الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا﴾، في مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿أمَرْنا مُتْرَفِيها﴾ [الإسراء: ١٦]، في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ ثَلاثَةُ مَذاهِبَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ عُلَماءِ التَّفْسِيرِ:
الأوَّلُ: وهو الصَّوابُ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ القُرْآنُ، وعَلَيْهِ جُمْهُورُ العُلَماءِ أنَّ الأمْرَ في قَوْلِهِ: أمَرْنا هو الأمْرُ الَّذِي هو ضِدُّ النَّهْيِ، وأنَّ مُتَعَلِّقَ الأمْرِ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ، والمَعْنى: أمَرْنا مُتْرَفِيها بِطاعَةِ اللَّهِ وتَوْحِيدِهِ، وتَصْدِيقِ رُسُلِهِ واتِّباعِهِمْ فِيما جاءُوا بِهِ: ﴿فَفَسَقُوا﴾، أيْ: خَرَجُوا عَنْ طاعَةِ أمْرِ رَبِّهِمْ، وعَصَوْهُ وكَذَّبُوا رُسُلَهُ ﴿فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ﴾، أيْ وجَبَ عَلَيْها الوَعِيدُ ﴿فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا﴾، أيْ أهْلَكْناها إهْلاكًا مُسْتَأْصِلًا، وأكَّدَ فِعْلَ التَّدْمِيرِ بِمَصْدَرِهِ لِلْمُبالَغَةِ في شِدَّةِ الهَلاكِ الواقِعِ بِهِمْ.
وَهَذا القَوْلُ الَّذِي هو الحَقُّ في هَذِهِ الآيَةِ تَشْهَدُ لَهُ آياتٌ كَثِيرَةٌ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿وَإذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وجَدْنا عَلَيْها آباءَنا واللَّهُ أمَرَنا بِها قُلْ إنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ﴾ الآيَةَ [الأعراف: ٢٨] . فَتَصْرِيحُهُ جَلَّ وعَلا بِأنَّهُ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ دَلِيلٌ واضِحٌ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ﴿أمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا﴾ [الإسراء: ١٦]، أيْ: أمَرْناهم بِالطّاعَةِ فَعَصَوْا، ولَيْسَ المَعْنى أمَرْناهم بِالفِسْقِ فَفَسَقُوا؛ لِأنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ.
وَمِنَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أرْسَلْنا في قَرْيَةٍ مِن نَذِيرٍ إلّا قالَ مُتْرَفُوها إنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ﴾ ﴿وَقالُوا نَحْنُ أكْثَرُ أمْوالًا وأوْلادًا وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ [سبإ: ٣٤، ٣٥] .
فَقَوْلُهُ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَما أرْسَلْنا في قَرْيَةٍ مِن نَذِيرٍ﴾ الآيَةَ (p-٧٦)[الزخرف: ٢٣]، لَفْظٌ عامٌّ في جَمِيعِ المُتْرَفِينَ مِن جَمِيعِ القُرى أنَّ الرُّسُلَ أمَرَتْهم بِطاعَةِ اللَّهِ فَقالُوا لَهم: ﴿إنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ﴾، وتَبَجَّحُوا بِأمْوالِهِمْ وأوْلادِهِمْ، والآياتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَبِهَذا التَّحْقِيقِ تَعْلَمُ: أنَّ ما زَعَمَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ في كَشّافِهِ مِن أنَّ مَعْنى أمَرْنا مُتْرَفِيها؛ أيْ أمَرْناهم بِالفِسْقِ فَفَسَقُوا، وأنَّ هَذا مَجازٌ تَنْزِيلًا لِإسْباغِ النِّعَمِ عَلَيْهِمُ المُوجِبِ لِبَطَرِهِمْ وكُفْرِهِمْ مَنزِلَةَ الأمْرِ بِذَلِكَ، كَلامٌ كُلُّهُ ظاهِرُ السُّقُوطِ والبُطْلانِ، وقَدْ أوْضَحَ إبْطالَهُ أبُو حَيّانَ في ”البَحْرِ“، والرّازِيُّ في تَفْسِيرِهِ، مَعَ أنَّهُ لا يَشُكُّ مُنْصِفٌ عارِفٌ في بُطْلانِهِ.
وَهَذا القَوْلُ الصَّحِيحُ في الآيَةِ جارٍ عَلى الأُسْلُوبِ العَرَبِيِّ المَأْلُوفِ، مِن قَوْلِهِمْ: أمَرْتُهُ فَعَصانِي، أيْ أمَرْتُهُ بِالطّاعَةِ فَعَصى. ولَيْسَ المَعْنى: أمَرْتُهُ بِالعِصْيانِ كَما لا يَخْفى.
القَوْلُ الثّانِي في الآيَةِ: هو أنَّ الأمْرَ في قَوْلِهِ: ﴿أمَرْنا مُتْرَفِيها﴾ أمْرًا كَوْنِيًّا قَدَرِيًّا، أيْ قَدَّرْنا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وسَخَّرْناهم لَهُ؛ لِأنَّ كَلًّا مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ. والأمْرُ الكَوْنِيُّ القَدَرِيُّ
• كَقَوْلِهِ: ﴿وَما أمْرُنا إلّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالبَصَرِ﴾ [القمر: ٥٠]،
• وقَوْلِهِ: ﴿فَقُلْنا لَهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥]،
• وقَوْلِهِ: ﴿أتاها أمْرُنا لَيْلًا أوْ نَهارًا﴾ [يونس: ٢٤]،
• وقَوْلِهِ: ﴿إنَّما أمْرُهُ إذا أرادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢] .
القَوْلُ الثّالِثُ في الآيَةِ: أنَّ ”أمَرْنا“ بِمَعْنى أكْثَرْنا، أيْ أكْثَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا.
وَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: أمَرْنا بِمَعْنى أكْثَرْنا، لُغَةٌ فَصِيحَةٌ كَآمَرْنا بِالمَدِّ، ويَدُلُّ لِذَلِكَ الحَدِيثِ الَّذِي أخْرَجَهُ الإمامُ أحْمَدُ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «خَيْرُ مالِ امْرِئٍ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ، أوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ» .
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: قالَ الإمامُ أبُو عُبَيْدٍ القاسِمُ بْنُ سَلّامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ في كِتابِهِ (الغَرِيبِ): المَأْمُورَةُ: كَثِيرَةُ النَّسْلِ. والسِّكَّةُ: الطَّرِيقَةُ المُصْطَفَّةُ مِنَ النَّخْلِ. والمَأْبُورَةُ: مِنَ التَّأْبِيرِ، وهو تَعْلِيقُ الذَّكَرِ عَلى النَّخْلَةِ لِئَلّا يُسْقَطَ ثَمَرَها. ومَعْلُومٌ أنَّ إتْيانَ المَأْمُورَةِ عَلى وزْنِ المَفْعُولِ يَدُلُّ عَلى أنَّ أمْرَ بِفَتْحِ المِيمِ مُجَرَّدًا عَنِ الزَّوائِدِ، مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ إلى المَفْعُولِ، فَيَتَّضِحُ كَوْنُ أمْرِهِ بِمَعْنى أكْثَرَ، وأنْكَرَ غَيْرُ واحِدٍ تَعَدِّي أمْرِ الثُّلاثِيِّ بِمَعْنى الإكْثارِ إلى المَفْعُولِ، وقالُوا: حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ هُبَيْرَةَ المَذْكُورُ مِن قَبِيلِ الِازْدِواجِ، كَقَوْلِهِمْ: الغَدايا والعَشايا، وكَحَدِيثِ «ارْجِعْنَ مَأْزُوراتٍ غَيْرَ مَأْجُوراتٍ»؛ لِأنَّ الغَدايا لا يَجُوزُ، وإنَّما ساغَ (p-٧٧)لِلِازْدِواجِ مَعَ العَشايا، وكَذَلِكَ مَأْزُوراتٌ بِالهَمْزِ فَهو عَلى غَيْرِ الأصْلِ؛ لِأنَّ المادَّةَ مِنَ الوِزْرِ بِالواوِ، إلّا أنَّ الهَمْزَ في قَوْلِهِ: ”مَأْزُوراتٍ“ لِلِازْدِواجِ مَعَ ”مَأْجُوراتٍ“، والِازْدِواجُ يَجُوزُ فِيهِ ما لا يَجُوزُ في غَيْرِهِ كَما هو مَعْلُومٌ. وعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: ”مَأْمُورَةٌ“ إتْباعٌ لِقَوْلِهِ: ”مَأْبُورَةٌ“ وإنْ كانَ مَذْكُورًا قَبْلَهُ لِلْمُناسَبَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ.
وَقالَ الشَّيْخُ أبُو عَبْدِ اللَّهِ القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: قَوْلُهُ تَعالى: أمْرُنا [الإسراء: ١٦]، قَرَأ أبُو عُثْمانَ النَّهْدِيُّ، وأبُو رَجاءٍ، وأبُو العالِيَةِ، والرَّبِيعُ، ومُجاهِدٌ، والحَسَنُ: ”أمَّرْنا“ بِالتَّشْدِيدِ، وهي قِراءَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أيْ سَلَّطْنا شَرارَها فَعَصَوْا فِيها، فَإذا فَعَلُوا ذَلِكَ أهْلَكْناهم.
وَقالَ أبُو عُثْمانَ النَّهْدِيُّ ”أمَّرْنا“ بِتَشْدِيدِ المِيمِ: جَعَلْناهم أُمَراءَ مُسَلَّطِينَ.
وَقالَهُ ابْنُ عَزِيزٍ: وتَأمَّرَ عَلَيْهِمْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ. وقَرَأ الحَسَنُ أيْضًا، وقَتادَةُ، وأبُو حَيْوَةَ الشّامِيُّ، ويَعْقُوبُ، وخارِجَةُ عَنْ نافِعٍ، وحَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وعَلِيٌّ وابْنُ عَبّاسٍ بِاخْتِلافٍ عَنْهُما: ”آمَرْنا“ بِالمَدِّ والتَّخْفِيفِ؛ أيْ أكْثَرْنا جَبابِرَتَها وأُمَراءَها، قالَهُ الكِسائِيُّ.
وَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: " آمَرْتُهُ - بِالمَدِّ - وأمَرْتُهُ لُغَتانِ بِمَعْنى أكْثَرْتُهُ.
وَمِنهُ الحَدِيثُ «خَيْرُ المالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ»؛ أيْ كَثِيرَةُ النِّتاجِ والنَّسْلِ، وكَذَلِكَ قالَ ابْنُ عَزِيزٍ: آمَرْنا وأمَرْنا بِمَعْنًى واحِدٍ، أيْ أكْثَرْنا. وعَنِ الحَسَنِ أيْضًا، ويَحْيى بْنِ يَعْمَرَ: أمَرْنا - بِالقَصْرِ وكَسْرِ المِيمِ - عَلى فِعْلِنا، ورُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ قَتادَةُ والحَسَنُ: المَعْنى أكْثَرْنا، وحَكى نَحْوَهُ أبُو زَيْدٍ وأبُو عُبَيْدٍ، وأنْكَرَهُ الكِسائِيُّ وقالَ: لا يُقالُ مِنَ الكَثْرَةِ إلّا آمَرْنا بِالمَدِّ، وأصْلُها أأمَرْنا فَخَفَّفَ؛ حَكاهُ المَهْدَوِيُّ.
وَفِي الصِّحاحِ: قالَ أبُو الحَسَنِ: أمِرَ مالُهُ - بِالكَسْرِ - أيْ كَثُرَ. وأمِرَ القَوْمُ: أيْ كَثُرُوا، قالَ الشّاعِرُ وهو الأعْشى:
؎طَرِفُونَ ولادُّونَ كُلَّ مُبارَكٍ أمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وَآمَرَ اللَّهُ مالَهُ؛ بِالمَدِّ. الثَّعْلَبِيُّ: ويُقالُ لِلشَّيْءِ الكَثِيرِ أمْرٌ، والفِعْلُ مِنهُ أمَرَ القَوْمُ يَأْمُرُونَ أمْرًا: إذا كَثُرُوا.
قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنّا نَقُولُ في الجاهِلِيَّةِ لِلْحَيِّ إذا كَثُرُوا: أمَرَ أمْرٍ بَنِي فُلانٍ؛ قالَ (p-٧٨)لَبِيدٌ:
؎كُلُّ بَنِي حُرَّةَ مَصِيرُهم ∗∗∗ قُلْ وإنْ أكْثَرَتْ مِنَ العَدَدِ
؎إنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا وإنْ أمَرُوا ∗∗∗ يَوْمًا يَصِيرُوا لِلْهَلَكِ والنَّكَدِ
قُلْتُ: وفي حَدِيثِ هِرَقْلَ الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَقَدْ أمَرَ أمْرَ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ، إنَّهُ لِيَخافَهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ»؛ أيْ كَثُرَ، وكُلُّها غَيْرُ مُتَعَدٍّ، ولِذَلِكَ أنْكَرَهُ الكِسائِيُّ، واللَّهُ أعْلَمُ.
قالَ المَهْدَوِيُّ: ومَن قَرَأ أمَرَ فَهي لُغَةٌ، ووَجْهُ تَعْدِيَةِ أمْرٍ أنَّهُ شَبَّهَهُ بِـ (عَمَرَ) مِن حَيْثُ كانَتِ الكَثْرَةُ أقْرَبُ شَيْءٍ إلى العِمارَةِ، فَعَدّى كَما عَدّى عَمَرَ، إلى أنْ قالَ: وقِيلَ أمَرْناهم جَعَلْناهم أُمَراءَ؛ لِأنَّ العَرَبَ تَقُولُ: أمِيرٌ غَيْرُ مَأْمُورٍ، أيْ غَيْرُ مُؤَمِّرٍ، وقِيلَ مَعْناهُ: بَعَثْنا مُسْتَكْبَرِيها. قالَ هارُونُ: وهي قِراءَةُ أُبَيٍّ: بَعَثْنا أكابِرَ مُجْرِمِيها فَفَسَقُوا فِيها، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
وَحَكى النَّحّاسُ: وقالَ هارُونُ في قِراءَةِ أُبَيٍّ: وإذا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً بَعَثْنا فِيها أكابِرَ مُجْرِمِيها فَمَكَرُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ. اه مَحَلُّ الغَرَضِ مِن كَلامِ القُرْطُبِيِّ.
وَقَدْ عَلِمْتَ أنَّ التَّحْقِيقَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ القُرْآنُ أنَّ مَعْنى الآيَةِ: أمَرْنا مُتْرَفِيها بِالطّاعَةِ فَعَصَوْا أمْرَنا، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الوَعِيدُ فَأهْلَكْناهم كَما تَقَدَّمَ إيضاحُهُ.
* * *
* تَنْبِيهٌ
فِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ سُؤالٌ مَعْرُوفٌ، وهو أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ أسْنَدَ الفِسْقَ فِيها لِخُصُوصِ المُتْرَفِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ في قَوْلِهِ: ﴿أمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها﴾ [الإسراء: ١٦] مَعَ أنَّهُ ذَكَرَ عُمُومَ الهَلاكِ لِجَمِيعِ المُتْرَفِينَ وغَيْرِهِمْ، في قَوْلِهِ: ﴿فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء: ١٦] يَعْنِي القَرْيَةَ، ولَمْ يَسْتَثْنِ مِنها غَيْرَ المُتْرَفِينَ ؟
والجَوابُ مِن وجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ غَيْرَ المُتْرَفِينَ تَبَعٌ لَهم، وإنَّما خَصَّ بِالذِّكْرِ المُتْرَفِينَ الَّذِينَ هم سادَتُهم وكُبَراؤُهم؛ لِأنَّ غَيْرَهم تَبَعٌ لَهم، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَقالُوا رَبَّنا إنّا أطَعْنا سادَتَنا وكُبَراءَنا فَأضَلُّونا السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: ٦٧]،
• وكَقَوْلِهِ: ﴿إذْ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ورَأوُا العَذابَ وتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبابُ﴾ الآيَةَ [البقرة: ١٦٦]،
• وقَوْلِهِ: ﴿حَتّى إذا ادّارَكُوا فِيها جَمِيعًا قالَتْ أُخْراهم لِأُولاهم رَبَّنا هَؤُلاءِ أضَلُّونا﴾ الآيَةَ [الأعراف: ٣٨]،
• وقَوْلِهِ تَعالى: (p-٧٩)﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا مِن عَذابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ الآيَةَ [إبراهيم: ٢١]،
• وقَوْلِهِ: ﴿وَإذْ يَتَحاجُّونَ في النّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيبًا مِنَ النّارِ﴾ [غافر: ٤٧]
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ بَعْضَهم إنْ عَصى اللَّهَ وبَغى وطَغى ولَمْ يَنْهَهُمُ الآخَرُونَ فَإنَّ الهَلاكَ يَعُمُّ الجَمِيعَ، كَما قالَ تَعالى: ﴿واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكم خاصَّةً﴾ [الأنفال: ٢٥]، وفي الصَّحِيحِ مِن حَدِيثِ أُمِّ المُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أنَّها لَمّا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرِبْ، فُتِحَ اليَوْمَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلَ هَذِهِ ”- وحَلَّقَ بِإصْبَعِهِ الإبْهامِ والَّتِي تَلِيها - قالَتْ لَهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أنَهْلِكُ وفِينا الصّالِحُونَ ؟ قالَ:“ نَعَمْ، إذا كَثُرَ الخَبَثُ» وقَدْ قَدَّمْنا هَذا المَبْحَثَ مُوَضِّحًا في سُورَةِ المائِدَةِ.
{"ayah":"وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق