الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ﴾ أَيْ قَبْلَكَ يَا محمد (إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) أي بلغتهم، ليبينوا لَهُمْ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَوَحَّدَ اللِّسَانَ وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الْقَوْمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ اللُّغَةُ، فَهِيَ اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَلَا حُجَّةَ لِلْعَجَمِ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ تُرْجِمَ لَهُ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ تَرْجَمَةً يَفْهَمُهَا لَزِمَتْهُ الْحُجَّةُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾[[راجع ج ١٤ ص ٣٠٠.]] [سبأ: ٢٨]. وَقَالَ ﷺ: "أُرْسِلَ كُلُّ نَبِيٍّ إِلَى أُمَّتِهِ بِلِسَانِهَا وَأَرْسَلَنِي اللَّهُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ مِنْ خَلْقِهِ". وَقَالَ ﷺ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. (فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ فِي نُفُوذِ الْمَشِيئَةِ، وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ، وَلَيْسَ بِمَعْطُوفٍ عَلَى "لِيُبَيِّنَ" لِأَنَّ الْإِرْسَالَ إِنَّمَا وَقَعَ لِلتَّبْيِينِ لَا لِلْإِضْلَالِ. وَيَجُوزُ النَّصْبُ فِي "يُضِلُّ" لِأَنَّ الْإِرْسَالَ صَارَ سَبَبًا لِلْإِضْلَالِ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً﴾[[راجع ج ١٣ ص ٢٥٢.]] [القصص: ٨] وَإِنَّمَا صَارَ الْإِرْسَالُ سَبَبًا لِلْإِضْلَالِ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِهِ لَمَّا جَاءَهُمْ، فَصَارَ كَأَنَّهُ سَبَبٌ لِكُفْرِهِمْ (هُوَالْعَزِيزُ) تقدم معناه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب