الباحث القرآني
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَذَا النُّون إِذْ ذهب مغاضبا﴾ النُّون: السَّمَكَة. قَالَ الشَّاعِر:
(يَا حبذا الْقصر نعم الْقصر والوادي ... وحبذا أَهله من حَاضر بَادِي)
(ترقى قراقيره والوحش راتعة ... والضب وَالنُّون والملاح وَالْحَادِي)
وَقَوله: ﴿إِذْ ذهب مغاضبا﴾ . قَالَ الشّعبِيّ، وَعُرْوَة بن الزبير، وَسَعِيد بن جُبَير: أَي: مغاضبا لرَبه، وَأما ابْن عَبَّاس قَالَ: أَرَادَ بِهِ مغاضبا لِقَوْمِهِ، وَالْقَوْل الثَّالِث: مغاضبا للْملك الَّذِي كَانَ فِي زَمَانه.
وَأما القَوْل الأول فقد كرهه كثير من الْعلمَاء؛ لِأَن من غضب ربه فقد ارْتكب كَبِيرَة عَظِيمَة، وَذكر بَعضهم: أَن معنى غاضب ربه أَي: أَمر ربه، وَسبب ذَلِك أَنه وعد قومه أَن الْعَذَاب يأتيكم يَوْم كَذَا، وَخرج من بَينهم، فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم، وَرَأى قوم يُونُس الْعَذَاب، خَرجُوا وضجوا إِلَى الله تَعَالَى على مَا ذكرنَا فِي سُورَة يُونُس، فَرد الله عَنْهُم الْعَذَاب، فَلَمَّا بلغ يُونُس أَن الْعَذَاب لم ينزل على قومه غضب، فَمَا كَانَ غَضَبه، لَا كَرَاهَة بِحكم الله، وَلَكِن كَرَاهَة أَن يُسمى كذابا، فَهَذَا معنى هَذَا القَوْل.
﴿مغاضبا فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ﴾
وَأما قَول ابْن عَبَّاس وَهُوَ الْمُخْتَار فَإِنَّهُ خرج مغاضبا لِقَوْمِهِ حِين لم يُؤمنُوا، وَهُوَ حسن صَحِيح لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ.
وَأما قَول من قَالَ: إِنَّه غاضب الْملك، فروى عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل ملك، وَكَانَ مَعَ ذَلِك نَبيا يُوحى إِلَيْهِ، وَكَانَ قد غزا بني إِسْرَائِيل قوم، فَدَعَا الْملك يُونُس، وأرسله إِلَى أُولَئِكَ الْقَوْم، فَقَالَ يُونُس: أَمرك الله بِهَذَا أَو سماني لَك؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن أرسلك، فَغَضب وَخرج من بَينهم مُتَوَجها إِلَى الْبَحْر.
وَقَوله: ﴿فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: " فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ "، وَهُوَ شَاذ، وَقَرَأَ ابْن عَامر: " فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ ". وَاعْلَم أَن فِي الْآيَة سؤالا مَعْرُوفا يعد من مشكلات الْقُرْآن، وَهُوَ أَنه قَالَ: ﴿فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ﴾ فَكيف يظنّ هَذَا بِاللَّه، وَمن ظن هَذَا بِاللَّه فقد كفر؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن لِلْآيَةِ وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ﴾ أَي: لن نقدر عَلَيْهِ بِمَعْنى الحكم وَالْقَضَاء، يُقَال: قدر وَقدر بِمَعْنى وَاحِد، إِلَّا أَنه يُقَال: قدَر يقدِر، وقدَّر يقدِّر، قَالَ الشَّاعِر:
(فَلَيْسَ عشيات اللوى برواجع ... لنا أبدا مَا أبرم السّلم النَّضر)
(وَلَا عَائِدًا ذَاك الزَّمَان الَّذِي مضى ... تَبَارَكت مَا تقدر يَقع وَلَك الشُّكْر)
يَعْنِي: يقدره.
وَمن هَذَا قَوْله: " فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ " أَي: قدرُوا لَهُ، وَهُوَ خبر صَحِيح.
وَالْوَجْه الثَّانِي من الْجَواب: وَهُوَ [أَن] معنى قَوْله: ﴿فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ﴾ أَي: لن نضيق عَلَيْهِ، وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأما إِذا مَا ابتلاه فَقدر عَلَيْهِ رزقه﴾ أَي: ضيق، وَاعْلَم أَن معنى التَّضْيِيق وَالتَّقْدِير عَلَيْهِ هُوَ الْحَبْس فِي بطن الْحُوت.
قَالَ أهل الْعلم: وَلم يكن يُونُس من أولي الْعَزْم من الرُّسُل، وَكَانَ ضيق الصَّدْر، فَلَمَّا وضع عَلَيْهِ أعباء النُّبُوَّة تفسخ تحتهَا كَمَا يتفسخ الرّبع، وَهَذَا القَوْل مأثور عَن السّلف.
وَقَوله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَات﴾ فِي الْقِصَّة: أَنه لما ذهب ركب السَّفِينَة، وَفِي السَّفِينَة قوم كثير، فجَاء حوت وَحبس السَّفِينَة، وخشي الْقَوْم على أنفسهم الْهَلَاك، وتنبه يُونُس أَنه هُوَ المُرَاد فَقَالَ: ألقوني تنجوا، فامتنعوا عَن ذَلِك، ثمَّ إِنَّهُم استهموا فَخرج السهْم عَلَيْهِ مَرَّات، فألقوه فالتقمه الْحُوت، وَمَرَّتْ السَّفِينَة، قَالَ سَالم بن أبي الْجَعْد: والتقم الْحُوت حوت آخر.
وَأما قَوْله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَات﴾ أَي: ظلمَة اللَّيْل، وظلمة الْبَحْر، وظلمة بطن الْحُوت، وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحُوت مر بِهِ إِلَى الأَرْض السَّابِعَة، وَسمع من تَسْبِيح الْأَرْضين والأحجار ودواب الْبحار أمرا عَظِيما، فَنَادَى فِي الظُّلُمَات: ﴿أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: مكث فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَعَن غَيره: ثَلَاثَة أَيَّام، وَرُوِيَ أَنه لما دَعَا بِهَذِهِ الدعْوَة سَمِعت الْمَلَائِكَة صَوته، فَقَالُوا: يَا رب صَوت مَعْرُوف من مَكَان مَجْهُول، فَقَالَ الله تَعَالَى: هُوَ عَبدِي يُونُس جعلت بطن الْحُوت سجنا لَهُ فدعوا.
{"ayah":"وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبࣰا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَیۡهِ فَنَادَىٰ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق