الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدِ افْتَرَيْنا عَلى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنا في مِلَّتِكُمْ﴾ وذَلِكَ أنَّ القَوْمَ كانُوا يَدَّعُونَ أنَّ اللَّهَ أمَرَهم بِما هم عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ سَمُّوهُ مِلَّةً. ﴿وَما يَكُونُ لَنا أنْ نَعُودَ فِيها﴾ أيْ: في المِلَّةِ، ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ أيْ: إلّا أنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ ومَشِيئَتِهِ أنْ نَعُودَ فِيها، ﴿وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْلَمُ ما يَكُونُ قَبْلَ أنْ يَكُونَ. (p-٢٣٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَلى اللَّهِ تَوَكَّلْنا﴾ أيْ: فِيما تَوَعَّدْتُمُونا بِهِ، وفي حِراسَتِنا عَنَ الضَّلالِ. ﴿رَبَّنا افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالحَقِّ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: احْكم بَيْنَنا، وأنْشَدَ: ؎ ألا أبْلِغْ بَنِي عَصْمٍ رَسُولًا بِأنِّي عَنْ فُتاحَتِكم غَنِيٌّ قالَ الفَرّاءُ: وأهْلُ عُمانَ يُسَمَّوْنَ القاضِيَ: الفاتِحُ والفَتّاحُ. قالَ الزَّجّاجُ: وجائِزٌ أنْ يَكُونَ المَعْنى: أظْهِرْ أمْرَنا حَتّى يَنْفَتِحَ ما بَيْنَنا ويَنْكَشِفَ؛ فَجائِزٌ أنْ يَكُونُوا سَألُوا بِهَذا نُزُولَ العَذابِ بِقَوْمِهِمْ لِيُظْهِرَ أنَّ الحَقَّ مَعَهم. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: كَأنَّ لَمْ يَعِيشُوا في دارِهِمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والأخْفَشُ. قالَ حاتِمُ طَيِّئٍ: ؎ غَنِينا زَمانًا بِالتَّصَعْلُكِ والغِنى ∗∗∗ فَكُلًّا سَقاناهُ بِكَأْسَيْهِما الدَّهْرُ ∗∗∗ فَما زادَنا بَغْيًا عَلى ذِي قُرابَةٍ ∗∗∗ غِنانا ولا أزْرى بِأحْسابِنا الفَقْرُ قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى غَنِينا: عِشْنا. والتَّصَعْلُكُ: الفَقْرُ، والعَرَبُ تَقُولُ لَلْفَقِيرِ: الصُّعْلُوكُ والثّانِي: كَأنَّ لَمْ يَتَنَعَّمُوا فِيها، قالَهُ قَتادَةُ. والثّالِثُ: كَأنَّ لَمْ يَكُونُوا فِيها، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، ومُقاتِلٌ. (p-٢٣٣)والرّابِعُ: كَأنَّ لَمْ يَنْزِلُوا فِيها، قالَهُ الزَّجّاجُ. قالَ الأصْمَعِيُّ: المَغانِي: المَنازِلُ؛ يُقالُ: غَنِينا بِمَكانِ كَذا، أيْ: نَزَلْنا بِمَكانِ كَذا، أيْ: نَزَلْنا بِهِ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَأنَّ لَمْ يُقِيمُوا فِيها، ومَعْنى: غَنِينا بِمَكانِ كَذا: أقَمْنا. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وإنَّما كَرَّرَ قَوْلَهُ: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا﴾ لَلْمُبالَغَةِ في ذَمِّهِمْ؛ كَما تَقُولُ: أخُوكَ الَّذِي أخَذَ أمْوالَنا، أخُوكَ الَّذِي شَتَمَ أعْراضَنا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَتَوَلّى عَنْهُمْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أعْرِضْ. والثّانِي: انْصَرِفْ. ﴿وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أبْلَغْتُكم رِسالاتِ رَبِّي﴾ قالَ قَتادَةُ: أسْمَعَ شُعَيْبٌ قَوْمَهُ، وأسْمَعَ صالِحٌ قَوْمَهُ؛ كَما أسْمَعَ نَبِيُّكم قَوْمَهُ يَوْمَ بَدْرٍ؛ يَعْنِي أنَّهُ خاطَبَهم بَعْدَ الهَلاكِ. ﴿فَكَيْفَ آسى﴾ أيْ: أحْزَنُ. وقالَ ابْنُ إسْحاقَ: أصابَ شُعَيْبًا عَلى قَوْمِهِ حُزْنٌ شَدِيدٌ، ثُمَّ عاتَبَ نَفْسَهُ، فَقالَ: كَيْفَ آَسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب