الباحث القرآني
﴿وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ٤٩﴾ - قراءات
١٢٩٧٧- عن نافع -من طريق إسماعيل بن جعفر- في قوله: ﴿كهيئة الطير﴾ جماعًا، ‹فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَآئِرًا› على التوحيد[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٠٨. وهي قراءة المدنيَّيْن، ويعقوب، وقرأ الباقون بالياء مكان الألف ﴿طيرا﴾. ينظر: النشر ٢/٢٤٠.]]. (ز)
﴿وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ﴾ - تفسير
١٢٩٧٨- عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- ﴿ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم﴾: أي: يُحَقِّقُ بها نُبُوَّتي، وأنِّي رسولٌ منه إليكم[[أخرجه ابن جرير ٥/٤١٨.]]. (ز)
١٢٩٧٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿و﴾ يجعله ﴿رسولًا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم﴾، يعني: بعلامة، ثم بيَّن الآية: ﴿أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٦-٢٧٧.]]. (ز)
١٢٩٨٠- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿ورسولا إلى بني إسرائيل﴾ أي: رسولًا منه إليكم، ﴿أنّي قد جئتكم بآية من ربّكم﴾ أي: يُحَقِّق بها نُبُوَّتي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٤، وابن المنذر ١/٢٠٧ من طريق إبراهيم بن سعد.]]. (ز)
﴿أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ﴾ - تفسير
١٢٩٨١- عن عبد الله بن عباس، قال: إنّما خلق عيسى طيرًا واحدًا، وهو الخُفّاشُ[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٣/٥٧٨)
١٢٩٨٢- عن الحسن البصري -من طريق هارون- في قوله: ﴿فيكون طيرًا﴾: يعني: حَمامًا[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٠٨.]]. (ز)
١٢٩٨٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿أني أخلق لكم﴾ يعني: أجعل لكم ﴿من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا﴾ فخلق الخُفّاش ﴿بإذن الله﴾؛ لأنّه أشدُّ الخلق؛ إنّما هو لحم وشيء يَطِير بغير ريشٍ، فطار بإذن الله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٦-٢٧٧.]]. (ز)
١٢٩٨٤- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج-: أنّ عيسى قال: أيُّ الطَّيْر أشدُّ خَلْقًا؟ قالوا: الخُفّاشُ؛ إنّما هو لحم. فَفَعل[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٠.]]. (٣/٥٧٨)
١٢٩٨٥- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق ابن ثور- في قوله -جلَّ وعزَّ-: ﴿أنّي أخلق لكم من الطين﴾، قالوا: أيُّ شيء يطير أشدُّ خلقًا؟ ليخلُق عليه عيسى. قالوا: الخُفّاش، وهو الوَطْواط[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٠ من طريق ابن جريج بنحوه، وابن المنذر ١/٢٠٧.]]. (ز)
١٢٩٨٦- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-: أنّ عيسى جلس يومًا مع غلمان من الكُتّاب، فأخذ طينًا، ثم قال: أجعل لكم مِن هذا الطين طائرًا؟ قالوا: وتستطيعُ ذلك؟ قال: نعم، بإذن رَبِّي. ثُمَّ هيَّأه، حتى إذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه، ثم قال: كن طائرًا بإذن الله. فخرج يطير مِن بين كفَّيه، وخرج الغلمان بذلك مِن أمره، فذكروه لمُعَلِّمهم، فأفشوه في الناس، وتَرَعْرَع، فهمَّت به بنو إسرائيل، فلما خافت أمُّه عليه حملته[[في ط هجر:«حُمَيِّرٍ» ولعله خطأ مطبعي، والتصحيح من نسخة شاكر ٦/٤٩.]] على حُمَيِّرٍ لها، ثم خرجت به هاربة[[أخرجه ابن جرير ٥/٤١٩، وابن المنذر ١/٢٠٨ من طريق صدقة بن سابق.]]. (٣/٥٧٨)
﴿وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ﴾ - تفسير
١٢٩٨٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- قال: ﴿الأكمه﴾: الأعمى الممسوح العين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٥.]]. (٣/٥٧٩)
١٢٩٨٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضَّحّاك- قال: ﴿الأكمه﴾: الذي يُولَد وهو أعمى[[أخرجه ابن المنذر ١/٢٠٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥. وأخرج نحوه ابن جرير ٥/٤٢٢ من طريق ابن جريج.]]. (٣/٥٧٩)
١٢٩٨٩- وعن الضَّحّاك بن مُزاحِم، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٥.]]. (ز)
١٢٩٩٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: ﴿الأكمه﴾: الذي يبصر بالنهار، ولا يبصر بالليل[[أخرجه الفريابي -كما في التغليق ٤/٣٥-، وابن جرير ٥/٤٢١، وابن المنذر ١/٢٠٩ وزاد: فهو يَتَكَمَّهُ، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص٣٧٨. وعزاه السيوطي إلى أبي عبيد، وعبد بن حميد.]]. (٣/٥٧٩)
١٢٩٩١- وعن الضَّحّاك بن مُزاحِم، في قوله: ﴿الأكمه﴾، قال: هو الذي يبصر بالنهار، ولا يبصر بالليل[[تفسير الثعلبي ٣/٧١.]]. (ز)
١٢٩٩٢- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحَكَم بن أبان- قال: ﴿الأكمه﴾: الأعمش[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٣، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، وابن المنذر ١/٢١٠، وابن الأنباري ص٣٧٨. وعزاه السيوطي إلى عبد ابن حميد.]]. (٣/٥٧٩)
١٢٩٩٣- عن عكرمة مولى ابن عباس، أنّه قال: الأعمى[[علَّقه ابن المنذر ١/٢١٠.]]. (ز)
١٢٩٩٤- عن الحسن البصري -من طريق عبّاد بن منصور- في قوله: ﴿وأبرئ الأكمه﴾، قال: الأعمى[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٥.]]. (ز)
١٢٩٩٥- قال قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وأُبرئ الأكمه﴾: الأكمه: الذي تلِده أُمُّه وهو مضمومُ العينين[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢١. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٥، وابن المنذر ١/٢٠٩. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/٢٩٠-.]]١٢٠٤. (ز)
١٢٩٩٦- قال قتادة بن دِعامة -من طريق معمر- في قوله: ﴿وأُبرئ الأكمه﴾: الأكمه: الأعمى[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٢١، وابن جرير ٥/٤٢٢.]]. (ز)
١٢٩٩٧- عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- ﴿وأبرئ الأكمه﴾، قال: هو الأعمى[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٥.]]. (ز)
١٢٩٩٨- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأبرئ الأكمه﴾ الذي ولَدَتْه أُمُّه أعمى، الذي لم يَرَ النُّورَ قطُّ، فيردّ اللهُ بصرَه، ﴿و﴾أبرئ ﴿الأبرص﴾ فيبرأُ بإذن الله[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٧.]]. (ز)
﴿وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ﴾ - تفسير
١٢٩٩٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأحيي الموتى بإذن الله﴾ فتعيش. ففعل ذلك وهم ينظرون، وكان صنيعُه هذا آيةً من الله ﷿ بأنّه نبيٌّ ورسول إلى بني إسرائيل، فأحيا سام بن نوح بن لَمْك من الموت بإذن الله، فقالوا له: إنّ هذا سِحْرٌ، فأرِنا آيةً نعلم أنّك صادق[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٧.]]. (ز)
﴿وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ﴾ - آثار متعلقة بالآية
١٣٠٠٠- عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن مَعْقِل- قال: لَمّا صار عيسى ابنَ اثنتي عشرة سنة أوْحى اللهُ إلى أُمِّه وهي بأرض مصر -وكانت هربتْ مِن قومها حين ولدتْهُ إلى أرض مصر-: أنِ اطْلُعِي[[طَلَعَ بلادَه: قَصَدَها. اللسان (طلع).]] به إلى الشّام. ففعلتْ، فلم تزل بالشّام حتى كان ابنَ ثلاثين سنة، وكانت نُبُوَّتُه ثلاث سنين، ثم رفعه الله إليه. وزعم وهْب: أنّه رُبَّما اجتمع على عيسى مِن المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفًا، مَن أطاق منهم أن يَبْلُغَه بلَغه، ومَن لم يُطِقْ ذلك منهم أتاه عيسى يمشى إليه، وإنّما كان يداويهم بالدُّعاء إلى الله تعالى[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٤.]]. (٣/٥٨٠)
١٣٠٠١- عن وهْب بن مُنَبِّه -من طريق عبد المنعم، عن أبيه- قال: كان دعاء عيسى الذي يدعو به للمرضى والزَّمْنى والعُمْيان والمجانين وغيرهم: اللَّهُمَّ، أنت إلهُ مَن في السماء، وإلهُ مَن في الأرض، لا إله فيهما غيرك، وأنت جبّارُ مَن في السماء، وجبّارُ مَن في الأرض، لا جبّار فيهما غيرك، وأنت مَلِكُ مَن في السماء، ومَلِكُ مَن في الأرض، لا مَلِك فيهما غيرُك، قُدرتُك في الأرض كقدرتِك في السماء، وسلطانُك في الأرض كسلطانك في السماء، أسألك باسمك الكريم، ووجهك المنير، ومُلْكِك القديم، إنّك على كُلِّ شيء قدير. قال وهْب: هذا للفَزِعِ والمجنون، يُقرأُ عليه، ويُكتب له، ويُسقى ماءَه -إن شاء الله تعالى-[[أخرجه ابن عساكر ٤٧/٣٩٠-٣٩١.]]. (٣/٥٧٩-٥٨٠)
١٣٠٠٢- عن محمد بن طلحة، عن رجل -من طريق إسماعيل بن عياش-: أنّ عيسى ابن مريم كان إذا أراد أن يُحْيِيَ الموتى صلّى ركعتين، يقرأ في الركعة الأولى: ﴿تبارك الذي بيده الملك﴾، وفي الثانية: ﴿تنزيل﴾ السجدة، فإذا فرغ مدح الله، وأثنى عليه، ثم دعا بسبعة أسماء: يا قديمُ، يا حيُّ، يا دائمُ، يا فردُ، يا وترُ، يا أحدُ، يا صمدُ[[أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٦١)، وابن عساكر ٤٧/٣٩١.]]. (٣/٥٨٠-٥٨١)
١٣٠٠٣- عن أبي الهُذَيْل -من طريق محمد بن طلحة بن مُصَرِّفٍ- بلفظه، وزاد في آخره: وكانت إذا أصابته شِدَّةٌ دعا بسبعة أسماء أخرى: يا حيُّ، يا قيُّومُ، يا اللهُ، يا رحمنُ، يا ذا الجلال والإكرام، يا نورَ السَّموات والأرض وما بينهما وربَّ العرش العظيم، يا رب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٤/١٢٤١.]]. (٣/٥٨١)
١٣٠٠٤- عن معاوية بن قُرَّة، قال: سألتْ بنو إسرائيل عيسى، فقالوا: إنّ سامَ بن نوح دُفِن ههنا قريبًا، فادعُ اللهَ أن يبعثه لنا. فهتف نبيُّ الله، فلم ير شيئًا، وهتف، فلم ير شيئًا، فقالوا: لقد دُفِن ههنا قريبًا. فهتف نبيُّ الله، فخرج أشْمَطُ، قالوا: إنّه قد مات وهو شابٌّ، فما هذا البياضُ؟ قال: ظننتُ أنّها الصيحةُ؛ ففزِعْتُ[[أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت (٥٨).]]. (٣/٥٨١)
١٣٠٠٥- عن خالد الحذّاء، قال: كان عيسى ابن مريم إذا سَرَّح رُسُلَه يُحْيُون الموتى يقولُ لهم: قولوا كذا، قولوا كذا، فإذا وجدتم قُشَعْرِيرَةً ودَمْعةً فادْعُوا عند ذلك[[أخرجه أحمد في الزهد ص٥٩.]]. (٣/٥٨٩)
١٣٠٠٦- عن ثابت، قال: انطلق عيسى ﵇ يزور أخًا له، فاستقبله إنسان، فقال: إنّ أخاك قد مات. فرجع، فسمع بنات أخيه برجوعه عنهُنَّ، فأتينَه، فقُلْنَ: يا رسول الله، رجوعُك عنّا أشدُّ علينا مِن موت أبينا. قال: فانطَلِقْنَ، فأَرِينَني قبرَه. فانطلَقْنَ حتى أرَيْنَه قبرَه، قال: فصوَّت به، فخرج وهو أشْيَبُ، فقال: ألستَ فُلانًا؟ قال: بلى. قال: فما الذي أرى بِك؟ قال: سمعت صوتَك فحسبته الصيحةَ[[أخرجه أحمد في الزهد ص٩١-٩٢.]]١٢٠٥. (٣/٥٨٩)
١٣٠٠٧- عن محمد بن السائب الكلبي: كان عيسى ﵇ يُحْيِي الأمواتَ بـ: يا حيُّ، يا قيُّومُ[[تفسير الثعلبي ٣/٧٣.]]. (ز)
١٣٠٠٨- عن محمد بن السائب الكلبي: لـمّا أبرأ عيسى الأكمهَ والأبرصَ، وأحيا الموتى؛ قالوا: هذا سِحْرٌ، ولكن أخبِرْنا بِما نأكل، وما نَدَّخِرُ. فكان يُخْبِر الرجل بما أكل مِن غدائه، وبما يأكل في عشائه[[تفسير الثعلبي ٣/٧٣.]]. (ز)
١٣٠٠٩- عن محمد بن إسحاق -من طريق صدقة بن سابق- في ذكر عيسى، قال: وترَعْرَعَ، وهَمَّتْ به بنو إسرائيل، فلمّا خافت عليه أُمُّه احتملته على حمارٍ لها، ثُمَّ خرجت به هارِبَةً منهم، حتى انتهت به إلى مصر، فأقامت به اثنتي عشرة سنة -فيما يذكرون- حتى بلغ، فأحدث الله إليه الإنجيل، وعلَّمه التوراة مع الإنجيل، وأعطاه إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، والعلم بالغيوب مِمّا يُخْفُون في بيوتهم[[أخرجه ابن المنذر ١/٢١٢-٢١٣.]]. (ز)
﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ﴾ - قراءات
١٣٠١٠- عن سعيد بن جبير -من طريق إسماعيل بن سالم- ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون﴾، قال: على: تَفْتَعِلُون. وتُقْرَأُ: (تَذْخَرُونَ) مِن: ذَخَرْتُ، و(تذَّخِرُونَ) بترك الذال على حالها[[أخرجه الحربي في غريب الحديث ٢/٦٧٧. وهما قراءتان شاذّتان، تُنسب أولاهما إلى مجاهد، والزهري، وغيرهما. ينظر: مختصر ابن خالويه ص٢٧، والبحر المحيط ٢/٤٩٠.]]. (ز)
١٣٠١١- عن عاصم بن أبي النّجود: ﴿وما تدّخرون﴾ مُثَّقَلة بالإدغام[[عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.]]. (٣/٥٩١)
﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ﴾ - تفسير الآية
١٣٠١٢- عن عمّار بن ياسر -من طريق خِلاس بن عمرو- قال: ﴿وأنبئكم بما تأكلون﴾ من المائدة، ﴿وما تدّخرون﴾ منها، وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يَدَّخِروا، فادَّخَرُوا وخانوا، فجُعِلوا قردةً وخنازير[[أخرجه عبد الرزاق ١/١٢١-١٢٢، وابن جرير ٥/٤٢٩، وابن المنذر ١/٢١٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦.]]. (٣/٥٩٠)
١٣٠١٣- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -من طريق عبد الله بن هُبَيْرة- قال: كان عيسى ابن مريم -وهو غلامٌ- يلعبُ مع الصِّبيان، فكان يقول لأحدهم: تريد أن أخبرك بما خَبَّأت لك أُمُّك؟ فيقول: نعم. فيقول: خبَّأَتْ لك كذا وكذا. فيذهب الغلام منهم إلى أُمِّه فيقول لها: أطعميني ما خبَّأْتِ لي. قالت: وأيَّ شيء خَبَّأْتُ لك؟ فيقول: كذا وكذا. فتقول: مَن أخبرك؟ فيقول: عيسى ابن مريم. فقالوا: واللهِ، لَئِن تركتم هؤلاء الصِّبيان مع عيسى لَيُفْسِدَنَّهُم. فجمعوهم في بيتٍ، وأغلقوا عليهم، فخرج عيسى يلتمسهم، فلم يجِدْهم، حتى سمع ضَوْضاءهم في بيت، فسأل عنهم، فقال: يا هؤلاء، كأنّ هؤلاء الصِّبيان. قالوا: لا، إنّما هؤلاء قردة وخنازير. قال: اللَّهُمَّ، اجعلهم قردة وخنازير. فكانوا كذلك[[أخرجه ابن عساكر ٤٧/٣٧٣.]]. (٣/٥٩٠)
١٣٠١٤- عن سعيد بن جبير -من طريق إسماعيل بن سالم- قال: كان عيسى يقول للغلام في الكُتّاب: إنّ أهلك قد خَبَّئُوا لك كذا وكذا. فذلك قوله: ﴿وما تدخرون﴾[[أخرجه سعيد بن منصور (٤٩٩ - تفسير)، وابن جرير ٥/٤٢٦-٤٢٧، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦.]]. (٣/٥٩٠)
١٣٠١٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿وأنبئكم بما تأكلون﴾ بما أكلتم البارحة مِن طعام، ﴿وما تدّخرون﴾ يعني: ما خَبَّأْتُم منه، عيسى يقوله [[تفسير مجاهد ص٢٥٣. وأخرجه ابن جرير ٥/٤٢٧، وابن المنذر ١/٢١٠، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد.]]. (٣/٥٩٠)
١٣٠١٦- عن الحسن البصري -من طريق عبّاد- في قوله: ﴿وما تدخرون في بيوتكم﴾، قال: ما تُخَبِّئون مخافةَ الذي يُمْسِك أن لا يُخْلَفه[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٨.]]. (ز)
١٣٠١٧- عن عطاء بن أبي رباح -من طريق ابن جُرَيْج- يعني قوله: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾، قال: الطعام، والشيء يدَّخرونه في بيوتهم غَيْبًا عَلَّمه اللهُ إيّاه[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٧.]]. (ز)
١٣٠١٨- عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿وأُنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾، قال: أنبِّئكم بما تأكلون من المائدة، وما تدّخرون منها. قال: وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن يأكلوا ولا يَدَّخِروا، فادَّخروا وخانوا، فجُعلوا خنازير حين ادَّخروا، فذلك قوله تعالى: ﴿فمن يكفر بعد منكم فإنّي أُعذبه عذابا لا أُعذبه أحدا من العالمين﴾ [المائدة:١١٥][[أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/١٢٢،١٢١، وابن جرير ٥/٤٢٩، وابن أبي حاتم ٢/٦٥٦، وابن المنذر ١/٢١١.]]. (ز)
١٣٠١٩- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾، قال: فكان القوم لَمّا سألوا المائدةَ، فكانت خِوانًا[[الخوان: ما يوضع عليه الطعام إذا خلا من الطعام، فإن كان عليه طعام سمّي مائدة. اللسان (ميد).]] يُنزلُ عليه أينما كانوا ثمرًا من ثمار الجنة، فأمر القومَ أن لا يخونوا فيه، ولا يُخَبِّئوا، ولا يَدَّخِروا لغَدٍ، بلاءً ابتلاهم الله به، فكانوا إذا فعلوا من ذلك شيئًا أنبأهم به عيسى ابن مريم، فقال: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٩.]]. (ز)
١٣٠٢٠- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: كان -يعني: عيسى ابن مريم- يُحَدِّثُ الغلمان وهو معهم في الكُتّاب بما يصنع آباؤُهم، وبما يرفعون لهم، وبما يأكلون، ويقول للغلام: انطَلِقْ، فقد رفع لك أهلُك كذا وكذا، وهم يأكلون كذا وكذا. فينطلق الصبيُّ فيبكي على أهله حتى يُعطُوه ذلك الشيء، فيقولون له: مَن أخبرك بهذا؟ فيقول: عيسى. فذلك قول الله ﷿: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم﴾. فحبَسوا صبيانَهم عنه، وقالوا: لا تلعبوا مع هذا السّاحِر. فجمعوهم في بيت، فجاء عيسى يطلبهم، فقالوا: ليس هم هاهنا. فقال: ما في هذا البيت؟ فقالوا: خنازير. قال عيسى: كذلك يكونون. ففتحوا عنهم فإذا هم خنازير، فذلك قوله: ﴿على لسان داود وعيسى ابن مريم﴾ [المائده:٧٨][[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٦، ٤٢٩.]]. (ز)
١٣٠٢١- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم﴾، قال: ﴿بما تأكلون﴾: ما أكلتم البارحة من طعام، وما خبّأتم منه[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٢٨.]]. (ز)
١٣٠٢٢- قال مقاتل بن سليمان: وقال عيسى ﷺ: أرأيتُم إن أنا أخبرتكم ﴿وأنبئكم بما تأكلون﴾ في بيوتكم من الطّعام، فيها تقديم، ﴿وما تدّخرون في بيوتكم﴾ يعني: وما ترفعون في غدٍ، تعلمون أنِّي صادقٌ؟ قالوا: نعم. قال عيسى ﷺ: فلان، أكلتَ كذا وكذا، وشرِبْتَ كذا وكذا، وأنتَ -يا فلانُ- أكلتَ كذا وكذا، وأنت يا فلان. فمنهم مَن آمن، ومنهم مَن كفر، يقول الله ﷿: ﴿إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٧.]]. (ز)
﴿إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ٤٩﴾ - تفسير
١٣٠٢٣- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- ﴿إن كنتم مؤمنين﴾: يعني: مُصَدِّقين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٧.]]. (ز)
١٣٠٢٤- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إن في ذلك لآية﴾ يعني: لَعلامَةً ﴿لكم﴾ فيما أخبرتكم به، ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ يعني: مُصَدِّقين بعيسى؛ بأنّه رسول[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٧٧.]]. (ز)
١٣٠٢٥- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿إن في ذلك لآية لكم﴾ أي: رسولٌ مِن الله إليكم، ﴿إن كنتم مؤمنين﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٦٥٧، وابن المنذر ١/٢١١ من طريق زياد.]]. (ز)
﴿إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ٤٩﴾ - آثار في قِصَّة ذلك
١٣٠٢٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قال: كانت اليهود يجتمعون إلى عيسى، ويستهزِءون به، ويقولون له: يا عيسى، ما أكل فلانٌ البارحةَ، وما ادَّخَر في بيته لِغَدٍ؟ فيُخبِرُهم، فيسخرون منه، حتى طال ذلك به وبهم، وكان عيسى ليس له قرارٌ ولا موضعٌ يُعْرَفُ، إنّما هو سائح في الأرض، فمَرَّ ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي، فسألها، فقالت: ماتت ابنةٌ لي، لم يكن لي ولد غيرها. فصلّى عيسى ركعتين، ثُمَّ نادى: يا فلانةُ، قُومي بإذن الرَّحْمن، فاخرُجي. فتحرَّك القبْرُ، ثم نادى الثّانية، فانصدع القبر، ثم نادى الثالثة، فخرجت وهي تنفُضُ رأسَها مِن التُّراب، فقالت: يا أُمّاه، ما حملك على أن أذوق كَرْب الموت مَرَّتين، يا أُمّاه، اصبري واحتسبي، فلا حاجة لي في الدُّنيا، يا رُوح الله، سل ربي أن يَرُدَّني إلى الآخرة، وأن يُهَوِّن عَلَيَّ كَرْب الموت. فدعا ربَّه، فقبضها إليه، فاستوت عليها الأرض، فبلغ ذلك اليهود، فازدادوا عليه غضبًا، وكان مَلِكٌ منهم في ناحية في مدينة يُقال لها: نَصِيبِين، جبّارًا عاتيًا، وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهلَ تلك المدينة إلى المراجعة، فمضى حتى شارف المدينة ومعه الحَوارِيُّون، فقال لأصحابه: ألا رجلٌ منكم ينطلق إلى المدينة، فينادي فيها، فيقول: إنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه. فقام رجلٌ مِن الحوارِيِّين يُقال له: يعقوب. فقال: أنا، يا رُوح الله. قال: فاذهبْ، فأنت أوَّلُ مَن يتبرَّأُ مِنِّي. فقام آخر يُقال له: توصار. قال له: أنا معه. قال: وأنت معه. ومشيا، فقام شمعون، فقال: يا رُوح الله، أكون ثالثهم، فأْذَنْ لي أن أنال منك إن اضطررت إلى ذلك. قال: نعم. فانطلقوا، حتى إذا كانوا قريبًا من المدينة قال لهما شمعون: ادخلا المدينة، فبلِّغا ما أُمِرتما، وأنا مقيم مكاني، فإن ابْتُلِيتُما احْتَلْتُ لكما. فانطلقا حتى دخلا المدينة، وقد تحدَّث الناسُ بأمر عيسى، وهم يقولون فيه أقبحَ القول وفي أُمِّه، فنادى أحدُهما -وهو الأوَّلُ-: ألا إنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه. فوَثَبوا إليهما: مَن القائلُ: إنَّ عيسى عبدُ الله ورسوله؟ فتبرَّأ الذي نادى، فقال: ما قلتُ شيئًا. فقال الآخرُ: قد قلتَ، وأنا أقول: إنّ عيسى عبدُ الله ورسوله، وكلمتُه ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه، فآمِنوا به -يا معشر بني إسرائيل- خيرًا لكم. فانطلقوا إلى ملكهم، وكان جبّارًا طاغيًا، فقال له: ويلك، ما تقول؟! قال: أقول: إنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه. قال: كذبتَ. فقذفوا عيسى وأُمَّه بالبُهْتان، ثُمَّ قال له: تَبَرَّأْ –ويلَك- مِن عيسى، وقُلْ فيه مقالَتنا. قال: لا أفعلُ. قال: إن لم تفعل قطعتُ يديك، ورجليك، وسَمَرْتُ[[هو أن يُحَمِّيَ مسامير الحديد ثم يكحُلُها بها. النهاية (سمر).]] عينيك. فقال: افعلْ ما أنت فاعل. ففعل به ذلك، فألقاه على مَزْبلة في وسط مدينتهم. ثم إنّ الملك هَمَّ أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون وقد اجتمع النّاس، فقال لهم: ما قال هذا المسكين؟ قالوا: يزعم أنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه. فقال شمعون: أيُّها الملكُ، أتأذن لي فأدنو منه فأسأله، قال: نعم. قال له شمعون: أيّها المُبْتَلى، ما تقول؟ قال: أقول: إنّ عيسى عبدُ الله ورسولُه. قال: فما آيتُه؟ تعرفُه؟ قال: يبرئُ الأكمهَ والأبرصَ والسقيمَ. قال: هذا يفعله الأطِبّاءُ، فهل غيرُه؟ قال: نعم، يخبركم بما تأكلون وما تَدَّخِرون. قال: هذا تعرفه الكهنةُ، فهل غيرُ هذا؟ قال: نعم، يخلق من الطين كهيئة الطير. قال: هذا قد تفعله السحرة، يكون أخذَه منهم. فجعل الملك يتعجَّبُ منه وسؤاله. فقال: هل غيرُ هذا؟ قال: نعم، يُحْيِي الموتى. قال: أيُّها الملِكُ، إنّه ذَكَر أمرًا عظيمًا، وما أظُنُّ خلقًا يقدر على ذلك إلا بإذن الله، ولا يقضي اللهُ ذلك على يد ساحر كذّاب، فإن لم يكن عيسى رسولًا فلا يقدر على ذلك، وما فعل الله ذلك لأحد إلا بإبراهيم حين سأله: ﴿رب أرني كيف تحيي الموتى﴾ [البقرة:٢٦٠]، ومَن مِثلُ إبراهيم خليل الرحمن؟![[أخرجه ابن عساكر ٤٧/٣٩٢.]]. (٣/٥٨١-٥٨٤)
١٣٠٢٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق السدي- قال: لَمّا بعث الله عيسى ﵇، وأمَرَه بالدعوة؛ لَقِيَه بنو إسرائيل، فأخرجوه، فخرج هو وأُمُّه يسيحون في الأرض، فنزلوا في قرية على رجل، فأضافَهم، وأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة مَلِكٌ جبّار، فجاء ذلك الرجل يومًا حزينًا، فدخل منزله ومريمُ عند امرأته، فقالتْ لها: ما شأنُ زوجِك؟ أراه حزينًا! قالت: إنّ لنا ملِكًا يجعل على كُلِّ رجل مِنّا يومًا يطعمه هو وجنوده، ويسقيهم الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنّه قد بلغت نوبتُه اليومَ، وليس عندنا سَعَةٌ. قالت: قولي له: فلا يهتمَّ، فإنِّي آمِرٌ ابني فيدعو له؛ فيُكفى ذلك. قالت مريمُ لعيسى في ذلك، فقال عيسى: يا أُمَّهْ، إنِّي إن فعلتُ كان في ذلك شرٌّ. قالت: لا تبالِ؛ فإنّه قد أحسن إلينا، وأكرمَنا. قال عيسى: قولي له: املأ قدورَك وخَوابيَكَ[[الخوابي: جمع خابية، وهي الوعاء الذي يحفظ فيه الماء. المعجم الوسيط (خبأ).]] ماءً. فملأهُنَّ، فدعا اللهَ، فتحوَّل ما في القدور لحمًا ومَرَقًا وخبزًا، وما في الخوابي خمرًا لم ير الناسُ مثلَه قطُّ، فلمّا جاء الملِكُ أكل منه، فلمّا شرب الخمر سأل: مِن أين لك هذا الخمرُ؟ قال: هو من أرض كذا وكذا. قال الملك: فإنّ خمري أُوتى به مِن تلك الأرض، فليس هو مثل هذا. قال: هو من أرض أخرى. فلمّا خلَّط على الملك اشتدَّ عليه، فقال: أنا أُخبِرُك، عندي غلامٌ لا يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، وإنّه دعا الله تعالى فجعل الماءَ خمرًا. فقال له الملك -وكان له ابنٌ يريد أن يستخلِفه، فمات قبل ذلك بأيّام، وكان أحبّ الخلق إليه- فقال: إنّ رجلًا دعا الله تعالى فجعل الماءَ خمرًا؛ لَيُسْتَجابَنَّ له حتى يُحْيِيَ ابني. فدعا عيسى، فكلَّمه، وسأله أن يدعوَ اللهَ أن يُحْيِيَ ابنَه، فقال عيسى: لا تفعلْ؛ فإنّه إن عاش كان شرًّا. قال الملِكُ: لا أبالي، أليس أراه؟ فلا أبالي ما كان. قال عيسى ﵇: فإن أحييتُه تتركوني أنا وأُمِّي نذهب حيث نشاء؟ قال الملك: نعم. فدعا اللهَ، فعاش الغلام، فلمّا رآه أهلُ مملكته قد عاش تنادَوا بالسلاح، وقالوا: أكلَنا هذا، حتّى إذا دنا موتُه يُرِيد أن يَسْتَخْلِفَ علينا ابنَه فيأكلَنا كما أكلَنا أبوه؟! فاقتتلوا، وذهب عيسى وأُمُّه، وصَحِبَهما يهوديٌّ، وكان مع اليهوديِّ رغيفان، ومع عيسى رغيف، فقال له عيسى: تشاركني؟ فقال اليهوديُّ: نعم. فلما رأى أنّه ليس مع عيسى ﵇ إلا رغيفٌ نَدِم، فلما ناما جعل اليهوديُّ يريد أن يأكل الرغيف، فيأكل لقمة، فيقول له عيسى: ما تصنع؟ فيقول: لا شيء. حتى فرغ من الرغيف، فلمّا أصبحا قال له عيسى: هَلُمَّ طعامَك. فجاء برغيف، فقال له عيسى: أين الرَّغيفُ الآخر؟ قال: ما كان معي إلا واحد. فسكت عنه، وانطلقوا، فمَرُّوا براعي غنم، فنادى عيسى: يا صاحب الغنم، أجْزِرْنا[[أجزرنا: أي: أعطنا شاة نذبحها. المعجم الوسيط (جزر).]] شاةً مِن غنمك. قال: نعم. فأعطاه شاةً، فذبحها، وشواها، ثُمَّ قال لليهوديِّ: كُل، ولا تَكْسِر عظمًا. فأكلا، فلما شبِعوا قذف عيسى العظامَ في الجِلْد، ثُمَّ ضربها بعصاه، وقال: قومي بإذن الله. فقامت الشاةُ تَثْغُو، فقال: يا صاحب الغنم، خذ شاتك. فقال له الراعي: مَن أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم. قال: أنت الساحرُ؟! وفرَّ منه، قال عيسى لليهوديِّ: بالذي أحيا هذه الشاةَ بعد ما أكلناها، كم كان معك من رغيف؟ فحلف ما كان معه إلا رغيفٌ واحد. فمَرَّ بصاحب بقر، فقال: يا صاحب البقر، أجْزِرْنا مِن بقرك هذه عِجْلًا. فأعطاه، فذبحه، وشواه، وصاحبُ البقر ينظر، فقال له عيسى: كُلْ، ولا تَكْسِرْ عظمًا. فلما فرغوا قذف العظام في الجلد، ثم ضربه بعصاه، وقال: قُم بإذن الله. فقام له خُوارٌ، فقال: يا صاحب البقر، خُذْ عِجْلَك. قال: ومَن أنت؟ قال: أنا عيسى. قال: أنت عيسى السّاحِرُ؟! ثُمَّ فرَّ منه، قال عيسى لليهوديِّ: بالذي أحيا هذه الشّاةَ بعد ما أكلناها، والعِجْلَ بعدما أكلناه، كم رغيفًا كان معك؟ فحلف بذلك ما كان معه إلا رغيف واحد. فانطلقا، حتى نزلا قريةً، فنزل اليهوديُّ في أعلاها وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهوديُّ عَصًا مثل عصا عيسى، وقال: أنا الآن أُحْيِي الموتى. وكان مَلِكُ تلك القريةِ مريضًا شديدَ المرض، فانطلق اليهوديُّ ينادي: مَن يَبْغِي طبيبًا؟ فأُخبر بالملك وبوجعه، فقال: أدْخِلُوني عليه؛ فأنا أُبرِئُه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أُحْيِيه. فقيل له: إنّ وجع الملك قد أعيا الأطِبّاء قبلك. قال: أدْخِلُوني عليه. فأُدْخل عليه، فأخذ برِجْلِ الملِك فضربه بعصاه حتى مات، فجعل يضربه وهو ميِّت، ويقول: قُمْ بإذن الله. فأخذوه ليصلبوه، فبلغ عيسى، فأقبل إليه وقد رُفِع على الخَشَبة، فقال: أرأيتُم إن أحييتُ لكم صاحبَكم أتتركون لي صاحبي؟ فقالوا: نعم. فأحيا عيسى الملِكَ، فقامَ وأنزل اليهوديَّ. فقال: يا عيسى، أنت أعظمُ الناس عَلَيَّ مِنَّةً، واللهِ، لا أُفارِقُك أبدًا. قال عيسى: أنشُدُك بالذي أحيا الشاةَ والعجل بعد ما أكلناهما، وأحيا هذا بعد ما مات، وأنزلك مِن الجذع بعد رفعك عليه لتُصلَب، كم كان معك رغيف؟ فحلف بهذا كلِّه ما كان معه إلا رغيفٌ واحد. فانطلقا، فمَرّا بثلاث لَبِناتٍ، فدعا الله عيسى فصَيَّرَهُنَّ مِن ذهب، قال: يا يهوديُّ، لَبِنَةٌ لي، ولَبِنَةٌ لك، ولَبِنَةٌ لِمَن أكل الرغيف. قال: أنا أكلتُ الرغيف[[أخرجه ابن جرير ٥/٤٣٧-٤٤٠ عن السُّدِّيِّ، وابن عساكر ٤٧/٣٩٦ من طريق السُّدِّي عن أبي مالك وعن أبي صالح.]]. (٣/٥٨٤-٥٨٨)
١٣٠٢٨- عن لَيْث [بن أبي سُلَيم] -من طريق جرير بن عبد الحميد-، قال: صَحِب رجلٌ عيسى ابن مريم، فانطلقا، فانتَهَيا إلى شَطِّ نهرٍ، فجلسا يتغدَّيان ومعهما ثلاثةُ أرْغِفَة، فأكلا رغيفين، وبقي رغيف، فقام عيسى إلى النهر يشرب، ثم رجع فلم يجد الرغيف، فقال للرجل: مَن أكل الرَّغيف؟ قال: لا أدري. فانطلق معه، فرأى ظَبْيَةً معها خِشْفان[[الخشف -مثلثة-: ولد الظبي أوّل ما يولد، أو أوّل مشيه. اللسان (خشف).]]، فدعا أحدَهما، فأتاه، فذبحه، واشتوى، وأكلا، ثم قال للخَشْفِ: قُمْ بإذن الله. فقام، فقال للرجل: أسألك بالذي أراك هذه الآيةَ، مَن أكل الرغيف؟ قال: لا أدري. ثُمَّ انتهيا إلى البحر، فأخذ عيسى بيد الرَّجُلِ فمشى على الماء، ثم قال: أنشُدُك بالذي أراك هذه الآية، مَن أخذ الرّغيف؟ قال: لا أدري. ثُمَّ انتهيا إلى مغارةٍ، وأخذ عيسى ترابًا وطِينًا، فقال: كُن ذهبًا بإذن الله. فصار ذهبًا، فقسمه ثلاثة أثلاث، فقال: ثلث لك، وثلث لي، وثلث لمن أخذ الرَّغيف. قال: أنا أخذتُه. قال: فكُلُّه لك. وفارقه عيسى، فانتهى إليه رجلان، فأرادا أن يأخذاه ويقتلاه، قال: هو بيننا أثلاثًا، فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا طعامًا. فبعثوا أحدهم، فقال الذي بُعِث: لأيِّ شيء أُقاسِمُ هؤلاء المالَ؟ ولكن أضع في الطعام سُمًّا، فأقتلهم. وقال ذانِكَ: لأيِّ شيءٍ نُعْطِي هذا ثُلُثَ المال؟ ولكن إذا رجع قتلناه. فلمّا رجع إليهم قتلوه، وأكلا الطعام فماتا، فبقي ذلك المال في المغارة، وأولئك الثلاثة قتلى عنده[[أخرجه ابن عساكر ٤٧/٣٩٤-٣٩٥.]]. (٣/٥٨٨-٥٨٩)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.