الباحث القرآني

﴿قَدِ ٱفۡتَرَیۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِی مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ﴾ - تفسير

٢٨٢٥٧- قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال لهم شعيب: ﴿قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم﴾ الشرك، يعني: إن دخلنا في دينكم ﴿بعد إذ نجانا الله منها﴾ يقول: بعد إذ لم يجعلنا الله من أهل ملتكم الشرك[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٩.]]٢٥٨٧. (ز)

٢٥٨٧ بيّن ابنُ عطية (٣/٦١٣-٦١٤) أن لـ﴿عدنا﴾ معنيين في كلام العرب، الأول: أن تكون بمعنى عَوْد الشيء إلى حال كان عليها قبل ذلك. الثاني: أن تكون بمعنى: صار، ولا تتضمن أن الحال كانت متقدمة. ثم قال معلِّقًا: «وشعيب ﵇ لم يكن قط كافرًا، يقتضي أنها بمعنى: صار، وأمّا في جهة المؤمنين بعد كفرهم فيترتب المعنى الآخر، ويخرج عنه شعيب، إلا أن يريدوا عَوْدته إلى حال سكوته قبل أن يبعث». والظاهر مِن كلام ابن تيمية (٣/١٧٤- ١٧٨) أنه فسَّر ﴿إن عدنا في ملتكم﴾ بأنّ العَوْد هنا هو الرجوع إلى حال قومه من الكفر.

﴿وَمَا یَكُونُ لَنَاۤ أَن نَّعُودَ فِیهَاۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ﴾ - تفسير

٢٨٢٥٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: ﴿وما يكون لنا أن نعود فيها﴾ قال: ما ينْبغِي لنا أن نعودَ في شِرْكِكم بعدَ إذْ نجّانا الله، ﴿إلا أن يشاء الله ربنا﴾ واللهُ لا يشاءُ الشرك، ولكن يقول: إلا أن يكونَ اللهُ قد عَلِم شيئًا؛ فإنّه قد وسِع كلَّ شيءٍ علمًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٣١٩، وابن أبي حاتم ٥/١٥٢٣. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٥٨٨. (٦/٤٨٠)

٢٥٨٨ لم يذكر ابنُ جرير (١٠/٣١٩) في تفسير قوله تعالى: ﴿وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا﴾ غير قول السدي. وذكر ابنُ عطية (٣/٦١٥ بتصرف) عدة احتمالات في الاستثناء الوارد في الآية: أولها: أن يريد: إلا أن يسبق علينا من الله في ذلك سابقٌ وسوء وينفذ منه قضاء لا يرد. وهو موافق لقول السدي، وقد وجَّهه بقوله: «والمؤمنون هم المُجَوِّزون لذلك، وشعيب قد عَصَمَتْه النبوة». ورجّحه مستندًا إلى ظاهر الآية بقوله: «وهذا أظهر ما يحتمل القول ... وقوله: ﴿عَلى اللَّهِ تَوَكَّلْنا﴾ استسلام لله، وتمسك بلفظه، وذلك يؤيد التأويل الأول في قوله: ﴿إلا أن يشاء الله﴾». ثانيها: ويحتمل أن يريد استثناء ما يمكن أن يَتعبد اللهُ به المؤمنين مما يفعله الكفار من القربات. ثالثها: ويحتمل أن يريد بذلك معنى الاستبعاد، كما تقول: لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب. وهذا تأويل إنما هو للمعتزلة الذين من مذهبهم أنّ الكفر والإيمان ليسا بمشيئة من الله تعالى، فلا يترتب هذا التأويل إلا عندهم، وهذا تأويل حكاه المفسرون ولم يشعروا بما فيه. رابعها: إنّ هذا الاستثناء إنما هو تستر وتأدب. ويقلق هذا التأويل من جهة استقبال الاستثناء، ولو كان في الكلام «إن شاء الله» قوي هذا التأويل.

٢٨٢٥٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما يكون لنا أن نعود فيها﴾ وما ينبغي لنا أن ندخل في ملتكم الشرك، ﴿إلا أن يشاء الله ربنا﴾ فيدخلنا في ملتكم، ﴿وسع﴾ يعني: مَلَأَ ﴿ربنا كل شيء علما﴾ فعلمه، ﴿على الله توكلنا﴾ لقولهم لشعيب: ﴿لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٩.]]. (ز)

﴿رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡفَـٰتِحِینَ ۝٨٩﴾ - تفسير

٢٨٢٦٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق قتادة- قال: ما كنتُ أدري ما قولُه: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ حتّى سمعتُ ابنةَ ذي يَزَنَ تقولُ: تعال أُفاتِحُك. يعني: أُقاضِيك[[أخرجه ابن أبي شيبة ٨/٥٢٩، وابن جرير ١٠/٣٢٠، وابن أبي حاتم ٥/١٥٢٣، والبيهقي في الأسماء والصفات (١٠٧). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن الأنباري في الوقف والابتداء.]]. (٦/٤٨١)

٢٨٢٦١- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿ربنا افتح﴾، يقول: اقْضِ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٣٢١، وابن أبي حاتم ٥/١٥٢٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٤٨١)

٢٨٢٦٢- عن الحسن البصري -من طريق ابن جريج-: ﴿افتح﴾ الحكم؛ احكم بيننا وبين قومنا، و﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾ [الفتح:١]: حكمنا لك حكمًا مبينًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٣٢١.]]. (ز)

٢٨٢٦٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾، قال: ربنا اقضِ بيننا وبين قومنا بالحق[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٣٣، وابن جرير ١٠/٣٢١.]]. (ز)

٢٨٢٦٤- قال قتادة بن دعامة: وإذا دعا النبيُّ ربَّه أن يحكم بينه وبين قومه جاءهم العذاب[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٣٣-.]]. (ز)

٢٨٢٦٥- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- ﴿رَبَّنا افْتَحْ بَيْنَنا﴾، فيقول: احكم بيننا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٣٢١.]]. (ز)

٢٨٢٦٦- عن إسماعيل السُّدِّيّ، قال: الفتحُ: القضاء، لغةٌ يَمانِية، إذا قال أحدُهم: تعالَ أُقاضِيك القضاء، قال: تعالَ أُفاتِحك[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (٦/٤٨١)

٢٨٢٦٧- قال مقاتل بن سليمان: قال شعيب: ﴿ربنا افتح﴾ يعني: اقضِ ﴿بيننا وبين قومنا بالحق﴾ يعني: بالعدل في نزول العذاب بهم، ﴿وأنت خير الفاتحين﴾ يعني: القاضين[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٤٩.]]. (ز)

﴿رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡفَـٰتِحِینَ ۝٨٩﴾ - آثار متعلقة بالآية

٢٨٢٦٨- عن عون، قال: كان عبد الله بن مسعود إذا خرج من بيته قال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. فقال محمد بن كعب القرظي: هذا في القرآن: ﴿اركبوا فيها بسم الله﴾ [هود:٤١]، وقال: ﴿على الله توكلنا﴾[[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩/١٨٠ (٨٨٨٩).]]. (ز)

٢٨٢٦٩- عن زيد بن أسلم أنّه قال في القَدَرِيَّة: واللهِ، ما قالوا كما قال الله، ولا كما قال النَّبِيُّون، ولا كما قال أصحابُ الجنة، ولا كما قال أصحابُ النار، ولا كما قال أخوهم إبليس، قال الله: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان:٣٠]. وقال شعيبٌ: ﴿وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله﴾. وقال أصحاب الجنة: ﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ [الأعراف:٤٣]. وقال أصحاب النار: ﴿ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين﴾ [الزمر:٧١]. وقال إبليسُ: ﴿رب بما أغويتني﴾ [الحجر:٣٩][[عزاه السيوطي إلى الزبير بن بكّار في الموفَّقِيات.]]. (٦/٤٨٠)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب