الباحث القرآني

شرح الكلمات: الملأ: أشراف القوم الذين يملؤون المجلس إذا جلسوا، والعين إذا نظر إليهم. استكبروا: تكلفوا الكبر وهم حقيرون، حتى لا يقبلوا الحق. من قريتنا: مدينتنا. في ملتكم: في دينكم. على الله توكلنا: أي فوضنا أمرنا واعتمدنا في حمايتنا عليه. ربنا افتح بيننا: أي يا ربنا احكم بيننا. وأنت خير الفاتحين: أي وأنت خير الحاكمين. معنى الآيتين: ما زال السياق الكريم في قصص شعيب مع قومه أهل مدين فبعد أن أمرهم ونهاهم وذكرهم ووعظهم ﴿قالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ﴾ مهددين موعدين مقسمين ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا﴾. هكذا سنة الطغاة الظلمة إذا غلبوا بالحجج والبراهين يفزعون إلى القوة فلما أفحمهم شعيب خطيب الأنبياء عليهم السلام، وقطع الطريق عليهم شهروا السلاح في وجهه، وهو النفي والإخراج من البلاد أو العودة إلى دينهم الباطل، ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا﴾ ورد شعيب على هذا التهديد بقوله: ﴿أوَلَوْ كُنّا كارِهِينَ﴾ أي أنعود في ملتكم ولو كنا كارهين لها ﴿قَدِ ٱفْتَرَيْنا عَلى ٱللَّهِ كَذِباً إنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إذْ نَجّانا ٱللَّهُ مِنها﴾ ووجه الكذب على الله إن عادوا إلى ملة الباطل هو أن شعيباً أخبرهم أن الله تعالى أمرهم بعبادته وحده وترك عبادة غيره، وأنه تعالى أرسله إليهم رسولاً وأمرهم بطاعته إنقاذاً لهم من الباطل الذي هم فيه فإذا أرتد وعاد هو ومن معه من المؤمنين إلى ملة الشرك كان موقفهم موقف من كذب على الله تعالى بأنه قال كذا وكذا والله عز وجل لم يقل. هذا ثم قال شعيب ﴿وما يَكُونُ لَنَآ أن نَّعُودَ فِيهَآ﴾ ليس من الممكن ولا من المتهيء لنا العودة في ملتكم أبداً، اللهم إلا أن يشاء ربنا شيئاً فإن مشيئته نافذه في خلقه، وقوله: ﴿وسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ فإذا كان قد علم أنا نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، فسوف يكون ما علمه كما علمه وهو الغالب على أمره. ثم قال عليه السلام بعد أن أعلمهم أن العودة إلى دينهم غير واردة ولا ممكنة بحال من الأحوال إلاّ في حال مشيئة الله ذلك، وهذا مما لا يشاءه الله تعالى قال: ﴿عَلى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنا﴾ في الثبات على دينه الحق، والبراءة من الباطل ثم سأل ربه قائلاً: ﴿رَبَّنا ٱفْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِٱلْحَقِّ﴾ أي احكم بيننا وبينهم بالحق ﴿وأَنتَ خَيْرُ ٱلْفاتِحِينَ﴾ أي الحاكمين، وذلك بإحقاق الحق وإبطال الباطل. هداية الآيات من هداية الآيات: ١- بيان سنة بشرية وهي أن الظلمة والمتكبرين يجادلون بالباطل حتى إذا أعياهم الجدال وأفحموا بالحجج بدل أن يسلموا بالحق ويعترفوا به ويقبلوه، فيستريحوا ويريحوا يفزعون إلى القوة بطرد أهل الحق ونفيهم أو إكراههم على قبول الباطل بالعذاب والنكال. ٢- لا يصح من أهل الحق بعد أن عرفوه ودعوا إليه أن يتنكروا ويقبلوا الباطل بدله. ٣- يستحب الاستثناء في كل ما عزم عليه المؤمن مستقبلاً وإن لم يرده أو حتى يفكر فيه. ٤- وجوب التوكل على الله عند تهديد العدو وتخويفه، والمضي في سبيل الحق. ٥- مشروعية الدعاء وسؤال الله تعالى الحكم بين أهل الحق وأهل الباطل، لأن الله تعالى يحكم بالحق وهو خير الحاكمين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب