الباحث القرآني
(p-٦١٥٨)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ البَلَدِ
مَكِّيَّةٌ وهي عِشْرُونَ آيَةً.
(p-٦١٥٩)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١ - ٣ ] ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذا البَلَدِ﴾ ﴿وأنْتَ حِلٌّ بِهَذا البَلَدِ﴾ [البلد: ٢] ﴿ووالِدٍ وما ولَدَ﴾ [البلد: ٣]
﴿لا أُقْسِمُ بِهَذا البَلَدِ﴾ تَقَدَّمَ في مَواضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ التَّنْزِيلِ الكَرِيمِ تَفْسِيرُ "لا أُقْسِمُ" و"البَلَدِ" هو مَكَّةُ. وقَيَّدَ القَسَمَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنْتَ حِلٌّ بِهَذا البَلَدِ﴾ [البلد: ٢] عِنايَةً بِالنَّبِيِّ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكَأنَّهُ إقْسامٌ بِهِ لِأجْلِهِ، مَعَ تَعْرِيضٍ بِعَدَمِ شَرَفِ أهْلِ مَكَّةَ، وأنَّهم جَهِلُوا جَهْلًا عَظِيمًا، لِهَمِّهِمْ بِإخْراجِ مَن هو حَقِيقٌ بِهِ، وبِهِ يُتِمُّ شَرَفَهُ.
قالَ الشِّهابُ: و(الحِلُّ) صِفَةُ مَصْدَرٍ بِمَعْنى الحالِّ عَلى هَذا الوَجْهِ. ولا عِبْرَةَ بِمَن أنْكَرَهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ في كُتُبِ اللُّغَةِ. وقِيلَ: مَعْناهُ وأنْتَ يَسْتَحِلُّ فِيهِ حُرْمَتَكَ، ويَتَعَرَّضُ لِأذِيَّتِكَ. فَفِيهِ تَعْجِيبٌ مِن حالِهِمْ في عَداوَتِهِ، وتَعْرِيضٌ بِتَجْمِيعِهِمْ وتَفْرِيقِهِمْ بِأنَّهُ لا يَسْتَحِلُّ فِيهِ الحَمامُ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ فِيهِ دَمُ مُرْشِدِ الأنامِ، عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ؟
وقِيلَ: مَعْناهُ وأنْتَ حِلٌّ بِهِ في المُسْتَقْبَلِ، تَصْنَعُ فِيهِ ما تُرِيدُ مِنَ القَتْلِ والأسْرِ، إشارَةٌ إلى ما سَيَقَعُ مِن فَتْحِ مَكَّةَ وإحْلالِها لَهُ ساعَةً مِن نَهارٍ، يَقْتُلُ ويَأْسِرُ، مَعَ أنَّها ما فُتِحَتْ عَلى أحَدٍ قَبْلَهُ، ولا أُحِلَّتْ لَهُ؛ فَفِيهِ تَسْلِيَةٌ لَهُ، ووَعْدٌ بِنَصْرِهِ، وإهْلاكُ عَدُوِّهِ. و(الحِلُّ) عَلى هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ ضِدُّ (الحُرْمَةِ)، وفِيهِما -كَما قالُوا- بُعْدٌ، لا سِيَّما إرادَةُ الِاسْتِقْبالِ في الوَجْهِ الأخِيرِ، فَإنَّهُ غَيْرُ مُتَبادَرٍ مِنهُ. وإنَّما كانَ الأوَّلُ أوْلى لِتَشْرِيفِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِجَعْلِ حُلُولِهِ بِهِ مَناطًا لِإعْظامِهِ، مَعَ التَّنْبِيهِ مِن أوَّلِ الأمْرِ عَلى تَحَقُّقِ مَضْمُونِ الجَوابِ، بِذِكْرِ بَعْضِ مَوادِّ المُكايَدَةِ، عَلى نَهْجِ (p-٦١٦٠)بَراعَةِ الِاسْتِهْلالِ، وإنَّهُ كابَدَ المَشاقَّ، ولاقى مِنَ الشَّدائِدِ، في سَبِيلِ الدَّعْوَةِ إلى اللَّهِ، ما لَمْ يُكابِدْهُ داعٍ قَبْلَهُ، صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وسَلامُهُ.
﴿ووالِدٍ وما ولَدَ﴾ [البلد: ٣] عَطْفٌ عَلى هَذا البَلَدِ، داخِلٌ في المُقْسَمِ بِهِ. قِيلَ: عُنِيَ بِذَلِكَ آدَمُ ووَلَدُهُ، وقِيلَ: إبْراهِيمُ ووَلَدُهُ. والصَّوابُ -كَما قالَ ابْنُ جَرِيرٍ - أنَّ المَعْنِيَّ بِهِ كُلُّ والِدٍ وما ولَدَ. قالَ: وغَيْرُ جائِزٍ أنْ يَخُصَّ ذَلِكَ إلّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَها مِن خَبَرٍ أوْ عَقْلٍ، ولا خَبَرَ بِخُصُوصِ ذَلِكَ ولا بُرْهانَ، يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ بِخُصُوصِهِ. فَهو عَلى عُمُومِهِ كَما عَمَّهُ.
وإيثارُ "ما" عَلى (مَن)؛ لِإرادَةِ الوَصْفِ. فَيُفِيدُ التَّعْظِيمَ في مَقامِ المَدْحِ، وأنَّهُ مِمّا لا يُكْتَنَهُ كُنْهُهُ لِشِدَّةِ إبْهامِها. ولِذا أفادَتِ التَّعَجُّبَ أوِ التَّعْجِيبَ، وإنْ لَمْ يَكُنِ اسْتِفْهامًا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما وضَعَتْ﴾ [آل عمران: ٣٦] أيْ: أيَّ مَوْلُودٍ عَظِيمِ الشَّأْنِ وضَعَتْهُ. وهَذا عَلى كَوْنِ المُرادِ إبْراهِيمَ والنَّبِيَّ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ، ظاهِرٌ، أمّا عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ آدَمُ وذُرِّيَّتُهُ، فالتَّعَجُّبُ مِن كَثْرَتِهِمْ، أوْ مِمّا خُصَّ بِهِ الإنْسانُ مِن خَواصِّ البَشَرِ، كالنُّطْقِ والعَقْلِ وحُسْنِ الصُّورَةِ. حَكاهُ الشِّهابُ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لَاۤ أُقۡسِمُ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ","وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ","وَوَالِدࣲ وَمَا وَلَدَ"],"ayah":"وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَـٰذَا ٱلۡبَلَدِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق