الباحث القرآني
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ظَالِمِیۤ أَنفُسِهِمۡ قَالُوا۟ فِیمَ كُنتُمۡۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةࣰ فَتُهَاجِرُوا۟ فِیهَاۚ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا ٩٧﴾ - نزول الآية
١٩٨٠٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي الأسود، عن مولى ابن عباس- أنّ ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين، يُكَثِّرون سواد المشركين على رسول الله ﷺ، فيأتي السهم يرمي به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل؛ فأنزل الله: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾[[أخرجه البخاري ٦/٤٨ (٤٥٩٦)، ٩/٥٢ (٧٠٨٥)، وابن جرير ٧/٣٨٢، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٥ (٥٨٦٢).]]. (٤/٦٣٦)
١٩٨٠٤- عن عبد الله بن عباس، قال: كان قوم بمكة قد أسلموا، فلمّا هاجر رسول الله ﷺ كرهوا أن يهاجروا وخافوا؛ فأنزل الله: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ إلى قوله: ﴿إلا المستضعفين﴾[[أخرجه الطبراني في الكبير ١١/٤٤٤ (١٢٢٦٠). قال الهيثمي في المجمع ٧/٩ (١٠٩٤٧): «وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة وغيره، وضعفه جماعة».]]. (٤/٦٣٨)
١٩٨٠٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم وقُتِل بعض، فقال المسلمون: قد كان أصحابُنا هؤلاء مسلمين وأُكْرِهوا، فاستغفروا لهم. فنزلت هذه الآية: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ إلى آخر الآية. قال: فكتب إلى مَن بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية، وأنه لا عذر لهم، فخرجوا، فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة؛ فأنزلت فيهم هذه الآية: ﴿ومن الناس من يقول ءامنا بالله فإذا أوذي في الله﴾ [العنكبوت:١٠]. فكتب المسلمون إليهم بذلك، فحزنوا وأيسوا من كل خير؛ فنزلت فيهم: ﴿ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم﴾ [النحل:١١٠]. فكتبوا إليهم بذلك: أنّ الله قد جعل لكم مخرجًا فاخرجوا. فخرجوا، فأدركهم المشركون، فقاتلوهم، حتى نجا مَن نجا، وقُتِل مَن قُتِل[[أخرجه البزار -كما في كشف الأستار ٣/٤٦ (٢٢٠٤)-، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/٤٥٠-٤٥١ (٣٣٧٧)، وابن جرير ٧/٣٨١، ١٤/٣٧٩، ١٨/٣٦٦ واللفظ له، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٦ (٥٨٦٣)، ٩/٣٠٣٧ (١٧١٧٠). قال البزار: «لا نعلم أحدًا يرويه عن عمرو إلا محمد بن شريك». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٩-١٠ (١٠٩٤٨): «روى البخاري بعضه، رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن شريك، وهو ثقة». وقال الألباني في الصحيحة ٧/٦٦٧: «وهو ثقة، وهو أبو عثمان المكي، وثقه جمع، ولذلك قال الحافظ في مختصر الزوائد: وفي البخاري بعضه، وإسناده صحيح».]]. (٤/٦٣٦)
١٩٨٠٦- عن عروة بن الزبير -من طريق أبي الأسود- أنّه ذكر قصة بدر، وذكر الأسارى، وفداءهم، وما أنزله الله ﷿ في قَسْم الغنائم، ثم قال: وأنزل فيمن أصيب ممن يدعى بالإسلام مع العدو بيوم بدر، وفيمن أقام بمكة مِمَّن يُطِيق الخروج: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض﴾، وآيتين بعدها[[أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/١١٩-١٢٠.]]. (ز)
١٩٨٠٧- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد- في الآية، قال: هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله ﷺ بمكة، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر، فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب؛ فأنزل الله فيهم هذه الآية[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٦-٣٨٧، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٦.]]. (٤/٦٣٨)
١٩٨٠٨- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جريج- في قوله: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم﴾ إلى قوله: ﴿وساءت مصيرا﴾، قال: نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن زَمْعَة بن الأسود، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وأبي العاص بن مُنَبِّه بن الحجاج، وعلي بن أمية بن خلف. قال: لَمّا خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان ابن حرب وعير قريش من رسول الله ﷺ وأصحابه، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة، خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا، واجتمعوا ببدر على غير موعد، فقُتِلوا ببدر كفارًا، ورجعوا عن الإسلام، وهم هؤلاء الذين سميناهم[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٣-٣٨٤، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٦٣٧)
١٩٨٠٩- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عمرو بن دينار- قال: كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله، فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم، فقُتِلوا؛ فنزلت: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ إلى قوله: ﴿أولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا﴾. فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة. قال: فخرج ناس من المسلمين، حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون، فأدركوهم، فمنهم من أعطى الفتنة؛ فأنزل الله فيهم: ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله﴾ [العنكبوت:١٠]. فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين بمكة، وأنزل الله في أولئك الذين أعطوا الفتنة: ﴿ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا﴾ إلى ﴿غفور رحيم﴾ [النحل:١١٠][[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٥.]]. (ز)
١٩٨١٠- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عمرو بن دينار- قال: كان ناس بمكة قد أقروا بالإسلام، فلما خرج الناس إلى بدر لم يبق أحد إلا أخرجوه، فقُتل أولئك الذين أقروا بالإسلام؛ فنزلت فيهم: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ إلى قوله: ﴿وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا﴾. ﴿حيلة﴾: نهوضًا إليها. و﴿سبيلًا﴾: طريقًا إلى المدينة. فكتب المسلمون الذين كانوا بالمدينة إلى مَن كان بمكة، فلما كتب إليهم خرج ناس مِمَّن أقروا بالإسلام، فأتبعهم المشركون، فأكرهوهم حتى أعطوهم الفتنة؛ فأنزل الله ﷿ فيهم: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ [النحل:١٠٦][[ذكره في الإيماء ٧/٤٧١ (٧١٦١) وقال: «روي موصولًا عن عكرمة، عن ابن عباس». وعزاه إلى جزء سعدان (٤٧). وقال محققه: «إسناده ضعيف لإرساله».]]. (ز)
١٩٨١١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: حُدِّثت: أنّ هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقُتِلوا يوم بدر، فاعتذروا بغير عذر، فأبى الله أن يقبل منهم[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٦. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٤٠٠-. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٦٣٩)
١٩٨١٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة﴾ يعني: ملك الموت وحده ﴿ظالمي أنفسهم﴾، وذلك أنّه كان نفر أسلموا بمكة مع النبي ﷺ، منهم الوليد بن الوليد بن المغيرة، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والوليد بن عقبة بن ربيعة بن عبد شمس، وعمرو بن أمية بن سفيان بن أمية بن عبد شمس، والعلاء بن أمية بن خلف الجمحي. ثم إنهم أقاموا عن الهجرة، وخرجوا مع المشركين إلى قتال بدر، فلما رأوا قِلَّة المؤمنين شَكُّوا في النبي ﷺ، وقالوا: غَرَّ هؤلاء دينُهم، وكان بعضهم نافق بمكة ...[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٠١.]]. (ز)
١٩٨١٣- عن محمد بن إسحاق -من طريق ابن عيينة- في قوله: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة﴾، قال: هم خمسة فتية من قريش: علي بن أمية، وأبو قيس بن الفاكه، وزَمْعَة بن الأسود، وأبو العاصي بن مُنَبِّه. قال: ونسيت الخامس[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٦، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٦. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٤/٦٣٧)
١٩٨١٤- قال محمد بن إسحاق: كان الفتية الذين قتلوا مع قريش يوم بدر؛ فنزل فيهم القرآن فيما ذكر لنا: ﴿الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرًا﴾. وذلك أنهم كانوا أسلموا، ولَمّا هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة، وفتنوهم، فافتتنوا، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر، فأصيبوا به جميعًا، فهم فِتْيَة مُفْتَنُون، فمن بني أسد بن عبد العُزّى بن قصي: الحارث بن زَمْعَة، وعقيل بن الأسود بن المطلب بن أسد. ومن بني مخزوم: أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة. ومن بني جمح: علي بن أمية بن خلف. ومن بني سهم: العاص بن مُنَبِّه بن الحجاج[[سيرة ابن إسحاق ص٢٨٩-٢٩٠.]]. (ز)
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ظَالِمِیۤ أَنفُسِهِمۡ قَالُوا۟ فِیمَ كُنتُمۡۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ - تفسير
١٩٨١٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في الآية، قال: هم قوم تَخَلَّفوا بعد النبي ﷺ، وتركوا أن يخرجوا معه، فمَن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي ﷺ ضَرَبَت الملائكةُ وجهَه ودُبُرَه[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٣.]]. (٤/٦٣٨)
١٩٨١٦- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق أشعث- ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾، قال: كان ناس من أهل مكة أسلموا، فمَن مات منهم بها هلك، قال الله: ﴿فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء﴾ إلى قوله: ﴿عفوا غفورا﴾ [النساء:٤٣].= (ز)
١٩٨١٧- قال ابن عباس: فأنا منهم وأُمِّي منهم. قال عكرمة: وكان العباس منهم[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨١.]]. (ز)
١٩٨١٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: لَمّا أُسِر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله ﷺ للعباس: «افد نفسك، وابن أخيك». قال: يا رسول الله، ألم نُصَلِّ قبلتك، ونشهد شهادتك؟! قال: «يا عباس، إنكم خاصمتم فَخُصِمْتُمْ». ثم تلا عليه هذه الآية: ﴿ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا﴾. فيوم نزلت هذه الآية كان مَن أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر، إلا المستضعفين الذين ﴿لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا﴾[[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٤-٣٨٥، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٧.]]١٨١٠. (٤/٦٣٨)
١٩٨١٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة﴾ يعني: ملك الموت وحده ﴿ظالمي أنفسهم﴾، ... فلما قتل هؤلاء ببدر ﴿قالوا﴾ أي: قالت الملائكة لهم، وهو ملك الموت وحده: ﴿فيم كنتم﴾ يقول: في أي شيء كنتم؟ ﴿قالوا كنا مستضعفين في الأرض﴾ يعني: كنا مقهورين بأرض مكة، لا نُطيق أن نُظهِر الإيمان[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٠١.]]. (ز)
﴿قَالُوۤا۟ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةࣰ فَتُهَاجِرُوا۟ فِیهَاۚ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا ٩٧﴾ - تفسير
١٩٨٢٠- عن سعيد بن جبير -من طريق إسماعيل بن أبي خالد- أنّه قال: في قول الله تعالى: ﴿قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها﴾، قالوا: إذا عُمِل فيها بالمعاصي فاخرجوا[[أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع ١/٨٨ (١٩٧)، وابن أبي حاتم ٣/١٠٤٧.]]. (ز)
١٩٨٢١- عن سعيد بن جبير -من طريق ليث- ﴿ألم تكن أرض الله واسعة﴾، قال: الهرب[[أخرجه المروذي في أخبار الشيوخ وأخلاقهم ص١٠٩ (١٤٨).]]. (ز)
١٩٨٢٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قالوا﴾ أي: قالت الملائكة لهم: ﴿ألم تكن أرض الله واسعة﴾ من الضيق، يعني: أرض الله المدينة؛ ﴿فتهاجروا فيها﴾ يعني: إليها. ثم انقطع الكلام، فقال ﷿: ﴿فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا﴾ يعني: وبئس المصير صاروا[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٤٠٢.]]. (ز)
١٩٨٢٣- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في الآية، قال: لَمّا بُعِث النبي ﷺ وظهر ونبع الإيمان نبع النفاق معه، فأتى إلى رسول الله ﷺ رجالٌ، فقالوا: يا رسول الله، لولا أنّا نخاف هؤلاء القوم يعذبون ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر قام المشركون، فقالوا: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستبحنا ماله. فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي ﷺ معهم، فقُتِلت طائفة منهم، وأُسِرت طائفة. قال: فأما الذين قُتِلوا فهم الذين قال الله: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ الآية كلها. ﴿ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها﴾ وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم؟ ﴿فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا﴾. قال: ثم عذر الله أهل الصدق، فقال: ﴿إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا﴾ يتوجهون له، لو خرجوا لهلكوا. قال: ﴿فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم﴾ إقامتهم بين ظهري المشركين. وقال الذين أُسروا: يا رسول الله، إنّك تعلم أنّا كُنّا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأنّ هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفًا. فقال الله: ﴿يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم﴾ [الأنفال:٧٠] صنيعكم الذي صنعتم؛ خروجكم مع المشركين على النبي ﷺ، ﴿وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل﴾: خرجوا مع المشركين؛ ﴿فأمكن منهم﴾ [الأنفال:٧١][[أخرجه ابن جرير ٧/٣٨٧، ٣٨٨.]]. (٤/٦٣٩-٦٤٠)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.