الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: قال شعيب لقومه إذ دعوه إلى العود إلى ملتهم، والدخول فيها، وتوعَّدوه بطرده ومَنْ تبعه من قريتهم إن لم يفعل ذلك هو وهم: ﴿قد افترينا على الله كذبًا﴾ ، يقول: قد اختلقنا على الله كذبًا، [[انظر تفسير"الافتراء" فيما سلف ص: ٤٨١، تعليق: ٦، والمراجع هناك.]] وتخرّصنا عليه من القول باطلا= إن نحن عدنا في ملتكم، فرجعنا فيها بعد إذ أنقذنا الله منها، بأن بصَّرنا خطأها وصوابَ الهدى الذي نحن عليه= وما يكون لنا أن نرجع فيها فندين بها، ونترك الحق الذي نحن عليه= ﴿إلا أن يشاء الله ربنا﴾ إلا أن يكون سبق لنا في علم الله أنّا نعود فيها، فيمضي فينا حينئذ قضاء الله، فينفذ مشيئته علينا= ﴿وسع ربنا كل شيء علما﴾ ، يقول: فإن علم ربنا وسع كل شيء فأحاط به، فلا يخفى عليه شيء كان، ولا شيء هو كائن. [[انظر تفسير"وسع" فيما سلف ص: ٢٠٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] فإن يكن سبق لنا في علمه أنّا نعود في ملتكم، ولا يخفى عليه شيء كان ولا شيء هو كائن، [[في المطبوعة: "فلا يخفى" بالفاء، ومثلها في المخطوطة غير منقوطة، والصواب بالواو.]] فلا بد من أن يكون ما قد سبق في علمه، وإلا فإنا غير عائدين في ملّتكم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٨٥٣-حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿قد افترينا على الله كذبًا إن عدنا في ملتكم بعد إذن نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، يقول: ما ينبغي لنا أن نعود في شرككم بعد إذ نجانا الله منها، إلا أن يشاء الله ربنا، فالله لا يشاء الشرك، ولكن يقول: إلا أن يكون الله قد علم شيئًا، فإنه وسع كل شيء علمًا.
* * *
وقوله: ﴿على الله توكلنا﴾ ، يقول: على الله نعتمد في أمورنا وإليه نستند فيما تعِدوننا به من شرِّكم، أيها القوم، فإنه الكافي من توكَّل عليه. [[انظر تفسير"التوكل" فيما سلف ٧: ٣٤٦/ ٨: ٥٦٦/ ١٠: ١٠٨، ١٨٤.]]
* * *
ثم فزع صلوات الله عليه إلى ربه بالدعاء على قومه= إذ أيس من فلاحهم، وانقطع رجاؤه من إذعانهم لله بالطاعة، والإقرار له بالرسالة، وخاف على نفسه وعلى من اتبعه من مؤمني قومه من فَسَقتهم العطبَ والهلكة= [[السياق: " ... بالدعاء على قومه ... بتعجيل النقمة".]] بتعجيل النقمة، فقال: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، يقول: احكم بيننا وبينهم بحكمك الحقّ الذي لا جور فيه ولا حَيْف ولا ظلم، ولكنه عدل وحق= ﴿وأنت خير الفاتحين﴾ ، يعني: خير الحاكمين. [[انظر تفسير"الفتح" فيما سلف ٢: ٢٥٤/ ١٠: ٤٠٥.]]
* * *
ذكر الفرَّاء أنّ أهلَ عُمان يسمون القاضي"الفاتح" و"الفتّاح". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٨٥.]]
وذكر غيره من أهل العلم بكلام العرب: أنه من لغة مراد، [[هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٢٠، ٢٢١.]] وأنشد لبعضهم بيتًا وهو: [[هو الأسعر الجعفي، أو محمد بن حمران بن أبي حمران.]]
أَلا أَبْلِغْ بَني عُصْمٍ رَسُولا ... بِأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ [[سلف البيت وتخريجه ٢: ٢٥٤، ولم أنسبه هناك إلى هذا الموضع من تفسير الطبري، فقيده، ويزاد أنه في مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٢٠، ٢٢١، وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا"فإني عن فتاحتكم"، والصواب ما سلف، وما في المخطوطة هناك.]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٨٥٤-حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن مسعر، عن قتادة، عن ابن عباس قال: ما كنت أدري ما قوله: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول:"تعالَ أفاتحك"، تعني: أقاضيك.
١٤٨٥٥-حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، يقول: اقض بيننا وبين قومنا.
١٤٨٥٦-حدثني المثنى قال، حدثنا ابن دكين قال، حدثنا مسعر قال، سمعت قتادة يقول: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما قوله: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، حتى سمعت ابنةَ ذي يزن تقول:"تعالَ أفاتحك".
١٤٨٥٧-حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، أي: اقض بيننا وبين قومنا بالحق.
١٤٨٥٨-حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة: ﴿افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ،: اقض بيننا وبين قومنا بالحق.
١٤٨٥٩-حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، أما قوله: ﴿افتح بيننا﴾ ، فيقول: احكم بيننا.
١٤٨٦٠-حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال الحسن البصري: افتح احكم بيننا وبين قومنا، و ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ ، [الفتح: ١] حكمنا لك حكمًا مبينًا.
١٤٨٦١-حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: "افتح"، اقض.
١٤٨٦٢-حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير قال، حدثنا مسعر، عن قتادة، عن ابن عباس قال: لم أكن أدري ما ﴿افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾ ، حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها:"انطلق أُفاتحك".
{"ayah":"قَدِ ٱفۡتَرَیۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِی مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ وَمَا یَكُونُ لَنَاۤ أَن نَّعُودَ فِیهَاۤ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡفَـٰتِحِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق