الباحث القرآني
ولَمّا أشارَ إلى عَذابِ المُخالِفِينَ؛ قَرَّرَ أسْبابَهُ؛ وعَرَّفَ أنَّها بِقَدَرِهِ؛ (p-٣٩١)وأنَّ قَدَرَهُ لا يَمْنَعُ حُقُوقَ العَذابِ؛ لِبِناءِ الأمْرِ عَلى ما يَتَعارَفُهُ ذَوُو العُقُولِ بَيْنَهُمْ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وإذا﴾؛ أيْ: فَنَبْعَثُ الرُّسُلَ بِأوامِرِنا؛ ونَواهِينا؛ وإذا أرَدْنا أنْ نُحْيِيَ قَرْيَةً الحَياةَ الطَّيِّبَةَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ؛ ألْقَيْنا في قُلُوبِ أهْلِها امْتِثالَ أوامِرِنا؛ والتَّقَيُّدَ بِاتِّباعِ رُسُلِنا؛ وإذا ﴿أرَدْنا﴾؛ وإرادَتُنا لا تَكُونُ إلّا عَظِيمَةً جِدًّا؛ ﴿أنْ نُهْلِكَ﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ ﴿قَرْيَةً﴾؛ في الزَّمَنِ المُسْتَقْبَلِ؛ ﴿أمَرْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ الَّتِي لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى مُخالَفَتِها؛ ﴿مُتْرَفِيها﴾؛ الَّذِينَ لَهُمُ الأمْرُ؛ والنَّهْيُ؛ بِالفِسْقِ؛ أيْ: اسْتَدْرَجْناهم بِإدْرارِ النِّعَمِ؛ ودَفْعِ النِّقَمِ عَلى ما يَعْمَلُونَ مِنَ المَعاصِي؛ الَّذِي كانَ - بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِبَطَرِهِمْ ومُخالَفَتِهِمْ - كالأمْرِ بِالفِسْقِ؛ ﴿فَفَسَقُوا فِيها﴾؛ بَعْدَما أزالَ الرَّسُولُ مَعاذِيرَهم بِتَبْلِيغِ الرِّسالَةِ؛ كَما قالَ (تَعالى): ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [الأنعام: ٤٤]؛ - أيْ: عَلى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ -؛ ﴿فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٤٤]؛ الآيَةَ؛ ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا في كُلِّ قَرْيَةٍ أكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها﴾ [الأنعام: ١٢٣]؛ وخَصَّ المُتْرَفِينَ لِأنَّ غَيْرَهم لَهم تَبَعٌ؛ ولِأنَّهم أحَقُّ النّاسِ بِالشُّكْرِ؛ وأوْلى بِالِانْتِقامِ عِنْدَ الكُفْرِ؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ: أمَرْناهم بِأوامِرِنا فَفَسَقُوا فِيها؛ أيْ: الأوامِرِ بِالطّاعاتِ الَّتِي يُعْلَمُ قَطْعًا (p-٣٩٢)أنَّ أوامِرَنا تَكُونُ بِها؛ ولا تَكُونُ بِغَيْرِها؛ لِأنّا لا نَأْمُرُ بِالفَحْشاءِ؛ وقَدْ جَرَتِ العادَةُ بِأنَّ المُتْرَفَ عَسِرُ الِانْقِيادِ؛ لا تَكادُ تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِأنْ يَصِيرَ تابِعًا بَعْدَما كانَ مَتْبُوعًا؛ فَعَصَوْا؛ فَتَبِعَهم غَيْرُهُمْ؛ لِأنَّ الأصاغِرَ تَبَعٌ لِلْأكابِرِ؛ فَأطْبَقُوا عَلى المَعْصِيَةِ؛ فَأهْلَكْناهُمْ؛ وقَرَأ يَعْقُوبُ: ”آمَرْنا“؛ بِمَدِّ الهَمْزَةِ؛ بِمَعْنى كَثَّرْنا؛ مِن ”آمَرْتُ الشَّيْءَ“؛ و”أمَّرْتُهُ فَأُمِّرَ“؛ إذا كَثَّرْتُهُ؛ وفي الحَدِيثِ: «”خَيْرُ المالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ“؛» أيْ: كَثِيرَةُ النِّتاجِ؛ ورَوى البُخارِيُّ؛ في التَّفْسِيرِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: ”كُنّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إذا كَثُرُوا في الجاهِلِيَّةِ: آمَرَ بَنُو فُلانٍ“؛ والكَثْرَةُ راجِعَةٌ إلى الأمْرِ؛ الَّذِي هو ضِدَّ النَّهْيِ؛ فَإنَّهُ نَتِيجَةُ العِزِّ؛ الَّذِي هو لازِمُ الكَثْرَةِ؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنَ المُؤامَرَةِ؛ أيْ: أمَرْناهم بِأوامِرِنا؛ فَما امْتَثَلُوا؛ وأمَّرُونا بِأوامِرِهِمْ؛ أيْ: سَألُونا ما يُرِيدُونَ؛ فَأعْطَيْناهم ذَلِكَ اسْتِدْراجًا؛ فَأبْطَرَهم نَيْلُ الأمانِيِّ؛ فَفَسَقُوا؛ ﴿فَحَقَّ﴾؛ أيْ: وجَبَ وُجُوبًا لا شَكَّ في وُقُوعِهِ؛ ﴿عَلَيْها القَوْلُ﴾؛ الَّذِي تَوَعَّدْناهم بِهِ؛ عَلى لِسانِ الرَّسُولِ؛ بِمُباشَرَةِ البَعْضِ لِلْفِسْقِ؛ وسُكُوتِ الباقِينَ؛ عَلى حَسَبِ ما تَتَعارَفُونَهُ بَيْنَكم في أنَّ مَن خالَفَ الأمْرَ الواجِبَ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ العِقابَ؛ ﴿فَدَمَّرْناها﴾؛ أيْ: أهْلَكْناها إهْلاكًا شَدِيدًا؛ بَغْتَةً؛ غَيْرَ مُبالِينَ بِها؛ فَجَعَلْناها (p-٣٩٣)كالمُدِرَّةِ المُفَتَّتَةِ؛ وكانَ أمْرُها عَلى عَظَمَتِنا هَيِّنًا؛ ولِذَلِكَ أكَّدَ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿تَدْمِيرًا﴾
{"ayah":"وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











