الباحث القرآني
قوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ إلى قوله ﴿(مِّن رَّبَّكُمْ) عَظِيمٌ﴾: المعنى: وما أرسلنا رسولاً إلا بلغة قومه ليفهموا عنه، وأرسل النبي ﷺ، بلغة سعد ابن بكرٍ بن هوازن: وهي أفصح اللغات. فالمعنى: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم من قبل محمد (ﷺ من رسول) إلا بلسان الأمة التي أرسل إليها، ليبين لهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونهيه، لتقوم الحجة عليهم، ولا يبقى لهم عذر. فيوفق الله من يشاء إلى الإيمان، ويخذل من يشاء فيبقى على كفره.
﴿وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ﴾: أي: الممتنع ممن أراده (ولا يمتنع عليه أحد) [إن] أراد خذلا(نه)، لأنه الحكيم في توفيقه للإيمان من أراد أن يوفقه.
فإن قيل: فيجب ألا تلزم الحجة من كان من العجم، لأنهم لا يفهمون لسان العرب، فالجواب: أنه إذا ترجم ما جاءهم به النبي ﷺ بلسانهم، وفهموا الدعوة لزمتهم الحجة، لقوله تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ [سبأ ٢٨]، ولقوله: ﴿(لأُنذِرَكُمْ) بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] ولقوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧].
فكل من بلغته دعوة النبي ﷺ، وفهم ما دعاه إليه (يأتي يساره إن) لزمته الحجة، ودخلت تحت قوله ﴿وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وتحت قوله: ﴿كَآفَّةً لِّلنَّاسِ﴾ [سبأ: ٢٨].
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ (مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ)﴾: قوله: ﴿أَنْ أَخْرِجْ﴾ "أن" في موضع نصب على تقدير حذف (حرف) الجر. والتقدير: بأن أخرج.
(وقيل: "أن" زائدة، ومثله: كتبت إليه أن قم): ومعنى الآية ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ﴾ من قبل محمد ﷺ، بالأدلة والحجج، والآيات، وهي التسع آيات المذكورة في القرآن. بأن يخرج قومه من الكفر إلى الإيمان، ويذكرهم: ﴿بِأَيَّامِ ٱللَّهِ﴾: أي: بنعم الله عليهم في الأيام الخالية، إذ أنقذهم من آل فرعون، ومما كانوا فيه من العذاب، وإذ فلق لهم البحر، وظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى في أشباه لهذا من النعم. قاله مجاهد، وقتادة.
(وكذلك رواه ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه قال: بأيام الله: بنعم الله).
قال مالك، (رحمه الله) ﴿بِأَيَّامِ ٱللَّهِ﴾: ببلاء الله الحسن عندهم، وأياديه.
وقال ابن زيد: المعنى: وذكرهم بالأيام التي انتقم الله، عز وجل فيها من الأمم الماضية، فيتعظوا، ويزدجروا، ويخافوا أن يصيبهم مثل ما أصاب من كان قبلهم، ودل على ذلك قوله بعد الآية: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ﴾ [إبراهيم: ٩]، ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾: والمعنى: إن في النعم التي مضت على الأمم الخالية، وأن في النعم التي أنعم عليكم لعلامات ظاهرة، لكل ذي صبر على طاعة الله عز وجل وشكر له على ما أنعم عليه من نعمه، (جلت عظمته).
وقال قتادة عند تلاوة هذه الآية: "نِعْم العبدُ عبدٌ إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر".
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ﴾: أي: واذكر يا محمد! إذ قال موسى لقومه: ﴿ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ﴾: (أي): يذيقونكم شديد العقاب. وقد يجوز (مع ذلك) أبناءكم، ودخلت الواو مع "ويذبحون"، لتدل على آل فرعون كانوا يعذبون بني إسرائيل بأنواع العذاب (غير) التذبيح.
وروي أن فرعون كان يذبح كل غلام، ويستحي النساء، وكانت الحوامل عنده مدونات، والقوابل يغدون عليهن ويرحن. وعندهم رجال قد شدوا أوساطهم، وجعلوا فيها السكاكين التي يذبحون بها الولدان. وأيديهم مخضبة بالدماء.
ثم قال (تعالى): ﴿وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ﴾: أي: اختبار لكم من ربكم. ويكون البلاء هنا النعمة، فيكون المعنى: (إن) في إنجائه إياكم نعمة عظيمة.
وقيل: المعنى: وفيما جرى عليكم بلية عظيمة.
{"ayahs_start":4,"ayahs":["وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَیَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّكُلِّ صَبَّارࣲ شَكُورࣲ","وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ وَیُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ وَفِی ذَ ٰلِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ"],"ayah":"وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق