَمْعُ: أصِيلٍ، وهو ما بَيْنَ العَصْرِ والمَغْرِبِ، وقِيلَ: الغُدُوُّ مَصْدَرٌ ويُؤَيِّدُهُ أنَّهُ قُرِئَ: (والإيصالِ) أيِ: الدُّخُولُ في الأصِيلِ هَذا وقَدْ قِيلَ: إنَّ المُرادَ حَقِيقَةُ السُّجُودِ، فَإنَّ الكَفَرَةَ حالَ الِاضْطِرارِ. وهو المَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ تَعالى: "وَكَرْهًا يَخُصُّونَ السُّجُودَ بِهِ" سُبْحانَهُ قالَ تَعالى: " ﴿فَإذا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ " ولا يَبْعُدُ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعالى في الظِّلالِ أفْهامًا وعُقُولًا بِها تَسْجُدُ لِلَّهِ سُبْحانَهُ كَما خَلَقَها لِلْجِبالِ حَتّى اشْتَغَلَتْ بِالتَّسْبِيحِ، وظَهَرَ فِيها آثارُ التَّجَلِّي كَما قالَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِسُجُودِها ما يُشاهَدُ فِيها مِن هَيْئَةِ السُّجُودِ تَبَعًا لِأصْحابِها، وأنْتَ خَبِيرٌ بِأنَّ اخْتِصاصَ سُجُودِ الكافِرِ حالَةَ الضَّرُورَةِ والشَّدَّةِ بِاللَّهِ سُبْحانَهُ لا يُجْدِي، فَإنَّ سُجُودَهم لِأصْنامِهِمْ حالَةَ الرَّخاءِ تُخِلُّ بِالقَصْرِ المُسْتَفادِ مِن تَقْدِيمِ الجارِّ والمَجْرُورِ. فالوَجْهُ: حَمْلُ السُّجُودِ عَلى الِانْقِيادِ، ولِأنَّ تَحْقِيقَ انْقِيادِ الكُلِّ في الإبْداعِ، والإعْدامِ لَهُ تَعالى أدْخَلُ في التَّوْبِيخِ عَلى اتِّخاذِ أوْلِياءَ مِن دُونِهِ مِن تَحْقِيقِ سُجُودِهِمْ لَهُ تَعالى. وتَخْصِيصُ انْقِيادِ العُقَلاءِ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِمْ أيْضًا كَذَلِكَ. لِأنَّهُمُ العُمْدَةُ وانْقِيادُهم دَلِيلُ انْقِيادِ غَيْرِهِمْ عَلى أنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب