الباحث القرآني
﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ ظاهِرُهُ الِانْقِطاعُ في الإعْرابِ عَنْ ما قَبْلَهُ، فَيَكُونُ عَلى حَذْفِ مَوْصُوفٍ هو مُبْتَدَأٌ، ومِنَ الَّذِينَ خَبَرُهُ، والتَّقْدِيرُ: مِنَ الَّذِينَ هادُوا قَوْمٌ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ، وهَذا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وأبِي عَلِيٍّ، وحَذْفُ المَوْصُوفِ بَعْدَ (مِن) - جائِزٌ، وإنْ كانَتِ الصِّفَةُ فِعْلًا كَقَوْلِهِمْ: مِنّا ظَعَنَ، ومِنّا أقامَ أيْ: مِنّا نَفَرٌ ظَعَنَ، ومِنّا نَفَرٌ أقامَ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎وما الدَّهْرُ إلّا تارَتانِ فَمِنهُما أمُوتُ وأُخْرى أبْتَغِي العَيْشَ أكْدَحُ
يُرِيدُ: فَمِنهُما تارَةً أمُوتُ فِيها. وخَرَّجَهُ الفَرّاءُ عَلى إضْمارِ مَنِ المَوْصُولَةِ أيْ: مِنَ الَّذِينَ هادُوا مَن يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ، وهَذا عِنْدَ البَصْرِيِّينَ لا يَجُوزُ. وتَأوَّلُوا ما جاءَ مِمّا يُشْبِهُ هَذا عَلى أنَّهُ مِن حَذْفِ المَوْصُوفِ وإقامَةِ الصِّفَةِ مَقامَهُ، قالَ الفَرّاءُ: ومِثْلُهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
؎فَظَلُّوا ومِنهم دَمْعُهُ سابِقٌ لَها ∗∗∗ وآخَرُ يُثْنِي دَمْعَةَ العَيْنِ بِاليَدِ
وهَذا لا يَتَعَيَّنُ أنْ يَكُونَ المَحْذُوفُ مَوْصُولًا، بَلْ يَتَرَجَّحُ أنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا لِعَطْفِ النَّكِرَةِ عَلَيْهِ وهو آخَرُ، إذْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَظَلُّوا ومِنهم عاشِقٌ دَمْعُهُ سابِقٌ لَها. وقِيلَ: هو عَلى إضْمارِ مُبْتَدَأٍ، التَّقْدِيرُ: هم مِنَ الَّذِينَ هادُوا، ويُحَرِّفُونَ حالٌ مِن ضَمِيرِ هادُوا، ومِنَ الَّذِينَ هادُوا مُتَعَلِّقٌ بِما قَبْلَهُ، فَقِيلَ: بِـ نَصِيرًا أيْ نَصِيرًا مِنَ الَّذِينَ هادُوا وعَدّاهُ بِـ (مِن) كَما عَدّاهُ في: ﴿ونَصَرْناهُ مِنَ القَوْمِ﴾ [الأنبياء: ٧٧] و﴿فَمَن يَنْصُرُنا مِن بَأْسِ اللَّهِ﴾ [غافر: ٢٩] أيْ: (ومَنَعْناهُ) و(فَمَن يَمْنَعُنا) . وقِيلَ: ﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ بَيانٌ لِقَوْلِهِ: بِأعْدائِكم، وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ. وقِيلَ: حالٌ مِنَ الفاعِلِ في يُرِيدُونَ، قالَهُ أبُو البَقاءِ. قالَ: ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في أُوتُوا لِأنَّ شَيْئًا واحِدًا لا يَكُونُ لَهُ أكْثَرُ مِن حالٍ واحِدَةٍ، إلّا أنْ يَعْطِفَ بَعْضَ الأحْوالِ عَلى بَعْضٍ، ولا يَكُونُ حالًا مِنَ الَّذِينَ لِهَذا المَعْنى انْتَهى. وما ذَكَرَهُ مِن أنَّ ذا الحالِ إذا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّدًا لا يَقْتَضِي أكْثَرَ مِن حالٍ واحِدَةٍ - مَسْألَةُ خِلافٍ، فَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَن أجازَ ذَلِكَ. وقِيلَ: مِنَ الَّذِينَ هادُوا بَيانُ ﴿الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتابِ﴾ [النساء: ٤٤] لِأنَّهم يَهُودُ ونَصارى، وقَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِأعْدائِكُمْ﴾ [النساء: ٤٥] ﴿وكَفى بِاللَّهِ ولِيًّا﴾ [النساء: ٤٥] ﴿وكَفى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٤٥] جُمَلٌ تَوَسَّطَتْ بَيْنَ البَيانِ والمُبَيَّنِ عَلى سَبِيلِ الِاعْتِراضِ قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وبَدَأ بِهِ. ويُضَعِّفُهُ أنَّ هَذِهِ جُمَلٌ ثَلاثٌ، وإذا كانَ الفارِسِيُّ قَدْ مَنَعَ أنْ يُعْتَرَضَ بِجُمْلَتَيْنِ، فَأحْرى أنْ يُمْنَعَ أنْ يُعْتَرَضَ بِثَلاثٍ.
﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ﴾ أيْ: كَلِمَ التَّوْراةِ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ، أوْ كَلِمَ القُرْآنِ، وهو قَوْلُ طائِفَةٍ، أوْ كَلِمَ الرَّسُولِ ﷺ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ: كانَ اليَهُودُ يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ ويَسْألُونَهُ عَنِ الأمْرِ فَيُخْبِرُهم، ويَرى (p-٢٦٣)أنَّهم يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، فَإذا انْصَرَفُوا مِن عِنْدِهِ حَرَّفُوا الكَلامَ. وكَذا قالَ مَكِّيٌّ: إنَّهُ كَلامُ النَّبِيِّ ﷺ . فَتَحْرِيفُ كَلِمِ التَّوْراةِ بِتَغْيِيرِ اللَّفْظِ، وهو الأقَلُّ لِتَحْرِيفِهِمْ (أسْمَرَ رَبْعَةً) في صِفَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِـ (آدَمَ طُوالٍ) مَكانَهُ، وتَحْرِيفِهِمُ الرَّجْمَ بِالحَدِيدِ لَهُ، وبِتَغْيِيرِ التَّأْوِيلِ، وهو الأكْثَرُ قالَهُ الطَّبَرِيُّ. وكانُوا يَتَأوَّلُونَ التَّوْراةَ بِغَيْرِ التَّأْوِيلِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ مَعانِي ألْفاظِها لِأُمُورٍ يَخْتارُونَها ويَتَوَصَّلُونَ بِها إلى أمْوالِ سِفْلَتِهِمْ، وأنَّ التَّحْرِيفَ في كَلِمِ القُرْآنِ أوْ كَلِمِ الرَّسُولِ فَلا يَكُونُ إلّا في التَّأْوِيلِ.
وقُرِئَ: يُحَرِّفُونَ الكِلْمَ بِكَسْرِ الكافِ وسُكُونِ اللّامِ، جَمْعُ كِلْمَةٍ تَخْفِيفِ كَلِمَةٍ. وقَرَأ النَّخَعِيُّ وأبُو رَجاءٍ: يُحَرِّفُونَ الكَلامَ، وجاءَ هُنا ﴿عَنْ مَواضِعِهِ﴾ . وفي المائِدَةِ جاءَ: ﴿عَنْ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣] وجاءَ ﴿مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] .
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أمّا ﴿عَنْ مَواضِعِهِ﴾ فَعَلى ما فَسَّرْنا مِن إزالَتِهِ عَنْ مَواضِعِهِ الَّتِي أوْجَبَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ وضْعَهُ فِيها بِما اقْتَضَتْ شَهَواتُهم مِن إبْدالِ غَيْرِهِ مَكانَهُ. وأمّا ﴿مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] فالمَعْنى أنَّهُ كانَتْ لَهُ مَواضِعُ هو قَمِنٌ بَأنْ يَكُونَ فِيها، فَحِينَ حَرَّفُوهُ تَرَكُوهُ كالغَرِيبِ الَّذِي لا مَوْضِعَ لَهُ بَعْدَ مَواضِعِهِ ومَقارِّهِ، والمَعْنَيانِ مُتَقارِبانِ. انْتَهى. والَّذِي يَظْهَرُ أنَّهُما سِياقانِ، فَحَيْثُ وُصِفُوا بِشِدَّةِ التَّمَرُّدِ والطُّغْيانِ، وإظْهارِ العَداوَةِ، واشْتِرائِهِمُ الضَّلالَةَ، ونَقْضِ المِيثاقِ، جاءَ ﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ . ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿ويَقُولُونَ سَمِعْنا وعَصَيْنا﴾ وقَوْلِهِ: ﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهم لَعَنّاهم وجَعَلْنا قُلُوبَهم قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣] فَكَأنَّهم لَمْ يَتْرُكُوا الكَلِمَ مِنَ التَّحْرِيفِ عَنْ ما يُرادُ بِها، ولَمْ تَسْتَقِرَّ في مَواضِعِها، فَيَكُونُ التَّحْرِيفُ بَعْدَ اسْتِقْرارِها، بَلْ بادَرُوا إلى تَحْرِيفِها بِأوَّلِ وهْلَةٍ. وحَيْثُ وُصِفُوا بِبَعْضِ لِينٍ وتَرْدِيدٍ وتَحْكِيمٍ لِلرَّسُولِ في بَعْضِ الأمْرِ، جاءَ﴿مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] . ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذا فَخُذُوهُ وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا﴾ [المائدة: ٤١] وقَوْلِهِ بَعْدُ: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢] فَكَأنَّهم لَمْ يُبادِرُوا بِالتَّحْرِيفِ، بَلْ عَرَضَ لَهُمُ التَّحْرِيفُ بَعْدَ اسْتِقْرارِ الكَلِمِ في مَواضِعِها. وقَدْ يُقالُ أنَّهُما شَيْئانِ، لَكِنَّهُ حَذَفَ هُنا وفي أوَّلِ المائِدَةِ: ﴿مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١]، لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿عَنْ مَواضِعِهِ﴾ يَدُلُّ عَلى اسْتِقْرارِ مَواضِعَ لَهُ، وحُذِفَ في ثانِي المائِدَةِ ﴿عَنْ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ١٣]؛ لِأنَّ التَّحْرِيفَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ يَدُلُّ عَلى أنَّهُ تَحْرِيفٌ عَنْ مَواضِعِهِ، فالأصْلُ ﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] . فَحَذَفَ هُنا البَعْدِيَّةَ، وهُناكَ حَذَفَ عَنْها. كُلُّ ذَلِكَ تَوَسُّعٌ في العِبارَةِ، وكانَتِ البَداءَةُ هُنا بِقَوْلِهِ: عَنْ مَواضِعِهِ، لِأنَّهُ أخْصَرُ. وفِيهِ تَنْصِيصٌ بِاللَّفْظِ عَلى عَنْ، وعَلى المَواضِعِ، وإشارَةٌ إلى البَعْدِيَّةِ.
﴿ويَقُولُونَ سَمِعْنا وعَصَيْنا﴾ أيْ: سَمِعْنا قَوْلَكَ، وعَصَيْنا أمْرَكَ، أوْ سَمِعْناهُ جَهْرًا، وعَصَيْناهُ سِرًّا قَوْلانِ. والظّاهِرُ أنَّهم شافَهُوا بِالجُمْلَتَيْنِ النَّبِيَّ ﷺ مُبالَغَةً مِنهم في عُتُوِّهِمْ في الكُفْرِ، وجَرْيًا عَلى عادَتِهِمْ مَعَ الأنْبِياءِ. ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿خُذُوا ما آتَيْناكم بِقُوَّةٍ واسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا﴾ [البقرة: ٩٣] .
﴿واسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ هَذا الكَلامُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ، ويَحْتَمِلُ وُجُوهًا. والظّاهِرُ أنَّهم أرادُوا بِهِ الوَجْهَ المَكْرُوهَ لِسِياقِ ما قَبْلَهُ مِن قَوْلِهِ: سَمِعْنا وعَصَيْنا، فَيَكُونُ مَعْناهُ: اسْمَعْ لا سَمِعْتَ. دَعَوْا عَلَيْهِ بِالمَوْتِ أوْ بِالصَّمَمِ، وأرادُوا ذَلِكَ في الباطِنِ، وأرادُوا في الظّاهِرِ تَعْظِيمَهُ بِذَلِكَ. إذْ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: واسْمَعْ غَيْرَ مَأْمُورٍ وغَيْرَ صالِحٍ أنْ تَسْمَعَ مَأْمُورًا بِذَلِكَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أوِ اسْمَعْ غَيْرَ مُجابٍ إلى ما تَدْعُو إلَيْهِ ومَعْناهُ: غَيْرَ مُسْمَعٍ جَوابًا يُوافِقُكَ، فَكَأنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ شَيْئًا انْتَهى، وقالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أوِ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ كَلامًا تَرْضاهُ، فَسَمْعُكَ عَنْهُ نابٍ. ويَجُوزُ عَلى هَذا أنْ يَكُونَ غَيْرُ مَسْمَعٍ مَفْعُولَ اسْمَعْ، أيِ: اسْمَعْ كَلامًا غَيْرَ مُسْمَعٍ إيّاكَ، لِأنَّ أُذُنَكَ لا تَعِيهِ نُبُوًّا عَنْهُ. ويُحْتَمَلُ المَدْحُ أيِ: اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ مَكْرُوهًا مِن قَوْلِكَ: أسْمَعَ فُلانٌ فُلانًا إذا سَبَّهُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ومَن قالَ: غَيْرَ مُسْمَعٍ غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنكَ، فَإنَّهُ لا يُساعِدُهُ التَّصْرِيفُ، وقَدْ حَكاهُ الطَّبَرِيُّ عَنِ الحَسَنِ ومُجاهِدٍ انْتَهى. ووَجْهُ أنَّ التَّصْرِيفَ لا يُساعِدُ عَلَيْهِ هو (p-٢٦٤)أنَّ العَرَبَ لا تَقُولُ أسْمَعْتُكَ بِمَعْنى قَبِلْتُ مِنكَ، وإنَّما تَقُولُ: سَمِعْتُ مِنكَ بِمَعْنى قَبِلْتُ، فَيُعَبِّرُونَ عَنِ القَبُولِ بِالسَّماعِ عَلى جِهَةِ المَجازِ، لا بِالأسْماعِ. ولَوْ أُرِيدَ ما قالَهُ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ لَكانَ اللَّفْظُ: واسْمَعْ غَيْرَ مَسْمُوعٍ مِنكَ.
﴿وراعِنا لَيًّا بِألْسِنَتِهِمْ وطَعْنًا في الدِّينِ﴾ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ راعِنا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا﴾ [البقرة: ١٠٤] ومَعْنى ﴿لَيًّا بِألْسِنَتِهِمْ﴾ أيْ فَتْلًا بِها. وتَحْرِيفًا عَنِ الحَقِّ إلى الباطِلِ حَيْثُ يَضَعُونَ راعِنا مَكانَ انْظُرْنا، وغَيْرَ مُسْمَعٍ مَكانَ لا أُسْمِعْتَ مَكْرُوهًا. أوْ يَفْتِلُونَ بِألْسِنَتِهِمْ ما يُضْمِرُونَهُ مِنَ الشَّتْمِ إلى ما يُظْهِرُونَهُ مِنَ التَّوْقِيرِ نِفاقًا. وانْتِصابُ ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ عَلى الحالِ مِنَ المُضْمَرِ في اسْمَعْ، وتَقَدَّمَ إعْرابُ الزَّمَخْشَرِيِّ إيّاهُ مَفْعُولًا في أحَدِ التَّقادِيرِ، وانْتِصابُ لَيًّا وطَعْنًا عَلى المَفْعُولِ مِن أجْلِهِ. وقِيلَ: هُما مَصْدَرانِ في مَوْضِعِ الحالِ أيْ: لاوِينَ وطاعِنِينَ. ومَعْنى: وطَعْنًا في الدِّينِ، أيْ بِاللِّسانِ. وطَعْنُهم فِيهِ إنْكارُ نُبُوَّتِهِ، وتَغْيِيرُ نَعْتِهِ، أوْ عَيْبُ أحْكامِ شَرِيعَتِهِ، أوْ تَجْهِيلُهُ. وقَوْلُهم: لَوْ كانَ نَبِيًّا لَدَرى أنّا نَسُبُّهُ، أوِ اسْتِخْفافُهم واعْتِراضُهم وتَشْكِيكُهُمُ أتْباعَهُ أقْوالٌ أرْبَعَةٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذا اللَّيُّ بِاللِّسانِ إلى خِلافِ ما في القَلْبِ مَوْجُودٌ حَتّى الآنَ في بَنِي إسْرائِيلَ، ويُحْفَظُ مِنهُ في عَصْرِنا أمْثِلَةٌ، إلّا أنَّهُ لا يَلِيقُ ذِكْرُها بِهَذا الكِتابِ. انْتَهى. وهو يُحْكى عَنْ يَهُودِ الأنْدَلُسِ، وقَدْ شاهَدْناهم وشاهَدْنا يَهُودَ دِيارِ مِصْرَ عَلى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وكَأنَّهم يُرَبُّونَ أوْلادَهُمُ الصِّغارَ عَلى ذَلِكَ، ويُحَفِّظُونَهم ما يُخاطِبُونَ بِهِ المُسْلِمِينَ مِمّا ظاهِرُهُ التَّوْقِيرُ ويُرِيدُونَ بِهِ التَّحْقِيرَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: كَيْفَ جاءُوا بِالقَوْلِ المُحْتَمِلِ ذِي الوَجْهَيْنِ، بَعْدَما صَرَّحُوا وقالُوا سَمِعْنا وعَصَيْنا ؟ قُلْتُ: جَمِيعُ الكَفَرَةِ كانُوا يُواجِهُونَهُ بِالكُفْرِ والعِصْيانِ، ولا يُواجِهُونَهُ بِالسَّبِّ ودُعاءِ السُّوءِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَقُولُوهُ فِيما بَيْنَهم، ويَجُوزُ أنْ لا يَنْطِقُوا بِذَلِكَ، ولَكِنَّهم لَمّا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ جَعَلُوا كَأنَّهم نَطَقُوا بِهِ.
﴿ولَوْ أنَّهم قالُوا سَمِعْنا وأطَعْنا واسْمَعْ وانْظُرْنا لَكانَ خَيْرًا لَهم وأقْوَمَ﴾ أيْ: لَوْ تَبَدَّلُوا بِالعِصْيانِ الطّاعَةَ، ومِنَ الطّاعَةِ الإيمانُ بِكَ، واقْتَصَرُوا عَلى لَفْظِ اسْمَعْ، وتَبَدَّلُوا بِراعِنا قَوْلَهم: وانْظُرْنا، فَعَدَلُوا عَنِ الألْفاظِ الدّالَّةِ عَلى عَدَمِ الِانْقِيادِ، والمُوهِمَةِ إلى ما أُمِرُوا بِهِ، لَكانَ أيْ: ذَلِكَ القَوْلُ، خَيْرًا لَهم عِنْدَ اللَّهِ وأعْدَلَ أيْ: أقْوَمُ وأصْوَبُ. قالَ عِكْرِمَةُ ومُجاهِدٌ وغَيْرُهُما: أنْظِرْنا أيِ انْتَظِرْنا بِمَعْنى أفْهِمْنا وتَمَهَّلْ عَلَيْنا حَتّى نَفْهَمَ عَنْكَ ونَعِيَ قَوْلَكَ، كَما قالَ الحُطَيْئَةُ:
؎وقَدْ نَظَرْتُكُمُ أثْناءَ صادِرَةٍ ∗∗∗ لِلْخَمْسِ طالَ بِها مَسْحِي وإبْساسِي
وقالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْناهُ انْظُرْ إلَيْنا، وكَأنَّهُ اسْتِدْعاءُ اهْتِبالٍ وتَحَفٍّ مِنهم. ومِنهُ قَوْلُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيّاتِ:
؎ظاهِراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ ∗∗∗ نَ كَما تَنْظُرُ الأراكَ الظِّباءُ
وقَرَأ أُبَيٌّ: وأنْظِرْنا مِنَ الإنْظارِ وهو الإمْهالُ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: المَعْنى ولَوْ ثَبَتَ قَوْلُهم سَمِعْنا وأطَعْنا لَكانَ قَوْلُهم ذَلِكَ خَيْرًا لَهم وأقْوَمَ وأعْدَلَ وأسَدَّ انْتَهى. فَسَبَكَ مِن أنَّهم قالُوا مَصْدَرًا مُرْتَفِعًا بِثَبْتٍ عَلى الفاعِلِيَّةِ، وهَذا مَذْهَبُ المُبَرِّدِ خِلافًا لِسِيبَوَيْهِ. إذْ يَرى سِيبَوَيْهِ أنَّ أنْ بَعْدَ لَوْ مَعَ ما عَمِلَتْ فِيهِ مُقَدَّرٌ بِاسْمٍ مُبْتَدَأٍ، وهَلِ الخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أمْ لا يَحْتاجُ إلى تَقْدِيرِ خَبَرٍ لِجَرَيانِ المُسْنَدِ والمُسْنَدِ إلَيْهِ في صِلَةِ أنْ ؟ قَوْلانِ أصَحُّهُما هَذا. فالزَّمَخْشَرِيُّ وافَقَ مَذْهَبَ المُبَرِّدِ، وهو مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ في عِلْمِ النَّحْوِ.
﴿ولَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ أيْ: أبْعَدَهُمُ اللَّهُ عَنِ الهُدى بِسَبَبِ كُفْرِهِمُ السّابِقِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أيْ خَذَلَهم بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وأبْعَدَهم عَنْ ألْطافِهِ. انْتَهى. وهَذا عَلى طَرِيقَةِ الِاعْتِزالِيِّ.
﴿فَلا يُؤْمِنُونَ إلّا قَلِيلًا﴾ اسْتِثْناءٌ مِن ضَمِيرِ المَفْعُولِ في لَعَنَهم أيْ: إلّا قَلِيلًا لَمْ يَلْعَنْهم فَآمَنُوا، أوِ اسْتِثْناءٌ مِنَ الفاعِلِ في: فَلا يُؤْمِنُونَ، أيْ: إلّا قَلِيلًا فَآمَنُوا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، وكَعْبِ الأحْبارِ، وغَيْرِهِما. أوْ هو راجِعٌ إلى المَصْدَرِ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ: فَلا يُؤْمِنُونَ أيْ: إلّا إيمانًا قَلِيلًا قَلَّلَهُ إذْ آمَنُوا بِالتَّوْحِيدِ، وكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ (p-٢٦٥)وبِشَرائِعِهِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إلّا إيمانًا قَلِيلًا أيْ: ضَعِيفًا رَكِيكًا لا يُعْبَأُ بِهِ، وهو إيمانُهم بِمَن خَلَقَهم مَعَ كُفْرِهِمْ بِغَيْرِهِ. وأرادَ بِالقِلَّةِ العَدَمَ كَقَوْلِهِ:
؎قَلِيلُ التَّشَكِّي لِلْهُمُومِ تُصِيبُهُ
أيْ: عَدِيمُ التَّشَكِّي. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَن عَبَّرَ بِالقِلَّةِ عَنِ الإيمانِ قالَ: هي عِبارَةٌ عَنْ عَدَمِهِ ما حَكى سِيبَوَيْهِ مِن قَوْلِهِمْ: أرْضٌ قَلَّما تُنْبِتُ كَذا، وهي لا تُنْبِتُهُ جُمْلَةً. وهَذا الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وابْنُ عَطِيَّةَ مِن أنَّ التَّقْلِيلَ يُرادُ بِهِ العَدَمُ هو صَحِيحٌ في نَفْسِهِ، لَكِنْ لَيْسَ هَذا التَّرْكِيبُ الِاسْتِثْنائِيُّ مِن تَراكِيبِهِ. فَإذا قُلْتَ: لا أقُومُ إلّا قَلِيلًا، لَمْ يُوضَعْ هَذا لِانْتِقاءِ القِيامِ ألْبَتَّةَ، بَلْ هَذا يَدُلُّ عَلى انْتِفاءِ القِيامِ مِنكَ إلّا قَلِيلًا فَيُوجَدُ مِنكَ. وإذا قُلْتَ: قَلَّما يَقُومُ أحَدٌ إلّا زِيدٌ، وأقَلُّ رَجُلٍ يَقُولُ ذَلِكَ، احْتَمَلَ هَذا أنْ يُرادَ بِهِ التَّقْلِيلُ المُقابِلُ لِلتَّكْثِيرِ، واحْتَمَلَ أنْ يُرادَ بِهِ النَّفْيُ المَحْضُ. وكَأنَّكَ قُلْتَ: ما يَقُومُ أحَدٌ إلّا زِيدٌ، وما رَجُلٌ يَقُولُ ذَلِكَ. إمّا أنْ تَنْفِيَ ثُمَّ تُوجِبَ ويَصِيرُ الإيجابُ بَعْدَ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلى النَّفْيِ، فَلا إذْ تَكُونُ إلّا وما بَعْدَها عَلى هَذا التَّقْدِيرِ، جِيءَ بِها لَغْوًا لا فائِدَةَ فِيهِ، إذِ الِانْتِفاءُ قَدْ فُهِمَ مِن قَوْلِكِ: لا أقُومُ. فَأيُّ فائِدَةٍ في اسْتِثْناءٍ مُثْبَتٍ يُرادُ بِهِ الِانْتِفاءُ المَفْهُومُ مِنَ الجُمْلَةِ السّابِقَةِ، وأيْضًا، فَإنَّهُ يُؤَدِّي إلى أنْ يَكُونَ ما بَعْدَ (إلّا) مُوافِقًا لِما قَبْلَها في المَعْنى. وبابُ الِاسْتِثْناءِ لا يَكُونُ فِيهِ ما بَعْدَ (إلّا) مُوافِقًا لِما قَبْلَها، وظاهِرُ قَوْلِهِ: فَلا يُؤْمِنُونَ إلّا قَلِيلًا، إذا جَعَلْناهُ عائِدًا إلى الإيمانِ - أنَّ الإيمانَ يَتَجَزَّأُ بِالقِلَّةِ والكَثْرَةِ، فَيَزِيدُ ويَنْقُصُ، والجَوابُ: أنَّ زِيادَتَهُ ونَقَصَهُ هو بِحَسَبِ قِلَّةِ المُتَعَلِّقاتِ وكَثْرَتِها. وتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الآياتُ أنْواعًا مِنَ الفَصاحَةِ والبَلاغَةِ والبَدِيعِ. قالُوا: التَّجَوُّزُ بِإطْلاقِ الشَّيْءِ عَلى ما يُقارِبُهُ في المَعْنى في قَوْلِهِ: إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ، أطْلَقَ الظُّلْمَ عَلى انْتِقاصِ الأجْرِ مِن حَيْثُ إنَّ نَقْصَهُ عَنِ المَوْعُودِ بِهِ قَرِيبٌ في المَعْنى مِنَ الظُّلْمِ، والتَّنْبِيهُ بِما هو أدْنى عَلى ما هو أعْلى في قَوْلِهِ: ﴿مِثْقالَ ذَرَّةٍ﴾ [النساء: ٤٠] . والإبْهامُ في قَوْلِهِ: ﴿يُضاعِفْها﴾ [النساء: ٤٠]، إذْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ المُضاعَفَةَ في الأجْرِ. والسُّؤالُ عَنِ المَعْلُومِ لِتَوْبِيخِ السّامِعِ، أوْ تَقْرِيرِهِ لِنَفْسِهِ في: ﴿فَكَيْفَ إذا جِئْنا﴾ [النساء: ٤١] . والعُدُولُ مِن بِناءٍ إلى بِناءٍ لِمَعْنى في: ﴿بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] . والتَّجْنِيسُ المُماثِلُ في: ﴿وجِئْنا﴾ [النساء: ٤١] وفي: ﴿وجِئْنا﴾ [النساء: ٤١] وفي: ﴿بِشَهِيدٍ﴾ [النساء: ٤١] وشَهِيدًا. والتَّجْنِيسُ المُغايِرُ: في ﴿واسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ . والتَّجَوُّزُ بِإطْلاقِ المَحَلِّ عَلى الحالِّ فِيهِ في: ﴿مِنَ الغائِطِ﴾ [النساء: ٤٣] . والكِنايَةُ في: ﴿أوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ﴾ [النساء: ٤٣] . والتَّقْدِيمُ والتَّأْخِيرُ في: ﴿إلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] إلى قَوْلِهِ: ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣] . والِاسْتِفْهامُ المُرادُ بِهِ التَّعَجُّبُ في: ﴿ألَمْ تَرَ﴾ [النساء: ٤٩] . والِاسْتِعارَةُ في: ﴿يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ﴾ [النساء: ٤٤] . والطِّباقُ في: (هَذا) أيْ: بِالهُدى، والطِّباقُ الظّاهِرُ في: ﴿وعَصَيْنا﴾ وأطَعْنا. والتَّكْرارُ في: ﴿وكَفى بِاللَّهِ ولِيًّا﴾ [النساء: ٤٥]، وكَفى بِاللَّهِ، وفي ﴿سَمِعْنا﴾ و﴿سَمِعْنا﴾ . والحَذْفُ في عِدَّةِ مَواضِعَ.
{"ayah":"مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَیَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَیۡرَ مُسۡمَعࣲ وَرَ ٰعِنَا لَیَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنࣰا فِی ٱلدِّینِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا وَٱسۡمَعۡ وَٱنظُرۡنَا لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَقۡوَمَ وَلَـٰكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق