الباحث القرآني

يَعْنِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [[آية ٣٠ سورة الزمر.]]. وَمِثْلُهُ وَاسِعٌ [[في بعض نسخ الأصل: (شائع).]] فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. تَقُولُ لِمَنْ تَعِدُهُ الْإِكْرَامَ وَالْحِبَاءَ: أَنْتَ مُكْرَمٌ مَحْبُوٌّ. وَهُوَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَاسِعٌ، لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الْمُسْتَقْبَلَةَ عِنْدَهُ كَالْحَاضِرَةِ الْمُشَاهَدَةِ، وَكَفَاكَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَأَنَّ تَفْسِيرَهُ بِالْحَالِ مُحَالٌ: أَنَّ السُّورَةَ بِاتِّفَاقٍ مَكِّيَّةٌ قَبْلَ الْفَتْحِ. فَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَأَنْتَ حِلٌّ قَالَ: مَا صَنَعْتَ فيه من شي فَأَنْتَ فِي حِلٍّ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُحِلَّ لَهُ يَوْمَ دَخَلَ مَكَّةَ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَاءَ، فَقَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ [[هو عبد الله، كان معلقا بأستار الكعبة فقتله أبو برزة الأسلمي بأمر الرسول صلوات الله عليه.]] وَمَقِيسَ بْنَ صُبَابَةَ وَغَيْرَهُمَا. وَلَمْ يُحِلَّ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَقْتُلَ بِهَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَرَوَى السُّدِّيُّ قَالَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّنْ قَاتَلَكَ أَنْ تَقْتُلَهُ. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُحِلَّتْ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ أُطْبِقَتْ وَحُرِّمَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: [إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فلم تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ [الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ "الْمَائِدَةِ" ابْنُ زَيْدٍ: لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ حَلَالًا غَيْرُ النَّبِيِّ ﷺ. وَقِيلَ: وَأَنْتَ مُقِيمٌ فِيهِ وَهُوَ مَحِلُّكَ. وَقِيلَ: وَأَنْتَ فِيهِ مُحْسِنٌ، وَأَنَا عَنْكَ فِيهِ رَاضٍ. وَذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ: رَجُلٌ حِلٌّ وَحَلَالٌ وَمُحِلٌّ، وَرَجُلٌ حَرَامٌ وَمُحِلٌّ، وَرَجُلٌ حَرَامٌ وَمُحْرِمٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَنْتَ حِلٌّ بِهِ: لَسْتَ بِآثِمٍ. وَقِيلَ: هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، أَيْ إِنَّكَ غَيْرُ مُرْتَكِبٍ فِي هَذَا الْبَلَدِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْكَ ارْتِكَابُهُ، مَعْرِفَةً مِنْكَ بِحَقِ هَذَا الْبَيْتِ، لَا كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَرْتَكِبُونَ الْكُفْرَ بِاللَّهِ فِيهِ أَيْ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَيْتِ الْمُعَظَّمِ الَّذِي قَدْ عَرَفْتَ حُرْمَتَهُ، فَأَنْتَ مُقِيمٌ فِيهِ مُعَظِّمٌ لَهُ، غَيْرُ مُرْتَكِبٍ فِيهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْكَ. وَقَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ أَيْ حَلَالٌ، أَيْ هُمْ يُحَرِّمُونَ مَكَّةَ أَنْ يَقْتُلُوا بِهَا صَيْدًا أَوْ يَعْضُدُوا [[عضد الشجرة وغيرها: قطعها بالمعضد والمعضد: سيف يمتهن في قطع الشجرة.]] بِهَا شَجَرَةً، ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذَا يستحلون إخراجك وقتلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب