مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وقرأ أبو عبد الرّحمن والنخعي يحرّفون الكلام عن مواضعه [[انظر مختصر ابن خالويه 26، وهي قراءة علي بن أبي طالب أيضا.]] . قال أبو جعفر: والكلم في هذا أولى لأنهم إنما يحرّفون كلم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو ما عندهم في التوراة وليس يحرفون جميع الكلام. ومعنى يحرفون يتأولون على غير تأويله وذمهم الله جل وعز بذلك لأنهم يفعلونه متعمّدين.
وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ نصب على الحال. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا قول ابن عباس: معناه لا سمعت وشرحه اسمع لا سمعت. هذا مرادهم ويظهرون أنّهم يريدون اسمع غير مسمع مكروها ولا أذى، وأما قول الحسن: معناه غير مسمع منك أي غير مجاب إلى ما تقوله فلو كان كذا لكان في اللفظ غير مسموع منك. وَراعِنا قال الأخفش: أي وراعنا سمعك أي ارعنا، وقيل: يريدون بقولهم وراعنا أي وراعنا مواشينا استخفافا بمخاطبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال أبو جعفر: وشرح هذا- والله أعلم- أنهم يظهرون بقولهم: راعنا أرعنا سمعك ويريدون المراعاة يدلّ على هذا قوله عزّ وجل: لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ أي إنهم يلوون ألسنتهم أي يميلونها إلى ما في قلوبهم ويطعنون في الدين أي يقولون لأصحابهم: لو كان نبيا لدرى أنّا نسبّه فأظهر الله جلّ وعزّ النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك وكان من علامات نبوته، ونهاهم عن هذا القول. لَيًّا مصدر وإن شئت كان مفعولا من أجله وأصله لويا ثم أدغمت الواو في الياء. وَطَعْناً معطوف عليه. وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا «أنّ» في موضع رفع أي لو وقع هذا وقيل: إنّما وقعت «إنّ» في موضع الفعل لأنه لا بد من أن يكون بعدها جملة.
{"ayah":"مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَیَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَیۡرَ مُسۡمَعࣲ وَرَ ٰعِنَا لَیَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنࣰا فِی ٱلدِّینِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}