الباحث القرآني
قوله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ﴾ الآية.
المعنى: إن الذين تقبض الملائكة أرواحهم ظالمين أنفسهم أي مكتسبين غضب الله عز وجل وسخطه ﴿قَالُواْ﴾: أي: قال لهم الملائكة ﴿فِيمَ كُنتُمْ﴾ أي: أي شيء كنتم من دينكم؟
وقيل المعنى: قالت لهم الملائكة: أكنتم في المشركين، أم في أصحاب النبي ﷺ؟ فأجابوا الملائكة بأن قالوا: ﴿كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ﴾ في أرضنا بكثرة العدو، وقوته قالت لهم الملائكة، ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا﴾ أي: تخرجوا من بين أظهر المشركين إلى أرض الإيمان.
﴿فَأُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾ أي: هؤلاء الذين هذه صفتهم مصيرهم إلى جهنم وهي سكناهم ﴿وَسَآءَتْ مَصِيراً﴾ أي: ساءت جهنم مصيراً لأهلها.
وروي أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا أسلموا والنبي ﷺ بمكة، فلما هاجر النبي عليه السلام أقاموا بمكة، فمنهم من ارتد إلى الشرك فتنه أبوه وعشيرته حتى ارتد، ومنهم من بقي على حاله.
فلما خرج المشركون لنصرة غيرهم إلى بدر خرجوا مع المشركين، وقالوا إن كان محمد في كثرة ذهبنا إليه، وإن كان في قلة بقينا في قومنا.
فلما التقوا بالنبي ﷺ، في بدر نظروه في قلة فبقوا في قومهم فقتلوا، فتوفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم، فاعتذروا بأنهم استضعفوا بمكة، ثم استثنى فقال: ﴿إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ﴾ وهو من عجز عن الهجرة، ولا طاقة له بالخروج قد استضعفهم المشركون ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً﴾ أي لا يعرفون طريقاً يخلصهم من المشركين، لا قوة لهم ولا معرفة طريق ﴿فَأُوْلَـٰئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعْفُوَ [عَنْهُمْ]﴾ أي إن هؤلاء المستضعفين لعل الله أن يعفو عنهم للعذر الذي هم فيه وهم مؤمنون.
﴿وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً﴾ أي: بعباده قبل أن يخلقهم ومعناه: لم يزل كذلك.
وقيل: إن (كان) من الله بمنزلة ما في الحال. فالمعنى والله عفو غفور.
وروي أن هاتين الآيتين، والتي بعدهما نزلت في أقوام من أهل مكة كانوا قد أسلموا، وآمنوا، وتخلفوا عن الهجرة مع النبي ﷺ حين هاجر، وعرض بعضهم على الفتنة فافتتن، وشهد مع المشركين حرب المؤمنين، فلم يقبل الله تعالى معذرتهم وقولهم "كنا مستضعفين في الأرض".
وقال ابن عباس: كان قوم من أهل مكة أسلموا وأخفوا الإسلام فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم لقتال المسلمين، فأصيب بعضهم فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا فاستغفروا لهم، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ﴾ الآية فكتب المسلمون إلى من بقي بمكة: ألا عذر لهم بهذه الآية، فخرجوا من مكة فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة فنزلت فيهم ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يِقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠] فكتب بها المسلمون إليهم، فخرجوا، ويئسوا من كل خبر فنزل فيهم ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ﴾ [النحل: ١١٠] الآية، فكتبوا إليهم بذلك إن الله قد جعل لكم مخرجاً، فخرجوا، فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل.
ومعنى: ﴿ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ﴾ يعني الشيخ الكبير.
قال السدي: لما أسر العباس، وعقيل قال رسول الله ﷺ للعباس: "افْدِ نفسك، وابن أخيك" فقال: يا رسول الله، ألم نصل [لـ] قبلتك ونشهد شهادتك؟ قال: "يا عباس: إنكم خاصمتم فخصمتم"، ثم تلا عليه هذه الآية: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَآءَتْ مَصِيراً﴾ فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجروا ﴿إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً﴾ أي: لا يعرفون طريقاً إلى المدينة.
قال ابن عباس: كنت أنا من الولدان.
وروى عنه أنه قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين.
قال السدي: الحيلة المال، والسبيل الطريق إلى المدينة.
{"ayahs_start":97,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ظَالِمِیۤ أَنفُسِهِمۡ قَالُوا۟ فِیمَ كُنتُمۡۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةࣰ فَتُهَاجِرُوا۟ فِیهَاۚ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا","إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَ ٰنِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ حِیلَةࣰ وَلَا یَهۡتَدُونَ سَبِیلࣰا","فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورࣰا"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ظَالِمِیۤ أَنفُسِهِمۡ قَالُوا۟ فِیمَ كُنتُمۡۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوۤا۟ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةࣰ فَتُهَاجِرُوا۟ فِیهَاۚ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق