الباحث القرآني

﴿وَإذا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً﴾ وإذا تَعَلَّقَتْ إرادَتُنا بِإهْلاكِ قَوْمٍ لِإنْفاذِ قَضائِنا السّابِقِ، أوْ دَنا وقْتُهُ المُقَدَّرُ كَقَوْلِهِمْ: إذا أرادَ المَرِيضُ أنْ يَمُوتَ ازْدادَ مَرَضُهُ شِدَّةً. ﴿أمَرْنا مُتْرَفِيها﴾ مُتَنَعَّمِيها بِالطّاعَةِ عَلى لِسانِ رَسُولٍ (p-251)بَعَثْناهُ إلَيْهِمْ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ ما قَبْلَهُ وما بَعْدَهُ، فَإنَّ الفِسْقَ هو الخُرُوجُ عَنِ الطّاعَةِ والتَّمَرُّدُ في العِصْيانِ، فَيَدُلُّ عَلى الطّاعَةِ مِن طَرِيقِ المُقابَلَةِ، وقِيلَ أمَرْناهم بِالفِسْقِ لِقَوْلِهِ: ﴿فَفَسَقُوا فِيها﴾ كَقَوْلِكَ أمَرْتُهُ فَقَرَأ، فَإنَّهُ لا يُفْهَمُ مِنهُ إلّا الأمْرُ بِالقِراءَةِ عَلى أنَّ الأمْرَ مَجازٌ مِنَ الحَمْلِ عَلَيْهِ، أوِ التَّسَبُّبُ لَهُ بِأنَّ صَبَّ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ ما أبْطَرَهم وأفْضى بِهِمْ إلى الفُسُوقِ، ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَكُونَ لَهُ مَفْعُولٌ مَنَوِيٌّ كَقَوْلِهِمْ: أمَرْتُهُ فَعَصانِي. وقِيلَ مَعْناهُ كَثَّرْنا يُقالُ: أمَرْتُ الشَّيْءَ وآمَرْتُهُ فَأُمِرَ إذا كَثَّرْتَهُ، وفي الحَدِيثِ «خَيْرُ المالِ سَكَّةٌ مَأْبُورَةٌ، ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ»، أيْ كَثِيرَةُ النِّتاجِ. وهو أيْضًا مَجازٌ مِن مَعْنى الطَّلَبِ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ يَعْقُوبَ « آمَرْنا» ورِوايَةُ ﴿أمَرْنا﴾ عَنْ أبِي عَمْرٍو، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مَنقُولًا مِن أمُرَ بِالضَّمِّ أمارَةً أيْ جَعَلْناهم أُمَراءَ، وتَخْصِيصُ المُتْرَفِينَ لِأنَّ غَيْرَهم يَتْبَعُهم ولِأنَّهم أسْرَعُ إلى الحَماقَةِ وأقْدَرُ عَلى الفُجُورِ. ﴿فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ﴾ يَعْنِي كَلِمَةَ العَذابِ السّابِقَةَ بِحُلُولِهِ، أوْ بِظُهُورِ مَعاصِيهِمْ أوْ بِانْهِماكِهِمْ في المَعاصِي. ﴿فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا﴾ أهْلَكْناها بِإهْلاكِ أهْلِها وتَخْرِيبِ دِيارِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب