الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (٢) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) ﴾ .
يقول تعالى ذكره: أقسم يا محمد بهذا البلد الحرام، وهو مكة، وكذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يعني: مكة.
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: مكة.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: الحرام.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: مكة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: البلد مكة.
⁕ حدثنا سوار بن عبد الله، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء، في قوله: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يعني مكة.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: مكة.
* * *
وقوله: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾
يعني: بمكة؛ يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: وأنت يا محمد حِلٌّ بهذا البلد، يعني بمكة؛ يقول: أنت به حلال تصنع فيه من قَتْلِ من أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك؛ يقال منه: هو حِلّ، وهو حلال، وهو حِرْم، وهو حرام، وهو محلّ، وهو محرم، وأحللنا، وأحرمنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يعني بذلك: نبيّ الله ﷺ، أحلّ الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، ويستحْيِي من شاء؛ فقتل يومئذ ابن خَطَل صَبْرا وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم تحِل لأحد من الناس بعد رسول الله ﷺ أن يقتل فيها حراما حرّمه الله، فأحلّ الله له ما صنع بأهل مكة، ألم تسمع أن الله قال في تحريم الحرم: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا﴾ يعني بالناس أهل القبلة.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: ما صنعت فأنت في حلّ من أمر القتال.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: أحلّ لرسول الله ﷺ ما صنع فيه ساعة.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: أحل له أن يصنع فيه ما شاء.
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: أُحِلَّت للنبي ﷺ، قال: اصنع فيها ما شئت.
⁕ حدثني موسى بن عبد الرحمن، قال: ثنا حسين الجُعْفِيّ، عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد، في قول الله ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: أنت حِلّ مما صنعت فيه.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: أحلّ الله لك يا محمد ما صنعت في هذا البلد من شيء، يعني مكة.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: لا تؤاخَذ بما عملت فيه، وليس عليك فيه ما على الناس.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يقول: بريء عن الحرج والإثم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يقول: أنت به حلّ لست بآثم.
⁕ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: لم يكن بها أحد حلا غير النبيّ ﷺ، كلّ من كان بها حراما، لم يحلّ لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه، فأحله الله لرسوله، فقاتل المشركين فيه.
⁕ حدثنا سوار بن عبد الله، قال حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ قال: إن الله حرّم مكة، لم تحلّ لنبيّ إلا نبيكم ساعة من نهار.
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ يعني محمدا، يقول: أنت حلّ بالحرم، فاقتل إن شئت، أو دع.
* * *
وقوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾
يقول تعالى ذكره: فأقسم بوالد وبولده الذي وَلَد.
ثم اختلف أهل التأويل في المعنّي بذلك من الوالد وما ولد، فقال بعضهم: عُنِي بالوالد: كلّ والد، وما ولد: كلّ عاقر لم يلد.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، عن شريك، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: الوالد: الذي يلد، وما ولد: العاقر الذي لا يولد له.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: العاقر، والتي تلد.
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن النضر بن عربي، عن عكرِمة ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: العاقر، والتي تلد.
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: هو الوالد وولده.
وقال آخرون: عُنِي بذلك: آدم وولده.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: الوالد: آدم، وما ولد: ولده.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: ولده.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: آدم وما ولد.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: آدم وما ولد.
⁕ حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن ابن أبي خالد، عن أبي صالح في قول الله ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: آدم وما ولد.
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: الوالد: آدم، وما ولد: ولده.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: آدم وما ولد.
⁕ حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: آدم وما ولد.
وقال آخرون: عُنِي بذلك: إبراهيم وما ولد.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن موسى الحَرَشيّ، قال: ثنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت أبا عمران الجَوْنِيّ يقرأ: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قال: إبراهيم وما ولد.
والصواب من القول في ذلك: ما قاله الذي قالوا: إن الله أقسم بكلّ والد وولده، لأن الله عم كلّ والد وما ولد. وغير جائز أن يخصّ ذلك إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر، أو عقل، ولا خبر بخصوص ذلك، ولا برهان يجب التسليم له بخصوصه، فهو على عمومه كما عمه.
* * *
وقوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾
وهذا هو جواب القسم.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: وقع ها هنا القسم ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: لقد خلقنا ابن آدم في شدّة وعناء ونصب.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ يقول: في نَصَب.
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا سعيد، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، أنه قال في هذه الآية: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ يقول: في شدّة.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ حين خُلِق في مشقة لا يُلَقى ابن آدم إلا مكابد أمر الدنيا والآخرة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿فِي كَبَدٍ﴾ قال: يكابد أمر الدنيا والآخرة.
وقال بعضهم: خُلِق خَلْقا لم نَخْلق خلقه شيئا.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن عليّ بن رفاعة، قال: سمعت الحسن يقول: لم يخلق الله خلقا يكابد ما يُكابد ابن آدم.
⁕ قال: ثنا وكيع، عن عليّ بن رفاعة، قال: سمعت سعيد بن أبي الحسن يقول: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: يكابد مصائب الدنيا، وشدائد الآخرة.
⁕ قال: ثنا وكيع، عن النضر، عن عكرِمة قال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في شدّة.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في شدّة.
⁕ قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: في شدّة معيشته، وحمله وحياته، ونبات أسنانه.
⁕ قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: قال مجاهد ﴿الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: شدة خروج أسنانه.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: شدّة.
وقال آخرون: معنى ذلك أنه خُلِق منتصبا معتدل القامة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في انتصاب، ويقال: في شدّة.
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا حرمى بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن عكرِمة، في قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في انتصاب، يعني القامة.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: منتصبا.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران؛ وحدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، جميعا عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله.
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن شَدَّاد، في قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: معتدلا بالقامة، قال أبو صالح: معتدلا في القامة.
⁕ حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل، عن أبي صالح ﴿خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: قائما.
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿فِي كَبَدٍ﴾ خُلِق منتصبا على رجلين، لم تخلق دابة على خلقه
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مُغيرة، عن مجاهد ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في صَعَد.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنه خُلق في السماء.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ قال: في السماء، يسمى ذلك الكَبَد.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: معنى ذلك أنه خلق يُكابد الأمور ويُعالجها، فقوله: ﴿فِي كَبَدٍ﴾ معناه: في شدّة.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكَبَد، ومنه قول لبيد بن ربيعة:
عَيْنِ هَلا بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... قُمْنا وَقَامَ الخُصُومِ فِي كَبَد [[يعني أن حاجة الأولى منهما كحاجة الثانية، فلذلك وجب تكرارها. سياق العبارة: "فكان معلومًا أن حاجة كل كلمة. . . وكان معلومًا أم الصواب أن تكون معها. . . وكان بينًا. . . " إلى آخر الفقرة.]]
* * *
وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾
ذُكر أن ذلك نزل في رجل بعينه من بني جُمح، كان يُدعى أبا الأشدّ، وكان شديدًا، فقال جلّ ثناؤه: أيحسب هذا القويّ بجَلَده وقوّته، أن لن يقهره أحد ويغلبه، فالله غالبه وقاهره.
* * *
وقوله: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا﴾
يقول هذا الجليد الشديد: أهلكت مالا كثيرا، في عداوة محمد ﷺ، فأنفقت ذلك فيه، وهو كاذب في قوله ذلك، وهو فعل من التلبُّد، وهو الكثير، بعضه على بعض، يقال منه: لبد بالأرض يَلْبُد: إذا لصق بها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿مَالا لُبَدًا﴾ يعني باللبد: المال الكثير.
⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿مَالا لُبَدًا﴾ قال: كثيرا.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مسلم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ﴿أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا﴾ . قال: مالا كثيرا.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا﴾ : أي كثيرا.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿مَالا لُبَدًا﴾ قال: اللبد: الكثير.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: ﴿مَالا لُبَدًا﴾ بتخفيف الباء. وقرأه أبو جعفر بتشديدها.
والصواب بتخفيفها، لإجماع الحجة عليه.
* * *
وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾
يقول تعالى ذكره: أيظن هذا القائل ﴿أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا﴾ أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ ابن آدم إنك مسئول عن هذا المال، من أين اكتسبته، وأين أنفقته.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لَاۤ أُقۡسِمُ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ","وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ","وَوَالِدࣲ وَمَا وَلَدَ","لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِی كَبَدٍ","أَیَحۡسَبُ أَن لَّن یَقۡدِرَ عَلَیۡهِ أَحَدࣱ","یَقُولُ أَهۡلَكۡتُ مَالࣰا لُّبَدًا","أَیَحۡسَبُ أَن لَّمۡ یَرَهُۥۤ أَحَدٌ"],"ayah":"وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق