الباحث القرآني
[و] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ب.)]] قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. قال أبو إسحاق [[في "معاني القرآن" له: 1/ 413، نقله عنه بتصرف واختصار.]]: ينتصب على وجهين: أحدهما: (ويجعلُهُ [[في (د): (ونجعله).]] رسولاً). قال: والاختيار عندي: أنه (ويكَلِّمُ الناسَ رسولاً)؛ لقوله: ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ﴾؛ والمعنى: يكلِّمُهم رسولاً بأني [[في (د): (أني).]] قدْ جئتكم [[أي: أنَّ الوجه الأول، تقديره: (ويجعلهُ رسولًا) فـ ﴿رَسُولًا﴾ منصوب على المفعولية. والتقدير الثاني وهو اختيار الزجاج: (ويكلمُ الناسَ رَسُولًا)، على أنَّ ﴿رَسُولًا﴾ حالٌ.]].
وقال الأخفش [[من قوله: (قال الأخفش ..) إلى (.. ونعلِّمه الكتاب رسولًا): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" 3/ 51 ب. والوارد في "معاني القرآن" للأخفش: 1/ 205 في قوله تعالى: ﴿ونعلَّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾، كالتالي: (موضع نصب على ﴿وَجِيهًا﴾. و ﴿رَسُولاً﴾ معطوف على ﴿وَجِيهًا﴾؛ أي: أنها عنده حال منتصبة عن قوله تعالى: ﴿بِكَلِمَةٍ﴾ في آية: 45. انظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 204.]]: إن شئت جعلت الواو في ﴿وَرَسُولًا﴾ مُقْحَمَةً [[أي: (زائدة أو (لغو)، وهي عبارة البصريين، وتسمى (صلة) أو (حشو) عند الكوفيين. انظر: "البرهان" 3/ 72.]]، و (الرسولا) [[في (ج): (ورسولًا).]] حالاً للهاء [[في (ب): (لها). وقوله: (للهاء)؛ أي: في ﴿ونعلِّمُهُ﴾.]]، تقديره: ونُعَلِّمُهُ الكتابَ رسولا [[وللآية توجيهات نحوية أخرى، انظرها: في "البحر المحيط" 2/ 464، "الدر المصون" 3/ 186 - 189.]].
وقوله تعالى: ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ هو ذكر آية واحدة، وإنما جاءهم [[في (د): (جاههم).]] بآيات، وهي: خلق الطير، وإبراء الأكْمَه والأبرص، وإحياء الموتى، وإنباء [[في (ج)، (د): (والأنباء).]] بما يأكلونَ؛ وذلك، أنه أراد بالآية: خلق الطير، ثم عطف عليه إبراء [[في (ج): (وإبراء).]] الأكمه والأبرص على جهة الاستئناف.
وقوله تعالى: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ﴾ مَنْ [[من قوله: (من ..) إلى (أني أخلق لكم من الطين): نقله بتصرف يسير جدًّا عن "الحجة" للفارسي 3/ 43. وقد قرأ الجميع بفتح الهمزة في ﴿أَنِّي﴾، إلَّا نافعًا وأبا جعفر، فقد كسرا ﴿أَنِّي﴾. انظر "النشر" 2/ 240، "إتحاف فضلاء البشر" 174 - 175.]] فتح ﴿أَنِّي﴾ [[في (ج): (أنا).]]، جعلها بدلاً من ﴿آيَةٍ﴾ [[(من آية): ساقط من (د).]]، كأنه قال: (وجئتكم بأني أخلق لكم من الطين)، ويكون موضع ﴿أَنِّي﴾ خفضاً على البدل من ﴿آيَةٍ﴾ [[في (ج): (أنه).]]، ويجوز أن يكون رَفعاً على معنى: الآيةُ أنِّي أخلق لكم) [[أي هي خبر لمبتدأ مضمر، تقديره: (هي أنِّي أخلق)؛ أي: الآية التي جئت بها أني أخلق. انظر "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 334.]]. ومَنْ كَسَرَ [[من قوله: (ومن كسر ..) إلى (.. وأبدل من آية): نقله بتصرف عن "الحجة" للفارسي 3/ 4344.]]، فله وجهان: أحدهما: الاستئناف، وقَطْع الكلامِ مما قبله.
والوجه الآخر: أنه [[(أنه): ساقط من: (ج).]] فسر الآية بقوله: {إنِّي أخلق [لكم من الطين] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج) ومن "الحجة".]]}، ويجوز أن يفسِّر الجملة المقدمة بما يكون على وجه الابتداء، كقوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة: 9]، ثمَّ فسَّر الموعود بقوله: ﴿لَهُم مَّغفِرَةٌ﴾ [[ومن قوله: (لهم مغفرة ..) إلى (.. فسَّر المثل بقوله): ساقط من: (ج).]]، وكقوله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ [[(كمثل آدم): ساقط من: (ب).]] [آل عمران: 59]، ثمَّ فسَّر المَثَلَ بقوله: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾. وهذا الوجه أحسن؛ لأنه في المعنى كقراءة مَنْ فتح (أنِّي)، وأبدل من آية [[وهناك وجه ثالث، وهو: كسْرُها على إضمار القول؛ أي: فقلت: إنِّي أخلق. انظر هذه الوجوه في: "البحر المحيط" 2/ 465، "الدر المصون" 3/ 191.]].
وقوله تعالى: ﴿أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ﴾ أي: أقَدِّر، وأصوِّر. والخلْقُ، معناه: التقدير في اللغة [[وقد قال ابن قتيبة أنَّ الأصل في (الخَلْق)، هو: التقدير. وفي "تهذيب اللغة" أنَّ (الخَلْقَ) في كلام العرب على ضربين: الأول: ابتداع الشيء على مثال لم يُسبَق إليه. والآخر: التقدير. وقد ذكر أصحاب الوجوه والنظائر أنَّ من وجوه (الخلق) في القرآن: الإيجاد، والبعث، والتصوير، وذكروا هذه الآية (49 من آل عمران) شاهدًا على هذا المعنى، والكذب، والجعل، والنطق، والدين، والموت، والبناء. وهذان الوجهان الأخيران، ذكرهما الثعلبي، وابن الجوزي. انظر "تأويل مشكل القرآن" 507، "تهذيب اللغة" 1/ 1093 (خلق)، "الوجوه والنظائر" لهارون بن موسى 281، "قاموس القرآن" للدامغاني 162، "الأشباه والنظائر" للثعلبي: 131.]].
وقوله تعالى: ﴿كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ الهيئةُ: الصورة المُهَيَّأة؛ من قولهم: (هيَّأتُ الشيءَ): إذا قدَّرُته [[قال الثعلبي: (هيأت الشيء: إذا قدَّرته، وأصلحته). تفسيره: 3/ 52 أ، وانظر (هيأ) في "الصحاح" 1/ 85، "اللسان" 8/ 4730.]].
وقوله تعالى: ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ﴾ أي: في الطَّيْر. و (الطَّيْر): يجوز تذكيره، على معنى الجمع، وتأنيثه، على معنى الجماعة.
ولا يجوز أن تعود [[في (ج): (يعود).]] الكناية [[يعني بـ (الكناية) هنا: الضمير؛ لأنه يُكْنى به أي: يرمز عن الظاهر، اختصارا، وتسميته بـ (الكناية) من إلطلاقات الكوفيين عليه. انظر "النحو الوافي" 1/ 217، "معجم المصطلحات النحوية" د. اللبدي: 74.]] إلى الطين؛ لأن النفخ إنَّما يكون في طِينٍ مخصوص، وهو: ما كان مُهَيَّأ منه، والطينُ المتقدِّمُ ذكرهُ، عامٌ، فلا تعود إليه الكناية؛ ألا ترى أنه لا يَنْفخ في جميع الطِّينِ [[قال السمين الحلبي، بعد أن ذكر قول الواحدي هذا: (وفي هذا الردِّ نَظَرٌ؛ إذ لقائل أن يقول: لا نسلِّم عموم الطِّينِ المتقدِّم، بل المراد بعضه؛ ولذلك أدخل عليه (مِنْ) التي تقْتضي التبعيض. وإذا صار المعنى: (أني أخلق بعض الطين) عاد الضمير عليه من غير إشكال، ولكن الواحدي جعل (مِن) في ﴿مِنَ الطِّينِ﴾ لابتداء الغاية، وهو الظاهر). "الدر المصون" 3/ 194.]]؟. ويجوز أن تعود الكناية على ذي الهيئة. وأريد بـ (الهيئة): ذو الهيئة، كما أريد بـ (القسمة): المقسوم، في قوله: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ [النساء: 8] لأنه قال: ﴿فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ [[(منه): ساقط من: (ج).]] [[[سورة النساء: 8]. والشاهد هنا: أنَّ الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ يعود على القسمة. ولمَّا كان الضمير مذَكَّرا، والقسمة مؤنثة، دلَّ على أن المراد بالقسمة هنا المقسوم == وهذا رأي في مرجع الضمير هنا. وقيل: إنه يعود على المال؛ لأن القسمة تدلُّ عليه بطريق الالتزام. وقيل: إنه يعود على (ما) في قوله: ﴿مِّمَّا تَرَكَ﴾ من آية 7 في سورة النساء. انظر "مشكل إعراب القرآن" 1/ 190، "تفسير البيضاوي" 1/ 85، "البحر المحيط" 3/ 176، "الدر المصون" 3/ 589.]].
كذلك أراد بـ (الهيئة): المُهيَّأ، وذا [[في (د): (وذو).]] الهيئة.
و [[الواو زيادة من: (ج).]] يجوز أن تعود الكناية إلى ما وقعت الدلالة [[في (ب): (الكناية الدلالة).]] عليه في اللفظ، وهو [[من قوله: (هو ..) إلى (.. أي: في الخلق): ساقط من (د).]]: أنَّ (يَخْلُق) يدل على الخَلْقِ، فيكون قوله: ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ﴾؛ أي: في الخَلْقِ، ويكون الخلق بمنزلة المخلوق.
ويجوز أن تعود إلى ما دلَّ عليه الكافُ من معنى المِثْل؛ لأن المعنى: أخلق من الطين مِثْلَ هيئة الطير، ويكون الكافُ في موضع نصب على أنه صفة [[(صفة): ساقطة من (ج).]] للمصدر المُرادِ، تقديره: (أنِّي أخلق لكم من الطينِ خَلْقاً مثلَ هيئةِ الطَّيْرِ). وهذه الوجوه ذكرها أبو علي الفارسي [[لم أقف على مصدر قوله.]].
وقوله تعالى: ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ وقرأ [[في (ج): (وقرئ).]] نافع [[هو: أبو رُوَيم، نافع بن عبد الرحمن بن أبي نُعيم، تقدمت ترجمته.]]: ﴿طائراً﴾ [[وقرأ بها كذلك: أبو جعفر، ويعقوب. وقرأ باقي القرَّاء العشرة: (طَيْرًا). انظر "المبسوط في القراءات العشر" 143.]]، على معنى: يكون [[من قوله: (يكون ..) إلى (.. أي: كل واحد منهم): نقله بتصرف يسير عن "الحجة" للفارسي: 3/ 44.]] ما أنفخ فيه طائراً، أو [[في (د): (و).]] ما أخلُقُهُ طائراً، أو أراد أن [[ساقطة من (د).]] يكون كلَّ واحد من ذلك طائراً، كما قال تعالى: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: 4] أي: كلَّ واحد منهم.
وقال بعضهم [[هو الثعلبي في "تفسيره" 3/ 52 أ.]]: ذهب نافع [[عبارة الثعلبي: (وقرأ أهل المدينة (طائرا) بالألف على الواحدة ذهبوا إلى نوع ..)، وبقية العبارة كما هي عند الواحدي.]] إلى نوع واحد من الطير؛ لأنه لم يَخْلُق غير الخَفَّاش. وإنَّما خصَّ الخفَّاش [[وإنما خص الخفاش: ساقط من: ج. ورد خَلْقُه للخفاش، عن ابن جريج، كما في "تفسير الطبري" 3/ 276. وعن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، كما في "زاد المسير" 1/ 392. وأورده السيوطي في الدر: 2/ 575 عن ابن عباس، ونسب إخراجه لأبي الشيخ.]]؛ لأنه أكمل الطير خَلْقاً. وقد زدنا بيانا على هذا في سورة المائدة [[قول المؤلف فيما سبق عن توجيه قراءة نافع: (أو أراد أن يكون ..)، وقوله: (ذهب نافع ..)، قد تشعر هذه العبارات أن قراءة نافع، وغيرها من القراءات الصحيحة، إنَّما هي مذهب اجتهادي في القراءة يذهبه القارئُ بناء على موازنات ذوقية، ومقاييس منهجية، لا علاقة لها بالتلقي عن طريق الرواية الصحيحة. وليس الأمر كذلك؛ فالذي يعرفه الجميع أن القراءات القرآنية إنَّما هي متلقّاة عن النبي ﷺ عن طريق التواتر، فهي موقوفة لا مجال فيها للاجتهاد، وإنما للإمام القارئ فقط أن يختار مما رُوي، وعُلم وجهه من القراءات.
ولذا يقول ابن الجزري عن نسبة القراءة إلى القارئ، بأنها: (إضافة اختيار ودوام == ولزوم، لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد). أي: إنَّ إضافة القراءات إلى أئمة القراءة ورُواتِهم، يُرادُ بها فقط أن الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة، حسبما قرأ به، فآثره على غيره ودوام عليه، ولزمه حتى اشتهر وعرف به. فللإمام أن يختار من القراءات ما وافق العربية، سواء أكان ذلك الوجه فصيحًا أم أفْصَح، حسبما يترجح عنده، إذا تحققت بقية الشروط، وهي: صحة السند، وموافقة المصحف الإمام ولو احتمالًا. وهذا المجال الاختياري فيما يبدو لي، والله أعلم، هو الذي يعنيه الواحدي، ومَنْ نقلَ عنهم عباراته السابقة. انظر "النشر" 1/ 52، "القراءت القرآنية". د. عبد الهادي الفضلي: 105 - 106، "دفاع عن القراءات المتواترة". د. لبيب السعيد: 13 - 14.]].
قال وَهْبٌ: كان يطير ما دامَ الناسُ ينظرون، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا [[ورد هذا الأثر في "تفسير الثعلبى" 3/ 52 أ، "زاد المسير" 1/ 392، "تفسير القرطبي" 4/ 94.]].
قوله تعالى: ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ﴾. قال الأصمعي [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 324 (برأ).]]: بَرِئْتُ من المرض: لغةُ تميم، وبَرَأْتُ: لغةُ أهل الحِجاز [[في "تهذيب اللغة" (وقال الأصمعي: (بَرَأت من المرض بُروءًا)، لغة تميم، وأهل الحجاز يقولون: (بَرْأت من المرض بَرْءًا)، و (أبرأه الله من مرضه إبراءً). ويبدو أن هذا النص من النسخة المطبوعة من "التهذيب" فيها خطأ مطبعي؛ لأنها لم تفرِّق بين برأ وبرئ. وقد أورد السمين الحلبي نفس النص في "الدر المصون" 3/ 198 موافقًا لما أورده الواحدي.]].
وقال أبو زيد [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 324 (برأ).]]: بَرَأْتُ من المرض: لغة أهل الحجاز. وسائرُ العرب: بَرِئْتُ [[قال في "اللسان" 1/ 240 (برأ): (وبَرِئت من المرض، وبَرَأ المريض، يَبْرأ، ويبرُؤ، بَرءًا، وبُروءًا .. وأصبح بارئًا من مرضه، وبريئًا، من قومٍ بِراءٍ). وانظر: "العين" 8/ 289 (برأ)، "المقاييس" 1/ 236 (برأ).]].
والأكمَهُ [[في (ج): الأكمه (بدون واو).]]، قال ابن عباس، وقتادة [[قولهما في "تفسير الطبري" 3/ 276، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 655، وأخرجه في 2/ 655 بلفظ: (الأعمى: الممسوح العين)، "تفسير الثعلبي" 3/ 52 أ. وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 121 عن مقاتل قوله: (الأكمه: الأعمى). وأورد السيوطي في "الدر" 2/ 57 قول ابن عباس، وعزاه كذلك لابن المنذر.]]: هو الذي وُلِد أعمى، لم يبصر ضوءاً قط [[وفي معنى (الأكمه) أقوال أخرى، وهي: إن الأكمه هو: الأعمى، أو الأعمش، أو الأعش الذي يبصر بالنهار لا بالليل. ولكن المعنى الذي ذكره الواحدي هو الأرجح، وقد قال به أبو عبيدة، والطبري، وغيرهم، وهو الذي عليه الجمهور، كما يقول ابن حجر في فتح الباري؛ لأن إبراء الذي يولد أعمى هو الذي فيه المعجزة، أما من يُصيب عينيه مرض عارض، فهذا قد يُعالجه الطب البشري. انظر: "صحيح البخاري" 4/ 138 كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ﴾ "تفسير الطبري" 3/ 276 - 278، "فتح الباري" 6/ 472، "الدر المنثور" 2/ 57.]].
يقال: كَمِهَ الرجلُ، يَكْمَهُ، كَمَهًا [[انظر: "تفسير الطبري" 3/ 276، "الصحاح" 6/ 2247 (كمه).]]. والأبْرَصُ: الذي به وَضَحٌ [[الوَضَح، هو: البياض من كلِّ شيء، والضوء، ويكنى بالوضح عن البرص، وهو المرض الجلدي المعروف؛ لأنه يصيب الجلدَ ببياض. انظر "اللسان" 8/ 4855.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ قال الكلبي [[ورد قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 53 أ، ونهاية قوله إلى: (بيا حي يا قيوم).]]: كان [[في (ب): (إن).]] عيسى عليه السلام يحيي الأموات بـ (يا حيُّ يا قَيُّوم)، أحيا عازَرَ [[هكذا ضُبطت في "القاموس المحيط" 439 (عزر)، وورد في "تفسير الثعلبي" 3/ 52 ب (عازِر).]]، وكان صديقاً له، ودعا سام بن نوح من قبره، فخرج حيًّا، ومُرَّ عليه بابن عجوز على سريرٍ مَيْتًا، فدعا اللهَ عيسى، فنزل عن سريره حيَّاً، ورجع إلى أهله، وبقي ووُلدَ له [[أورد هذا الثعلبيّ في "تفسيره" 3/ 52 أ، وذكره البغوي 2/ 40 عن ابن عباس. وانظر روايات أخرى في هذا المعنى، في "الدر المنثور" 2/ 58. وهذه الأخبار بصرف النظر عن إمكان وقوع ما ورد فيها، فإنها لا تعدو أن تكون من الإسرائيليات، التي وإن لم يكن عندنا ما ينفيها، فليس عندنا ما يصدقها من خبر صحيح عن الصادق المعصوم ﷺ. والاكتفاء بإجمال القرآن في مثل هذه المواطن، أولى من السير وراء تفصيلات أخبار، الله أعلم بصحتها ووقوعها.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾. (ما) بمعنى: الذي؛ أي: بالذي تأكلونه، والذي تدَّخِرونه [[وقد استحسن هذا الوجه الزجَّاج، وقال: (ويجوز أن يكون (ما)، وما وقع بعدها، بمنزلة المصدر، المعنى: (أنبِّئكم بأكلِكم، وادِّخاركم). "معاني القرآن" 1/ 414.]].
وجاء [[من قوله: (جاء) إلى (غدُوِّكم): نقله بنصه عن "معاني القرآن" للزجاج 1/ 414.]] في التفسير: بما تأكلون في غُدُوِّكم [وتدَّخرون لباقي يومكم] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د). وقوله: (في غُدُوِّكم)؛ أي: في وقت البكرة، أو ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس. انظر: "القاموس" 1317 (غدا).]]. و (تدَّخِرون): (تفتعلون)، من (الذُّخْر) [[أي: أن أصل (تدَّخرونَ): تذْتَخرون.]].
يقال: (ذَخَر، يَذْخَر، ذُخْراً)، و (اذَّخَرَ اذِّخِارا): وأصله: (اذْتَخَرَ) [[في (ب): (اتدخر).]]، فأُبْدِل [[في (ب): فأبدلت.]] التَّاءُ دالاً [[في (أ)، (ب): (ذالا). والمثبت من: (ج)، (د)، وهو الصواب. انظر: "اللسان" 3/ 1490 (ذخر).]]؛ لأن الذَّالَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ [[في (ج): (مجهورة).]] والتَّاءَ مهموسٌ [[الحروف المهموسة، عشرة أحرف، هي: الهاء، والحاء، والخاء، والكاف،== والشين، والصاد، والتاء، والسين، والثاء، والفاء. ويجمعها قولك: (سَتَشْحثُك خصَفَه). وباقي الحروف مجهورة.
انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 60، وقد ذكر كذلك سبب تسْمِيتها بذلك، "الممتع" لابن عصفور 2/ 671.]]، فأُبدِلَ بحرفٍ يُشْبِهُ الذَّالَ [[في (ج): (الدال). وفي (د): (الجهر).]] في الجَهْرِ، وهو الدَّال، ثم أُدْغِمتْ الذَّالُ [[في (أ)، (ب): (الدال). والمثبت من: (ج)، (د). وهو الصواب.]] في الدَّال فصار: (تَدَّخِرونَ) [[ويرى العكبري أن أصل الكلمة: (تذتَخرون)، إلا أن التاء أبدلت دالًا لتقارب مخرجها مع الذال، ثم أبدلت الذال دالًا، ثم أدْغِمت الدال في الدال. انظر "التبيان في إعراب القرآن" 1/ 191.]]، وهذا أصل الإدغامِ؛ وهو: أن يدغم [[في (ج) و (د): (تدغم).]] الأولى في الثانية، ومثل [[في (د): (ومثال).]] هذا في التعديل بين الحروف [[في (ج): (الحرفين). وقوله: (التعديل بين الحروف)، يعني به: الإبدال الصرفي، وهو جعل حرف مكان حرف غيره؛ لتسهيل اللفظ، وتيسيره. انظر "شرح الشافية" 3/ 197، "موسوعة النحو والصرف" د. أميل يعقوب 17.]]: (ازدُجِر) [[(ازدجر): ساقط من (د).]]، و (اضطُرَّ)، و (اصْطَبِر) [[(ازدُجِر) وردت في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾ [القمر: 9]، وأصلها: (ازتجر)، فقلبت فيها التاءُ دالًا. و (اضطُرَّ) وردت في قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173]، وانظر آية 3 من سورة المائدة وأصلها: (اضتُرَّ). و (اصطَبِر) وردت في قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]، وأصلها: (اصتَبِر) فقلبت التاءُ طاءً في الكلمتين. انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 215216، "سر صناعة الإعراب" 1/ 185، 217، و"الوجيز في علم التصريف" للأنباري 55، "الممتع في التصريف" 1/ 356، 360، و"شرح شافية ابن الحاجب" 3/ 226، 227.]].
قال الخليل [[قوله في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 414، وقد ورد: هذا النص في "كتاب سيبويه" 4/ 434، ولم يعزه للخليل، كما ورد في "سر صناعة الإعراب" 1/ 60 ولم يعزه كذلك للخيل.]]: الحرف [[في (ج): (والحرف).]] المجهور: الذي أُشبع [[في (ب): (اتسع).]] الاعتمادُ [[في (ب): (للإعتماد).]] عليه في موضعه، ومَنَعَ [[من قوله: (ومنع ..) إلى (.. في موضعه): ساقط من: (ج).]] النَّفَسَ أن يخرج معه، والمهموس: حرف أُضْعِفَ الاعتماد عليه في موضعه، وجرى معه النفس [[وقد شرح ذلك سيبويه، وابن جني، وبيَّنَا أن المهموس يعرف بترديد الحرف مع جَرْي النفس، ويصعب ذلك في المجهور، فيمكن تكرير المهموس مع جري الصوت، نحو: (سَسَسَسَ، كَكَكَكَ، هَهَهَهَ)، ولو تكلفت ذلك في المجهور لما أمكن. انظر: "كتاب سيبويه" 4/ 434، "سر صناعة الإعراب" 1/ 60.]].
{"ayah":"وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق