الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أنِّي أخْلُقُ لَكم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ .
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ إسْحاقَ، أنَّ عِيسى جَلَسَ يَوْمًا مَعَ غِلْمانٍ مِنَ الكِتابِ، فَأخَذَ طِينًا، ثُمَّ قالَ: أجْعَلُ لَكم مِن هَذا الطِّينِ طائِرًا؟ قالُوا: وْتَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ، بِإذْنِ رَبِّي. ثُمَّ هَيَّأهُ حَتّى إذا جَعَلَهُ في هَيْئَةِ الطّائِرِ نَفَخَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: كُنْ طائِرًا بِإذْنِ اللَّهِ. فَخَرَجَ يَطِيرُ مِن بَيْنِ كَفَّيْهِ، وخَرَجَ الغِلْمانُ بِذَلِكَ مِن أمْرِهِ، فَذَكَرُوهُ لِمُعَلِّمِهِمْ، فَأفْشَوْهُ في النّاسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أنَّ عِيسى قالَ: أيُّ الطَّيْرِ أشَدُّ خَلْقًا؟ قالُوا: الخُفّاشُ؛ إنَّما هو لَحْمٌ. فَفَعَلَ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما خَلَقَ عِيسى طَيْرًا واحِدًا وهو الخُفّاشُ.
* * *
(p-٥٧٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ﴾ .
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الأكْمَهُ الَّذِي يُولَدُ وهو أعْمى.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ عَطاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الأكْمَهُ الأعْمى المَمْسُوحُ العَيْنِ.
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، والفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ ”الأضْدادِ“، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الأكْمَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهارِ ولا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: الأكْمَهُ الأعْمَشُ.
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ وهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قالَ: كانَ دُعاءُ عِيسى الَّذِي يَدْعُو بِهِ لِلْمَرْضى والزَّمْنى والعُمْيانِ والمَجانِينِ وغَيْرِهِمُ: اللَّهُمَّ أنْتَ إلَهُ مَن في السَّماءِ، وإلَهُ مَن في الأرْضِ، لا إلَهَ فِيهِما غَيْرُكَ، وأنْتَ جَبّارُ مَن في السَّماءِ، وجَبّارُ مَن في الأرْضِ، لا جَبّارَ فِيهِما غَيْرُكَ، أنْتَ مَلِكُ مَن في السَّماءِ، ومَلِكُ مَن في (p-٥٨٠)الأرْضِ، لا مَلِكَ فِيهِما غَيْرُكَ، قُدْرَتُكَ في الأرْضِ كَقُدْرَتِكَ في السَّماءِ، وسُلْطانُكَ في الأرْضِ كَسُلْطانِكَ في السَّماءِ، أسْألُكَ بِاسْمِكَ الكَرِيمِ، ووَجْهِكَ المُنِيرِ، ومُلْكِكَ القَدِيمِ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. قالَ وهْبٌ: هَذا لِلْفَزِعِ والمَجْنُونِ، يُقْرَأُ عَلَيْهِ ويُكْتَبُ لَهُ ويُسْقى ماؤَهُ إنْ شاءَ اللَّهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْ وهْبٍ قالَ: لَمّا صارَ عِيسى ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، أوْحى اللَّهُ إلى أُمِّهِ وهي بِأرْضِ مِصْرَ، وكانَتْ هَرَبَتْ مِن قَوْمِها حِينَ ولَدَتْهُ إلى أرْضِ مِصْرَ: أنِ اطْلُعِي بِهِ إلى الشّامِ. فَفَعَلَتْ، فَلَمْ تَزَلْ بِالشّامِ حَتّى كانَ ابْنَ ثَلاثِينَ سَنَةً، وكانَتْ نُبُوَّتُهُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ، وزَعَمَ وهْبٌ أنَّهُ رُبَّما اجْتَمَعَ عَلى عِيسى مِنَ المَرْضى في الجَماعَةِ الواحِدَةِ خَمْسُونَ ألْفًا مَن أطاقَ مِنهم أنْ يَبْلُغَهُ بَلَغَهُ، ومَن لَمْ يُطِقْ ذَلِكَ مِنهم أتاهُ عِيسى يَمَشِي إلَيْهِ، وإنَّما كانَ يُداوِيهِمْ بِالدُّعاءِ إلى اللَّهِ تَعالى.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأُحْيِي المَوْتى بِإذْنِ اللَّهِ﴾ .
أخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“، وابْنُ عَساكِرَ، مِن طَرِيقِ إسْماعِيلَ بْنِ عَيّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ رَجُلٍ، أنَّ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ كانَ إذا أرادَ أنْ يُحْيِيَ المَوْتى صَلّى رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ في الرَّكْعَةِ الأوْلى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ (p-٥٨١)المُلْكُ﴾ [الملك: ١] . وفي الثّانِيَةِ: ﴿تَنْزِيلُ﴾ [السجدة: ٢] ”السَّجْدَةَ“ فَإذا فَرَغَ مَدَحَ اللَّهَ وأثْنى عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعا بِسَبْعَةِ أسْماءٍ: يا قَدِيمُ، يا حَيُّ، يا دائِمُ، يا فَرْدُ، يا وتْرُ، يا أحَدُ، يا صَمَدُ. قالَ البَيْهَقِيُّ: لَيْسَ هَذا بِالقَوِيِّ.
وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، مِن طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أبِي بِشْرٍ، عَنْ أبِي الهُذَيْلِ بِلَفْظِهِ، وزادَ في آخِرِهِ: وكانَتْ إذا أصابَتْهُ شِدَّةٌ دَعا بِسَبْعَةِ أسْماءٍ أُخْرى: يا حَيُّ، يا قَيُّومُ، يا أللَّهُ، يا رَحْمَنُ، يا ذا الجَلالِ والإكْرامِ، يا نُورَ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما ورَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، يا رَبِّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في كِتابِ ”مَن عاشَ بَعْدَ المَوْتِ“ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قالَ: سَألَتْ بَنُو إسْرائِيلَ عِيسى فَقالُوا: إنَّ سامَ بْنَ نُوحٍ دُفِنَ هاهُنا قَرِيبًا، فادْعُ اللَّهَ أنْ يَبْعَثَهُ لَنا. فَهَتَفَ نَبِيُّ اللَّهِ بِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وهَتَفَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَقالُوا: لَقَدْ دُفِنَ هاهُنا قَرِيبًا. فَهَتَفَ نَبِيُّ اللَّهِ فَخَرَجَ أشْمَطَ، قالُوا: إنَّهُ قَدْ ماتَ وهو شابٌّ فَما هَذا البَياضُ؟ قالَ: ظَنَنْتُ أنَّها الصَّيْحَةُ فَفَزِعْتُ.
وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، وابْنُ عَساكِرَ، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَتِ اليَهُودُ يَجْتَمِعُونَ إلى عِيسى ويَسْتَهْزِئُونَ بِهِ ويَقُولُونَ لَهُ: يا عِيسى، ما أكَلَ فُلانٌ البارِحَةَ، وما ادَّخَرَ في بَيْتِهِ لِغَدٍ؟ فَيُخْبِرُهُمْ، فَيَسْخَرُونَ مِنهُ، حَتّى إذا طالَ ذَلِكَ بِهِ وبِهِمْ، وكانَ عِيسى لَيْسَ لَهُ قَرارٌ ولا مَوْضِعٌ يُعْرَفُ، إنَّما هو سائِحٌ في (p-٥٨٢)الأرْضِ، فَمَرَّ ذاتَ يَوْمٍ بِامْرَأةٍ قاعِدَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، فَسَألَها، فَقالَتْ: ماتَتِ ابْنَةٌ لِي لَمْ يَكُنْ لِي ولَدٌ غَيْرُها، فَصَلّى عِيسى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نادى: يا فُلانَةُ، قُومِي بِإذْنِ الرَّحْمَنِ فاخْرُجِي. فَتَحَرَّكَ القَبْرُ، ثُمَّ نادى الثّانِيَةَ فانْصَدَعَ القَبْرُ، ثُمَّ نادى الثّالِثَةَ، فَخَرَجَتْ وهي تَنْفُضُ رَأْسَها مِنَ التُّرابِ، فَقالَتْ: يا أُمّاهُ، ما حَمَلَكِ عَلى أنْ أذُوقَ كَرْبَ المَوْتِ مَرَّتَيْنِ، يا أُمّاهُ اصْبِرِي واحْتَسِبِي، فَلا حاجَةَ لِي في الدُّنْيا، يا رُوحَ اللَّهِ، سَلْ رَبِّي أنْ يَرُدَّنِي إلى الآخِرَةِ وأنْ يُهَوِّنَ عَلَيَّ كُرَبَ المَوْتِ. فَدَعا رَبَّهُ فَقَبَضَها إلَيْهِ، فاسْتَوَتْ عَلَيْها الأرْضُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ اليَهُودَ، فازْدادُوا عَلَيْهِ غَضَبًا، وكانَ مَلِكٌ مِنهم في ناحِيَةٍ في مَدِينَةٍ يُقالُ لَها: نَصِيبِينَ. جَبّارًا عاتِيًا، وأُمِرَ عِيسى بِالمَسِيرِ إلَيْهِ لِيَدْعُوَهُ وأهْلَ تِلْكَ المَدِينَةِ إلى المُراجَعَةِ، فَمَضى حَتّى شارَفَ المَدِينَةَ ومَعَهُ الحَوارِيُّونَ، فَقالَ لِأصْحابِهِ: ألا رَجُلٌ مِنكم يَنْطَلِقُ إلى المَدِينَةِ فَيُنادِي فِيها فَيَقُولُ: إنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ. فَقامَ رَجُلٌ مِنَ الحَوارِيِّينَ يُقالُ لَهُ: يَعْقُوبُ. فَقالَ: أنا يا رُوحَ اللَّهِ. قالَ: فاذْهَبْ فَأنْتَ أوَّلُ مَن يَتَبَرَّأُ مِنِّي. فَقامَ آخَرُ يُقالُ: لَهُ تُوصارُ. قالَ لَهُ: أنا مَعَهُ. قالَ: وأنْتَ مَعَهُ. ومَشَيا فَقامَ شَمْعُونُ فَقالَ: يا رُوحَ اللَّهِ، أكُونُ ثالِثَهم فَأْذَنْ لِي أنْ أنالَ مِنكَ إنِ اضْطُرِرْتُ إلى ذَلِكَ. قالَ: نَعَمْ. فانْطَلَقُوا حَتّى إذا كانُوا (p-٥٨٣)قَرِيبًا مِنَ المَدِينَةِ قالَ لَهُما شَمْعُونُ: ادْخُلا المَدِينَةَ، فَبَلِّغا ما أُمِرْتُما وأنا مُقِيمٌ مَكانِي، فَإنِ ابْتُلِيتُما احْتَلْتُ لَكُما. فانْطَلَقا حَتّى دَخَلا المَدِينَةَ وقَدْ تَحَدَّثَ النّاسُ بِأمْرِ عِيسى وهم يَقُولُونَ فِيهِ أقْبَحَ القَوْلِ وفي أُمِّهِ، فَنادى أحَدُهُما وهو الأوَّلُ: ألا إنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ. فَوَثَبُوا إلَيْهِما: مَنِ القائِلُ: أنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ. فَتَبَرَّأ الَّذِي نادى فَقالَ: ما قُلْتُ شَيْئًا. فَقالَ الآخَرُ: قَدْ قُلْتَ وأنا أقُولُهُ: إنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنهُ، فَآمِنُوا بِهِ يا مَعْشَرَ بَنِي إسْرائِيلَ خَيْرًا لَكم. فانْطَلَقُوا إلى مَلِكِهِمْ وكانَ جَبّارًا طاغِيًا، فَقالَ لَهُ: ويْلَكَ، ما تَقُولُ؟ قالَ: أقُولُ: إنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ وكَلِمَتُهُ ألْقاها إلى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنهُ. قالَ: كَذَبْتَ. فَقَذَفُوا عِيسى وأُمَّهُ بِالبُهْتانِ، ثُمَّ قالَ لَهُ: تَبَرَّأْ ويْلَكَ مِن عِيسى وقُلْ فِيهِ مَقالَتَنا. قالَ: لا أفْعَلُ. قالَ: إنْ لَمْ تَفْعَلْ قَطَعْتُ يَدَيْكَ ورِجْلَيْكَ وسَمَرْتُ عَيْنَيْكَ. فَقالَ: افْعَلْ بِنا ما أنْتَ فاعِلٌ. فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَألْقاهُ عَلى مَزْبَلَةٍ في وسَطِ مَدِينَتِهِمْ، ثُمَّ إنَّ المَلِكَ هَمَّ أنْ يَقْطَعَ لِسانَهُ إذْ دَخَلَ شَمْعُونُ وقَدِ اجْتَمَعَ النّاسُ فَقالَ لَهم: ما قالَ هَذا المِسْكِينُ؟ قالُوا: يَزْعُمُ أنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ. فَقالَ شَمْعُونُ: أيُّها المَلِكُ، أتَأْذَنُ لِي فَأدْنُو مِنهُ فَأسْألُهُ، قالَ: نَعَمْ. قالَ لَهُ شَمْعُونُ: أيُّها المُبْتَلى، ما تَقُولُ؟ قالَ: أقُولُ: (p-٥٨٤)إنَّ عِيسى عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ. قالَ: فَما آيَتُهُ ؟ تَعْرِفُهُ؟ قالَ: يُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ والسَّقِيمَ. قالَ: هَذا يَفْعَلُهُ الأطِبّاءُ، فَهَلْ غَيْرُهُ؟ قالَ: نَعَمْ، يُخْبِرُكم بِما تَأْكُلُونَ وما تَدَّخِرُونَ. قالَ: هَذا تَعْرِفُهُ الكَهَنَةُ، فَهَلْ غَيْرُ هَذا؟ قالَ: نَعَمْ، يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ. قالَ: هَذا قَدْ تَفْعَلُهُ السَّحَرَةُ يَكُونُ أخَذَهُ مِنهم، فَجَعَلَ المَلَكُ يَتَعَجَّبُ مِنهُ وسُؤالِهِ، فَقالَ: هَلْ غَيْرُ هَذا؟ قالَ: نَعَمْ، يُحْيِي المَوْتى. قالَ: أيُّها المَلِكُ إنَّهُ ذَكَرَ أمْرًا عَظِيمًا، وما أظُنُّ خَلْقًا يَقْدِرُ عَلى ذَلِكَ إلّا بِإذْنِ اللَّهِ، ولا يَقْضِي اللَّهُ ذَلِكَ عَلى يَدِ ساحِرٍ كَذّابٍ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ عِيسى رَسُولًا فَلا يَقْدِرُ عَلى ذَلِكَ، وما فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِأحَدٍ إلّا بِإبْراهِيمَ حِينَ سَألَهُ: ﴿أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى﴾ [البقرة: ٢٦٠] . ومَن مِثْلُ إبْراهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ! .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ، وابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ أبِي مالِكٍ، وعَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا بَعَثَ اللَّهُ عِيسى وأمَرَهُ بِالدَّعْوَةِ، لَقِيَهُ بَنُو إسْرائِيلَ فَأخْرَجُوهُ، فَخَرَجَ هو وأُمُّهُ يَسِيحُونَ في الأرْضِ، فَنَزَلُوا في قَرْيَةٍ عَلى رَجُلٍ، فَأضافَهم وأحْسَنَ إلَيْهِمْ، وكانَ لِتِلْكَ المَدِينَةِ مَلِكٌ جَبّارٌ، فَجاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَوْمًا حَزِينًا، فَدَخَلَ مَنزِلَهُ ومَرْيَمُ عِنْدَ امْرَأتِهِ، فَقالَتْ لَها: ما شَأْنُ زَوْجِكِ؟ أراهُ حَزِينًا! قالَتْ: إنَّ لَنا مَلِكًا يَجْعَلُ عَلى كُلِّ رَجُلٍ مِنّا يَوْمًا يُطْعِمُهُ هو وجُنُودَهُ، (p-٥٨٥)ويَسْقِيهِمُ الخَمْرَ، فَإنْ لَمْ يَفْعَلْ عاقَبَهُ، وإنَّهُ قَدْ بَلَغَتْ نَوْبَتُهُ اليَوْمَ ولَيْسَ عِنْدَنا سَعَةٌ. قالَتْ: قُولِي لَهُ: فَلا يَهْتَمَّ، فَإنِي آمُرُ ابْنِي فَيَدْعُو لَهُ فَيُكْفى ذَلِكَ. قالَتْ مَرْيَمُ لِعِيسى في ذَلِكَ. فَقالَ عِيسى: يا أُمَّهْ، إنِّي إنْ فَعَلْتُ كانَ في ذَلِكَ شَرٌّ. قالَتْ: لا تُبالِ فَإنَّهُ قَدْ أحْسَنَ إلَيْنا وأكْرَمَنا. قالَ عِيسى: قُولِي لَهُ: امْلَأْ قُدُورَكَ وخَوابِيَكَ ماءً. فَمَلَأهُنَّ فَدَعا اللَّهَ فَتَحَوَّلَ ما في القُدُورِ لَحْمًا ومَرَقًا وخُبْزًا، وما في الخَوابِي خَمْرًا لَمْ يَرَ النّاسُ مِثْلَهُ قَطُّ، فَلَمّا جاءَ المَلِكُ أكَلَ مِنهُ. فَلَمّا شَرِبَ الخَمْرَ سَألَ: مِن أيْنَ لَكَ هَذا الخَمْرُ؟ قالَ: هو مِن أرْضِ كَذا وكَذا. قالَ المَلِكُ: فَإنَّ خَمْرِي أُوتى بِهِ مِن تِلْكَ الأرْضِ، فَلَيْسَ هو مِثْلَ هَذا! قالَ: هو مِن أرْضٍ أُخْرى. فَلَمّا خَلَّطَ عَلى المَلِكِ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقالَ: إنِّي أُخْبِرُكَ، عِنْدِي غُلامٌ لا يَسْألُ اللَّهَ شَيْئًا إلّا أعْطاهُ، وإنَّهُ دَعا اللَّهَ فَجَعَلَ الماءَ خَمْرًا. فَقالَ لَهُ المَلِكُ وكانَ لَهُ ابْنٌ يُرِيدُ أنْ يَسْتَخْلِفَهُ فَماتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأيّامٍ، وكانَ أحَبَّ الخَلْقِ إلَيْهِ فَقالَ: إنَّ رَجُلًا دَعا اللَّهَ فَجَعَلَ الماءَ خَمْرًا لَيُسْتَجابَنَّ لَهُ حَتّى يُحْيِيَ ابْنِي. فَدَعا عِيسى فَكَلَّمَهُ وسَألَهُ أنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أنْ يُحْيِيَ ابْنَهُ، فَقالَ عِيسى: لا تَفْعَلْ؛ فَإنَّهُ إنْ عاشَ كانَ شَرًّا. قالَ المَلِكُ: لا أُبالِي، ألَيْسَ أراهُ؟ فَلا أُبالِي ما كانَ. قالَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ: فَإنْ أحْيَيْتُهُ تَتْرُكُونِي أنا وأُمِّي نَذْهَبُ حَيْثُ نَشاءُ؟ قالَ المَلِكُ: نَعَمْ. فَدَعا اللَّهَ (p-٥٨٦)فَعاشَ الغُلامُ، فَلَمّا رَآهُ أهْلُ مَمْلَكَتِهِ قَدْ عاشَ تَنادَوْا بِالسِّلاحِ وقالُوا: أكَلَنا هَذا حَتّى إذا دَنا مَوْتُهُ يُرِيدُ أنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَيْنا ابْنَهُ فَيَأْكُلَنا كَما أكَلَنا أبُوهُ! فاقْتَتَلُوا وذَهَبَ عِيسى وأُمُّهُ وصَحِبَهُما يَهُودِيٌّ، وكانَ مَعَ اليَهُودِيِّ رَغِيفانِ ومَعَ عِيسى رَغِيفٌ، فَقالَ لَهُ عِيسى: تُشارِكُنِي؟ فَقالَ اليَهُودِيُّ: نَعَمْ. فَلَمّا رَأى أنَّهُ لَيْسَ مَعَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ إلّا رَغِيفٌ نَدِمَ، فَلَمّا ناما جَعَلَ اليَهُودِيُّ يُرِيدُ أنْ يَأْكُلَ الرَّغِيفَ، فَيَأْكُلَ لُقْمَةً فَيَقُولُ لَهُ عِيسى: ما تَصْنَعُ؟ فَيَقُولُ: لا شَيْءَ. حَتّى فَرَغَ مِنَ الرَّغِيفِ، فَلَمّا أصْبَحا قالَ لَهُ عِيسى: هَلُمَّ طَعامَكَ. فَجاءَ بِرَغِيفٍ، فَقالَ لَهُ عِيسى: أيْنَ الرَّغِيفُ الآخَرُ؟ قالَ: ما كانَ مَعِي إلّا واحِدٌ. فَسَكَتَ عَنْهُ، وانْطَلَقُوا فَمَرُّوا بِراعِي غَنَمٍ، فَنادى عِيسى: يا صاحِبَ الغَنَمِ، أجْزِرْنا شاةً مِن غَنَمِكَ. قالَ: نَعَمْ. فَأعْطاهُ شاةً فَذَبَحَها وشَواها، ثُمَّ قالَ لِلْيَهُودِيِّ: كُلْ ولا تَكْسِرْ عَظْمًا. فَأكَلا، فَلَمّا شَبِعُوا قَذَفَ عِيسى العِظامَ في الجِلْدِ، ثُمَّ ضَرَبَها بِعَصاهُ وقالَ: قُومِي بِإذْنِ اللَّهِ. فَقامَتِ الشّاةُ تَثْغُو، فَقالَ: يا صاحِبَ الغَنَمِ، خُذْ شاتَكَ. فَقالَ لَهُ الرّاعِي: مَن أنْتَ؟ قالَ: أنا عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ. قالَ: أنْتَ السّاحِرُ؟ وفَرَّ مِنهُ، قالَ عِيسى لِلْيَهُودِيِّ: بِالَّذِي أحْيا هَذِهِ الشّاةَ بَعْدَما أكَلْناها، كَمْ كانَ مَعَكَ مِن رَغِيفٍ؟ فَحَلَفَ ما كانَ مَعَهُ إلّا رَغِيفٌ واحِدٌ، فَمَرَّ (p-٥٨٧)بِصاحِبِ بَقَرٍ فَقالَ: يا صاحِبَ البَقَرِ، أجْزِرْنا مِن بَقَرِكَ هَذِهِ عِجْلًا. فَأعْطاهُ فَذَبَحَهُ وشَواهُ، وصاحِبُ البَقَرِ يَنْظُرُ، فَقالَ لَهُ عِيسى: كُلْ ولا تَكْسِرْ عَظْمًا. فَلَمّا فَرَغُوا قَذَفَ العِظامَ في الجِلْدِ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَصاهُ وقالَ: قُمْ بِإذْنِ اللَّهِ. فَقامَ لَهُ خُوارٌ، فَقالَ: يا صاحِبَ البَقَرِ، خُذْ عِجْلَكَ. قالَ: ومَن أنْتَ؟ قالَ: أنا عِيسى. قالَ: أنْتَ عِيسى السّاحِرُ؟ ثُمَّ فَرَّ مِنهُ، قالَ عِيسى لِلْيَهُودِيِّ: بِالَّذِي أحْيا هَذِهِ الشّاةَ بَعْدَما أكَلْناها، والعِجْلَ بَعْدَما أكَلْناهُ، كَمْ رَغِيفٌ كانَ مَعَكَ؟ فَحَلَفَ بِذَلِكَ ما كانَ مَعَهُ إلّا رَغِيفٌ واحِدٌ، فانْطَلَقا حَتّى نَزَلا قَرْيَةً، فَنَزَلَ اليَهُودِيُّ في أعْلاها وعِيسى في أسْفَلِها، وأخَذَ اليَهُودِيُّ عَصًا مِثْلَ عَصا عِيسى وقالَ: أنا الآنَ أُحْيِي المَوْتى. وكانَ مِلْكُ تِلْكَ القَرْيَةِ مَرِيضًا شَدِيدَ المَرَضِ، فانْطَلَقَ اليَهُودِيُّ يُنادِي: مَن يَبْغِي طَبِيبًا؟ فَأُخْبِرَ بِالمَلِكِ وبِوَجَعِهِ فَقالَ: أدْخِلُونِي عَلَيْهِ فَأنا أُبْرِئُهُ، وإنْ رَأيْتُمُوهُ قَدْ ماتَ فَأنا أُحْيِيهِ. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ وجَعَ المَلِكِ قَدْ أعْيا الأطِبّاءَ قَبْلَكَ. قالَ: أدْخِلُونِي عَلَيْهِ. فَأُدْخِلُ عَلَيْهِ، فَأخَذَ بِرِجْلِ المَلِكِ فَضَرَبَهُ بِعَصاهُ حَتّى ماتَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ وهو مَيِّتٌ ويَقُولُ: قُمْ بِإذْنِ اللَّهِ.
فَأخَذُوهُ لِيَصْلُبُوهُ، فَبَلَغَ عِيسى فَأقْبَلَ إلَيْهِ وقَدْ رُفِعَ عَلى الخَشَبَةِ فَقالَ: أرَأيْتُمْ إنْ أحْيَيْتُ لَكم صاحِبَكم أتَتْرَكُونَ لِي صاحِبِي؟ فَقالُوا: نَعَمْ. فَأحْيا عِيسى المَلِكَ، فَقامَ وأنْزَلَ اليَهُودِيَّ. فَقالَ: يا عِيسى، أنْتَ أعْظَمُ النّاسِ عَلِيَّ مِنَّةً، واللَّهِ لا أُفارِقُكَ أبَدًا. قالَ عِيسى: أنْشُدُكَ بِالَّذِي أحْيا الشّاةَ والعِجْلَ بَعْدَما أكَلْناهُما، وأحْيا هَذا بَعْدَما ماتَ، وأنْزَلَكَ مِنَ الجِذْعِ بَعْدَ رَفْعِكَ عَلَيْهِ لِتُصْلَبَ، كَمْ كانَ مَعَكَ رَغِيفٌ؟ فَحَلَفَ بِهَذا كُلِّهِ ما (p-٥٨٨)كانَ مَعَهُ إلّا رَغِيفٌ واحِدٌ، فانْطَلَقا فَمَرّا بِثَلاثِ لَبِناتٍ فَدَعا اللَّهَ عِيسى فَصَيَّرَهُنَّ مِن ذَهَبٍ، قالَ: يا يَهُودِيُّ، لَبِنَةٌ لِي ولَبِنَةٌ لَكَ ولَبِنَةٌ لِمَن أكَلَ الرَّغِيفَ. قالَ: أنا أكَلْتُ الرَّغِيفَ.
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ لَيْثٍ قالَ: صَحِبَ رَجُلٌ عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ، فانْطَلَقا فانْتَهَيا إلى شَطِّ نَهَرٍ، فَجَلَسا يَتَغَدَّيانِ ومَعَهُما ثَلاثَةُ أرْغِفَةٍ، فَأكَلا الرَّغِيفَيْنِ وبَقِيَ رَغِيفٌ، فَقامَ عِيسى إلى النَّهَرِ يَشْرَبُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدِ الرَّغِيفَ، فَقالَ لِلرَّجُلِ: مَن أكَلَ الرَّغِيفَ؟ قالَ: لا أدْرِي. فانْطَلَقَ مَعَهُ فَرَأى ظَبْيَةً مَعَها خُشْفانِ، فَدَعا أحَدَهُما فَأتاهُ فَذَبَحَهُ واشْتَوى. وأكَلا ثُمَّ قالَ لِلْخُشْفِ: قُمْ بِإذْنِ اللَّهِ. فَقامَ، فَقالَ لِلرَّجُلِ: أسْألُكَ بِالَّذِي أراكَ هَذِهِ الآيَةَ، مَن أخَذَ الرَّغِيفَ؟ قالَ: لا أدْرِي. ثُمَّ انْتَهَيا إلى البَحْرِ، فَأخَذَ عِيسى بِيَدِ الرَّجُلِ فَمَشى عَلى الماءِ، ثُمَّ قالَ: أنْشُدُكَ بِالَّذِي أراكَ هَذِهِ الآيَةَ، مَن أخَذَ الرَّغِيفَ؟ قالَ: لا أدْرِي. ثُمَّ انْتَهَيا إلى مَغارَةٍ، وأخَذَ عِيسى تُرابًا وطِينًا فَقالَ: كُنْ ذَهَبًا بِإذْنِ اللَّهِ. فَصارَ ذَهَبًا، فَقَسَمَهُ ثَلاثَةَ أثْلاثٍ، فَقالَ: ثُلْثٌ لَكَ، وثُلْثٌ لِي، وثُلْثٌ لِمَن أخَذَ الرَّغِيفَ. قالَ: أنا أخَذْتُهُ. قالَ: فَكُلُّهُ لَكَ. وفارَقَهُ عِيسى، فانْتَهى إلَيْهِ رَجُلانِ، فَأرادا أنْ يَأْخُذاهُ ويَقْتُلاهُ، قالَ: هو بَيْنَنا أثْلاثًا، فابْعَثُوا أحَدَكم إلى القَرْيَةِ يَشْتَرِي لَنا (p-٥٨٩)طَعامًا. فَبَعَثُوا أحَدَهم فَقالَ الَّذِي بُعِثَ: لِأيِّ شَيْءٍ أُقاسِمُ هَؤُلاءِ المالَ؟ ولَكِنْ أضَعُ في الطَّعامِ سَمًّا فَأقْتُلُهُمَ. وقالَ ذانِكَ: لِأيِّ شَيْءٍ نُعْطِي هَذا ثُلْثَ المالِ؟ ولَكِنْ إذا رَجَعَ قَتَلْناهُ. فَلَمّا رَجَعَ إلَيْهِمْ قَتَلُوهُ وأكَلا الطَّعامَ فَماتا، فَبَقِيَ ذَلِكَ المالُ في المَغارَةِ وأُولَئِكَ الثَّلاثَةُ قَتْلى عِنْدَهُ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، عَنْ خالِدٍ الحَذّاءِ قالَ: كانَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ إذا سَرَّحَ رُسُلَهُ يُحْيُونَ المَوْتى يَقُولُ لَهم: قُولُوا: كَذا، قُولُوا: كَذا، فَإذا وجَدْتُمْ قُشَعْرِيرَةً ودَمْعَةً فادْعُوا عِنْدَ ذَلِكَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“ عَنْ ثابِتٍ قالَ: انْطَلَقَ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَزُورُ أخًا لَهُ، فاسْتَقْبَلَهُ إنْسانٌ فَقالَ: إنَّ أخاكَ قَدْ ماتَ. فَرَجَعَ، فَسَمِعَ بَناتُ أخِيهِ بِرُجُوعِهِ عَنْهُنَّ، فَأتَيْنَهُ فَقُلْنَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، رُجُوعُكَ عَنّا أشَدُّ عَلَيْنا مِن مَوْتِ أبِينا. قالَ: فانْطَلِقْنَ فَأرِينَنِي قَبْرَهُ. فانْطَلَقْنَ حَتّى أرَيْنَهُ قَبْرَهُ قالَ: فَصَوَّتَ بِهِ فَخَرَجَ وهو أشْيَبُ، فَقالَ: ألَسْتَ فُلانًا ؟ قالَ: بَلى. قالَ: فَما الَّذِي أرى بِكَ؟ قالَ: سَمِعْتُ صَوْتَكَ فَحَسِبْتُهُ الصَّيْحَةَ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأُنَبِّئُكُمْ﴾ الآيَةَ.
(p-٥٩٠)أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ وما تَدَّخِرُونَ﴾ . قالَ: بِما أكَلْتُمُ البارِحَةَ مِن طَعامٍ، وما خَبَّأْتُمْ مِنهُ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانَ عِيسى يَقُولُ لِلْغُلامِ في الكُتّابِ: إنَّ أهْلَكَ قَدْ خَبَّئُوا لَكَ كَذا وكَذا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وما تَدَّخِرُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ قالَ: كانَ عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ وهو غُلامٌ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيانِ، فَكانَ يَقُولُ لِأحَدِهِمْ: تُرِيدُ أنْ أُخْبِرَكَ بِما خَبَّأتْ لَكَ أُمُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: خَبَّأتْ لَكَ كَذا وكَذا. فَيَذْهَبُ الغُلامُ مِنهم إلى أُمِّهِ فَيَقُولُ لَها: أطْعِمِينِي ما خَبَّأْتِ لِي. قالَتْ: وأيُّ شَيْءٍ خَبَّأْتُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: كَذا وكَذا. فَتَقُولُ: مَن أخْبَرَكَ؟ فَيَقُولُ: عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ. فَقالُوا: واللَّهِ لَئِنْ تَرَكْتُمْ هَؤُلاءِ الصِّبْيانَ مَعَ عِيسى لَيُفْسِدَنَّهم. فَجَمَعُوهم في بَيْتٍ وأغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ عِيسى يَتَلَمَّسُهم فَلَمْ يَجِدْهم حَتّى سَمِعَ ضَوْضاءَهم في بَيْتٍ، فَسَألَ عَنْهم فَقالَ: يا هَؤُلاءِ، كَأنَّ هَؤُلاءِ الصِّبْيانُ. قالُوا: لا، إنَّما هَؤُلاءِ قِرَدَةٌ وخَنازِيرُ. قالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهم قِرَدَةً وخَنازِيرَ. فَكانُوا كَذَلِكَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَمّارِ بْنِ (p-٥٩١)ياسِرٍ قالَ: ﴿وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ﴾: مِنَ المائِدَةِ، ﴿وما تَدَّخِرُونَ﴾ مِنها، وكانَ أخَذَ عَلَيْهِمْ في المائِدَةِ حِينَ نَزَلَتْ أنْ يَأْكُلُوا ولا يَدَّخِرُوا، فادَّخَرُوا وخانُوا، فَجُعِلُوا قِرَدَةً وخَنازِيرَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عاصِمِ بْنِ أبِي النَّجُودِ: ﴿وما تَدَّخِرُونَ﴾ مُثَقَّلَةً بِالإدْغامِ.
{"ayah":"وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق