الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ مضى تفسير هذا القدر من الآية في سورة "الأعراف" [54]. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ يعني قبل أن يخلق السماء والأرض، قال كعب [[الثعلبي 7/ 34 أ، البغوي 4/ 162، القرطبي 9/ 8. قلت: هذا من الإسرائيليات، ويؤيدها ما روى الطبري 12/ 5، وابن أبي حاتم 6/ 2005 من طريق سعيد بن == جبير قال: سئل ابن عباس عن قول الله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾. قال: على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح. قال أحمد شاكر: رواه الحاكم في المستدرك 2/ 341، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي.]]: خلق الله ياقوتة خضراء، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء. وقال أهل المعاني: وفي وقوف العرش على الماء، والماء غير قرار أعظم الاعتبار لأهل الأفكار. قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 40.]]: وهذا يدل على أن العرش والماء كانا قبل السموات والأرض. وقوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 79، الثعلبي 7/ 34 أ، القرطبي 9/ 9.]]: أيكم أعمل بطاعة الله. قال أبو بكر: معناه: ليختبركم فيعلم وقوع الفعل منكم، الذي به تستحقون الثواب أو العقاب؛ وذلك أن الله تعالى لا يثيب ولا يعاقب بالسابق في علمه، لكنه يجازي بأفعال الفاعلين بعد وقوعها، فقال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ وهو يعني [ليعلم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] إحسان المحسن وإساءة المسيء بعد وقوعها، وهذا معنى قول أبي إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 40.]]. وقال آخر من أهل المعاني: ليعاملكم معاملة المختبر المبتلي مظاهرة في العدل؛ لئلا يتوهم أنه مجازي العباد بحسب ما في المعلوم أنه يكون منهم قبل أن يفعلوه. قال أبو بكر: واللام في ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ متعلقة بالفعل الأول ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ يعني لكي يختبركم بالمصنوعات فيها من آياتها، فيثيب المطيع المعتبر بما يرى ويشاهد، ويعاقب أهل العناد للحق. وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ إلى آخر الآية، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 40.]]: أعلمهم الله -عز وجل- أن القدرة على خلق [السموات والأرض] [[في (ج): (الأشياء).]] تدل على بعث الموتى، ومعنى هذا ما ذكره؛ أبو بكر؛ وهو أنه قال: إنما ذكر الله تعالى جحد أهل الكفر البعث بعد خلق السموات والأرض للابتلاء؛ لأن الكفار كانوا معترفين بابتداء خلق الله الأشياء وأنكروا البعث، فعجب من أنهم يجحدون من البعث ما ابتداء [[هكذا في (ب)، وفي (ي): يجحدون من البعث من ما ابتداء الخلق أعظم منه. اهـ.]] الخلق أعظم منه، فمن اعترف بالعظيم لزمه أن لا يجحد ما يصغر شأنه في جنب ما قد صدقه. وقوله تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، وليس هذا القول الذي ذكره الله -عز وجل- يوجب أن ينسب إلى السحر؛ لأن هذا خبر وليس بفعل ناقض للعادة، وقال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 40.]]: السحر باطل عندهم، وكأنهم قالوا إن هذا إلا باطل بيّن، يعني هذا القول الذي يقول لنا: أنا نبعث بعد الموت. وقال صاحب النظم: معنى السحر هاهنا الخداع، ومن هذا قوله: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ [[الإسراء: 47، الفرقان: 8.]] أي مخدوعًا؛ لأن به سحرًا قد عمل به.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب