قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: طَوْعًا سُجُودُ المُؤْمِنِ، وكَرْهًا سُجُودُ الكافِرِ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: ﴿طَوْعًا﴾ مَن دَخَلَ في الإسْلامِ رَغْبَةً، ﴿وَكَرْهًا﴾ مَن دَخَلَ فِيهِ رَهْبَةً بِالسَّيْفِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الثّالِثُ: ﴿طَوْعًا﴾ مَن طالَتْ مُدَّةُ إسْلامِهِ فَألِفَ السُّجُودَ، ﴿وَكَرْهًا﴾ مَن بَدَأ بِالإسْلامِ حَتّى يَأْلَفَ السُّجُودَ، حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.
الرّابِعُ: ما قالَهُ بَعْضُ أصْحابِ الخَواطِرِ أنَّهُ إذا نَزَلَتْ بِهِ المَصائِبُ ذَلَّ، وإذا تَوالَتْ عَلَيْهِ النِّعَمُ مَلَّ.
﴿وَظِلالُهم بِالغُدُوِّ والآصالِ﴾ يَعْنِي أنَّ ظِلَّ كُلِّ إنْسانٍ يَسْجُدُ مَعَهُ بِسُجُودِهِ، فَظِلُّ المُؤْمِنِ يَسْجُدُ طائِعًا كَما أنَّ سُجُودَ المُؤْمِنِ طَوْعًا، وظِلُّ الكافِرِ يَسْجُدُ كارِهًا كَما أنَّ سُجُودَ الكافِرِ كَرْهًا.
والآصالُ جَمْعُ أصُلٍ، والأصُلُ جَمْعُ أصِيلٍ، والأصِيلُ العَشِيُّ وهو ما بَيْنَ العَصْرِ والمَغْرِبِ، قالَ أبُو ذُؤَيْبٍ:
؎ لَعَمْرِي لَأنْتَ البَيْتُ أكْرَمُ أهْلِهِ وأقْعَدُ في أفْيائِهِ بِالأصائِلِ
{"ayah":"وَلِلَّهِ یَسۡجُدُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَظِلَـٰلُهُم بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۩"}