الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسِهِمْ﴾، يُعْنى بِهِ المُشْرِكُونَ، الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الهِجْرَةِ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَـ ”تَوَفّاهم“، إنْ شِئْتَ كانَ لَفْظُها ماضِيًا، عَلى مَعْنى ”إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ“، وذَكَّرَ الفِعْلَ، لِأنَّهُ فِعْلٌ صَحِيحٌ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى مَعْنى الِاسْتِقْبالِ، عَلى مَعْنى ”إنَّ الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ“، وحُذِفَتِ التّاءُ الثّانِيَةُ لِاجْتِماعِ تاءَيْنِ، وقَدْ شَرَحْنا ذَلِكَ فِيما تَقَدَّمَ مِن هَذا الكِتابِ. وَقَوْلُهُ: ﴿ظالِمِي أنْفُسِهِمْ﴾، نُصِبَ عَلى الحالِ، المَعْنى: ”تَتَوَفّاهم في حالِ ظُلْمِهِمْ أنْفُسَهم“، والأصْلُ ”ظالِمِينَ أنْفُسَهم“، إلّا أنَّ النُّونَ حُذِفَتِ اسْتِخْفافًا، والمَعْنى مَعْنى ثُبُوتِها، كَما قالَ - جَلَّ وعَزَّ - ﴿هَدْيًا بالِغَ الكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥]، والمَعْنى مَعْنى ثُبُوتِ التَّنْوِينِ، مَعْنى ”بالِغًا الكَعْبَةَ“ . وَقَوْلُهُ: ﴿قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ﴾، (p-٩٥)هَذِهِ الواوُ لِـ ”اَلْمَلائِكَةُ“، أيْ: قالَ المَلائِكَةُ لِلْمُشْرِكِينَ: فِيمَ كُنْتُمْ؟ أيْ: أكُنْتُمْ في المُشْرِكِينَ، أمْ في أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ؟ وهَذا سُؤالُ تَوْبِيخٍ، قَدْ مَرَّ نُظَراؤُهُ مِمّا قَدِ اسْتَقْصَيْنا شَرْحَهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ في الأرْضِ﴾، فَأعْلَمَ اللَّهُ أنَّهم كانُوا مُسْتَضْعَفِينَ عَنِ الهِجْرَةِ، فَقالَتْ لَهُمُ المَلائِكَةُ: ﴿ألَمْ تَكُنْ أرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولَئِكَ مَأْواهم جَهَنَّمُ وساءَتْ مَصِيرًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب