الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [النساء ٤٦، ٤٧].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، سبق لنا الكلام على قول الله تبارك تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ إلى آخره. مَن المراد بهؤلاء (الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب)؟
* طالب: اليهود والنصارى.
* الشيخ: اليهود والنصارى. طيب. لماذا عبر بقوله: ﴿يَشْتَرُونَ﴾ عن قوله: يضلون؟
* طالب: للدلالة على رغبتهم في الضلالة.
* الشيخ: للدلالة على رغبتهم في الضلالة، وكأنها سلعة يطلبونها ويحرصون عليها. طيب. هل ذكر الله لهذه الآية نظيرًا مما سبق؟
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف؟
* طالب: الآية التي بعدها.
* الشيخ: لا، ﴿رِئَاءَ النَّاسِ﴾ أناس اشتروا الضلالة بالهدى؟
* طالب: لكن (...).
* الشيخ: ذكر الله ذلك في صفات المنافقين، وعلى هذا فالكفار والمنافقون كل منهم سواء. هل للآية شاهد في أنهم يحبون أن نضل؟ هنا يقول: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ فهل لهذه الآية نظير؟
* طالب: نعم ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة ١٢٠]، ومنه قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ [النساء ٨٩].
* الشيخ: ومنه قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا﴾، هل وافقوا الشيطان في هذه الإرادة؟
* طالب: نعم، وافقوا الشيطان، والدليل قوله تعالى: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء ٦٠].
* الشيخ: فهم يريدون إضلال الخلق، والشيطان أيضًا يريد إضلال الخلق.
ما الفائدة من قوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾؟
* طالب: قد كان (...) علم الله (...).
* الشيخ: وغيره، ويش الفائدة؟ ليش قال: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾؟
* طالب: فيها ترغيب وترهيب.
* الشيخ: صحيح، كيف ذلك؟
* طالب: أما الترغيب، فلأنه أعلم من المؤمنين بأعدائهم فهم (...) ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [النساء ٦]، أما الترهيب فهو أعلم بحال الكفار فهو يكيد لهم كيدًا أعظم من كيدهم.
* الشيخ: سمعتم ما قال؟ يقول: فيها تهديد وتأييد، تأييد للمؤمنين بأن الله أعلم بأعدائهم وسيكفيهم إياهم كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحج ٣٨]، وتهديد للكفار بأنه سوف يرد كيدهم في نحورهم وينصر أولياءه عليهم، ولهذا قال: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرً﴾. طيب. هل من أسماء الله (الولي) و(النصير)؟
* طالب: (الولي) من أسماء الله.
* الشيخ: ما الدليل؟
* الطالب: قول الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الْوَلِيُّ﴾ في سورة الشورى.
* الشيخ: إي نعم
* الطالب: أخر الآية ﴿هُوَ الْوَلِيُّ﴾ (...).
* طالب آخر: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾ [الشورى ٩].
* الشيخ: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾، وكذلك أيضا: ﴿وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى ٢٨]. هل من أسماء الله (النصير)؟
* طالب: إن الله ينصر الذين آمنوا.
* الشيخ: أقول هل من أسماء الله (النصير)؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: ما الدليل؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ [الأنفال ٤٠].
* الشيخ: نعم، ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾ أحسنت.
* * *
* الشيخ: ثم قال الله تبارك وتعالى، قال الله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ (من) هذه للتبعيض.
و﴿الَّذِينَ هَادُوا﴾ أي: رجعوا، وهم اليهود رجعوا عن عبادة العجل فسُمُّوا ﴿الَّذِينَ هَادُوا﴾؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف ١٥٦] أي: رجعنا إليك.
وقوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ الجملة هذه لا يصح أن تكون مبتدأ؛ لأن الفعل لا يبتدأ به، وإذا لم يصح أن تكون مبتدأ فكيف نعربها؟ نقول: إنها صفة لموصوف محذوف هو المبتدأ، والتقدير: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم عن مواضعه.
وقال بعض النحويين: إن (من) التبعيضية اسم فتعرب على أنها مبتدأ؛ لأن تقدير (من) التبعيضية: بعض الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه، وعلى هذا فيكون (من) بصورة الحرف ولكنها اسم وتكون هي المبتدأ وجملة ﴿يُحَرِّفُونَ﴾ هي الخبر ولا حاجة إلى التقدير.
ولها نظائر في القرآن مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾ [التوبة ١٠١] التقدير: ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق. كل من القولين له وجه، أما الذين قالوا: إن (من) التبعيضية اسم. فيرجح قولهم أننا لا نحتاج إلى تقديرٍ في الآية، وإذا دار الكلام بين التقدير وعدمه فعدم التقدير أولى؛ لأن الأصل عدم الحذف، وأما الثاني: فيقويه أن (من) التبعيضية حرف، واستعمالها اسمًا إخراجٌ لها من موضوعها الأصلي فنكون ارتكبنا مجازًا بتقديرنا إياها اسمًا، ويكون التقدير -تقدير الاسم- أرجح ويسمى هذا إيجازًا بالحذف؛ لأن الإيجاز إيجاز بالحذف وإيجاز بالقصر؛ يعني: جملة قليلة لكن تحتمل معنى كثيرًا هذا إيجاز بالقصر، جملة فيها أشياء محذوفة هذا إيجاز بالحذف.
قوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ أي: يصرفونه، والتحريف التصريف، ومنه حَرَف الدابة عن جهة سيرها أي: صرفها.
و﴿الْكَلِمَ﴾ اسم، جمع واحده كلمة، قال ابن مالك في الألفية:
؎............................... ∗∗∗ وَاسْـــــــــــــمٌ وَفِعْــــــــــلُ ثُمَّحَــــــــــــــرْفٌ الْكَلِــــــــــــــمْ؎وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ .................... ∗∗∗ ..................................
والمراد بالكلم هنا: ما أنزله الله تعالى على رسله من الوحي.
وقوله: ﴿عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ أي: يصرفونه عن ما أراد الله عز وجل به؛ لأن ما أراده الله بكلامه فهو موضعه.
قال العلماء: والتحريف نوعان: تحريف لفظي، وتحريف معنوي، قد ينفردان أي: ينفرد أحدهما على الآخر وقد يجتمعان، ثم التحريف اللفظي قد يتغير به المعنى، وقد لا يتغير به المعنى.
ولنضرب لكل واحد مثالًا: التحريف اللفظي المعنوي: كتحريف بعضهم قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء ١٦٤] إلى: وكلم اللَّهَ موسى تكليمًا، فهذا تحريف لفظي معنوي؛ لفظي لأنه جعل لفظ الجلالة منصوبًا بعد أن كان مرفوعًا، معنويٌّ؛ لأنه تغير به المعنى حيث كان دالًّا على أن المكلِّم هو موسى.
ومثال التحريف اللفظي: الذي لا يتغير به المعنى أن يقول القارئ: الحمد لله ربَّ العالمين، فهنا التحريف لفظي؛ لأنه كان يجب أن يقول: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة ٢] لكن هذا التحريف لا يتغير به المعنى.
ومثال التحريف المعنوي مع إبقاء اللفظ على حاله: تحريف أهل التعطيل قول الله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه ٥] استولى، فهم لم يغيروا اللفظ، اللفظ قد أبقاه على ما هو عليه، لكن قالوا: المراد بالاستواء الاستيلاء، وهذا تحريف معنوي.
ثم إن هذا التحريف المعنوي سماه متبعوه تأويلًا، وقالوا: التأويل صرف الكلام عن ظاهره إلى المعنى المخالف للظاهر لدليل، فسمَّوا هذا التحريف تأويلًا، ولكنا نقول: هذه التسمية تمويه على السامع؛ لأن التأويل أن يُصْرَف الكلام عن ظاهره لدليل صحيح، وأما الدليل الذي استدلوا به فهو دليل وَهْمِيٌّ وليس له أصل من الصحة، وعليه فنقول: إذا أول الإنسان الكلم عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر فإن كان هناك دليل من كتاب أو سنة فإنه مقبول، وإن لم يكن له دليل فإنه غير مقبول.
فإذا قال قائل: إن المراد بقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [النحل ٩٨] إذا أردت أن تقرأ القرآن، قلنا: هذا غير مقبول حتى تأتي لنا بدليل، قال: نعم، عندي دليل وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «كان يتعوذ عند إرادة القراءة »[[أخرجه أبو داود (٧٧٥) من حديث أبي سعيد الخدري.]] لا عند إنهاء القراءة، فنقول: هذا مقبول وعلى العين والرأس، الدليل؟ فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإذا قال قائل: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ أي استولى، قلنا: هذا صرف للكلام عن ظاهره وهو غير مقبول؛ لأنه لا دليل عليه، فصار التأويل الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره إن دل عليه دليل فهو مقبول ونسميه تفسيرًا، وإن لم يدل عليه دليل فهو مرفوض ونسميه تحريفًا.
هؤلاء الذين هادوا أو بعض هؤلاء الذين هادوا حرفوا الكلم عن مواضعه لا بالنسبة لعيسى ولا بالنسبة لمحمد عليه الصلاة والسلام.
أما عيسى فادعوا عليه ما برَّأَه الله منه أنه ولد بغي وأنه لا يصح أن يكون رسولًا؛ لأن الرسل طاهرون مطهرون وهذا ولد بَغِيٍّ فليس برسول، وقتلوه حكمًا لا حقيقة، كيف حكمًا؟ لأنهم قالوا: ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ﴾ فأقروا على أنفسهم بقتله فيكون لهم حكم الذين قتلوه، أما حقيقة فقد قال الله تعالى ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء ١٥٧].
وحرفوا الكلم بالنسبة لمحمد ﷺ وقالوا: ليس هذا الرسول المنتظر. وكانوا قبل أن يبعث يستفتحون على الذين كفروا؛ يقولون: سيبعث نبي ونتبعه ونغلبكم، لكن لَمَّا بعث من بني إسماعيل وكانت بنو إسماعيل بني عمهم حسدوهم؛ لأنهم يعرفون صفته في التوراة والإنجيل ويعرفون أنه أفضل نبي، وكانوا يظنون أن سيكون من بني إسرائيل على غير أصل؛ لأنهم لو رجعوا للأصل لوجدوا أن التوراة والإنجيل صرحت بأنه يبعث من أم القرى، ويقول المؤرخون: إن تَجَمُّعَ اليهود في المدينة إِبَّان بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام كان بناء على أنهم يعلمون أن مُهاجَرَه هي المدينة فقالوا: نستقبله ونؤمن به.
فاليهود حرفوا الكلم عن مواضعه بالنسبة لرسالة عيسى وبالنسبة لرسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ صراحة -والعياذ بالله- وهذا غاية ما يكون من المحاده لله عز وجل ورسله أن يقول البشر: سمعنا وعصينا، والعصيان: مخالفة الأمر أي: الخروج عن الطاعة؛ إن كان أمرًا فبتركه، وإن كان نهيًا فبارتكابه، هذه المعصية.
﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ يقولون للرسول ﷺ: ﴿اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ يعني: اسمع، أصمك الله حتى لا تسمع، هذا معنى ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ يعني: اسمع قولنا حال كونك غير مسمع، ومن الذي لا يسمع؟ الأصم، فهم يقولون: اسمع غير مسمع. أي: يدعون عليه بالصمم فهم يسخرون به؛ لأنهم إذا كانوا يدعون عليه بالصمم فكيف يقولون: اسمع؟
وقيل: المعنى اسمع غير مسمع ما تكرهه، لكن هذا بعيد عن سياق الآية، وبعيد عن حال اليهود، ويحتمل أن يكون المعنى: اسمع غير مسمع ما يسرك؛ يعني: سنقول لك ما يسوؤك، كما قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾، ولكن هذا يحتاج إلى دليل؛ وذلك لأنه يحتاج إلى تقدير أي: غير مسمع ما أيش؟ غير مسمع ما تكره، هذا في الأول، الثاني يكون غير مسمع ما يسرك، نقول: هذا يحتاج إلى دليل لأن فيه حذفًا، والمعنى الأول يكفي في خزيهم -والعياذ بالله- أن يقولوا للرسول: اسمع لا أسمعك الله.
﴿وَرَاعِنَا﴾ الذي ترد على سمعه هذه الكلمة يقول: إنها فعل أمر متصل به ضمير المفعول وفاعله مستتر وجوبًا تقديره: أنت، أي راعنا أنت نحن، من أي شيء؟ من الرعاية أو من المراعاة، وكلاهما معنى حسن، لكن هم لا يريدون لا الرعاية ولا المراعاة، يريدون الرُّعُونَة وهي الجبن والخور وما أشبه ذلك، وهي كلمة عند اليهود في اللغة العبرية بهذا المعنى، فيقولون: راعنا؛ أي أصابك الله بالرعونة، ولهذا نهى الله المؤمنين أن يقولوا هذه الكلمة؛ لأن اليهود يقولونها يريدون بها سوءًا فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا﴾ بدلها ﴿انْظُرْنَا﴾.
﴿وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ يعني يقولون: هذا الكلام ليًّا بألسنتهم؛ حيث يظهرون معنى صحيحًا مقبولًا، وهم لا يريدون المعنى الصحيح، فغير مسمع يحتمل غير مسمع ما يسوؤك كما سبق، و﴿رَاعِنَا﴾ يحتمل من المراعاة أو من الرعاية، وهم يريدون عكس ذلك، يريدون الدعاء عليه ألا يسمع، ويريدون الدعاء عليه بالرعونة، وهذا لَيٌّ باللسان ولَّا لا؟ لَيٌّ باللسان، معنى الليَّ باللسان أن يريد باللفظ خلاف معناه الظاهر منه؛ لأنه لوى، تكلم لكن لوى هذا اللفظ إلى معنى آخر غير الذي يفهم من اللفظ، ولهذا قال: ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾.
﴿لَيًّا﴾ أصلها لويًا، لكن اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء على القاعدة التصريفية، طيب أما كون هذا ليًّا بألسنتهم فظاهر، لكن قال: ﴿وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ طعنًا في الدين؟ كيف كان طعنًا في الدين؟ نقول: نعم واضح.
﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ لماذا عصوا؟ لأنهم لم يرتضوا هذا الدين، وعدم ارتضاء الدين مستلزم للطعن في الدين أي: مستلزم عيب الدين.
ويريدون الدعاء عليه بالرعونة، وهذا ليٌّ باللسان ولّا لا؟ لي باللسان، معنى اللي باللسان أن يريد باللفظ خلاف معناه الظاهر منه؛ لأنه لوى، تكلم لكن لوى هذا اللفظ إلى معنًى آخر غير الذي يُفهَم من اللفظ.
ولهذا قال: ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ [النساء ٤٦]، ﴿لَيًّا﴾ أصلها (لويًا)، لكن اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء على القاعدة التصريفية، أما كون هذا ليًّا بألسنتهم فظاهر، لكن قالوا: ﴿وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾، طعنًا في الدين؟ كيف كان طعنًا في الدين؟ نقول: نعم واضح ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾، لماذا عصوا؟ لأنهم لم يرتضوا هذا الدين، وعدم ارتضاء الدين مستلزم للطعن في الدين، أي عيبه، مستلزم عيب الدين والقدح فيه؛ وذلك لأن من ارتضى شيئًا لا يمكن أن يقول إذا أُمر به: سمعنا وعصينا أبدًا. أيضًا ﴿طَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ إذا قالوا: ﴿اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ هذا طعن في الدين؛ لأنه طعن في الرسول الذي جاء بالدين، والطعن في الرسول طعن فيما أرسل به.
وكذلك قولهم: ﴿وَرَاعِنَا﴾ إذا كانت من الرعونة فهي أيضًا طعن في الدين، فصار الطعن في الدين بكل الكلمات السابقة: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾.
الثاني: ﴿اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾.
والثالث: ﴿رَاعِنَا﴾.
كل هذا طعن في الدين.
ولهذا قال الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ بدل قولهم: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ﴾ وحذفوا ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ قالوا: اسمع فقط، وحذفوا كلمة ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾، ﴿وَانْظُرْنَا﴾ بدل ﴿رَاعِنَا﴾؛ لأن هذه هي الكلمة التي أمر الله بها المؤمنين أن يقولوها بدلًا عن قولهم: ﴿رَاعِنَا﴾، لو أنهم قالوا هكذا ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾، الخيرية تشمل خيرية الدين والدنيا وخيرية الجزاء في الآخرة، ﴿وَأَقْوَمَ﴾ أي في دينهم وفي حياتهم؛ لأن هذا القرآن كما قال الله تعالى: ﴿يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء ٩] ولكن عدلوا عن هذا القول الذي هو خير لأن الله لعنهم بكفرهم ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ أي طردهم وأبعدهم عن رحمته بسبب كفرهم، فهم الجناة على أنفسهم، والرب عز وجل لم يمنع عنهم فضله، ولكن هم الذين تسببوا لذلك فكفروا.
﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ يعني هؤلاء الذين قالوا ما قالوا، ﴿لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ كلمة ﴿قَلِيلًا﴾ هل تعود إلى الواو أو إلى الإيمان؟
قال بعض المفسرين: إنها صالحة أن تعود إلى الإيمان وأن تعود إلى الواو، والفرق بينهما إذا قلنا: إنها عائدة إلى الإيمان صار المعنى: فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا، وإذا قلنا: عائدة إلى الواو صار المعنى: فلا يؤمنون إلا قليلًا منهم، فالكافر منهم كافر لا إيمان معه، والمؤمن قليل.
ورجح بعضهم الأول وقال: إننا إذا قلنا: لا يؤمنون إلا قليلًا منهم لم يستقم الكلام؛ لأن الكلام كله قد سيق لبيان وصف هؤلاء، ولكن يبقى على هذا الترجيح يبقى قوله: ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ أي إلا إيمانًا قليلًا، ما هذا الإيمان القليل وهم يقولون: سمعنا وعصينا؟ قالوا: إن القليل يأتي بمعنى العدم، أي: فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا لا ينفعهم، فيكون بمنزلة العدم؛ لأن ما لا نفع فيه كالمعدوم تمامًا.
* طالب: الراجح؟
* الشيخ: الراجح بعض العلماء أنكر أن يكون الاستثناء من الضمير من ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ إنكارًا بينًا، ولكن الذي يظهر لي أن الآية محتملة، وأن منهم قوم يؤمنون، وهؤلاء الذين يؤمنون قد يُفهَمون من قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ يعني: وبعض الذين هادوا لا يقولون هذا فيكونون مؤمنين، ولا شك أنه آمن من اليهود من آمن وحسن إيمانه وحسن إسلامه واستقام إيمانه مثل عبد الله بن سلام.
* نعود إلى فوائد الآية:
﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾.
* يستفاد منها فوائد:
* أولًا: أن من اليهود من استقام فلم يحرف الكلم عن مواضعه. من أين يؤخذ؟ من التبعيض، حيث جعل بعضهم يحرف الكلم عن مواضعه.
* ومن فوائد هذه الآية: أن المحرفين للكلم عن مواضعه يشبهون اليهود في طريق استعمال الوحي.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عدل الله عز وجل، حيث تحدث عن اليهود بالقسط، فذكر الموصوفين بالعيب، وأخذ من هذا أن منهم من لم يوصف بذلك؛ لقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾، ولم يقل: كل الذين هادوا. وهكذا ينبغي للإنسان إذا تحدث عن قوم في مقام التقويم أن يذكر المحسن والمسيء، أما في مقام التحذير فإنه لا يذكر الإحسان؛ لأن الإحسان لا يتأتى، أو لا يتناسب مع إيراد التحذير.
* ومن فوائد الآية الكريمة: شدة عناد اليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه؛ لقوله: ﴿يَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ هم لو قالوا: لم نسمع، أو قالوا: سمعنا ولم نفهم، لكان قد يقول قائل: إن هذا عذر، لكن يقولون: سمعنا وعصينا، فلم يمنعهم شيء عن الطاعة إلا مجرد العصيان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن مَن عتَا من هذه الأمة وقال: أنا أعلم أن صلاة الجماعة واجبة ولكن لا أصلي مع الجماعة، نقول: من قال ذلك فهو مشبّه لمن؟ لليهود الذين قالوا: سمعنا وعصينا.
* ومن فوائد هذه الآية: شدة حقد اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كانوا يجابهونه بهذه الكلمة السيئة ﴿اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾.
* ومن فوائدها: تعالي هؤلاء اليهود، تعاليهم، يتعالون حتى على الرسول؛ لقولهم: ﴿اسْمَعْ﴾؛ لأن كلمة (اسمع) إنما تكون في الغالب في المخاطبات ممن؟ من الأعلى إلى الأدنى: اسمع يا ولد، اسمع، ولهذا يُنتقض بعض الناس إذا قال لمن هو أكبر منه: (اسمع) لأبيه، أو قال لأمه: (اسمعي)، فهذا يدل على تعالي اليهود والعياذ بالله.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الإنسان يحاسَب على ما أراد؛ لقوله: ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾، أما ما في قلوبهم فقال: ﴿لَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾.
فإذا قال قائل: وهل يحاسَب ظاهرًا على ما أراد في باب الحكومة والخصومة مع الناس؟
الجواب: لا، على الظاهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٩٦٧)، ومسلم (١٧١٣ / ٤) من حديث أم سلمة.]]، ولقوله: «يَمِينَكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ»[[أخرجه مسلم (١٦٥٣ / ٢٠) من حديث أبي هريرة.]]، لا على ما في قلبك، ففرق بين الحكم في أمر يتعلق بالعبادة وبين الحكم في أمر يتعلق فيما بين الناس.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الطعن في الدين يكون بالصريح ويكون باللازم، الصريح أن يقول: هذا الدين يوجب لأهله التأخر والتقهقر والتزمت، وما أشبه ذلك، هذا صريح، الثاني ألا يكون صريحًا، لكن من لازم القول، فهنا إذا نظرت إلى كلامهم لم تشعر بالطعن على وجه صريح، لكنه من لازم القول.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الطعن في الدين من خصال من؟ من خصال اليهود، فمن طعن في الدين فهو مشبه لليهود والعياذ بالله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم الطعن في الدين، وأنه يجب أن يكون الدين محل احترام وتعظيم، لا محل طعن وقدح.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عرض الحق على المستكبر عن الحق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا...﴾ إلى آخره. ومن نظائر ذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [البروج ١٠]، شوف قتلوا أولياءه وأحرقوهم بالنار، وعرض عليهم أيش؟ التوبة قال: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج ١٠].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن المنكر إذا أنكر فإنه ينبغي للمنكر أن يضع بدله ما لا ينكر، فاهمين الفائدة دي؟ أن المنكر إذا أنكره المنكر فإنه ينبغي أن يضع بدله ما لا ينكر؛ لقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾، بدل ﴿وَعَصَيْنَا﴾، ﴿وَاسْمَعْ﴾ دون ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾، ﴿وَانْظُرْنَا﴾ بدل ﴿رَاعِنَا﴾ كما قال تعالى في خطابه للمؤمنين بهذا ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ [البقرة ١٠٤]
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجوز أو تجوز صيغة التفضيل بين شيئين لا يوجد في الطرف الآخر منه شيء، وأن قولهم: إن التفضيل بين شيئين يقتضي اشتراكهما في أصل المعنى ليس على إطلاقه، بل في غالب الأحوال كذلك، ولكن قد يخرج عن هذه القاعدة، فاهمين ولا؟ لغة عربية ولا إنجليزية؟ واضح؟ إذا قلت: فلان أفضل من فلان، فقد اشتركا في الفضل وزاد المفضل على المفضل عليه، هذا هو الأصل، الأصل في اسم التفضيل أن يشترك المفضل والمفضل عليه في أصل المعنى، لكن أحيانًا يأتي اسم التفضيل والطرف الآخر ليس فيه شيء منه، فهنا قال: ﴿لَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾، فهل في قولهم السابق خير؟ لا، وهل في قولهم السابق استقامة؟ لا، ومع ذلك قال: ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾، هل مثل ذلك قول المؤذن في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم؟
* الطلبة: لا.
* الشيخ: أما الذي لا يحب النوم فسيقول: إنه مثله؛ لأن النوم ما فيه خير، والذي يحب النوم سيقول: ليس مثله؛ لأن النوم خير، فماذا تقولون؟
* طالب: (...) النوم مقيد في هذا الوقت وليس على إطلاقه، فيكون مثل الآية.
* الشيخ: نقول: النوم الذي يصد عن الواجب لا خير فيه، وإن كان الإنسان يعذر به. هل مثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان ٢٤]؟ نعم، لأيش؟ لأن أصحاب النار لا خير في مستقرهم ولا حسن في مقيلهم، ويتمنون ألا يكونوا من أهل النار.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات أصل التفاضل بين الأعمال والأقوال؛ لأن الله قال: ﴿خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾، ولا شك أن التفاضل يبن الأقوال السيئة والحسنة والأفعال السيئة والحسنة لا شك أنه ثابت، لا أحد ينكر في هذا، لكن هل تتفاضل الأعمال الحسنة؟ وهل تتفاضل الأعمال السيئة؟ (...) نقول: الأعمال تتفاضل، ولهذا سئل النبي عليه الصلاة والسلام:« أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِها». قال: ثم أيّ؟ قال: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قال: ثم أيّ؟ قال: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٢٧)، ومسلم (٨٥ / ١٣٩).]]. والسائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وكذلك أيضًا قال الله تعالى في الحديث القدسي: «مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ»[[أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة.]]، فالأعمال الصالحة تتفاضل، كما أن الأعمال السيئة تتفاضل، منها صغائر ومنها كبائر، والكبائر منها أكبر ومنها دون ذلك، وكذلك الصغائر.
* فإذا قال قائل: هل يلزم من هذا زيادة الإيمان ونقصه؟
* قلنا: نعم، على أصل مذهب أهل السنة والجماعة ينبني على ذلك زيادة الإيمان ونقصه؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من لُعن -والعياذ بالله- وطرد عن رحمة الله فإنه ينقلب عليه الحق باطلًا، والباطل حقًّا، ولهذا لم يسلكوا الأحسن والخير في مقالهم؛ لأن الله لعنهم.
* ويتفرع على هذه القاعدة: أن العاقل لا يتعرض لما فيه لعنة الله؛ لأن الإنسان إذا تعرض لما فيه لعنة الله لُعن وطرد وخذل، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ». قالوا: يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٧٣)، ومسلم (٩٠ / ١٤٦) من حديث عبد الله بن عمرو.]]. وعلى هذا فلا تتعرض لسب الوالدين؛ لأنك إن تعرضت لعنت، وإذا لعنت طُردت وأبعدت عن رحمة الله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكفر سبب للعن؛ لقوله: ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾، وإذا كان في الإنسان خصال كفر فهل يناله من اللعنة بمقدار ما معه من خصال الكفر؟
الجواب: الظاهر نعم، وقد يقال: لا، قد يقال: إن اللعنة عقوبة عظيمة لا تكون إلا على فعل عظيم، وقد يقال: إن الحكم المعلق على فعل إن وجد الفعل كاملًا فالحكم كامل، وإن وجد بعضه فله بعض الحكم.
وينبني على ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ»[[أخرجه مسلم (٦٧ / ١٢١) من حديث أبي هريرة.]]، فهل نقول: إن من طعن في النسب أو ناح على الميت فعليه جزء من اللعنة؟ لأن معه جزءًا من الكفر؟ يحتمل، يحتمل أن يقال: إن اللعنة تتبعض، كما أن الكفر يتبعض، ويحتمل أن يقال: إن اللعنة إنما هي على الكفر الأكبر، ولكنا إذا رجعنا إلى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٧٣)، ومسلم (٩٠ / ١٤٦) من حديث عبد الله بن عمرو.]]، ولعن الوالدين لا يخرج من الملة؛ تبين لنا أن من عمل عملًا أطلق عليه الكفر، فإنه يناله من اللعنة بمقدار ما حصل منه من هذا الوصف.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾.
* ومن فوائد الآية: الرد على الجبرية والرد على القدرية، وكلاهما ضالتان في القضاء والقدر، أو كلتاهما فئتان ضالتان في القضاء والقدر، الجبرية يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، والقدرية يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله وليس لله فيه تدبير، والآية ترد عليهم جميعًا، أما على الجهمية الذين هم الجبرية فلقوله: ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾، فأضاف العمل إليهم، وهم يقولون: لا يضاف العمل إلى العامل إلا على سبيل المجاز، وإلا فالحقيقة أنه ليس فعله لأنه ليس باختياره، وأما على القدرية فلإثبات الأسباب ﴿بِكُفْرِهِمْ﴾، وهم -أي القدرية- يقولون: إن فعل الإنسان مستقل، ليس لله فيه تدخل إطلاقًا، فأنت تفعل وتتلو وتقوم وتقعد وتذهب وتجيء وليس لله تعالى فيك أي تعلق. أهل السنة والجماعة يقولون: عمل الإنسان باختياره، لا شك، ولكن من الذي جعله باختياره؟ هو الله، فيكون ناتجًا عن مشيئة الله وخلق الله، وخالق السبب التام خالق للمسبب.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء اليهود يقل فيهم الإيمان، إن شئت فقل: يقل الإيمان بالنسبة للمؤمنين أو الإيمان بالنسبة لهم جميعًا، حسب ما قلنا في الاستثناء، هل هو عائد إلى الواو أو عائد إلى الفعل، ولا شك أن اليهود على قوة ما جاءهم من الوحي أن فيهم العتاة، وإلا فإن الرسول ﷺ في المنام رأى أكثر الأمم أمة موسى بعد هذه الأمة؛ لأنه يقول: «فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٧٠٥)، ومسلم (٢٢٠ / ٣٧٤) من حديث عبد الله بن عباس.]]. وإلى هنا انتهت الفوائد.
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا مر علينا بعد صلاة العصر.
* طالب: (...).
* الشيخ: ذكرنا أن الأكثر في اللغة العربية حذف الهمزة من خير وشر تخفيفًا؛ لكثرة استعمالهما، ولكن قد يوجد؛ كما في الحديث الذي مرّ: «إِنَّ أَشَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[[أخرجه مسلم (١٤٣٧ / ١٢٣) من حديث أبي سعيد الخدري، ولفظه: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...». ]].
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني قصدك أخير وأقوم (...) الكلمتين، ربما يكون كذلك، وربما يقال: إن الجري على الأصل أولى.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، محيت مع الاستعمال، الأصل وجود الهمزة، صحيح، لكن مع الاستعمال محيت وصار لا ينطق إلا بحذفها.
* طالب: (...) بأن اليهود متعالون؛ وذلك أنه من قوله تعالى: ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾، وأن (اسمع) هو يكون من فوق إلى أدنى.
* الشيخ: في الغالب، في المخاطب.
* طالب: في الغالب، ولكن نجد أن الله تعالى أقرهم ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا﴾ ﴿وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا﴾.
* الشيخ: إي نعم، إحنا فهمنا التعالي لما قالوا: ﴿اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أنهم متعالون، لكن الله عز وجل رخص لهم أن يقولوا ﴿اسْمَعْ﴾، وإلا لا شك أنه فيه شيء من قلة الأدب، لكن هذا من باب أن الله تعالى يسر لهم أن يقولوا مثل هذه الكلمة.
* طالب: قوله تعالى ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ (...) اشتقت منها اسم اليهود، أو أن اليهود ينسبون إلى جدهم يهوذا؟
* الشيخ: هذا فيه خلاف، كلمة اليهود هل أنها نسبة إلى يهوذا أو أنها نسبة إلى الفعل؛ لأنهم هادوا فسموا يهودًا، ولو قلنا بهذا وهذا لم يكن بعيدًا، نسبة إلى هذا وإلى هذا.
* طالب: من هم أصناف الناس الذين ذكروا في القرآن بأن عليهم لعنة الله؟
* الشيخ: إي نعم، المنافقون والكفار، واليهود من الكفار.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم، قولنا في: ﴿قَلِيلًا﴾ أنها (...) للإيمان ألا يرجح هذا أن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾، فيخرج من آمن تمامًا، ويبقى الذي لم يؤمن، فيكون معنى (قليل) أي معدوم، فيتعين هذا المعنى؟
* الشيخ: على كل حال، كل له وجهة، بعضهم قال كما قلت، لكن بعضهم قال: إن إخراج كلمة ﴿قَلِيلًا﴾ عن معناها الأصلي أيضًا فيه نظر؛ لأن استعمال القليل بمعنى معدوم لا بد من قرينة.
* طالب: (...) ولا يطلق الإيمان إلا من أقر، هم لم يقروا أبدًا.
* الشيخ: لا، من الذين هادوا من آمن.
* الطالب: لكنه أخرج ﴿مِنَ الَّذِينَ﴾.
* الشيخ: ولهذا قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة ٦٢]، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [البينة ٦] ولم يقل: إن أهل الكتاب.
* طالب: شيخ، أحيانًا يقول الله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾، وأحيانا: ﴿مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة ٤١] فما الفرق بين العبارتين؟
* الشيخ: الفرق بينهما أن ﴿عَنْ﴾ للتجاوز، أي: ينقلونه من المعنى الأصلي إلى معنًى آخر، وأما ﴿مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾ فهي تدل على أن تحريفهم كان بعد التأمل وبعد النظر، ولكنهم انتشلوه عن أصله إلى المعنى الآخر.
* طالب: في قوله: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة ٨٥] ما يدل على أن ﴿قَلِيلًا﴾ لا تعود على الواو؟
* الشيخ: إي نعم، لكن الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ويش حكمهم عند الله؟ ما حكمهم عند الله؟ كفار، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا﴾ [النساء ١٥٠، ١٥١]؛ لأن الذي يؤمن ببعض ويكفر ببعض معناه أنه لا يؤمن إلا بما وافق هواه، فصار غير مؤمن حقيقة.
* طالب: (...).
* الشيخ: ويش تقولون؟ يقول: من تتبع الرخص فهل نقول: إنه ممن يؤمن ببعض ويكفر ببعض؟ نعم، هو لا شك؛ لأن اللي يوافقه يأخذ به، والذي لا يوافقه يطلب من يفتيه بما يوافق رأيه، لكن هذا أهون؛ لأن هذا لا يكفر بالقول الثاني، وإنما يرى رجحان هذا القول بناء على قول الذي أفتاه، فهو أهون، ومع ذلك قال العلماء: إنه يحرم تتبع الرخص، حتى إن بعضهم بالغ وقال: من تتبع الرخص تزندق.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: حسب التتبع، قد يكون الحامل له كراهة ما دل عليه الشرع من الشدة التي يزعم أنها شدة، وقد يكون له عذر آخر، حسب ما (...) بالشخص.
* طالب: قد يستدل أحد بآخر الآية على أن عوام الناس كفار من الباء السببية ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ [النساء ٤٦]، فيقول اليهود: لعنوا بكفرهم، فلا بد أن يأخذوا بالأدلة الصحيحة، وكذلك من اتخذ ندًّا من دون الله بسبب اتخاذهم الند من دون الله فإنه سبب له (...) عن قبول الحق، فكيف الرد عليهم؟
* الشيخ: هؤلاء يقولون: سمعنا وعصينا؟
* الطالب: الباء السببية ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ بسبب كفرهم..
* الشيخ: الكفر الصريح، هذا كفر صريح، بعد أن علموا قالوا: سمعنا وعصينا، ما قالوا: سمعنا ولم نفهم.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: الكفر نعم، لا شك.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إذا كان هل كل ذنب أطلق الله عليه الكفر، من كلامه على الذنب الذي أطلق عليه اسم الكفر ولكن لا يخرج من الملة، أفهمت؟
* الطالب: ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ يا شيخ ما يصلح، يكون معناها: غير مطاع.
* الشيخ: يعني غير مسموع؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، ما يتناسب مع صيغة البنية، بنية الكلمة لا ما تناسب، لو قال: غير مسمِع صح، لو كان بكسر الميم صحيح، يعني ما ذكرته صحيح، أما إذا كان بالفتح السياق يأباه.
* طالب: شيخ، هنا ذكرت -حفظك الله- أن المنكر إذا أنكره المنكر، يعني جاء بشيء بدل هذا المنكر، طيب الآن مثلًا في بلادنا يجتمع الناس للعزاء، التعزية، ويفعل بهذا العزاء مثلا نسميه مقرئًا، فإذا جاء هذا الشخص الملتزم وجلس يمتنع هذا الشيء فيتحدث هو بحديث، ولكن هذا يتكرر سبعة أيام، هل يجوز؟
* الشيخ: لا، هو على كل حال مجابهة الناس بأمور اعتادوها، حتى صارت عندهم عقيدة مجابهة الناس بإنكارها صعب، لكن الأحسن بالتدريج.
* الطالب: يحضر الأيام كلها يا شيخ ولا يحضر يوم وينكر..
* الشيخ: يعني يبتدي يكون مثلًا يجلس معهم ثم يقول: لماذا أنتم جلوس، لماذا والرسول يقول: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٢٩٢)، ومسلم (٩٢٧ / ١٧) من حديث عمر بن الخطاب.]] «وَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٢٨٦)، ومسلم (٩٢٧ / ٢٣) من حديث عمر بن الخطاب. ]]، هل ترضون أن أباكم أو أخاكم أو ابنكم يعذب؟!
* طالب: استنبطنا من قوله تعالى من قول اليهود: ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ استنبطنا أنه من تعاليهم، وأن الله عز وجل صحح عبارتهم ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا﴾ وقلت يا شيخ حفظك الله: إنه هذا من الله عز وجل تجوزًا لهم، يعني من باب أنه جائز لهم، وإلا فإن اسمع.
* الشيخ: إي نعم، هي عادة لا تقال إلا من أعلى إلى أدنى، هذه العادة، حتى الخطاب الآن فيما بيننا لو قال: اسمع يا فلان، يعني فيه شيء من سوء الأدب.
* الطالب: (...).
* الشيخ: نعم، بس هؤلاء عصاة لنا أن نتنزل معهم من باب التأليف.
* طالب: يؤخذ منها يا شيخ تعريف الكفر؟
* الشيخ: ذكرتم أن (اللذان واللتان) معربتان، وتعرب على المثنى، ولكن لن نستطيع أن نقول: إن بناءهما أقرب إلى الصواب لمشابهتهما للحرف شبهًا افتقاريًّا؟ ذكرنا أن هذا رأي جمهور النحويين، ولكن الصحيح أنهما معربان، والمشابهة هذه عرضها تغيرهما باختلاف العوامل، وهذا من خصائص الأسماء.
هذا يقول: مسبوق بركعة أو ركعتين، فجاء رجل متأخر وأراد الائتمام بهذا المسبوق، فهل تصح صلاته مع إمام مسبوق؟ الصحيح أنها تصح، لكن الأولى ترك ذلك، ففيها وجهان للعلماء، بعضهم قال: تصح، وبعضهم قال: لا، ولكن الصحيح أنها تصح ولكن لا ينبغي (...).
* طالب: ما الدليل على هذا؟
* الشيخ: على أيش؟
* الطالب: على أنها تصح.
* الشيخ: الدليل أنه يجوز أن ينوي الإنسان الائتمام في أثناء الصلاة، كما فعل ابن عباس مع الرسول ﷺ[[متفق عليه؛ البخاري (١١٧)، ومسلم (٧٦٣ / ١٨١) من حديث ابن عباس. ]].
{"ayah":"مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَیَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَیۡرَ مُسۡمَعࣲ وَرَ ٰعِنَا لَیَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنࣰا فِی ٱلدِّینِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق