الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾
قال أبو جعفر: ولقوله جل ثناؤه:"من الذين هادوا يحرفون الكلم"، وجهان من التأويل.
أحدهما: أن يكون معناه:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب" ="من الذين هادوا يحرفون الكلم"، فيكون قوله:"من الذين هادوا" من صلة"الذين". وإلى هذا القول كانت عامة أهلِ العربية من أهل الكوفة يوجِّهون قوله:"من الذين هادوا يحرِّفون". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٧١.]]
* * *
والآخر منهما: أن يكون معناه: من الذين هادوا من يُحرِّف الكلم عن مواضعه، فتكون"مَن" محذوفة من الكلام، اكتفاء بدلالة قوله:"من الذين هادوا"، عليها. وذلك أن"مِن" لو ذكرت في الكلام كانت بعضًا ل"مَن"، فاكتفى بدلالة"مِنْ"، عليها. والعرب تقول:"منا من يقول ذلك، ومِنا لا يقوله"، [[في المطبوعة: "والعرب تقول: منا من يقول ذلك" بزيادة"من" وهو خطأ، والصواب من معاني القرآن للفراء. أما المخطوطة فكان فيها: "والعرب تقول ذلك ومثالا لا يقوله" وهو من عبث الناسخ وإسقاطه.]] بمعنى: منا من يقول ذاك، ومنا من لا يقوله = فتحذف"مَن" اكتفاء بدلالة"مِنْ" عليه، كما قال ذو الرمة:
فَظَلُّوا، وَمِنْهُمْ دَمْعُهُ سَابِقٌ لَهُ ... وَآخَرُ يَثْنِي دَمْعَةَ العَيْنِ بِالهَمْلِ [[ديوانه ٤٨٥، وقبله: مع اختلاف الرواية: بَكَيْتُ عَلَى مَيٍّ بِهَا إذْ عَرَفْتُهَا ... وَهِجْتُ الْهَوَى حَتَّى بَكَى القَوْمُ مِنْ أَجْلِي
فَظَلُّوا وَمِنْهُمْ دَمْعُهُ غَالِبٌ لَهُ ... وَآخَرُ يَثْنِي عَبْرَةَ العَيْنِ بالهَمْلِ
وَهَلْ هَمَلانُ الْعَيْنِ رَاجِعُ مَا مَضَى ... مِنَ الوَجْدِ، أوْ مُدْنِيكِ يَا مَيُّ مِنْ أَهْلِي
وكان في المطبوعة: "يذري دمعة العين بالمهل" وهو خطأ، وتغيير من الطابع، وفي المخطوطة"يثني" كما في الديوان.
وقوله: "يثني دمعة العين"، أي يرد هملانها. وقوله: "بالهمل" متعلق بقوله"دمعة" ووضع"دمعة" هنا مصدرًا لقوله: "دمعت عينه دمعًا ودمعانًا ودموعًا"، وزاده هو"دمعة" على وزن"رحمة" في المصادر = وكذلك في رواية"عبرة"، كلاهما مصدر، ولم تثبته كتب اللغة. يقول: وآخر يرد إرسال العين دمعها منهملا، يعني: لولا ذلك لسالت دموعه غزارًا.]]
يعني: ومنهم مَن دمعه، وكما قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [سورة الصافات: ١٦٤] . وإلى هذا المعنى كانت عامة أهل العربية من أهل البصرة يوجِّهون تأويل قوله:"من الذين هادوا يحرفون الكلم"، غير أنهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك"القوم"، كأن معناه عندهم: من الذين هادوا قوم يحرِّفون الكلم، ويقولون: نظير قول النابغة:
كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ [[مضى تخريجه فيما سلف ١: ١٧٩، تعليق: ٢، ونسيت هناك أن أرده إلى هذا المكان، فأثبته.]]
يعني: كأنك جمل من جمال أقيش.
فأما نحويو الكوفة فينكرون أن يكون المضمر مع"مِن" إلا"مَن" أو ما أشبهها. [[انظر مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٢٧١.]]
* * *
قال أبو جعفر: والقول الذي هو أولى بالصواب عندي في ذلك: قول من قال: قوله:"من الذين هادوا"، من صلة"الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب"، لأن الخبرين جميعًا والصفتين، من صفة نوع واحد من الناس، وهم اليهود الذين وصفَ الله صفتهم في قوله:"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب". وبذلك جاء تأويلُ أهل التأويل، فلا حاجة بالكلام = إذ كان الأمر كذلك = إلى أن يكون فيه متروك.
* * *
وأما تأويل قوله:"يُحَرِّفون الكلِمَ عن مواضعه"، [[انظر تفسير"التحريف" فيما سلف ٢: ٢٤٨، ٢٤٩.]] فإنه يقول: يبدِّلون معناها ويغيِّرونها عن تأويله.
* * *
و"الكلم" جماع"كلمة".
* * *
وكان مجاهد يقول: عنى بـ "الكلم"، التوراة.
٩٦٩١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"يحرفون الكلم عن مواضعه"، تبديل اليهود التوراة.
٩٦٩٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
* * *
وأما قوله:"عن مواضعه"، فإنه يعني: عن أماكنه ووجوهه التي هي وجوهه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾
يعني بذلك جل ثناؤه: من الذين هادوا يقولون: سمعنا، يا محمد، قولك، وعصينا أمرك، كما:-
٩٦٩٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"سمعنا وعصينا"، قال: قالت اليهود: سمعنا ما نقول ولا نطيعك.
٩٦٩٤ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٦٩٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٦٩٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:"سمعنا وعصينا"، قالوا: قد سمعنا، ولكن لا نطيعك.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود الذين كانوا حوالَيْ مهاجر رسول الله ﷺ في عصره: أنهم كانوا يسبّون رسول الله ﷺ ويؤذونه بالقبيح من القول، ويقولون له: اسمع منا غير مسمع، كقول القائل للرجل يَسُبُّه:"اسمع، لا أسمعَك الله"، كما:-
٩٦٩٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"واسمع غير مسمع"، قال: هذا قول أهل الكتاب يهود، كهيئة ما يقول الإنسان: "اسمع لا سمعت"، أذًى لرسول الله ﷺ، وشتمًا له واستهزاءً.
٩٦٩٨ - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:"واسمع غير مسمع" قال: يقولون لك:"واسمع لا سمعت".
وقد روي عن مجاهد والحسن: أنهما كانا يتأوّلان في ذلك بمعنى: واسمع غير مقبول منك.
= ولو كان ذلك معناه لقيل:"واسمع غير مسموع"، ولكن معناه: واسمع لا تسمع، ولكن قال الله تعالى ذكره:"ليًّا بألسنتهم وطعنًا في الدين"، فوصفهم بتحريف الكلام بألسنتهم، والطعن في الدين بسبِّ النبي ﷺ.
* * *
وأما القول الذي ذكرته عن مجاهد:"واسمع غير مسمع"، يقول: غير مقبول ما تقول، فهو كما:-
٩٦٩٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"واسمع غير مسمع"، قال: غير مُسْتمع - قال ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد:"واسمع غير مسمع"، غير مقبول ما تقول.
٩٧٠٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
٩٧٠١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"واسمع غير مسمع"، قال: كما تقول اسمع غير مَسْموع منك.
٩٧٠٢ - وحدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: كان ناس منهم يقولون:"واسمع غير مسمع"، كقولك: اسمع غير صاغِرٍ. [[في المطبوعة: "غير صاغ"، والصواب من المخطوطة.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:"وراعنا"، أي: راعنا سمعك، افهم عنّا وأفهمنا. وقد بينا تأويل ذلك في"سورة البقرة" بأدلته، بما فيه الكفاية عن إعادته. [[انظر ما سلف ٢: ٤٥٩-٤٦٧.]]
* * *
ثم أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يقولون ذلك لرسول الله ﷺ:"ليًّا بألسنتهم"، يعني تحريكًا منهم بألسنتهم بتحريف منهم لمعناه إلى المكروه من معنييه، [[انظر تفسير"اللي" و"اللي بالألسنة" فيما سلف ٦: ٥٣٥-٥٣٧.]] واستخفافًا منهم بحق النبي ﷺ، وطعنًا في الدين، كما:-
٩٧٠٣ - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، قال قتادة: كانت اليهود يقولون للنبي ﷺ:"راعنا سمعك"! يستهزئون بذلك، فكانت اليهود قبيحة أن يقال: [[في المخطوطة والمطبوعة: "فكان في اليهود قبيحة فقال"، وهو كلام لا يستقيم البتة، وصوابه الذي لا شك فيه ما أثبت، وانظر كونها كلمة قبيحة لليهود في ٢: ٤٦٠.]] "راعنا سمعك" ="ليًّا بألسنتهم" والليّ: تحريكهم ألسنتهم بذلك ="وطعنًا في الدين".
٩٧٠٤ - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:"راعنا ليًّا بألسنتهم"، كان الرجل من المشركين يقول:"أرعني سمعك"! يلوي بذلك لسانه، يعني: يحرِّف معناه.
٩٧٠٥ - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أييه، عن ابن عباس:"من الذين هادوا يحرّفون الكلم عن مواضعه"، إلى"وطعنًا في الدين"، فإنهم كانوا يستهزئون، ويلوون ألسنتهم برسول الله ﷺ، ويطعنون في الدين.
٩٧٠٦ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"وراعنا ليا بألسنتهم وطعنًا في الدين"، قال:"راعنا"، طعنهم في الدين، وليهم بألسنتهم ليبطلوه، ويكذبوه. قال: و"الرَّاعن"، الخطأ من الكلام. [[انظر القول في"الراعن" فيما سلف ٢: ٤٦٥، ٤٦٦.]]
٩٧٠٧ - حدثت عن المنجاب قال، حدثنا بشر قال، حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله:"ليا بألسنتهم"، قال: تحريفًا بالكذب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولو أن هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم، قالوا لنبي الله:"سمعنا يا محمد قولك، وأطعنا أمرك، وقبلنا ما جئتنا به من عند الله، واسمع منا، وانظرنا ما نقول، وانتظرنا نفهم عنك ما تقول لنا" ="لكان خيرًا لهم وأقوم"، يقول: لكان ذلك خيرًا لهم عند الله ="وأقوم"، يقول: وأعدل وأصوبَ في القول.
* * *
وهو من"الاستقامة" من قول الله: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلا﴾ [سورة المزمل: ٦] ، بمعنى: وأصوبُ قيلا [[انظر تفسر"أقوم" فيما سلف ٦: ٧٧، ٧٨.]] كما:-
٩٧٠٨ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرًا لهم"، قال: يقولون اسمع منا، فإنا قد سمعنا وأطعنا، وانظرنا فلا تعجل علينا.
٩٧٠٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عكرمة ومجاهد قوله:"وانظُرنا"، قال: اسمع منا.
٩٧١٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد:"وانظرنا"، قال: أفهمنا.
٩٧١١ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،"وانظرنا"، قال: أفهمنا.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله مجاهد وعكرمة، من توجيههما معنى:"وانظرنا" إلى:"اسمع منا" = وتوجيه مجاهد ذلك إلى"أفهمنا" = فما لا نعرف في كلام العرب، [[في المطبوعة والمخطوطة: "ما لا نعرف" بغير فاء، ولكني زدتها لأنها أعرق في العربية وأقوم للسياق.]] إلا أن يكون أراد بذلك من توجيهه إلى"أفهمنا"، انتظرنا نفهم ما تقول = أو: انتظرنا نقل حتى تسمع منا = فيكون ذلك معنًى مفهومًا، وإن كان غير تأويلٍ للكلمة ولا تفسير لها. [[في المخطوطة والمطبوعة: "غير تأويل الكلمة" والصواب ما أثبت.]] ولا نعرف:"انظرنا" في كلام العرب، [[في المطبوعة: "فلا نعرف" بالفاء، والأجود ما في المخطوطة، كما أثبته.]] إلا بمعنى: انتظرنا وانظر إلينا = فأما"انظرنا" بمعنى: انتظرنا، فمنه قول الحطيئة:
وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ لَوْ أَنَّ دِرَّتَكُمْ ... يَوْمًا يَجِيء بها مَسْحِي وَإِبْسَاسِي [[ديوانه: ٥٢، والكامل ١: ٣٥١، وهذا خطأ لا شك فيه في رواية البيت، وأثبته على حاله، لأنه دلالة على عجلة أبي جعفر أحيانًا في كتابة تفسيره، ودليل على حفظه الشعر، ولولا ذلك لم يخلط هذا الخلط فإن هذه القصيدة، هي التي هجا بها الزبرقان بن بدر، ومدح بغيض ابن عامر، والتي شكاه من أجلها الزبرقان إلى عمر بن الخطاب فحبسه، يقول للزبرقان لما غضب حين استضافه بغيض: مَا كانَ ذَنْبُ بَغِيض لا أَبَا لَكُمُ ... فِي بَائِسٍ جَاءَ يَحْدُو آخِرَ الناسِ
لَقَدْ مَرَيْتُكُمُ لَوْ أَنَّ دِرَّتكُمْ ... يَوْمًا يجِيءُ بِهَا مَسْحِي وَإبْسَاسِي
وَقَدْ مَدَحْتُكُمْ عَمْدًا لأُرْشِدَكُمْ ... كَيْمَا يَكُونَ لَكُمْ مَتْحٍي وَإمْرَاسِي
ثم يليه بيت الشاهد الذي كان ينبغي أن يذكره هنا أبو جعفر، كما ذكره فيما سلف في تفسير"انظرنا" من سورة البقرة ٢: ٤٦٧، ٤٦٨ وقد شرحته هناك. ولولا أن أثبت حال أبي جعفر في كتابه، لألغيت البيت المذكور في المتن، ولوضعت هذا البيت: وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعْشَاءَ صَادِرَةٍ ... لِلْخِمْسِ طَالَ بِهَا حَوْزِي وَتَنْسَاسِي
وقوله: "لقد مريتكم" من قولهم: "مري الناقة يمريها مريًا": إذا مسح ضرعها لتدر. و"الدرة": الدفعة من اللبن و"المسح" مسح الضرع للحلب. و"الإبساس": هو صوت الراعي، يلينه لناقته عند الحلب لتسكن ويسهل حلبها. يقول: لقد ترفقت لكم، أستخرج خيركم بالمديح الرقيق والقول اللين، فلم ألمق خيرًا، ولم تجودوا به.
وكان في المخطوطة: "يجيء به" وهو خطأ.]] وأما"انظرنا"، بمعنى: انظر إلينا، فمنه قول عبد الله بن قيس الرقيات:
ظَاهِرَاتُ الجَمالِ وَالحُسْنِ يَنْظُرْنَ ... كَمَا يَنْظُرُ الأَرَاكَ الظِّبَاءُ [[ديوانه: ١٧١، من قصيدته التي فخر فيها بقريش، ومدح مصعب بن الزبير، وذكر نساء عبد شمس بن عبد مناف فقال: وَحِسَانٌ مِثْلُ الدُّمَي عَبْشَمِيَّاتٌ ... عَلَيْهِن بَهْجَةٌ وَحَيَاءُ
لا يَبِعْنَ العِيَابَ في مَوْسِمٍ النَّاسِ ... إذَا طَافَ بِالعِيابِ النِّسَاءُ
ظَاهِرَاتُ الجَمَالِ والسَّرْو........ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و"السرو": الشرف وكرم المحتد. وهي أجود الروايتين، وقوله: "كما ينظر الأراك الظباء"، من حسن التشبيه، ودقة الملاحظة للعلاقة بين الشرف والسؤدد. وما يكون للمرء من شمائل وسمت وهيأة. ويعني أنهن قد ينصبن أجيادهن، كأنهن ظباء تعطو الأراك لتناله. وذلك أظهر لجمال أجيادهن، وحركتهن. والجيد فيه دلالة من دلائل الخلق لا يخطئها بصير.]] بمعنى: كما ينظر إلى الأراك الظباء. [[انظر تفسير نظيرة هذه الكلمة من آية البقرة: "وقولوا انظرنا" ٢: ٤٦٧ - ٤٦٩.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا (٤٦) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك: ولكن الله تبارك وتعالى أخْزَى هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآية، فأقصاهم وأبعدهم من الرشد واتباع الحق [[انظر تفسير"اللعنة" فيما سلف ٢: ٣٢٨ / ٣: ٢٥٤، ٢٦١ / ٦: ٥٧٧.]] ="بكفرهم"، يعني: بجحودهم نبوّة نبيه محمد ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم من الهدى والبينات ="فلا يؤمنون إلا قليلا"، يقول: فلا يصدقون بمحمد ﷺ وما جاءهم به من عند ربهم، ولا يقرُّون بنبوته ="إلا قليلا"، يقول: لا يصدقون بالحق الذي جئتهم به، يا محمد، إلا إيمانًا قليلا كما:-
٩٧١٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:"فلا يومنون إلا قليلا"، قال: لا يؤمنون هم إلا قليلا.
قال أبو جعفر: وقد بيّنا وجه ذلك بعلله في"سورة البقرة". [[يعني تفسير قوله تعالى"فقليلا ما يؤمنون" ٢: ٣٢٩ - ٣٣١.]]
{"ayah":"مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَیَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَیۡرَ مُسۡمَعࣲ وَرَ ٰعِنَا لَیَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنࣰا فِی ٱلدِّینِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق